Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الجزائري يخرج عن صمته: لن نسمح بالعودة إلى سنوات الجمر

ضغط الشارع الجزائري يتواصل والمعارضة تدعو إلى إعلان "عجز" بوتفليقة وتأجيل انتخابات الرئاسة

تواصلت اليوم الثلاثاء الاحتجاجات الرافضة لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، إذ تظاهر آلاف الطلاب مجدداً في وسط العاصمة وفي مدن عدة أخرى، رافضين وعود الرئيس بإجراء إصلاحات وانتخابات رئاسية مبكرة. وفي وقت يخشى فيه كثيرون من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة مفتوحة في الشارع، وبعد تحذير رئيس الحكومة أحمد أويحيى من تكرار "سيناريو سوريا" في الجزائر، أكد رئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح أن الجيش سيضمن الأمن ولن يسمح "بعودة البلاد إلى سنوات الألم والجمر" في إشارة إلى "العشرية السوداء" التي شهدتها الجزائر في فترة التسعينيات.

وتجمّع طلاب لليوم العاشر على التوالي في العاصمة، حيث يُفترض أن التظاهر ممنوعٌ منذ العام 2001، مطلقين شعارات مندِّدة بزيادة عديد القوى الأمنية المواكبة للتحركات الشعبية، ورافضة لترشّح بوتفليقة. واكتفت قوات الشرطة التي حضرت بأعداد كبيرة، بتحديد مكان تجمّع الطلاب وتحرّكهم، من دون أن تتدخّل لتوقيفهم.

ولاقى الطلاب دعماً بالتصفيق وإطلاق أبواق السيارات من قبل مارّين في وسط العاصمة التي أصبح التحرّك فيها صعباً جداً. وتظاهر طلاب آخرون بأعداد كبيرة أيضاً في وهران وقسنطينة والبويرة والبليدة وبجاية، ما يؤشّر إلى استمرار الاحتجاجات.

وكانت قوى المعارضة دعت بُعَيْد ترشّح بوتفليقة، إلى تفعيل المادة 102 من الدستور التي تنص على شغور منصب رئيس الجمهورية، وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل.

وحذرت المعارضة التي تضم في صفوفها رئيس "حزب طلائع الحريات" علي بن فليس، ورئيس "حركة مجتمع السلم" الإسلامية، عبد الرزاق مقري، ووزير الاتصال والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، من "الاستمرار في فرض الولاية الخامسة"، محملةً السلطات "المسؤولية أمام التاريخ"، وذلك "لما يمكن أن تتسبب فيه الولاية الخامسة من مخاطر".

 

دعوة إلى الانسحاب 

في غضون ذلك، دعا المجتمعون في مقر حزب "جبهة العدالة والتنمية" الإسلامية، في العاصمة الجزائرية، المرشحين للرئاسيات المقبلة إلى الانسحاب مما اعتبروه "استحقاقاً مغلقاً"، وذلك تزامناً مع تهديد المرشح، رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، بالانسحاب من السباق الرئاسي، في حال الاستمرار في "المهزلة"، وعدم لجوء السلطة الحاكمة إلى سحب ملف ترشح بوتفليقة.

وشكّك بلعيد الذي سبق أن نافس بوتفليقة على الرئاسة في العام 2014، لكنه حل في المركز الثالث بـ3 في المئة من الأصوات، في الوعود الانتخابية التي قطعها بوتفليقة في رسالةٍ قرأها مسؤول حملته الانتخابية عبد الغاني زعلان نيابةً عنه، قائلاً إن "الذي ارتكب أخطاءً خلال 20 سنةً لا يمكنه أن يقود الإصلاح" في إشارة منه إلى فترة حكم بوتفليقة.

وسبق وأن شهدت الجزائر سيناريو مماثلًا في انتخابات 11 أبريل (نيسان) 1999 حين فاز بوتفليقة لأول مرة بالرئاسة، بعد انسحاب كل من مولود حمروش ومقداد سيفي (رئيسين سابقين للوزراء) وأحمد طالب الإبراهيمي (وزير خارجية سابق) والراحل حسين آيت أحمد (زعيم أقدم حزب معارض في الجزائر) ويوسف الخطيب وعبد الله جاب الله، بشكل منسق وجماعي قبل يوم واحد من الاقتراع بحجة تأكدهم من عدم شفافية الانتخابات.

 

رسالة الرئيس

في المقابل، شككت المعارضة بالرسالة التي قرأها باسم بوتفليقة، مدير حملته الانتخابية عبد الغاني زعلان لدى إيداعه ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري، مؤكدةً "رفض الرسالة المنسوبة للمرشح الرئيس شكلاً ومضموناً لكونها مجرد مناورات لإجهاض الحراك الشعبي والالتفاف على أهدافه وتضحياته ومحاولة تمديد عمر هذا النظام".

وتعهد الرئيس الجزائري في الرسالة، بعدم إكمال ولايته الخامسة والانسحاب من الحكم بعد تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يحدَّد تاريخها إثر "مؤتمر وطني"، وذلك في حال انتخابه مجدداً في 18 أبريل المقبل.

ودعت قوى المعارضة الجزائرية إلى "التخندق مع الحراك الشعبي ومد جسور التواصل بينه وبين الطبقة السياسية من أجل ترجمة انشغالات الشارع ضمن مشاريعها السياسية، بما يحقق السيادة الشعبية الحقيقية واحترام المصلحة العامة على أساس مرجعية بيان أول نوفمبر (تشرين الثاني)". وطالبت المعارضة "فئات الشعب إلى المحافظة على وحدتها وعلى سلمية حراكها واستمراره".

 

موقف المجلس الدستوري

وبعدما أصبحت قضية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة أمراً حتمياً، يترقب سياسيون موقف رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، على الرغم من أن فرضية رفض ملف الترشح، ضئيلة جداً على اعتبار أن بلعيز من الرجالات المقربين من المحيط الرئاسي.

وتنص المادة 141 من قانون الانتخابات الجزائري على "المجلس الدستوري يفصل في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار في مهلة أقصاها 10 أيام كاملة من تاريخ إيداع التصريح بالترشح. على أن يُبلَغ قرار المجلس الدستوري إلى المعني فور صدوره".

 وتفيد أرقام رسمية، بأن 20 مرشحاً أودعوا ملفاتهم لدى المجلس الدستوري الذي سيفصل في صحتها.

وأعلنت منظمة المحامين في ناحية قسنطينة (شرق)، عن مقاطعتها العمل القضائي في المجالس والمحاكم القضائية التابعة لها في الاختصاص الإقليمي، اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل إلى إشعار آخر، رفضاً لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.

وأكدت المنظمة التي تضم المجالس القضائية في أربع مدن جزائرية، هي قسنطينة، سكيكدة، جيجل وميلة، أن المحامين التابعين لها سيقفون ظهر يوم الخميس المقبل 7 مارس (آذار) الحالي، أمام مقرات المجالس القضائية، للاحتجاج ضد الولاية الخامسة والتجاوزات الخطيرة في خرق الدستور والقوانين.

احتقار للشعب

في أولى ردود الأفعال على الرسالة التي وجهها بوتفليقة إلى الشعب الجزائري، هاجمت زعيمة حزب العمال لويزة حنون، المجلس الدستوري على خلفية خرق نظامه الداخلي الذي ينص على ضرورة قيام المرشح إلى الرئاسة بتقديم ملفه بنفسه، معتبرةً أن "تكليف مدير حملته بإيداع الملف يُعدّ احتقاراً للشعب الجزائري".

ودعت حنون بلهجة حادة في مؤتمر صحافي عقدتها للتعليق على ترشح بوتفليقة، الأطراف التي قدمت ملف الرئيس إلى إعلان "حالة عجزه"، وتأجيل الانتخابات "التي تحولت خطرا على كيان الأمة". وقالت "أتركوا الرئيس يغادر الحكم بهدوء، لا تتسببوا في ما لا يمكن جبره، لا تبرمجوا للفوضى ولا تلعبوا بالنار".

 

انتهاك الدستور

من جهة أخرى، وصف "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" عملية الترشيح لانتخابات 18 أبريل (نيسان) بـ "ابتذال وتدنيس المؤسسات الرسمية"، على خلفية "انتهاك الدستور الذي ارتُكب بالترشيح غير الشرعي لرئيس الدولة، والتجاوز الصريح للإجراءات الرسمية التي يشترطها المجلس الدستوري". وأضاف "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" في بيان أن "كلّ الجزائريين شعروا بالإهانة. لا يوجد شعب ولا أي فئة اجتماعية ولا أي إنسان بإمكانه قبول مثل هذا الإذلال والازدراء". واعتبر "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" أن الرسالة التي قرأها مدير حملة الرئيس الانتخابية، "جرّدت المعارضة من مشروعها حتى تتمعن في تحريفها. وتشكلّ إهانة زادت عن حدها لمشاعر الشعب الجزائري ولوعيه الجمعي".

وتساءل التجمّع "من سيصدّق أن الرجل الذي يُختزل كل رصيده السياسي في قائمة طويلة من الانقلابات والخيانات والدسائس التي دمّرت الأمة يمكن أن يتحوّل إلى النقيض لكي ينجز، الآن بعد أن خانته الصحة وأُفرغت الخزينة، ما ظل يحاربه بكل تصميم ومنهجية طول عمره".

 

"طوق نجاة"

وبخلاف الهجوم الناري الذي طال الرئيس الجزائري المنتهية ولايته، من قبل المعارضة، وجدت أحزاب السلطة في الرسالة التي وجهها بوتفليقة "طوق نجاة ورفع الحرج عن نفسها" بعدما تعرضت لانتقادات حادة من قبل المحتجين الذين دعوا إلى رحيل رؤسائها.

وقال رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي إن "فحوى هذه الرسالة يُعدّ تأكيداً على إصغاء عبد العزيز بوتفليقة، بكل إخلاص، لأصوات المواطنين المعبّرة عن مطالبهم وتحمل في طياتها أجوبةً شافية لمطالب مواطنين منادين بالتغيير". وأضاف الحزب في بيان "يأمل التجمع الوطني الديموقراطي أن تساهم هذه الرسالة في بسط السكينة من أجل تمكين بلادنا من المضي بهدوء واستقرار نحو الموعد الانتخابي ليوم 18 أبريل المقبل، الذي يُعتبر محطةً لتعبيد المسلك نحو الإصلاحات والتغيير، مع الحفاظ على استقرار البلاد ووجودها".

وتعرض رئيس الوزراء الجزائري، لشتائم من قبل محتجين في مسيرة أول مارس (آذار) عقب استفزازه المتظاهرين بقوله إن "الثورة السورية بدأت بالورود وانتهت بالدماء"، وهو ما جعل المحتجين يردون عليه بشعار "الجزائر ماشي (ليست) سوريا".

المزيد من العالم العربي