Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاربة الفقر في لبنان... لن تنتظر الدولة

مبادرات شبابية في طرابلس لمساعدة المحتاجين

أطلقت مجموعة من شبان طرابلس حملة "ساعد لنساعد" لتخفيف معاناة المحتاجين (اندبندنت عربية)

في عرف المعدَمين... للدولار الواحد قيمة كبيرة، فكيف إذا مكّنهم من سد رمق أمعاء خاوية، من هذا المنطلق يحفل لبنان بصورة من صور التكافل الاجتماعي، إذ تنشط مجموعات كبيرة من المتطوعين على خط المساعدة وتمكين المجتمعات الأهلية.

ساعد لنساعد

لم ينتظر "شباب الخير" في طرابلس (شمال لبنان) مبادرة الدولة إلى مدّ العون لسكان الأحياء الشعبية، وبادرت مجموعة منهم لإطلاق حملة "ساعد لنساعد" لتخفيف معاناة المحتاجين لو بـ 1000 ليرة لبنانية (أقل من دولار أميركي واحد) أو ربطة خبز، كما تقول إحدى المشاركات رينا الشعراوي.

انطلقت المبادرة بفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحث على التبرع بالشيء القليل ومن "مونة" البيت، فإضاءة شمعة في العتمة خير من لعن الظلمة، فهي لا تدعي أنها ستحل مشكلة الفقر، وإنما يكفيها أن تحاول التخفيف عن العائلات المحتاجة.

وتركز المساعدات على التقديمات العينية، أحياناً تكون عبارة عن ربطات خبز، وأحياناً أخرى تكون أكثر كرماً إذ تجتمع في السلة الواحدة مجموعة من السلع الأساسية والمنتجات المنزلية، كما يؤمن الناشطون في الحملة بضرورة إحياء منظومة القيم التي يخلّدها تراث المدينة العريق لناحية الكرم ومساعدة الآخرين، لاعبين دور الوسيط بين المحتاج والمتبرع.

ولم يطلب الشبان أي مساعدة من الجهات الرسمية أو الأحزاب السياسية والجمعيات المنظمة، بل قاموا باستثمار شبكة علاقاتهم، إذ يقوم كل عنصر بعد الاطلاع على أحوال الناس في المحيط الاجتماعي، ومن ثم يبادر للعب دور الوسيط، بين المتبرع والعائلة المحتاجة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دواء الحياة

يبرهن المجتمع المدني كل يوم على غنى الأفكار وإبداع طرق بسيطة ومنخفضة التكلفة لمساعدة المحتاج، ومن هذه المبادرات "حياة" التي أطلقتها "دنيا للتنمية المستدامة"، وانطلقت المبادرة الجديدة من أن التجربة معروفة ومعاشة، ففي كل بيت، هناك علب أدوية وعلاجات متبقية لم يستهلكها المرضى أو الأشخاص الذين تعافوا من الأمراض، وتؤكد منسقة الحملة ناريمان الشمعة أن مبادرة جمع الأدوية هي المرحلة الثانية من مبادرة "حياة"، التي انطلقت أولى مراحلها بموازاة انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ويتم تقديم مساعدات مالية وعينية للفقراء في طرابلس وعكار، وتلفت الشمعة إلى أهمية الأدوية، فهي ما إن أعلنت عن الحملة حتى تلقت عدداً كبيراً من الاتصالات التي تشتكي من عدم القدرة على تحصيل الدواء للأمراض المزمنة وحليب الأطفال.

وتأمل بأن يبادر أهل الخير من مقيمين ومغتربين إلى التبرع للحملات العاملة على الأرض وفي الأوساط الشعبية، وعدم اقتصارها على الحملات ذات الطابع الرسمي أو تلك التي تطلقها المؤسسات الإعلامية وتحظى بتغطية كبيرة.

الحليب والحفاضات

وتوجهت بعض المبادرات إلى الفئات الأكثر حساسية، ألا وهي الأطفال وتأمين الحليب والحفاضات لهم، وترحب الناشطة لارا رفاعي باندفاعة الأفراد إلى عمل الخير وكرم المتبرعين، ولا تعمل مبادرة الحليب بناء على داتا وبيانات رسمية، وإنما تنطلق من أرض الواقع، فمنذ انطلاق الانتفاضة اللبنانية، تعرّف الناشطون على أعداد كبيرة من المحتاجين، والتمسوا أماكن وجع أبناء الأحياء الشعبية، وتدعو المبادرة إلى مزيد من العمل لأن "أمهات يستبدلن الحليب بالنشاء بسبب عدم القدرة المادية".

وتطمح رفاعي لأن تغطي هذه الحملة كل المنازل لأنه لم تعد هناك عوائل محتاجة وأخرى غير محتاجة، فالوضع الاقتصادي بات يضغط على الجميع، ولم يعد هناك من طبقة وسطى.

فُرَش الأسنان

في "حي التربيعة" الذي يعتبر أحد أفقر أحياء مدينة طرابلس، قامت مبادرة بمساعدة عائلات المنطقة المعدمة، وتقوم الفكرة على "القجة" التي يتم فيها جمع ما توافر من أموال من خلال المشاركات الفردية "بين الـ 1000 والـ 2000 ليرة تمتلئ بفضل عمل الخير"، ومن ثم منحها للأكثر حاجة، وانعكست الأحوال المعيشية على حجم التبرعات، لأن من كان يعين غيره أصبح يحتاج لمن يعينه بسبب فقدان العمل، يؤكد أبو عدي شرف الدين، إلا أن مساعدة أبناء الحارة بعضهم بعضاً مستمرة ولم تتوقف، وهي لم تنتظر خطط الدولة ووعود السياسيين.

ويتضح أن الحملات الشعبية لم تعد تقتصر على الصيغ التقليدية، بل أصبحت أكثر إبداعية، وقام شبان "التربيعة" في إحدى المرات بمبادرة "فرشاة الأسنان"، إذ قامت مجموعة من الشبان بشراء صناديق فُرَش الأسنان الأصلية والعالية الجودة من تجار الجملة، وعملوا على بيعها بسعر أقل مما تباع فيه في الصيدليات وتحديد هامش ربح بسيط جداً.

وسارت هذه الخطوة، وجمعت حوالى 600 ألف ليرة لبنانية (حوالى 400 دولار أميركي)، وتم استخدام هذا المبلغ لشراء حصص غذائية وتوزيعها على الأحياء الشعبية الطرابلسية، وقام الناشط شرف الدين بتشجيع هذه المبادرة من خلال فيديو ترويجي ودعم الفكرة لتطويرها، مطالباً كل شخص بالقيام بمساعدة الآخرين، وإن بجهد قليل، لأنه من غير المقبول تكرار مشهد "إحراق أب نفسه لأنه لم يتمكن من إدخال ابنته إلى مستشفى".

الممرضات في القلب

توجهت بعض المبادرات إلى دعم موقف الكوادر الطبية والممرضين في لبنان، وسلكت عملية الدعم طريقين متوازيين، فمن جهة أولى، بدأت حملة "بيتنا بيتك" من أجل تأمين مساكن للكوادر الطبية في المناطق اللبنانية كافة، وعلى مقربة من مراكز الاستشفاء التي يعملون فيها، ويشاركون في مواجهة كورونا وعلاج المرضى، ومن جهة أخرى، برزت مبادرة نقابة أصحاب مكاتب تأجير السيارات لتأمين خدمة التوصيل المجاني للممرضين والكوادر الطبية في لبنان، وقد لاقت هذه المبادرة دعماً معنوياً من وزارة السياحة اللبنانية على لسان الوزير رمزي المشرفية الذي حيّا مبادرة "سياراتنا إلكن".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات