لم تمنع حال الطوارئ في الضفة الغربية الشابين محمد أبو عون وخالد دويكات، وفريقهما المكون من مهندسيين وفنيين ومتخصصين بالتكنولوجيا، من متابعة المبادرة الإنسانية التي انطلقوا بها في الأيام الأولى لانتشار كورونا في فلسطين.
فمع الإعلان عن أولى الإصابات بفيروس كورونا ( كوفيد-19) في فلسطين، دعا دويكات وأصدقاؤه الشباب المتخصصين وأصحاب الخبرة، إلى العمل معاً لابتكار جهاز تنفس صناعي جديد وبسيط، يسهم في درء المخاطر عن فلسطين ومساندة غرف العناية المكثفة حال انتشار الفيروس.
وفيما ينشط المتطوعون لتطوير جهاز التنفس، أعلنت جامعة القدس (أبو ديس)، عن تطوير كلية الهندسة نموذج جهاز التنفس، يمكن أن يستخدم في حالات الطوارئ لعلاج مصابي فيروس كورونا. وأدرجت الجامعة مجهودها في إطار البحث العلمي الموجه لخدمة المجتمع وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه فلسطين، وأهمها حالياً نقص أجهزة التنفس في وحدات العناية المكثفة في المستشفيات والحاجة الملحة لها في ضوء انتشار الفيروس.
ما الذي يمكن فعله؟
يروي دويكات (35 عاماً)، صاحب الفكرة لـ "اندبندنت عربية"، أنه "مع بدء انتشار فيروس كورونا في فلسطين، سألنا ما الذي يمكن فعله للمساعدة، وما الإمكانيات الطبية المتاحة في الضفة الغربية؟ وأدركنا بعد زيارة عدد من المستشفيات أننا بحاجة إلى أجهزة تنفس صناعي. فوفق تصريحات وزيرة الصحة الفلسطينية، مي كيلة، فإن الوزارة والمستشفيات الحكومية المنتشرة في الضفة الغربية، لا تحوي أكثر من 120 جهازاً للتنفس الصناعي. والمستشفيات الخاصة كذلك الأمر. وذكرت الوزيرة في تصريحها أن أسوأ السيناريوهات المحتملة، هي أن يصل عدد الإصابات الحرجة في حال انتشار الفيروس في فلسطين، التي ستحتاج إلى العلاج في وحدات العناية المكثفة، إلى حوالى 800 حالة. من هنا، بدأت الفكرة بضرورة الإسراع في إيجاد حل لنقص أجهزة التنفس. فنشرت المبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليتصل بي مئات الشباب من مهندسين وتقنيين ومبرمجين وأصحاب مختبرات وشركات معدات طبية، للتطوع والتبرع. ومع عقد الفريق اجتماعه الأول، فُرض الحجر الصحي فاضطررنا إلى متابعة اجتماعاتنا عبر الإنترنت".
التصميم الأولي لجهاز التنفس الصناعي "الفلسطيني" يقوم على وضعيتين للتشغيل. الأولى "حجم الرئة"، وتقوم على نفخ وتوسيع الحويصلات الهوائية، وذلك لتحسين عملية التبادل الهوائي، كون فيروس كورونا يقوم على تقليل كفاءة الحويصلات الهوائية بسبب تجمع الماء. أما الوضعية الثانية فتقوم بعملية "الضغط"، إذ يحتوي الجهاز على mixer (أداة خلط) للغازات المكونة من O2 (الأوكسجين) والهواء العادي. ومن ثم تمر الغازات عبر compressor (مضخة هواء). وهو مربوط بصمام يفتح ويغلق بمدخلات بحسب طلب الطبيب. إضافة إلى صمام أخر يلتقي بالأول على شكل حرف T، لتنظيم عملية الزفير، إذ ينظم الصمام الأول للمريض عملية الشهيق، بينما ينظم الصمام الثاني عملية الزفير، ويعتمد عدد مرات فتح وتسكير الصمامات، على مدخل يحدده الطبيب وفق حالة المريض.
ويشترط المهندس محمد أبو عون وجود الموارد الطبية بانطلاق العملية، فـ"إذا ما توافرت يسهل علينا تطبيق الجهاز في نسخته الأولية قبل التجريب. ويعبر عن ثقته بأن "ينال الجهاز ثقة أصحاب الاختصاص والجهات الرسمية الفلسطينية، لأن العقول الفلسطينية قادرة على تطوير واستحداث العديد من الأجهزة التي من شأنها إنقاذ حياة الناس. وهناك أمل وطموح كبير لدينا كفريق، بأن ينجح الجهاز ويتم نشره محلياً وعربياً، إن كانت لدينا قدرة على التصدير".
نقص حاد
عدد المستشفيات العاملة في فلسطين 82، وفق التقرير السنوي لوزارة الصحة الفلسطينية للعام 2018. 52 منها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وتملك المستشفيات الحكومية الفلسطينية (27، مستشفى، 14 منها في الضفة الغربية، و13 في قطاع غزة) نحو 120 جهازاً للتنفس الصناعي.
فكيف ستواجه فلسطين جائحة كورونا، في حال تحقق السيناريو الأسوأ الذي تحدث عنه وزيرة الصحة الفلسطينية؟
يقول أسامة النجار، رئيس اللجنة الفلسطينية التي شكلتها السلطات الفلسطينية من وزارات الصحة والسياحة والآثار والخارجية والداخلية ورئاسة الوزراء، "ما إن انتشر فيروس كورونا في الضفة الغربية حتى فتحنا 14 مركزاً للحجر الصحي، و14 مركزاً علاجياً في المحافظات الفلسطينية. فمنها مراكز مخصصة لفرز المصابين، ومراكز لحجرهم وأخرى لعلاجهم، إذ تحتوي مراكز العلاج في كل مدينة، من 4 إلى 6 غرف عناية مكثفة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير النجار في حديث مع "اندبدنت عربية"، إلى وجود نفص حاد في أجهزة التنفس الصناعي"، كاشفاً عن "طلب شراء أجهزة تنفس جديدة لرفع قدرة المستشفيات الحكومية إلى 250 جهازاً".
وفيما يدرك النجار أن "نقص المعدات الطبية مشكلة تعاني منها دول العالم كلها وليس فلسطين فحسب"، يعتقد أن "المشكلة الكبرى تتمثل في الوقت الذي يحتاج إليه توصيل المعدات الطبية". ويضيف أن "العجز، حالياً، في السواكس (لأخذ عينة من الأنف لفحص فيروس كورونا). ومع كل القلق الذي يحدثه فيروس كورونا في العالم، إلا أن هناك تبرعات تصل إلى السلطة الفلسطينية من السعودية ودول أخرى، لمنع تفشي الفيروس في فلسطين، إضافة إلى مساعدات منظمة الصحة العالمية".
يضيف النجار "فتحت وزارة الصحة مختبراً خاصاً بفحص عينات فيروس كورونا في بيت لحم، بعدما كان لدينا مختبر واحد في رام الله (وسط الضفة الغربية)، ويجري العمل لفتح 3 مختبرات في الخليل ونابلس وطولكرم، في مسعى لإجراء ثلاثة آلاف فحص كورونا يومياً".
في الأثناء، كشف الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، الأربعاء 25 مارس (آذار)، عن أول حالة وفاة بفيروس كورونا في فلسطين لسيدة ستينية، فيما ارتفع عدد المصابين بكورونا في فلسطين إلى 84، وتماثل للشفاء 17 منهم.