Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لجان طوارئ لمواجهة كورونا في فلسطين يحركها شباب متطوع

اختاروا الانخراط في لجان الطوارئ والمراكز الصحية خلال فترة الحظر

منذ إعلان حالة الطوارئ في فلسطين بسبب ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا، أي قبل شهر تقريباً، طُلب من الجميع الالتزام وعدم الخروج إلا لحالات الضرورة، ومن ثم شُدِدت الإجراءات لتصل إلى حظر شبه كامل للحركة، ولكن لأن انتشار الوباء والتزام الناس بإجراءات الحجر الصحي أو المنزلي، يتطلب وجود كوادر تنظم عمل القطاعات الحيوية، عملت المجالس القروية والبلديات وبعض العائلات على تأسيس لجان طوارئ صغيرة في كل منطقة، لمتابعة وصول العمال الفلسطينيين من إسرائيل، ووضعهم في الحجر، والاهتمام بتلبية حاجات مَن لا يستطيعون الخروج ككبار السن، والتأكد من تطبيق إجراءات الوقاية والتدابير التي تفرضها حالة الطوارئ.


تتكون هذه اللجان من شبان من كل التخصصات والأعمار، يؤدون مهمات تعتمد على قدراتهم، سواء في الأعمال الميدانية، أو التنسيق، أو التوثيق، أو الاهتمام بالحالة الصحية للموضوعين في مراكز الحجر. أحد هؤلاء، الشاب حسن صوالحة في بلدة عصيرة الشمالية، الذي يخرج مع رفاقه لتوزيع القفازات والكمامات والمواد المعقِمة، من أجل استخدامها في الأماكن العامة، وفتح أبواب المحال أو التعامل مع الصرافات الآلية للبنوك، أو المساعدة في عمليات تعقيم مرافق البلدة، عبر رش الشوارع والجدران بمواد معقِمة، من خلال آلات مخصصة لذلك رُكِّبت على سيارات، أو يحملها متطوعون جوالون في الأحياء. وقال صوالحة إن مشاركته في هذا العمل، وإن كانت فيها مخاطرة، فهي تعطيه شعوراً بالمسؤولية العالية والسعادة لمساعدة الناس.


التزام كامل في مراكز الحجر

"دخلْتُ إلى مركز الحجر الخاص باستقبال عمال البلدة القادمين من إسرائيل منذ أسبوع، ولن أخرج إلا بعد إخلاء المكان" هكذا يقول مأمون بيراوي المتطوع في اللجنة الطبية في عصيرة الشمالية، والذي طُلب منه البقاء والإشراف مع ممرضين آخرين على حالة العمال الصحية، الذين قدموا أخيراً، ويُتوقع وصول غيرهم من إسرائيل إلى الضفة الغربية خلال الفترة القليلة المقبلة مع حلول عيد الفصح اليهودي.
ويتابع بيراوي أنه خلال وجوده في المركز يعمل مع زملائه على فحص درجة حرارة المحجورين دورياً، والتأكد من استقرار حالتهم الصحية وعدم ظهور أي أعراض لفيروس كورونا، إضافة إلى محاولة رفع معنوياتهم وتحسين أوضاعهم النفسية، بخاصة أن موجة من التنمر الإلكتروني طاولت مصابي كورونا في فلسطين في الآونة الأخيرة، وظهر سخط واضح على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه العمال الذين توجهوا للعمل في المستوطنات والمدن الإسرائيلية، وعادوا من دون إجراء الفحوصات اللازمة لفيروس كوفيد-19، ما تسبب بنقل المرض لعائلاتهم وتفشيه في قراهم. وزاد الأمر سوءاً بعد تسجيل أول حالة وفاة لوالدة أحد العمال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لجنة الطوارئ تدير الأزمة

في السياق، يوضح قيصر جوابرة أحد منسقي لجنة الطوارئ في البلدة، أن "هناك 22 شاباً متطوعاً تقريباً، لا تقتصر مشاركتهم على الإجراءات الوقائية التعقيمية، بل تمتد إلى تسهيل عملية دفع اشتراكات الكهرباء والمياه لمَن لا يستطيع الوصول، أو توزيع المساعدات العينية على بعض العائلات الفقيرة، وترتيب زيارات دورية لكل الموضوعين في الحجر الصحي سواء كانوا في منازلهم أو في المراكز المخصَصة لذلك، من أجل فحصهم وتلبية حاجاتهم، إضافة إلى تنظيم وصول الناس إلى الصرافات الآلية عند دفع الرواتب، والتأكد من أن الجميع يرتدون القفازات عند استخدامها، ومحاولة تنظيم الناس ومنع التجمعات".


مشاعر مختلطة لمتطوعي الإسعاف

ومع تفشي الفيروس، ازدادت نداءات التطوع، خصوصاً لمَن يملكون خبرةً في الإسعاف، أو الحائزين على شهادات في أحد المجالات الطبية أو الصحية، ففي جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" في كل فروعها يلتزم جزء كبير من المتطوعين بالتناوب على البقاء في المراكز، مع الاستعداد التام للخروج في أي لحظة، لنقل الحالات المشتبه بإصابتها بكورونا.

ويشير محمد بعارة، وهو أحد المتطوعين في "الهلال الأحمر" في مدينة نابلس، إلى أن "الحضور في مراكز الطوارئ ليس أمراً سهلاً، بل مخيفاً ويسبب توتراً كبيراً، بخاصة عندما يتم التعامل مع حالات مرضية، سواء أكانت إصابتها مثبتة أم لا، إذ إن هذه المرة الأولى التي يخوضون فيها تجربة غامضة كهذه، على الرغم من ارتدائهم ملابس واقية كاملة، من نظارات وقفازات وامتلاكهم معدات كافية".


كيف يحمي المتطوعون أنفسهم؟

ربما يتبادر إلى الذهن سؤال عن مدى اهتمام هؤلاء الشبان بحماية أنفسهم، خلال تعاملهم مع الآخرين، أو تنقلهم من مكان إلى آخر، إلا أن صوالحة أوضح أنه قبل خروجه يتأكد من ارتدائه القفازات الطبية والكمامة ولا يقترب أو يصافح أحداً، داعياً كل مَن يلتقي بهم إلى اتخاذ إجراءات الوقاية.
أما بالنسبة لبعارة فإنه لا يعود إلى منزله إلا نادراً، ولا يقترب من أفراد أسرته، فيتناول الطعام بعيداً منهم، ولا يجلس قربهم، إضافة إلى تخصيص غرفة خاصة به، خوفاً من تشارك بعض الأشياء مع عائلته، وتلافي نقل أي عدوى لهم. كذلك يقول بيراوي إنه يحرص على ارتداء اللباس الواقي من الفيروس بشكل كامل خلال تعامله مع العمال في مركز الحجر، مع الحفاظ على مسافة بينهم، حتى لو ظهرت نتائج فحصهم سلبية في المرة الأولى.


تطوع من المنزل

إلا أن التطوع في لجان الطوارئ لا يقتصر على الشباب، فالعنصر النسوي موجود ويعمل من المنزل، فاللجان تقدم الوجبات الغذائية بشكل يومي للموجودين في مراكز الحجر، وهذا عمل في كثير من الأحيان منوط بالسيدات، عدا عن تنظيم حملات جمع التبرعات العينية للمحتاجين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتنظيم توصيلها إليهم. كما تخوض بعض الشابات تجربة التعليم عن بعد، وعمل مقاطع فيديو للتفريغ النفسي والتوعية بمخاطر فيروس كورونا وكيفية الوقاية منه.

المزيد من صحة