Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس وزراء ماليزيا الثامن ... صاحب التحالفات الغامضة

مهاتير محمد ومحيي الدين ياسين نشآ في بيئة واحدة وافترقا خلال رحلتهما السياسية

محي الدين ياسين ، رئيس وزراء ماليزيا المعين حديثًا يلوح لشعبه (غيتي)

قبل أيام أعلن الدكتور مهاتير محمد استقالته من منصب رئيس وزراء ماليزيا، وهو السياسي السابع الذي يشغل هذا المنصب، لتشهد ماليزيا بعد ذلك أسبوعا من عدم الاستقرار السياسي، رغم ملك ماليزيا كلفه أن يبقى في منصبه بشكل موقت. وفي الوقت نفسه أعلن مهاتير استقالته من حزب برساتو وهي استقالة لم يقبلها الحزب وأعلن تراجعه عنها بعد يومين من تقديمها. 

في هذه الأثناء، تحدثت تقارير عن تحركات يقوم بها السياسي الماليزي محي الدين ياسين للتعاون مع حزبي أومنو والحزب الإسلامي وبعض المنشقين عن حزب عدالة الشعب، بغرض تشكيل حكومة وطنية جديدة بديلة عن حكومة تحالف الأمل التي فازت في انتخابات مايو 2018. وصرح مهاتير أنه لا مانع لديه من ترشيح حزب برساتو لمحي الدين لمنصب رئيس الوزراء، رغم تحفظه على العمل مع أومنو مجددا. لكن مهاتير صرح في اليوم التالي بأنه لم يوقع على بيان الحزب بشأن ترشيح محي الدين للمنصب الشاغر، والتقى قيادات تحالف الأمل التي أعلنت صباح يوم السبت ٢٩ فبراير، تأييدها لمهاتير رئيسا للوزراء بدلا من أنور إبراهيم. أي أن محي الدين ياسين ومهاتير محمد أصبحا المرشحين المتنافسين على منصب رئيس الوزراء الثامن.

مع نهاية اليوم، جاء قرار ملك ماليزيا (أجونج) السلطان عبدالله بتعيين محي الدين ياسين رئيسا للوزراء، بعد مشاورات مع نواب البرلمان وحكام الملايو (سلاطين الولايات) وقادة الأحزاب الماليزية.

ومن المعلوم أن محي الدين ياسين ومهاتير محمد هما من أبناء المنظمة المالاوية القومية المتحدة (حزب أومنو) وتدرجا في المناصب داخل الحزب حتى وصلا لأعلاها. إلا أن الرجلين خرجا من حزب أومنو على خلفية فضيحة صندوق التنمية الماليزي "وان ام دي بي" التي تورط فيها رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق. 

وفي سبتمبر 2016، كان محي الدين أحد مؤسسي حزب برساتو ورئيس الحزب المنتخب، وهو الحزب الذي ترأس مجلس إدارته الدكتور مهاتير محمد.

لذا، يمكن القول إن علاقة الرجلين تندرج  في إحدى خانتين: إما أنهما على نفس الخط وأن ما حدث كان محض خطة لتسليم رئاسة الوزراء لرئيس حزب مهاتير بدلا من أنور إبراهيم، أو أن الرجلين اختلفا في اللحظة الأخيرة وفاز محي الدين بالسباق.

لقد سقط تحالف الأمل (باكاتان هارابان) الذي حكم ماليزيا لمدة 20 شهرا، بعدما انسحب حزب برساتو الذي يملك 26 نائبا في البرلمان من التحالف. وكان الانسحاب بالتوازي مع استقالة مهاتير محمد من رئاسة الوزراء ورئاسة مجلس إدارة الحزب. إضافة إلى ذلك انشق 11 نائبا من كتلة حزب عدالة الشعب وأعلنوا خروجهم من التحالف بقيادة عزمين علي نائب رئيس الحزب ووزير الشؤون الاقتصادية في حكومة مهاتير ومعه وزراء أبرزهم وزير الخارجية سيف الدين عبدالله ووزيرة الحكم المحلي زريدة قمرالدين.

لم يستطع تحالف الأمل على ما يبدو جمع الأصوات الكافية لتمكينه من تشكيل حكومة جديدة، والتي يبلغ عددها 112 نائبا أي خمسين زائد واحد. رغم أن التحالف يدّعي حتى لحظة كتابة هذه السطور أنه يملك الأغلبية ويطالب بمقابلة الملك لتقديم الأدلة على ذلك. 

وكان الحزب الإسلامي الماليزي "باس" المحسوب على  تيار الإخوان المسلمين  فكريا وليس تنظيميا بنوابه الثمانية عشر أحد عوامل ترجيح كفة محي الدين ياسين في سباق تكسير العظام الذي شهدته ماليزيا الأسبوع الماضي. كما يعمل الحزب الإسلامي مع حزب أومنو منذ عدة أشهر في تحالف جديد شُكل لمواجهة تحالف الأمل. ما يعني أن الحزب الإسلامي سيكون متواجدا في الحكومة الجديدة بقيادة محي الدين ياسين، باعتباره جزءا من التحالف الجديد ويشتهر الحزب بتقلبات مواقفه السياسية.

فمن هو رئيس وزراء ماليزيا الثامن؟

ولد محي الدين في مدينة موار بولاية جوهور الماليزية. والده محمد ياسين بن محمد من أصل بوغيني، بينما والدته، حجة خديجة قاسم، من أصل جاوي.

تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة كبانغسان ماهراني ومدرسة كيبانغسان إسماعيل. كما تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة موار الثانوية بجوهور. بعد ذلك، التحق بجامعة المالايا في كوالا لامبور وحصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الاقتصاد ودراسات الملايو في عام 1971.

 نشأ محي الدين في ولاية جوهور وانضم إلى الخدمة العامة في الولاية بعد تخرجه من الجامعة. تولى مناصب إدارية في العديد من الشركات المملوكة للدولة.

وفي عام 1978، انتخب عضوا في البرلمان عن دائرة باجوه. خلال فترة ولايته كنائب، تم تعيينه نائبا لوزير الأقاليم الاتحادية ونائب وزير التجارة والصناعة في وقت لاحق. وكذلك رئيسا لحزب أومنو في ولاية جوهور، كان وشغل منصب كبير وزراء جوهور من 1986 إلى 1995.

وعاد إلى السياسة الفيدرالية في عام 1995 وعين في مجلس الوزراء وزيرا للشباب والرياضة. تم تعيينه وزيرا للتجارة المحلية وشؤون المستهلك بعد الانتخابات العامة في عام 1999، وأصبح نائبًا لرئيس حزب أومنو في عام 2000. تحت رئاسة عبد الله أحمد بدوي، شغل محي الدين منصب وزير الزراعة (2004-2008) ثم وزير الشؤون الدولية التجارة والصناعة (2008-2009).

في عام 2008، تنافس وفاز بمنصب نائب رئيس حزب أومنو، وعينه رئيس الوزراء آنذاك نجيب رزاق نائبا لرئيس الوزراء ووزير التعليم في عام 2009. وكوزير للتعليم، أنهى محي الدين استخدام اللغة الإنجليزية كوسيلة لتدريس العلوم والرياضيات في المدارس العامة. خلال التعديل الوزاري الذي أجري في مجلس وزراء نجيب في يوليو 2015، تم إسقاطه من منصبه، وهو أول وزير يتم استبعاده. في يونيو 2016 تم إقالته من أومنو.

بداية المشوار السياسي

 بدأت مشاركة محي الدين في السياسة عندما التحق بحزب اومنو كعضو عادي في شعبة باجوه في عام 1971. تم انتخابه رئيسًا لشباب أومنو في ذات الشعبة وأمينا لها في عام 1976.

وشغل مقعد مدير تنفيذي في جناب شباب أومنو الوطني. في عام 1984، تم انتخابه رئيسا للحزب في باجوه ليحل محل تان سري عثمان سات. وتدرج في صفوف الحزب بسرعة، ليصبح رئيس الحزب بالولاية ومن ثم كبير وزراء جوهور.

ثم انتخب عضوا في البرلمان عن دائرة باجوه في الانتخابات العامة لعام 1978 واحتفظ بالمقعد حتى عام 1982. وعُين أمينًا برلمانياً في وزارة الخارجية؛ وبعد ذلك تمت ترقيته إلى منصب نائب الوزير في وزارة الأقاليم الفيدرالية ثم لاحقًا وزارة التجارة والصناعة. في الانتخابات العامة عام 1986، فاز بمقعد الدائرة التشريعية لولاية جوهور في بوكيت سيرامبانج، مما فتح الطريق أمامه ليصبح كبير وزراء (منتيري بيسار) في جوهور في 13 أغسطس 1986. استمرت فترة ولايته في منصب كبير الوزراء حتى 6 مايو 1995.

عاد محي الدين للتنافس على مقعد دائرة باجوه البرلماني في الانتخابات العامة عام 1995.

وشغل العديد من المناصب المختلفة في الحكومة الفيدرالية كوزير للشباب والرياضة (1995-1999)، ووزير التجارة المحلية وشؤون المستهلكين (1999-2004)، ووزير الزراعة (2004-2008) ووزير التجارة الدولية والصناعة (2008) -2009). تم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء ووزير التعليم، من قبل رئيس الوزراء نجيب رزاق في عام 2009.

عام 1993، فاز بمنصب نائب رئيس حزب أومنو، وأعيد انتخابه عام 2009 لمنصب نائب رئيس أومنو ونائب رئيس الجبهة الوطنية.

سياسي جدلي

تم تعيين محيي الدين كنائب لرئيس الوزراء في 9 أبريل 2009، عندما تولى نجيب الحكم بعد عبد الله أحمد بدوي وكشف النقاب عن مجلس وزرائه الأول.

واستمر وزيرا التعليم، حينها أعلن قراره بالعودة إلى تدريس الرياضيات والعلوم بلغة الملايو في جميع المدارس الحكومية الابتدائية والثانوية.

دخل محي الدين في جدل في مارس 2010 بعدما قال: "ملايو أولا" بدلا من "ماليزي أولا". ودافع حينها رئيس الوزراء نجيب عن محي الدين، ونفى أن يكون تصريحه يتعارض مع مفهوم "ماليزيا 1" الذي تروج له الحكومة.

وأثناء التعديل الوزاري الذي أجراه نجيب في 28 يوليو 2015، تم تسريحه من منصب نائب رئيس الوزراء. وجاء ذلك بعد أن أدلى محي الدين بتصريحات علنية وانتقادية حول تعامل نجيب مع فضيحة صندوق التنمية الماليزي المعروف باسم "وان ام دي بي". ما دفع نجيب إلى إقالة محي الدين، وفصل وزراء آخرين ممن انتقدوا قيادته. بقي محي الدين نائبًا لرئيس أومنو، لكن بعد الاستمرار في انتقاداته، تم إقالته في نهاية المطاف من قبل المجلس الأعلى للحزب في يونيو 2016. لكن محي الدين يقول إنه غير نادم، مؤكداً أنه لم يخن الحزب أبدا، وتعهد بمواصلة التحدث بصوت عالٍ.

برساتو ماليزيا

في أغسطس 2016، سجل محي الدين حزبا سياسيا جديدا يسمى بارتي بريبومي بيرساتو ماليزيا أو "برساتو" اختصارا، مع رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد. وأصبح محي الدين رئيسا للحزب، بينما أصبح مهاتير وابنه مخريز رئيسا ونائبا للرئيس على التوالي. يرتكز الحزب على البوميبوترا -أي الملايو والسكان الأصليين- بمعنى أن العضوية الكاملة مفتوحة فقط لهم. ويمكن للأجناس الأخرى الانضمام إلى الحزب، لكن لا يمكنها التصويت أو التنافس في الانتخابات الحزبية. وفي وقت لاحق، وعد مهاتير محي الدين بمنصب رئيس الوزراء إذا فازت المعارضة في الانتخابات العامة الماليزية المقبلة.

  

أبرز المحطات في حياته السياسية

  • هاجم محي الدين الخطة الانتقالية الأصلية لرئيس الوزراء عبد الله أحمد بدوي، ووصفها بأنها "طويلة جدا"، ويقول البعض أنه في مرحلة ما كان محي الدين على وشك أن يطلب من عبد الله الاستقالة، رغم أنه لم يفعل ذلك أبدًا بشكل مباشر.
     
  • 2009 أعلن قراره، كوزير للتعليم، بالعودة إلى تدريس الرياضيات والعلوم بلغة الملايو بدلا من الإنجليزية في جميع المدارس الحكومية الابتدائية والثانوية.
     
  • دخل محي الدين في جدل في مارس 2010 بعدما قال إنه "ملايو أولا" بدلا من "ماليزي أولا".  ودافع حينها رئيس الوزراء نجيب عن محي الدين، ونفى أن يكون تصريحه يتعارض مع مفهوم "ماليزيا 1" الذي تروج له الحكومة.
     
  • أثناء التعديل الوزاري الذي أجراه نجيب في 28 يوليو 2015، تم تسريحه من منصب نائب رئيس الوزراء. وجاء ذلك بعد أن أدلى محي الدين بتصريحات علنية وانتقادية حول تعامل نجيب مع فضيحة صندوق التنمية الماليزي المعروف باسم "وان ام دي بي".
     
  • 2016، سجل محي الدين حزبا سياسيا جديدا يسمى بارتي بريبومي بيرساتو ماليزيا أو "برساتو" اختصارا، مع رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد وعين  وزيرا الداخلية في حكومة تحالف الأمل، مايو (أيار) 2018 – فبراير (شباط) 2020.

المزيد من تحلیل