Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جزائريون يحاربون كورونا... بحبوب منومة وتصرفات هستيرية

بات الوباء يهدد الصحة النفسية للمواطنين

تغير في سلوك فئات واسعة من الشعب بسبب كورونا (غيتي)

يبدو أن المخاوف من تفشي فيروس "كورونا"، أثرت في نفسية الجزائريين بشكل لافت، بعد أن دخل البعض في حالة هستيريا، وفرار مصابين من الحجر الصحي، في حين لجأ البعض إلى تناول الأقراص المنومة، ما دفع وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر إلى التدخل بمطالبة كافة وسائل الإعلام المحلية الالتزام بنشر المعلومات المتعلقة بـ" كورونا" من وزارة الصحة والابتعاد من التهويل.

حالات فرار وهستيريا وحبوب منومة

وفي وقت كانت السلطات تترقب الهدوء جراء النصائح حول الوقاية والإجراءات اللازمة والتدابير الاحترازية، حدث العكس بظهور تغير في سلوك فئات واسعة من الشعب، وظهرت تصرفات تؤكد أن الصحة النفسية للجزائريين مهددة.

 وسجلت البلاد حالات فرار لمصابين من الحجر الصحي على طريقة "أفلام هيوليود"، إذ استنفرت قوات الأمن قواعدها وحركت عناصرها لمتابعة أثر الفارين بمساعدة المواطنين، وشهدت الشوارع نداءات صوتية بضرورة تجنب الخروج بسبب المخاطر التي يشكلها الفارون على الساكنة، وهو ما حدث في كل من مستشفى بوفاريك بمحافظة البليدة، وعدد من المستشفيات في بسكرة ومحافظات أخرى.

من جهة ثانية، دخل مواطنون في حالات هستيريا وخوف، حيث أقبلوا على اقتناء السوائل المطهرة والمعقمة والمناديل الورقية والمواد الاستهلاكية بكميات "غريبة"، كما أن طريقة تصرفاتهم توحي بأنهم في حالات غير عادية تعبر عن فقدانهم السيطرة على أنفسهم، من خلال نظراتهم للمارة وتعاملاتهم مع من حولهم وسرعتهم في قضاء حاجاتهم.

تغير سلوكيات وعودة لـ "العجار"

وبينما رأى آخرون أن الحل في استهلاك الحبوب المنومة التي تجعلهم خارج مجال فيروس "كورونا"، بخاصة في ظل الحجر المنزلي وحظر التجوال المفروضة من قبل السلطات، راح البعض "يغلقون" أنوفهم بأصابعهم وهم يسيرون في الشوارع، على الرغم من أنها طريقة لا تحمي من العدوى وقد تعرض صاحبها للإصابة، كما عادت بعض النسوة إلى طريقة اللباس التقليدية للجزائريات بوضع ما يعرف بـ"العجار" على الأنف، وهي قطعة قماش مطروزة كانت نساء الجزائر تضعها على أنوفهن.

في سياق تغير سلوكيات الجزائريين، يرى مسعود بن حليمة الأخصائي في علم النفس، أن وباء نفسياً مس كل الشرائح والأعمار مع استمرار تسجيل حالات إصابة بالفيروس الذي أثر في الجانب العقلي والتفكيري، بدليل أن كل من يصاب بزكام عادي أو آلام في البطن أو الحنجرة يعتقد أنه مصاب بـ "كورونا".

وأضاف أن عدم توافر الدواء أو اللقاح، يؤثر في شعور الناس ويتزايد القلق وتتضاعف المخاوف، مشيراً إلى أن البرد بات يشكل فوبيا لدى بعض الجزائريين لارتباطه بانتشار الفيروس، وأن ارتفاع درجات الحرارة يريح الأنفس.

تفادي التهويل

وفي خضم تغير سلوكيات الفرد الجزائري، خرجت وزارة الاتصال عن صمتها ودعت كافة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها إلى التقيد والالتزام بنشر المعلومات المتعلقة بتطور فيروس "كورونا" والوضعية الصحية العامة، من وزارة الصحة ومن الهيئة العلمية المنصبة، وتفادي التهويل الذي يضر بالرأي العام، معبرة عن استنكارها "لأبواق التهويل والتشكيك وإحباط معنويات المواطنين، ولكل المغالطات أو التحريف ونشر أخبار غير مستندة من مصادرها الموثوقة".

وشددت على أن "كل ما ينشر خارج هذا المصدر سيعتبر تهويلاً ومغالطة وتغليطاً متعمداً مضراً بالمواطنين وبالرأي العام عموماً، يتحمل صاحبه المسؤولية القانونية والتبعات القضائية الصارمة"، وختمت أن وسائل الإعلام شريكة في تحقيق الطمأنينة والمساعدة على تجاوز هذه المحنة العابرة.

ويكشف عدد المكالمات التي تستقبلها وزارة الصحة من مواطنين يستفسرون عن أعراض أو حالات أو "لا شيء"، أن "كورونا" يشوش على سلوك الجزائريين، كما يشير إلى حالات الهلع والقلق والفزع التي تسيطر على المواطنين.

مليون جزائري يعانون اضطرابات نفسية

في المقابل، يشير محمد تركي، أستاذ علم النفس بجامعة الجزائر في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إلى أن ما يفوق مليون جزائري لديهم اضطرابات نفسية فصامية، أو ما يسمى باضطراب تعدد الشخصيات، مبرزاً أن الجزائر تعرف انتشاراً كبيراً للأمراض النفسية والعقلية، في وقت لا يزال الطب النفسي متأخراً جداً، موضحاً أن المدارس الابتدائية تفتقر إلى الطبيب النفسي، ما ضاعف من حالات العنف المدرسي.

وأردف تركي أن التفكير في ما بعد "كورونا" بات جدياً بما يتعلق بالصحة النفسية، حيث أصبحت تصرفات المواطنين لافتة، مضيفاً أنه مع استمرار حالات الإصابة بالفيروس وارتفاع الوفيات يزيد من الضغط على الجزائريين الذي هم في الأصل يعانون اضطرابات نفسية جراء تراكمات سابقة.

المزيد من صحة