Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد الحرب على كورونا وضد بعضنا بعضاً؟

لعل وزير الصحة مات هانكوك أبعد ما يكون عن حمل صفة الوزير أو النائب الوحيد الذي يعمل بشكل جيد تحت ضغط هائل

البرلمان البريطاني (أ.ف.ب)

أفترض أنه، في نهاية المطاف، ينبغي على من هم مثلي أن يختاروا ويتخذوا موقفاً فعلياً.

بالعودة إلى الهدوء الذي شهده مثلاً عام 2019، يمكنني في أي أسبوع عادي انتقاد الوزيرة السابقة آمبر رود، على سبيل المثال، لرفضها البقاء في حكومة تتبنى مواقف منافية تماماً لكل معتقداتها تقريباً، ذلك لأن خروجها من شأنه أن يريح الوزراء ويسهّل عليهم الأمور. لماذا لم تبقَ وتقاتل؟

وقد انتقدُ في اليوم التالي مات هانكوك مثلاً على قوله، عند إطلاق محاولته قيادة حزب المحافظين، إن تعليق عمل البرلمان سيكون إهانة للرجال الذين قاتلوا في يوم النصر، ومن ثم قبوله لاحقاً منصباً وزارياً وإقراره بذلك التعطيل على أية حال.

ويُحتمل جداً أن أنتقد في لحظة ما، من الأسبوع نفسه، جيريمي كوربين بسبب رفضه المساومة، ورفضه تغيير رأيه، ورفضه الخوض مباشرة في فوضى السياسة وأن يفعل شيئاً ما حقيقة، وينجز شيئاً ما، وإن لم يكن مثالياً، في عالم غير مثالي. بمعنى آخر، سأكون قد انتقدته لكونه سياسياً يتصور نفسه فوق السياسة.

وفي خضّم ذلك كله، كان سيراودني على الأرجح إحساس غامض بالهلع. كنت سأتساءل ماذا لو لاحظ شخص ما أنه من أجل انتقاد أحد السياسيين أو غيره كل يوم، كان عليّ أن أتبنى جميع المواقف المتناقضة تحت الشمس في فترة بالكاد تتجاوز ساعات؟ وبعد ذلك، قد أبدو سخيفاً بعض الشيء.

سيشغل ذلك كله وقتاً طويلاً  قبل الوصول، مرة أخرى، إلى المؤتمر الصحافي المنعقد في الساعة 5 مساءً في  10داونينغ ستريت، ورؤية مات هانكوك وهو يبذل قصارى جهده مرة أخرى، من دون أن يكون بصراحة فظيعاً في أدائه.

كان يجيب عن أكبر عدد ممكن من الأسئلة، ويتحدّث بصراحة ووضوح حول التحديات التي تنتظرنا، وكان حازماً في قول أشياء ستضر بشعبيته.

ليس هناك شك في أن يدي الرجل اللتين غسلهما بعناية، كانتا قذرتين للغاية. فقد بنى مات هانكوك شخصيته للعمل السياسي الأكثر ليونةً ولطفاً، لكنه ساوم ووافق على أشياء تخالف كل ما يؤمن به، وأحدها يبدأ بحرف الباء، أي بريكست، الذي  لم نعد نسمع عنه الكثير في هذه الأيام. وصحيح أنه على الرغم من كل هذه الأشياء لا يزال مات هانكوك في منصبه. إنه رجل محظوظ.

لكن في النهاية، ربما يعتبر استمراره في الحكومة قراراً صائباً.  

افتتح صباح يوم الجمعة الماضي "مستشفى نايتنغيل إن إتش إس" الشاسع في شرق لندن، مع نادين دوريس وزيرة الدولة لشؤون الصحة، وكلاهما أصيبا بكوفيد-19 وعادا إلى العمل.

لا جدوى من التظاهر بأن خطة الحكومة، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، لم تسرْ بشكل مثالي. وفي يوم الجمعة كان هانكوك يطلب من المُصابين بكوفيد-19 المشاركة في الاختبارات السريرية.

لن يكون من الجائر تماماً القول إن هناك حاجة ماسة تحديداً للبدء فوراً بإجراء تلك الاختبارات، بعد التجربة السريرية السابقة المعروفة بـ "مناعة القطيع،" والتي كان من المقرر إخضاع جميع سكان المملكة المتحدة لها قبل أن تضطر الحكومة إلى التخلي عنها.

في الأسابيع الماضية، كان هناك رد فعل عام وملحوظ للغاية ضد الصحافيين. فالكثير من الناس يعتبرون أنفسهم حالياً في حالة حرب وأن الحكومة هي الجيش الذي يخوض هذه الحرب دفاعاً عنا ويستحق كل الدعم منا. وينظرون إلى أولئك الذين يطرحون على الحكومة أسئلة صعبة، ويجرؤون على الإشارة إلى أخطائها، على أنهم، نوعاً ما، لا يقومون بواجبهم ويضعفون المجهود الحربي.

ليس مستغرباً، وبالتأكيد ليس جديداً، أن الجمهور لا يفهم دائماً الدور المحدد لوسائل الإعلام في المجتمع، وأن أداءها دور المشكّك دائماً والمتشائم دائماً الذي يركّز باستمرار على ما هو سلبي، يتمخض عن  تغيير إيجابي، مع أنه نادراً ما يخدم سمعة الصحافة. إن وجهة النظر هذه لن تتغير أبداً، وتحمل عبء هذا الموقف هو جزء من عمل الصحافة.

مع ذلك، ربما كان هناك شعور متنامٍ بأن الجانب الآخر لهذا الوضع يمثل العودة  إلى الطريقة القديمة والأفضل لممارسة السياسة. سيكون هناك في الأقل استعداد للتفكير في إمكانية وجود شخص أو شخصين محترمين من حولنا يبذلان قصارى جهدهما.

بالمقابل، قد يعود الأمر فقط إلى أن أحداً لم يتحدث عن بريكست منذ أسابيع، وإلى وجود بوريس جونسون في الحجر الصحي. ومع ذلك، فإن بصيص أمل سيفي بالغرض للوقت الحالي.

© The Independent

المزيد من آراء