العالم يتبدل، ويوميات الناس وعاداتهم البسيطة والعفوية، تصبح تدريجياً شيئاً من الماضي، فهناك حياة جديدة بتفاصيل أخرى، والصراع أضحى مستمراً بين الاختباء هرباً من عدوى فيروس كورونا سريع الانتشار، ومحاولة الاستمتاع قليلاً في فترات الحجر المنزلي الطويلة، وهنا جاء دور مؤسسات الإنتاج الفني والعرض والتوزيع، والتي بدت أخيراً أكثر "حناناً" على البشر، حيث تحاول تلك المنصات بدورها تشجيع الملايين بل المليارات من البشر على الجلوس في منازلهم وحماية أنفسهم وذويهم، ومن ثم تذلل لهم كثيراً من العقبات، وتتيح العديد من أعمالها الفنية للعرض المجاني عبر الإنترنت، وحتى إن بقي بعضها متاحاً مقابل بعض المال، ولكن تمت إضافة وسائل ترفيه تعزز فكرة المشاركة والتجمع حتى لو كان اللقاء افتراضياً تماماً!
تجمع افتراضي لمشتركي نتفليكس
على الرغم من أن نتفليكس لم تقدم حتى الآن تسهيلات مادية كبيرة لمشتركيها في فترة الحظر المنزلي وسط تفشي وباء كورونا، فإنها طرحت مزايا إضافية بالمجان للمشتركين أبرزها خدمة Netflix Party التي تتيح للمستخدمين مشاركة المشاهدة مع الأصدقاء المقربين افتراضياً بينما يقبع كل منهم في مكانه، ويمكنهم إيقاف وتشغيل المادة المعروضة في الوقت ذاته، مع إتاحة الدردشة والمناقشة وإبداء رأيهم في اللقطات ومستوى العمل، في محاولة لتعويض العزلة المجتمعية التي حدثت بسبب انتشار فيروس "كوفيد-19".
وفي الوقت الذي ألغت كيانات مهمة فعالياتها، مثل تأجيل الدورة المقبلة من مهرجان كان السينمائي الدولي الـ73 إلى أجل غير مسمى بسبب تفشي الفيروس التاجي، وتشجيعاً على مبدأ "التباعد الاجتماعي"، تحاول منصات أخرى التحايل على الوضع وتقديم خدمتها عبر وسائل أخرى، تفادياً لوجود الجمهور في القاعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فعلى سبيل المثال، أغلقت أوبرا باريس أبوابها أمام الجمهور، حفاظاً على أساسيات الحجر الصحي الممتد، ولكن في المقابل أتاحت حفلاتها إلكترونياً، كما أنها كانت قد قدمت عرضاً من دون جمهور تم بثه، ثم فيما بعد اقتصرت على بث برنامج مجاني للأوبرا والباليه عبر الإنترنت، وكذلك مسارح بورداوي، حيث إن الكثير من عروضها تمت إتاحتها مجاناً عبر الشبكة العنكبوتية.
أيضاً هناك العديد من المتاحف العالمية طرحت عبر مواقعها الرسمية جولات افتراضية مجانية تشجيعاً للجلوس في المنزل وتجنب الاختلاط حفاظاً على الصحة، ومثلها أيضاً بعض مواقع المهرجانات التي أتاحت أفلاماً كثيرة عبر مواقعها من دون مقابل، وبينها مهرجان IDFA للأفلام التسجيلية.
ما البديل بعد سحب الأفلام من دور العرض؟
وبعد أن قامت شركات إنتاج فني عالمية بإيقاف تصوير أعمالها، وأخرى أجلت عروضها، اضطرت غيرها إلى اتخاذ قرارات مختلفة لتعويض الخسائر المتلاحقة بعد إغلاق صالات السينما في أغلب دول العالم، فمثلاً بعد مرور أسابيع قليلة على عرض فيلم الرسوم المتحركة "Onward"، قررت شركة ديزني بيكسار سحبه من دور العرض لضعف إيراداته، والاكتفاء بطرحه إلكترونياً عبر الإنترنت مقابل 20 دولاراً، وهو الوضع نفسه بالنسبة إلى فيلم "Bloodshot" لفين ديزل، حيث سيتم الاكتفاء ببيعه إلكترونياً عبر المتاجر، بعد قلة إيراداته، كذلك لن يُعرض فيلم "The Way Back" لبن أفليك سينمائياً وسيتم الاكتفاء بإتاحته عبر الإنترنت.
عربياً... "خليك في البيت"
بعض صالات السينما ومؤسسات العروض في مصر والعالم العربي، شاركت في حملة "خليك في البيت"، خصوصاً في ظل منع أي تجمعات في الفترة الحالية، ومنها سينما "زاوية" في القاهرة التي علقت أنشطتها في المقر خوفاً من انتشار فيروس كورونا، وفي المقابل أتاحت مجاناً بعض العروض عبر الإنترنت، منها الفيلم الوثائقي "يا عمري" للمخرج هادي زكّاك، والذي سبق أن عرض خلال الدورة الأولى من أيام القاهرة السينمائية، وكذلك الفيلم الوثائقي "ميل يا غزيل" للمخرجة إليان الراهب، وغيرهما.
حفلات من دون جمهور
وفي إطار دعم حملة "خليك في البيت" أيضاً، منحت منصة "شاهِد VIP" الجمهور اشتراكاً مجانياً لمدة شهر، لمتابعة الأعمال الحصرية والمميزة التي تنتجها، ومنها مسرحيات جديدة، وبعض الأفلام والمسلسلات، وأبرزها فيلم "وُلد ملكاً"، الذي يتناول جانباً مهماً من سيرة الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز.
فيما قام فريق "مسار إجباري" بتقديم حفل عن طريق البث المباشر للجمهور عبر موقع "يوتيوب" في ظل منع الحفلات الجماهيرية، ويأتي ذلك كمحاولة للمساعدة في أن يتغلب المشاهدون على ملل الجلوس في المنزل، وقدم الفريق أول حفل على مدار أكثر من ساعة وشهد متابعة عشرات الآلاف الذين تفاعلوا عبر التعليق على الفيديو المباشر، فيما كان يرد عليهم أعضاء الفريق بتلبية طلباتهم، ووعدوا الجمهور بتقديم حفلات مماثلة عبر الإنترنت، خصوصاً أن فترة الحجر المنزلي على ما يبدو ستمتد، وهو الأمر ذاته الذي سيقوم به المطرب المصري تامر عاشور، حيث أعلن أنه سيقدم على خطوة مماثلة قريباً في ظل منع الحفلات بسبب تفشي وباء كورونا.