Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هاجس السيناريو الإيطالي يسيطر على الجزائريين

لم يستبعد الرئيس عبد المجيد تبون الاستعانة بالقوى العسكرية في مواجهة كورونا

هجر الجزائريون الشوارع والساحات والأسواق والمساجد، وبقيت الشُرفات ملجأهم الوحيد لمراقبة من لا يزالون يتحركون على الأرض، لقضاء حوائجهم أو استسلاماً لفيروس "كورونا" العالمي، المُهدّد للبشرية.

مع ارتفاع عدد الوفيات إلى 11 وتسجيل 94 إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا"، ضمن حصيلة دورية تكشف عنها وزارة الصحة، بدأ الجزائريون يستشعرون خطورة الوضع الصحي في بلادهم، وتسبب "العدو المجهول" بالهلع، ما دفع كثيرين من المواطنين إلى الحجر المنزلي، الذي لم يتقبلوه في البداية.

ومن المشاهد، واقعة بين أحد المسنّين وجاره في المبنى بعد رفض الأخير المصافحة، فغضب المسن وقال "أنا أحمل المعقم في جيبي وإياك أن تأتي للكلام معي بعد انكفاء الكورونا".

هذا المشهد، الذي رصدته "اندبندنت عربية"، يتكرر بشكل يومي في المنازل الجزائرية، إذ يجدُ بعض سكانها صعوبة في إقناع أقاربهم، ولا سيما المسنّين منهم، بأن الوضع خطير وعليهم الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي يأتي في مقدمها المكوث في المنزل لأسبوعين على الأقل، إضافةً إلى النظافة والتعقيم.

 فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يتقاسم النشطاء قصص "معركة الوعي" التي يقودونها، إذ كتبت إحدى الشابات "أخوض حرباً مع أفراد عائلتي الذين اتهموني بأنني أبالغ في حرصي ولستُ مؤمنة بقضاء الله وقدره".

بينما تقول هاجر (24 سنة) "من أكثر الأمور قسوة في الحياة أن تستيقظ صباحاً ولا يمكنك سرقة قُبلة من والدتك أو احتضانها، لأن أي اقتراب بينكما قد يكون خطيراً، لكننا مُجبرون على ذلك، وهذا لمصلحتنا جميعاً".

ويمتدّ هذا القلق ليشمل المسيرات الأسبوعية للحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام في الجزائر. وللمرة الأولى منذ انطلاقه في 22 فبراير (شباط) 2019، خلت الساحات من آلاف المتظاهرين، ومرّ يوم الجمعة الـ57 هادئاً، تحسباً من انتشار فيروس كورونا، بعد دعوات متكررة إلى تعليق الحراك مؤقتاً.

ووهان وروما

وإذا كان الجزائريون يشبّهون مدينة البليدة، الواقعة جنوب العاصمة (بؤرة الفيروس في البلاد)، بـ"ووهان الجزائر"، وسط تواصل الدعوات إلى عزلها، فإنّ السيناريو الإيطالي، هو أكثر ما يخيف الجزائريين.

ويُتابع المواطنون مستجدات الوضع في إيطاليا بكثير من التفاعل والاهتمام، ويتوقفون عند عدد الوفيات جراء كورونا في هذا البلد الأوروبي الذي يُعتبر من الوجهات المفضلة للسياحة بالنسبة إلى الجزائريين.

وتخوّفاً من هذا السيناريو، خرج عشرات المهنيين في القطاع الصحي لدعوة المواطنين إلى ضرورة التحلي بدرجة عالية من الوعي ومساعدتهم في أخذ الاحتياطات كي لا تقع الكارثة التي وقعت في إيطاليا، لأن الجزائر لا تزال في مرحلة احتضان الفيروس.

ومن بين الفيديوهات المتداولة، ما نشرته طبيبة تعمل في أحد مستشفيات العاصمة الجزائرية، وهي تبكي بسبب عدم قدرة الطاقم الطبي على التكفل بإحدى الحالات المصابة بكورونا، لانعدام التجهيزات ومنها القفازات قبل أن تنهار أمام الكاميرا، مخاطبةً المواطنين "التزموا بيوتكم".

وبحسب أطباء، فإنّ تسجيل الجزائر 11 حالة وفاة من أصل 94 حالة إصابة مؤكدة، يُعتبر رقماً مخيفاً، ويدفع إلى رفع درجة اليقظة إلى أقصى حدودها، خصوصاً أن في الجزائر معهداً وحيداً للتحاليل الطبية، وهو "باستور" في العاصمة، وتظهر نتائجه بعد 24 ساعة أو أكثر.

وكشف مدير المعهد فوزي درار، عن تحليل أكثر من 1200 عينة مشتبه فيها كحالات حاملة لفيروس كورونا في مدة لا تتجاوز الشهر الواحد، ما اعتبره مراقبون رقماً ضئيلاً وقد تكون هناك حالات لم يتم الكشف عنها بعد.

ولعل أكثر ما يرفع من درجة مخاوف المواطنين هو استمرار السلطات في إجلاء الرعايا العالقين في المطارات الأوروبية وعدم التزامهم بالحجر الصحي. وفي مستجد هذه المسألة، إعلان السفارة الجزائرية في روما، بالتنسيق مع السلطات الإيطالية، عن برمجة رحلة جوية تجارية استثنائية، السبت 21 مارس (آذار) من مطار روما إلى مطار الجزائر لإجلاء العالقين في إيطاليا بعد تعليق الرحلات الجوية، وقاية من تفشي فيروس كورونا.

الاستعانة بالجيش 

وللتقليل من الضغط المنتشر في البلاد، لم يستبعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في اجتماع مع فريق وزاري مصغّر وقادة الأمن والجيش، الاستعانة بالقوى العسكرية القادرة على المساعدة في مستشفيات ميدانية وأطباء وسيارات إسعاف في حال تجاوزت حالات الإصابة بفيروس كورونا المستوى الثالث.

ومن بين الإجراءات التي اتّخذتها الجزائر، وقف حركة النقل العمومي في البلاد داخل المدن وبين المحافظات، إضافةً إلى تسريح 50 في المئة من الموظفين من الإدارات العمومية والإبقاء على مستخدمي المصالح الحيوية الضرورية، مع احتفاظهم جميعاً برواتبهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقرّر في السياق ذاته الطلب من النساء العاملات اللواتي لديهنّ أطفال البقاء في المنازل. كذلك، أمر تبون الحكومة بتنفيذ قرار غلق المقاهي والمطاعم في المدن الكبرى بصفة مؤقتة، على أن تُطبّق هذه الإجراءات ابتداءً من الأحد 22 مارس الحالي حتى الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، مع احتمال تمديدها.

ورأى تبون أنّ الصورة ستتّضح في الأيام العشرة الأولى من الشهر المقبل، بعد انتهاء فترة الحجر الصحي التي يخضع لها آخر العائدين إلى الوطن من المسافرين الجزائريين الذين ما زالوا عالقين في بعض المطارات الأجنبية ويجري ترحيلهم تباعاً.

إلتفاتة إلى الفقراء

وقد ألقى فيروس كورونا بظلاله على مناحي معيشية عدّة في الجزائر، منها ارتفاع أسعار المواد التموينية والخضروات، بعدما استغل بعض التجار الوباء العالمي لتحقيق أرباح خيالية.

وتفاعلاً مع ذلك، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للالتفات إلى الفقراء، الذين يقول أحدهم لـ "اندبندنت عربية" إنه يعيش حالة ضغط غير مسبوقة في حياته، إذ لم يستطع تحمّل أعباء التخزين لأن راتبه قليل.

في السياق، دعا الأستاذ الجامعي رضوان بوجمعة إلى التفكير في "الفقراء والمعوزين الذين يبيتون في الشوارع". وكتب الصحافي محمد يعقوبي "مواطنون معدمون لا يقوون على شراء لقمة العيش في الظروف الطبيعية، يجدون أنفسهم في زمن الكورونا ضحية الندرة والغلاء الفاحش. وإذا عثروا على ضالتهم، تلمسّوا جيوبهم فوجدوها خاوية".

وكانت الجمعية الجزائرية للتجار قد حذّرت من المضاربة باعتبارها "تتنافى مع قيمنا الأخلاقية وتتعارض مع القانون وتعرّض صاحبها إلى الشطب من النشاط والمتابعة القضائيّة"، مؤكدةً أن توزيع المواد الاستهلاكية، خصوصاً الغذائية في أسواق الجملة والتجزئة، ستبقى مفتوحة طيلة مدة الوقاية من انتشار وباء كورونا.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي