مايكل كوهين، الرجل الذي قال على الملأ إنه مستعدّ أن يفدي دونالد ترمب برصاصة في جسده، أثار المخاوف من الفوضى السياسية بل والعنف أيضاً في حال فشل الرجل الذي كان في خدمته في وقت من الأوقات في تحقيق إعادة انتخابه في العام 2020، قائلاً للكونغرس إنه يخشى ألا تمرّ "عملية انتقال السلطة بسلام" أبداً.
وفي شهادته في كابيتول هيل، التي كان جزءٌ منها رداً، وجزءٌ منها دفاعاً عن النفس، وجزءٌ منها محاولة للتكفير عن الذنب، كشف المحامي السابق عن خطورة أن يخضع المرء لإغواء سلطة الناس المتنفذين.
وقال (كوهين) البالغ من العمر 52 سنة: " قمت بأمور وتصرّفات غير صحيحة، في بعض الأوقات خضوعاً لرغبات السيد ترمب. اتبعت أوامره بطريقة عمياء. لقد كلفني ولائي للسيد ترمب كل شيء: سعادة أسرتي، صداقاتي، رخصتي القانونية، شركتي، سبل عيشي، شرفي، سمعتي، وقريباً (سأخسر) حريتي"، متابعاً: "لكنني لن أجلس مكتوف اليدين، وأبقى صامتاً، وأسمح له بأن يفعل الشيء ذاته مع البلد".
كوهين، الذي قام على مدار 12 سنة بدور المساعد التنفيذي (القانوني) لترمب (لتخليصه من أي ورطة قانونية)، هو الأخير في مجموعة من الأشخاص كانوا مرتبطين سابقاً بالرئيس والذين أعلنوا جهراً ندمهم على اليوم الذي عملوا فيه معه (ترمب). إلا أن شهادته أمام لجنة الرقابة في مجلس الشيوخ كان لها وقع خاص بسبب السنوات الاثنتي عشرة التي كان فيها (كوهين) قريباً وفي شكل شخصي من كل ما كان يشغل الرئيس.
وخلال مدة الشهادة التي استمرت حوالي ست ساعات، كشف (محامي ترمب السابق) أموراً أو ادعاءات عدة، منها أن الرئيس، وابنه الأكبر وألين ويسيلبيرغ المدير المالي لشركة ترمب أورغانيزيشن، كانوا متورطين بجريمة تآمر ما زالت قيد التحقيق، وأن السيد ترمب تحدث إلى روجر ستون عن تسريب وشيك لوثائق مقرصنة (عن طريق) "ويكيليكس"، وأن ترمب ربما كان على علم مسبق باجتماع تمّ في يونيو (حزيران) العام 2016 في ترمب تاور بين (ابنه) دونالد ترمب جونيور ومحامٍ على صلة بالكرملين.
"أشعر بالخزي لأنني اخترت المشاركة في التستر على أفعال السيد ترمب غير المشروعة بدلاً من تحكيم ضميري". مضيفاً: " إنني خَجِلٌ لأنني أعرف حقيقة السيد ترمب. إنه عنصريّ. إنه مخادعٌ. إنه متحايلٌ".
وعلى الرغم من أن بعض ملاحظات كوهين بدت وكأنها تحمل صبغة الإدانة - بسبب تعليقاته الصريحة وصوته الجهوريّ ولكنته، لكن، ما زال من غير الواضح إذا كان ما قاله يوم الأربعاء مجرد رصاصة خلّبية، أو اتهاماً خطيراً لدرجة أنه قد يُضرّ بالرئيس في هذه المرحلة. قال إنه لا يمتلك أي دليل على أن السيد ترمب تواطأ مع الحكومة الروسية خلال انتخابات العام 2016، إنها مجرد "شكوك".
وقال: "لن أستخدم كلمة "تواطؤ". لكن هل كان هناك أمر غريبٌ بخصوص الغزل المتبادل مع الرئيس بوتين؟ أجل، لكنني لست واثقاً من قدرتي على الإجابة عن مسألة التواطؤ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومما يخفّف من تأثير وقع الصدمة أيضاً، أن الكثير مما قاله كوهين حول السيد ترمب لم يكن بالأمر الجديد. في الواقع، بالنسبة إلى بعض المراقبين، إن أكثر جزءٍ مثير للقلق في شهادة كوهين كان ادعاؤه أن أنصار ترمب لن يسكتوا إذا ما هُزم في مسعاه إلى إعادة انتخابه.
وقال كوهين في ملاحظاته الختامية: "انطلاقاً من تجربتي بالعمل مع السيد ترمب، فأنا أخشى أنه في حال خسارته الانتخابات في العام 2020، فلن تنتقل السلطة بسلام على الإطلاق". مضيفاً، إن خوفه هذا هو ما دفعه للمثول أمام أعضاء الكونغرس.
عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، ورئيس اللجنة، إيلايجا كامينغز، أخبر الصحافيين أنه يبدو أن السيد ترمب قد ارتكب جريمة في اعتقاده، بناء على ما سمع.
"أعتقد بأنه قال الحقيقة" قال السيد كامينغز عن كوهين في نهاية جلسة الاستماع.
وفي إجابة عن سؤاله إذا كان يعتقد بأن الرئيس ارتكب جريمة وهو في سدّة الحكم، قال: "بناء على - محتوى النصّ وبالاستماع إلى السيد كوهين، يبدو أنه فعل ذلك".
وتحدّد أن يدخل كوهين السجن في مايو(أيار) لتنفيذ حكم بالسَّجن ثلاث سنوات بعد أن اعترف السنة الماضية بذنبه في قضايا تهرّب ضريبيّ، احتيال مصرفيّ، وخروقٍ في تمويل الحملة الانتخابية متعلقة بدفع مبالغ مالية كرشوة لسيدتين هما، ستورمي دانيلز وكارين ماكدوغال، عشية الانتخابات. وأقرّ أيضاً أنه كان مذنباً في تهمة منفصلة رفعها مكتب (المدّعي الخاص) روبرت مولر حول كذب (كوهين) أمام الكونغرس في شأن مناقشات متعلّقة بتقديم شركة ترمب أورغانايزايشن (منظمة ترمب) مقترَحاً لبناء ناطحة سحاب في موسكو.
وكذلك، حاول السيد ترمب، والبيت الأبيض والجمهوريون تصوير (كوهين) على أنه رجل يائس ولديه سابقة بالكذب وعقد صفقة مع المدعين العامين. وقام عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري، بول غوسار، برفع لافته كُتب عليها "كاذب، والكاذب يُحرق بالنار"، ووصف كوهين "بالكاذب المريض"، وفقاً لوكالة أسوشيتيد برس الإخبارية.
وردّ كوهين على الهجوم، متهماً الجمهوريين بـ "حماية" الرئيس كما فعل هو نفسه في السابق قائلاً: "لن أقوم بحماية السيد ترمب بعد الآن".
السيد ترمب، الموجود حالياً في فيتنام لإجراء محادثات سلام مع رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون، بدأ بالدفاع عن نفسه حتى قبل أن ينبسّ المحامي السابق ببنت شفة.
وغرّد على تويتر من هانوي: "مايكل كوهين كان واحداً من بين محامين عديدين كانوا يمثلونني (للأسف). وكان لديه موكّلون آخرون أيضاً"، مضيفاً: "لقد جُرّد من رخصته القانونية من قبل المحكمة العليا بتهمة الكذب والاحتيال. ارتكب أموراً سيئة لا علاقة لها بترمب. إنه يكذب بهدف إنقاص مدة سجنه".
© The Independent