Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصاب إيطالي بالكورونا يحذر... ابقوا في بيوتكم فهو لن يرحم أحداً

يذكر المريض الإيطالي "شعرت بالسعال يكاد يجرح حنجرتي وكنت أعاني لأتنفس"

مدرب رياضي إيطالي سابق يدق ناقوس الخطر من  كورونا ويدعو إلى المكوث في المنزل (إندبندنت)

حين بدأ فيروس كورونا بالتفشي في إيطاليا على نحو وضعها في المرتبة الأولى في العالم لجهة نسبة الوفيات بسبب الجائحة، كان مدرب اللياقة البدنية فوستو روسو واثقاً من جهاز مناعته.

فهو في النهاية مدرب رياضي شخصي ومدرب كرة قدم قوي البنية له من العمر 38 سنة ولم يسبق له أن دخن أو عانى من مشكلات صحية في السابق. وظن أنه إذا كان صحيحاً بأن الوباء القاتل يصيب المتقدمين في السن إضافة إلى المرضى، فهو بالتأكيد سيكون بمنأى عنه.

لكن روسو يقول لصحيفة "اندبندنت" من على سريره في المستشفى، إن جرس الإنذار الأول دق محذراً في 5 مارس (آذار)، حين "اعتقدت في بادئ الأمر أنني أعاني من أنفلونزا عادية" على حد تعبيره.

وعندما اتخذ الصداع شكل حمى تبلغ 38 درجة مئوية (100 فهرنهايت)، نصحه الطبيب بتناول أقراص باراسيتامول والنوم. وبعد مرور ثلاثة أيام، لم تنخفض الحرارة وبدا الأمر وكأنه إصابة بأنفلونزا سيئة أصبحت مرضاً منهكاً يهد جسمه ويجعل المشي شبه مستحيل بالنسبة إليه. وتحولت معه عضلاته التي كانت حتى الماضي القريب عضلات رياضي متمرس، إلى كتلةٍ من الأنسجة المؤلمة.

ويشرح روسو "كانت قدماي تؤلمانني، وكل جزءٍ من عظامي أيضاً. لم أكن أشعر بالجوع أبداً وعانيت من سعالٍ جاف... لم يكن بوسعي أن أشم أو أتذوق أي شيء".

وسرعان ما تحول السعال إلى مشكلة تنفس جعلته يلهث جاهداً لاستنشاق بعض الهواء. ويوضح "شعرت بالسعال يجرح حنجرتي وكنت أعاني لأتنفس، وغالباً ما كان نفسي ينقطع".

كان ولداه يلعبان في غرفة الجلوس عندما دخل فريق الطوارئ الطبي الذي ارتدى أفراده أقنعة واقية وثياباً خاصة إلى منزله في مينتورنو التي تبعد حوالى 100 ميل جنوب روما.

وصُدم ولداه دانيال (5 سنوات) وتوماس (3 سنوات) بالمشهد.

ويذكر أن "توماس كان يحمل بيده مجسماً لبطل ديزني "الرجل الخارق" أو مستر انكريديبل، فأخبرتهما زوجتي بأن هؤلاء الرجال أتوا ليحولونني إلى بطل فيلمهما المفضل".

نُقل إلى طوارئ سانتا ماريا غوريتي في لاتينا ثم إلى المستشفى المخصص بالكامل لمعالجة المصابين بكوفيد19. ازداد التهابه الرئوي سوءاً إلى حد أنه احتاج إلى جهاز CPAP التنفسي، وهو عبارة عن نظام تهوية شفاف على شكل فقاعة يغطي رأس المريض بالكامل. ولم يمكنه صوت الطنين الصادر عن الهواء الذي يتم ضخه من سماع ما يُقال له أو السماح له بالحصول على قسطٍ من النوم. وفي هذا السياق، يذكر أن "أكثر ما أرعبني هي عدم قدرتي على التنفس". وتمكن مع الوقت من التعايش مع الشعور المريع بأن "أحدهم يدفعك تحت الماء"، واستطاع شيئاً فشيئاً السيطرة على نفسه والكف عن بذل جهد للحصول على بعض الهواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن حتى بعدما تخلص من إحساسه بالخوف، فإن ما كان "مدمراً من الناحية النفسية" هو الشعور بالانعزال عن بقية العالم، كما يقول. ويضيف "تشعر أنك متروك بمفردك ويتوجب عليك استجماع كل قواك وحبك للأشخاص الذين تهتم لأمرهم، للخروج من محنتك".

يُذكر أن المرضى الذين تدهورت حالتهم الصحية كانوا يُنقلون إلى وحدات العناية المركزة حيث العمليات مطولة لمساعدتهم على التنفس وهم فاقدون للوعي. ولكن، كان روسو من بين المحظوظين. فبعدما أمضى ستة أيامٍ وليالٍ داخل الجهاز التنفسي متمسكاً بالحياة، استقر ضغط تنفسه بشكل كافٍ أتاح له الانتقال إلى وضع ينفع معه استعمال قناع أوكسجين.

وفي هذه الأثناء، اقترح أحد الأطباء إعطاءه "توسيليزوماب"، وهو مكون يُستخدم في أدوية معالجة لحالات التهاب المفاصل، وفعلاً  تناول هذا الدواء الذي حقق نتائج إيجابية مع مرضى كوفيد 19 الحاد.

وفيما يسعي الباحثون باجتهاد إلى الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد والعثور على علاجٍ فعال له، اُعيد اقتراح الأدوية التي سبق واستُخدمت لعلاج الأنفلونزا أو تلك التي فشلت في معالجة إيبولا، واختبارها كلها على مرضى بعد موافقتهم المسبقة على ذلك.

وتواجه إيطاليا أزمة رعاية صحية غير مسبوقة يعاني خلالها الأطباء في التعامل مع الأعداد الهائلة للحالات المصابة. فحتى يوم الجمعة الماضي، بلغ عدد الوفيات جراء فيروس كورونا 9134، كما ارتفع عدد المصابين إلى 86496.

وكانت إيطاليا قد أصدرت قراراً بالإقفال التام على مستوى البلاد بأكملها بدءاً من 9 مارس (آذار)، وطلبت من سكانها البالغ عددهم 60 مليون نسمة ملازمة منازلهم في عملية عزلٍ ذاتية.

ولهذا، يشكل نداء روسو رسالةً واضحة "بأن الفيروس لا يستهدف الأشخاص المتقدمين في السن أو الذين يعانون مشكلات صحية وحسب، وبوسعه أن يستهدف أياً كان... الفيروس ينتقل على أقدام الأشخاص الذين لا يُظهرون أية أعراض. ولهذا سنوقف انتشار الفيروس إذا لازمتم منازلكم".

وسُجلت في إقليم لاتسيو وعاصمته روما أكثر من ألفي إصابة مقارنةً بما يزيد على 23 ألف إصابة في منطقة لومبادري الأشد تضرراً.

ويُذكر أنه مع دخول روسو إلى المستشفى في 8 مارس، شُخصت إصابة 81 مريضاً جديداً بالفيروس. وهو يعتقد أن دواء "توسيليزوماب" ساهم في الحد من عوارض المرض لديه بنسبة 60 في المئة خلال يومين. واستطاع الأربعاء أن يمضي أول ليلة من دون قناع الأوكسجين. ولم يبق حالياً لديه من الأعراض القاسية كلها سوى سعال خفيف وبعض الضيق في التنفس.

وفي حال تأكدت نتيجة العينة الأولى من خلال فحصٍ ثانٍ، سيكون بوسع روسو الإعلان عن خلو جسمه من الفيروس، وعندها سيُسمح له بالذهاب إلى عائلته خلال الأيام القليلة المقبلة. وهو يؤكد "جل ما أريده هو رؤيتهم مجدداً".

والحق أن ولديه  ينتظران عودته على هيئة البطل الذي هزم الوحش كورونا ولن يكون أقل أهمية عن "الرجل الخارق". عن ذلك يقول ساخراً "قد يتوجب علي وضع بعض الرغوة المطاطية على ثيابي لأبدو مثله".

يُشار إلى أن روسو قد فقد منذ إصابته بالفيروس 15 باونداً (6.8 كيلوغرام) واُصيبت رئتاه بضررٍ دائم، فيما تعرضت صحته النفسية إلى ضربةً قاسية، لا سيما أن صورة الذي لا يقهر التي كان قد تخيلها لنفسه، تهشمت بين ليلة وضحاها.

بيد أن ذلك أكسبه أيضاً رغبةً عميقة "بعدم أخذ الأمور، مهما كانت صغيرة، كتحصيلٍ حاصل بعد اليوم".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة