Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير وجود 19 ألف إصابة بـ"كورونا" يشعل أزمة بين القاهرة و"الغارديان"

سحب اعتماد الصحافية لتجاوز المهنية... ومتخصصون: قد يكرس صورة سلبية وهناك إجراءات بديلة

صحيفة "الغارديان" البريطانية (أ.ف.ب)

على وقع تقرير لها، زعمت فيه تقدير عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا في مصر بأكثر من 19 ألف حالة، احتدت الأزمة بين القاهرة وصحيفة "الغارديان" البريطانية، ما دفع السلطات المصرية لسحب اعتماد مراسلة الصحيفة وغلق مكتبها بالعاصمة، لما قالت إن "تقرير الصحيفة تضمن انتهاكات وتجاوزات لكل قواعد العمل الصحافي".

وكانت الصحيفة البريطانية نشرت تقريراً كتبته مراسلتها في القاهرة، الأحد الماضي، جاء فيه إن الأرقام الرسمية التي تعلنها مصر بشأن الإصابات بفيروس كورونا "ليست صحيحة"، مقدرا عدد المصابين بنحو أكثر من 19 ألف حالة، بالاستناد إلى دراسة أعدها طبيب أمراض معدية كندي نشرها على صفحته بـ"تويتر".

في المقابل، وبحسب الأرقام الرسمية، أعلنت مصر تسجيل 196 حالة إصابة بفيروس كورونا، مساء الثلاثاء، بزيادة 70 حالة على مدار يومين، عما كان معلناً الأحد (126 حالة). بينهم 6 حالات وفاة (3 مصريين و3 أجانب).

الأزمة تشتعل

وبعد يومين من تقرير "الغارديان"، الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل، قررت الهيئة العامة للاستعلامات المسؤولة عن وسائل الإعلام الأجنبي العامل في مصر، سحب اعتماد مراسلة صحيفة "الغارديان"، لما قالت عنه، أن تقريرها تجاوز الأعراف والمهنية، وتضمن تضليلاً متعمداً، فضلا عن توجيه إنذار لمراسل "نيويورك تايمز"، لترويجه مثل هذه الأرقام.

وقالت الهيئة في بيان لها، إنه من خلال دورها في متابعة ما ينشر عن مصر في وسائل الإعلام الأجنبية، فقد رصدت صدور تقرير صحافي في "الغارديان" البريطانية يتضمن أرقاماً وتقديرات غير صحيحة بشأن أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا في البلاد، كما رصدت أيضاً مجموعة من التغريدات التي نشرتها مراسلة الصحيفة في القاهرة، تضمنت الأرقام نفسها غير الصحيحة، والمبالغ فيها. الأمر الذي أثار الكثير من البلبلة في مصر والعالم كله، المتابع  بقلق شديد كل ما يتعلق بهذا الخطر الذي يهدد الإنسانية.

وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات، فإن تقرير الصحيفة اعتمد على جهة وحيدة كمصدر لهذه البيانات والمعلومات المهمة، بينما تقتضي أصول العمل الصحافي الاستناد إلى أكثر من مصدر لتأكيد المعلومات قبل النشر. وهذ المصدر الوحيد هو طبيب كندي زعم أنه عمل على دراسة تستند إلى تقديرات جزافية لحركة الطيران الدولي وأعداد المسافرين، وهي استنتاجات وصفتها الهيئة بـ"الباطلة. ولا علاقة لها بالحقائق". مضيفة أن أياً من المراسلين لم يهتم بأخذ رأي الأطراف المعنية بالقضية ضمن ما يتم نشره كما تقتضي قواعد الصحافة في العالم كله، وفي مقدمة هذه الأطراف: الجهات المعنية في مصر، بخاصة وزارة الصحة، وكذلك منظمة الصحة العالمية سواء في مكتبها بالقاهرة، أو مركزها الرئيس في أوروبا.

وفيما لم يجب أي من المسؤولين عن الهيئة العامة للاستعلامات، ولا رئيسها ضياء رشوان على اتصالات "اندبندنت عربية"، ذكرت الهيئة أنه إزاء ما تضمنه تقرير الصحيفة وتغريدات مراسلة "نيويورك تايمز" من "انتهاكات وتجاوزات لكل قواعد العمل الصحافي المتعارف عليها في مصر والعالم، وتعمد التضليل بشأن قضية بالغة الخطورة، فقد تقرر إلغاء اعتماد مراسلة الجريدة البريطانية وتوجيه إنذار إلى مراسل الصحيفة الأميركية".

وطالبت الهيئة "الغارديان" بنشر اعتذار عن هذا التقرير، بنفس طريقة نشر التقرير المشار إليه، طبقاً لما تقضي به الأعراف الصحافية، وفي حالة عدم الاستجابة، سيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية المتاحة، بما في ذلك إغلاق وسحب اعتماد مكتب الصحيفة في مصر"، على حد تعبيرها.

وفيما لم ترد الصحيفة البريطانية بعد رسمياً على خطوة القاهرة، لم نتمكن من التواصل مع مراسلة "الغارديان" بالقاهرة، كما لم تجب الصحيفة على استفساراتنا.

تباين بشأن الأزمة

ومع الإقرار بالمبالغة في تقديرات "الغارديان" الواردة بتقريرها بشأن عدد المصابين بكورونا في مصر وخطأ المحررة في عدم الاستناد إلى رد رسمي، تباينت آراء المتخصصين بالإعلام في مصر بشأن الخطوة التي اتخذتها السلطات بحق مراسلة الصحيفة ومكتبها.

وبحسب صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، فإن "السلطات المعنية بمصر تأخرت في تفنيد ودحض المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة التي تضمنها تقرير الصحيفة الأحد الماضي"، معتبراً أن "إجراء سحب الترخيص ووقف عمل المراسلة في البلاد هو إجراء غير متناسب مع تقرير غير مهني".

وذكر، "العالم يمر بأزمة دقيقة وحساسة للغاية، وهو ما يتطلب سرعة تداول المعلومات والرد وتفنيد المزاعم والادعاءات، في المقابل ينبغي على الصحافيين تحري كافة وسائل الدقة"، مشيرا إلى أن تقرير مراسلة الصحيفة "يجافي الواقع والمنطق سواء في الأعداد التي ذكرتها أو المصادر التي استندت إليها".

من جانبه، يرى الكاتب الصحافي جمال فهمي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "ما تم من تعامل قد يكرس صورة سلبية، وكانت هناك إجراءات بديلة ". ومع إقراره بخطأ تقرير "الغارديان"، من الناحية المعلوماتية أو اعتماده على إحصاءات عن بعد، واعتبار نشره بهذه الصورة يحمل دوافع غير مهنية وسياسية، إلا أنه أوضح، "أسوأ مواجهة لمثل هذا النوع من الأخبار الإجراءات الإدارية، بينها تجريد المراسلة من تصريحها. ففي النتيجة العملية، لا يمنع إعادة نشر تقارير غير دقيقة من هذا النوع، لكنها تخلق حالة من العداء بين وسيلة إعلامية ودولة، وهو أمر ليس في المصلحة، هناك طرق أخرى بديلة، أهمها الرد وتفنيد المعلومات وعلى الصحيفة أن تنشره، وفق الأعراف المهنية".

ليس الخلاف الأول مع "الغارديان"

وعلى مدار السنوات الأخيرة، أثار أكثر من تقرير لصحيفة "الغارديان" خلافاً مع السلطات المصرية، ما دفع الصحيفة في إحدى المرات النادرة، في مايو (أيار) 2016، لتوجيه اعتذار عن عدد من تقاريرها السابقة التي قالت إنها "استندت إلى معلومات مغلوطة".

ففي مايو 2016، اعتذرت "الغارديان" رسمياً عما وصفته بـ "تقارير مفبركة" كتبها جوزيف مايتون، أحد المراسلين الذين تتعامل معهم بالقطعة من العاصمة المصرية القاهرة. وذكرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أنها ألغت 13 مقالا لمايتون وحذفت جميع الاقتباسات والمعلومات التي أنكرت مصادرها أن المراسل تحدث معهم.

وبحسب نص الاعتذار، فقد جاء فيه، أنه "في ضوء الاختلاق والغموض الذي اتصفت به العديد من مقالات مايتون، حذفت الصحيفة 12 قصة إخبارية، وقطعة رأي من موقعها الإلكتروني"، مضيفة أنها بدأت التحقيق في الأمر عندما اتصل بها أحد المصادر التي زعم مايتون أنه تحدث إليها في إحدى مقالاته، ونفى أنه تحدث إلى المراسل.

وكان من ضمن التقارير اللافتة الأخرى، ذلك التقرير الذي نشرته الصحيفة ذاتها في فبراير (شباط) 2011، وقدرت فيه ثروة الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وعائلته بنحو 70 مليار دولار، من دون الإفصاح عن مصادر التقرير، ما أثار ضجة في الأوساط المصرية والشعبية قبل أن تتراجع الصحيفة بعد شهرين من نشرها للتقرير، ويعلن رئيس تحريرها في حينه "أنهم أخطأوا في صياغته".

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار