Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأحزاب الموالية "تنكسر"... وبداية مشهد سياسي جديد في الجزائر

"التصدعات التي تحدث أمر طبيعي لمشهد جديد إضافة إلى العقاب الشعبي"

تظاهرة أسبوعية مناهضة للحكومة في العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)

يشهد أكبر حزبين محسوبين على الموالاة أو الطبقة الحاكمة في الجزائر، تصدّعات غير مسبوقة منذ فوز عبد المجيد تبون بكرسي رئاسة البلاد في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما يوحي بمشهد سياسي جديد يُرتقب تشكيله في الأسابيع المقبلة لمواكبة تصورات الرئيس تبون وبرنامجه.

إقالات واستقالات

وبين الإقالات والاستقالات، يستيقظ كل من حزب "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، وهما من أحكما قبضتهما على مقاليد الحكم، الأول منذ الاستقلال والثاني منذ العشرية السوداء في التسعينيات. وزادت معاناة الحزبين منذ "جر" عدد من قياداتهما وعلى رأسهم الأمين العام رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى عن التجمع، والأمين العام السابق محمد جميعي، وقبله جمال ولد عباس، إلى السجن بتهم الفساد.

تصدع أكبر الأحزاب الحاكمة منذ الاستقلال

جماعة أطلقت على نفسها "حركة إنقاذ جبهة التحرير"، وخلال وقفة احتجاجية أمام المقر المركزي للحزب تنديداً بالوضع الكارثي الذي يعيشه الحزب، اتهمت القيادة الحالية بالتلاعب هي وسابقتها بمبادئ الحزب، وطالبت "المجموعة الموجودة على رأس الحزب بالرحيل فوراً وإفراغ مكاتب المقر الرئيس ليعود الحزب إلى المناضلين في القاعدة، بما ينص عليه قانون المجموعة"، مشدّدةً على ضرورة "رحيل الشيوخ وتسليم الحزب إلى الشباب".

وفجر الأمين العام الأسبق المثير للجدل عمار سعداني، مفاجأة بتقديم استقالته من اللجنة المركزية قبل أشهر قليلة من المؤتمر الـ12، وطلب إعفاءه من النشاطات كافة، ليزيد "تصدّع" أقوى حزب في البلاد.

"الحزب الذي ولد بشواربه" يتهاوي

في المقابل، يعاني الغريم حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، ثاني أكبر قوة في البلاد، وشريك "جبهة التحرير" في الحكم منذ تأسيسه خلال سنوات "الدم والدمار" في التسعينيات، من اهتزازات، وهو الذي يوصف بـ"الحزب الذي ولد بشواربه"، إذ يشهد إقالات واستقالات تهدد وجوده منذ اعتقال أمينه العام أحمد أويحيى، رئيس الحكومة الأسبق. وقد عرفت لجنته الانضباطية نشاطاً لافتاً، بإقصاء أعضاء واستقبال ملفات آخرين من القيادات المعروفة، منهم عضو المجلس الوطني صديق شهاب الذي أُقصي نهائياً من صفوف الحزب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما قدمت أميرة سليم استقالتها من الحزب، وقالت في نص الاستقالة إن قرارها لا رجعة فيه، وذلك نتيجة أسباب تراكمية تخص قناعتها الشخصية الرافضة للسياسة المنتهجة في الحزب، بما في ذلك استعمال الأساليب غير الديمقراطية من خلال اتخاذ قرارات ارتجالية. وشددت أن بقاءها في الحزب بعد الحراك الشعبي كان بغية تصحيح مساره، متّهمةً القيادة الحالية بأنها لا تملك أية نية لإصلاح الحزب من الفاسدين والانتهازيين، وهو الأمر الذي أصبح يهدد كيان المجموعة ووجودها، نافيةً أن تكون هذه الاستقالة انسحاباً من الحياة السياسية. وأشارت إلى أنها ستبقى وفية لمبادئها المتمثلة في الدفاع عن الجزائر وحقوق الشعب الجزائري.

وأعلن أحد عشر عضواً في المجلس الشعبي البلدي بولاية سكيكدة، استقالتهم الجماعية من حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، وأرجعوا أسباب خطوتهم تلك إلى عجز الحزب التام عن الوفاء بالتزاماته تجاه تطلعات الشعب ورفضه مواكبة ومرافقة التطورات العميقة والسريعة الحاصلة، وما أسموه بـ"الانغلاق التام الذي يميزه في هذا الظرف الدقيق والحساس وتجريده وتجريدنا بذلك من أي إمكانية للتفكير والنقاش والاقتراح والتعبير، للمساهمة في إيجاد المخارج والحلول للوضع الذي تمر به البلاد".

تغيير الاسم للهروب من التهم

وفي خضم التوتر الداخلي، سارعت القيادة الحالية لـ "التجمع الديمقراطي" إلى مناقشة إمكانية تغيير اسم الحزب في المؤتمر الاستثنائي المقبل، وذلك للتخلص من التركة الثقيلة التي تلاحقه، كأحد أبرز الأجهزة التي حكم بها أصحاب القرار في الجزائر. وقال عز الدين ميهوبي، الأمين العام للحزب بالنيابة، إن "ثمة توجهاً لدى الإطارات والمناضلين لمناقشة تغيير اسم الحزب لتقديم صورة وأفكار جديدة عنه في المرحلة المقبلة، والتخلص من الانطباع القديم".

مشهد سياسي جديد في الأفق

في السياق، رأى الإعلامي المهتم بالشأن السياسي محمد دلومي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "هذه التصدعات التي تحدث في ما يعتبر بأحزاب السلطة، أمر طبيعي لمشهد جديد للخريطة السياسية في الجزائر، من دون أن ننسى العقاب الشعبي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الذي وضع حزبَيْ السلطة في حجمهما الحقيقي".

وقال إن "هناك سخطاً وغضباً في قواعد الحزبين من الناحية التنظيمية، باعتبار أن قيادتهما كانت دوماً تقف في صف السلطة وتساند كل قراراتها من دون حساب العواقب، والنتيجة الآن: مطالبات بإبعاد الإطارات التي كانت دوماً في الواجهة وباركت الممارسات السلطوية منذ عقود".

وأضاف "الصراع على قيادة هذين الحزبين ظهر بعد سجن أبرز مسؤوليهما"، مشيراً إلى أن البلاد مقبلة قبل نهاية العام على انتخابات برلمانية ومحلية، وكلا الحزبين يعلمان أن لعبة التزوير انتهت بوجود لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات، وظهور جيل من الشباب، يجعل المعركة تشتد داخل الحزبين من أجل تصحيح الاتجاه، "لكن في اعتقادي أن قطار التغيير تجاوزهما، والعقاب الشعبي سيكون قاسياً في الانتخابات المقبلة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي