Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعيينات المالية تؤجج المواجهة بين واشنطن و"حزب الله" اللبناني

تهديدات نصر الله لا تقلق المصارف والهدف من تصعيده المالي التغطية على صفقة تسليم عامر الفاخوري

لقاء رئيس الوزراء حسن دياب مع وفد من صندوق النقد الدولي في السراي الكبير في بيروت (أ.ف.ب)

لا تحجب أزمة انتشار فيروس كورونا في مختلف المناطق اللبنانية والمحاولات الحثيثة لدفع المواطنين للبقاء في منازلهم، المعضلة النقدية والمصرفية المستعصية فصولاً، خصوصاً أن تفشي الوباء أعطى ذريعة جديدة للمصارف لعدم الامتثال للقرار الحكومي الرامي إلى استثنائها من الإقفال. فعمدت غالبيتها إلى اعتماد استنسابية في تسيير العمليات الملحة ضمن دوام جزئي يمتد من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الـ12ظهراً، وضمن عدد محدود من الفروع الموزعة على المناطق المختلفة، فضلاً عن توقفها عن دفع الدولار الأميركي ضمن سقوف السحب المحددة من قبلها أسبوعياً، بذريعة عدم توفّر النقد الأجنبي، نتيجة توقف حركة الشحن عبر المطار. 

تهديدات مباشرة

أداء القطاع المصرفي هذا لا يلقى استحساناً لدى "حزب الله"، الذي سارع أمينه العام إلى توجيه تهديدات مباشرة للمصارف في خطابه الأخير، تضمنت رسالتين واضحتين لأركان القطاع في الداخل، ولمن يدعمهم في الخارج، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية. 

وفي رسالة التهديد الأولى، هدد حسن نصر الله معارضيه بين تقديم المساعدة والتبرعات إنسانياً، وإلا سيعمد إلى فتح ملفاتهم علناً في تهديد جديد بدا يربك الساحة اللبنانية. 

أما التهديد الآخر توجه به إلى الإدارة المالية الأميركية، مبديا الإستياء من التدخل في التعيينات في حاكميّة المصرف المركزي، وذلك على خلفية دعم وزارة الخزانة الأميركية بإعادة تعيين النائب الأول لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري (وهو من الطائفة السنية وقريب من تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري). 

التعيينات المصرفية تستجيب للتهديد

وقد بدأت تهديدات نصر الله في هذا المجال تفعل فعلها، إذ وُضع ملف التعيينات على جدول أعمال جلسة الحكومة هذا الخميس، ضمن رزمة من أسماء المرشحين التي سيرفعها وزير المال غازي وزني، لاختيار اسم من أصل ثلاثة أسماء مرشحة لملء فراغ في أحد عشر مركزاً شاغراً في الحاكمية ولجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، إضافة إلى تعيين هيئة الأسواق المالية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المعلومات المتوافرة، فإن كل الأسماء المطروحة تمثل وجوهاً جديدة، موزعة ضمن مبدأ المحاصصة السياسية، وإنما هذه المرة بين القوى السياسية الحاكمة، أي ثلاثي "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر"، وهو تيار رئيس الجمهورية، فيما استبعدت القوى السياسية الأخرى كلياً عن المسألة. 

المصارف لا تستجيب!

ولكن إذا نجح تهديد نصر الله في هذا الشأن، فإن تهديده المصارف لم يلقَ الصدى المطلوب. 

فبحسب مصادر مصرفية رفيعة رفضت الكشف عن هويتها، فإن هكذا تهديدات لم تعد تصلح مع قطاع جُرّ قسراً إلى الإفلاس. وعلى قاعدة "أنا الغريق وما خوفي من البلل" تتعامل المصارف مع هذا التهديد. وسألت هذه المصادر، كيف يمكن أن يترجم نصر الله تهديده... باللجوء إلى استهداف الفروع المصرفية؟ فهذا الأمر حصل أخيراً في منطقتي الحمراء والمزرعة، علماً أنه وللمفارقة، لم يتعرض أي فرع مصرفي في منطقة الضاحية للتكسير أو الإقفال، ما يعني أن نصر الله لا يسعى إلى إقفال المصارف، ولا يحتمل مثل هكذا خيار.

أما التهديد بفتح الملفات، فلم لا، تقول المصادر، معتبرة أنه "سيكون حينها لدينا القدرة على كشف كل الأوراق، بما فيها تورط السلطة السياسية التي كانت شريكة أساسية في القرارات المالية والنقدية، في حين قامت المصارف بعملها التجاري، وحققت الربح لأن هذا هو عملها".

وعليه، فإن المصارف ستستمر بالعمل، ضمن ما تمليه الظروف الراهنة. 

المصارف مستعدة لمزيد من الدعم

أما في مسألة مطالبتها برفع سقف التبرعات، فتكشف المصادر أن هذه المسألة "أثارها رئيس الحكومة حسان دياب في اجتماعه الأخير مع وفد من جمعية البنوك. لكن المصارف كانت واضحة لجهة التأكيد أنها مستعدة لتقديم أي دعم للأسر أو للشأن المعيشي، ولكنها غير مستعدة أبداً لتحمل الانتقادات والتهديدات التي بلغت حد التجريح والقَدْح على المستوى الشخصي، بحيث جرى تحميل القطاع المصرفي وحده مسؤولية الانهيار الذي بلغته البلاد". 

الحريري يصعٓد

في المقابل، خرج الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري عن صمته حيال ما آل إليه الأداء الحكومي، ولا سيما في ملف التعيينات، مهدداً بدوره بالاستقالة من المجلس النيابي على خلفية التعيينات المرتقبة، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول المنحى الذي سيسلكه رئيس الحكومة، خصوصاً أن موقف الحريري لم يكن وحيداً، بل جاء معطوفاً على بيان شديد اللهجة لرؤساء الحكومات السابقين الذي استنكر اتجاه الحكومة إلى "القيام بتعيينات يُستشم منها الرغبة في السيطرة على المواقع الإدارية والمالية والنقدية للدولة، بغرض الإطباق على الإدارة الحكومية، من دون الالتزام بقواعد الكفاءة والجدارة". 

وفي حين تعامل الحزب مع هذا الموقف على أنه "تسديد فواتير" للأميركيين، ويرمي إلى الدفاع عن رجل أميركا في المصرف المركزي محمد بعاصيري، ينتظر أن يفجر هذا الملف الحكومة من الداخل، خصوصاً أن تأجيل بت بند التعيينات في الجلسة الماضية، جاء على خلفية ضغوط أميركية، كما كشفت معلومات لموقعنا، بعدما أبلغت الحكومة صراحة بأن سلامة وبعاصري خطان أحمران. 

وهذا يعني أن أي استمرار في المنحى الذي قرره الحزب بوضع اليد على السلطة بكل أبعادها السياسية والأمنية والمالية والنقدية، سيدخل البلاد في مواجهة عنيفة مع واشنطن التي ستلجأ إلى تصعيد الضغط، ولا سيما في ملف العقوبات. 

تغطية على صفقة الفاخوري

وفي رأي أوساط سياسية مراقبة، تصعيد الحزب في الملف المالي، يرمي إلى التغطية على صفقة تسليم عامر الفاخوري قبل أسبوع، والذي جاء باعتراف نصر الله نفسه تلبية لمطلب حلفائه المسيحيين الذي طلبوا مخرجاً لتلافي إدراج أسمائهم على لائحة العقوبات. 

وهذا يعني أن هذا السيف سيظل مسلطاً فوق رؤوس الحلفاء، كما الحزب، فيما سيتحتم على رئيس الحكومة مواجهة هذا الاستحقاق، بالعودة إلى المبادىء التي رسمها لحكومته، وتتمثل بأنها حكومة تكنوقراط ومستقلين، فينأى بها عن نفوذ الحزب المتمادي، وإلا فإن مصيرها بات مهدداً بالانفجار.  

وكان لافتاً موقف رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيه، الذي هدد بدوره بالخروج من الحكومة "إذا لم يتم اختيار اثنين من المرشحين اللذين اقترحناهما للتعيينات الجديدة". والمعلوم أن موقف فرنجيه يأتي لقطع الطريق على رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من الاستئثار بالحصة المسيحية، بعدما كان رئيس المجلس نبيه بري قام بتهديد مماثل، وإنما للحصول على ما يريد في ملف عودة المغتربين. 

المزيد من العالم العربي