Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخدمة العسكرية في المغرب في قلب الجدل بين مؤيّد ومعترض

القوات المسلحة المغربية ليست في حاجة إلى أعداد إضافية، وبالتالي إن عودة التجنيد الإجباري لا تعني أن المغرب يعيش حالة حرب أو حالة استنفار

 الدولة ترمي من وراء الخدمة العسكرية إلى تعزيز الشعور بالانتماء للوطن. (اندبندنت عربية)

 بعد 11 عاماً من إلغائها، قرّر المغرب إعادة العمل بالخدمة العسكرية في أغسطس (آب) الماضي محددة بـ 12 شهراً، ومن عمر 19 إلى 25 سنة، مع استثناءات عدة، والخاضعون لها يتلقون تعويضات شهرية.  وفي خطابه لمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية البرلمانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال الملك محمد السادس "إن جميع المغاربة المعنيين، من دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية". وأضاف الملك قائلاً "إن الخدمة العسكرية تشدّ روح الانتماء للوطن، وتمكّن من الحصول على تكوين وتدريب يفتحان فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام".

وكانت الوزارة المكلفة بالدفاع الوطني، أعلنت أن الشروع في تدريب الفوج الأول سيكون في سبتمبر (أيلول) المقبل، وجرى تحديد عديده بـ 10 آلاف شخص، سيتلقون تدريبات عسكرية ومهنية في مراكز للتدريب العسكري.

نبذة عن تاريخ الخدمة العسكرية في المغرب

بدأ المغرب العمل بقانون الخدمة العسكرية استناداً إلى المرسوم الملكي رقم 37.66 الذي صدر في يونيو (حزيران) 1966، ويشير القانون السابق الذي تمّ إلغاؤه في العام 2006 بعد توالي تفكيك الخلايا الإرهابية إلى أن الهدف منه هو "تكوين المواطن المغربي تكويناً أساسياً يستطيع معه أن يقوم بواجب الدفاع عن وطنه في جميع الظروف وبصورة فعالة، وتكوين هذا المواطن تكويناً فنياً ومهنياً من شأنه رفع مستواه الاجتماعي وتأهيله للإسهام في النمو الاقتصادي للبلاد. وينص الفصل الأول من القانون المُلغى، على فرض الخدمة العسكرية على جميع الموظفين المغاربة الذكور، كما يفتح الباب لإمكان الإعفاء منها بسبب العجز البدني والأعباء العائلية ومتابعة الدروس.

وكانت مدة الخدمة العسكرية تستغرق 18 شهراً، كما نصّ القانون المُلغى على أنه "لا يمكن أياً كان أن يرشح نفسه لمنصب في الإدارة أو يتقلد وظيفة عمومية، إلا إذا كان في حالة تتفق ومقتضيات قانون الخدمة العسكرية".

لماذا عودة التجنيد الإجباري

يقول عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بالدفاع الوطني، إن الدولة ترمي من وراء الخدمة العسكرية، إلى تعزيز الشعور بالانتماء للوطن لدى الشباب، وتقوية روح المسؤولية والالتزام، ثم تمكين المجندين من تكوين وتدريب يفتحان فرصاً للاندماج المهني والاجتماعي.

على الرغم من المنافع والتعويضات والأجرة التي جاء بها القانون، فقد تعرض إلى الكثير من الانتقادات من قبل بعض الجمعيات الحقوقية، ورأى فيها بعضهم تعسفاً في حق الشباب الذي يعاني مشاكل البطالة والتهميش وظروفاً اجتماعية صعبة. وكان التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية، أعلن تحفظه عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي على هذا القانون معتبراً "أن هناك أولويات تهم الشباب أكثر، وأن تربية المغاربة على روح المواطنة تبدأ أولاً من المدرسة والمؤسسة التربوية، وليس من طريق التجنيد"، ويضيف التجمع "أن تخصيص ميزانية مهمة لتنفيذ برنامج التجنيد الإجباري كان من باب أولى توجيهها إلى قطاعات أكثر أهمية بالنسبة إلى الشباب".

دور الخدمة العسكرية في صناعة المواطن

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية عبد الرحمان مكاوي، إن التجنيد الإجباري ليس غريباً على المغاربة، إذ "بعد تجربة العام 1966 حتى العام 2007 كان له دور مهم في تطعيم الإدارة المغربية بكفاءات متخصصة ومتعددة، وأسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين". ويضيف عبد الرحمن مكاوي، أنه بناء على نجاح التجربة الأولى، يحاول المغرب تفعيل طاقات شابة أخرى عاطلة مجندة. أما بالنسبة إلى الإناث اللواتي سيخضن التجربة للمرة الأولى، يعتبر دليلاً على المساواة بين الرجل والمرأة ودورها في الانطلاقة التي تشهدها البلاد على جميع الصعد.

الخدمة العسكرية لضبط الشباب

يعزو بعض المراقبين عودة الخدمة العسكرية إلى إفلاس العديد من المؤسسات في دورها التربوي، وفي مقدمها الأسرة والمدرسة والمجتمع، بعد أن أصبح الجميع يَحنّ إلى دور المؤسسة العسكرية في تخليص المجتمع من براثن البؤس الإجرامي المسلح، لاسيما في أوساط الشباب.

تحدي البطالة

وفق تقرير للمندوبية السامية للتخطيط المغربية، فإن عدد الشباب العاطل من العمل، في النصف الأول من العام 2018، بلغ مليوناً و103 آلاف، خصوصاً في صفوف الشباب ما بين سن الـ 15 و24. وفي خطاب ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس الماضي، قال الملك محمد السادس "ما يحزّ في نفسي أن نسبة البطالة في أوساط الشباب مرتفعة جداً، ومن غير المعقول أن تمسّ البطالة شاباً من بين أربعة، على الرغم من مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم، والأرقام أكثر قسوة في المجال الحضري".

في هذا السياق يقول الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية عبد الرحمان مكاوي، إن الدولة المغربية قامت قبل تفعيل هذا القانون (التجنيد الإجباري) بدراسات مستفيضة حول التجربة الأولى، ويرى أن التجربة الأخيرة التي صادق عليها مجلس الوزراء من جانب البرلمان بغرفتيه، هي ورش للمواطنة والوطنية، فعوض أن تذهب هذه الطاقات الشابة ضحية الهجرة السريّة والبطالة والمخدرات والإجرام أو الإرهاب، قررت الدولة إنقاذ هذه الفئة، من الآفات الاجتماعية التي يعرفها الكثير من الدول العربية والاسلامية".

عودة التجنيد لا تعني أن المغرب في حالة استنفار

في ما يتعلق بالجيش المغربي، يُجيبنا الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مكاوي، أن القوات المسلحة المغربية ليست في حاجة إلى أعداد إضافية، ولديها إمكانات ضخمة لتدبير الأزمات. وبالتالي إن عودة التجنيد الإجباري لا تعني أن المغرب يعيش حالة حرب أو حالة استنفار، فالمغرب صار على منوال عودة فرنسا إلى الخدمة الوطنية أو الإمارات العربية المتحدة التي لها تجربة متقدمة في هذا الموضوع، والجزائر الجارة التي نقلت القانون المغربي الجديد وتطبقه بنفسها".

أبرز معطيات قانون التجنيد الإجباري الجديد

يبدأ الشروع بتدريب الفوج الأول في سبتمبر (أيلول) المقبل، ويحدد عديده بـ 10 آلاف شخص وفق ما أعلنت الوزارة المكلفة بالدفاع الوطني. وخصصت الحكومة المغربية في إطار ميزانية العام 2019 نحو 50 مليار سنتيم (الدرهم المغربي، 100 سنتيم) كاعتمادات خاصة بالخدمة العسكرية الإجبارية.

القانون الجديد للخدمة العسكرية في المغرب ينص، على مجموعة من الشروط، والامتيازات، وبخصوص الجدل حول إجبارية الخدمة العسكرية بالنسبة إلى الإنات، حُسم بجعله اختيارياً، كذلك الأمر بالنسبة إلى أبناء المهاجرين المغاربة في الخارج ذكوراً وإناثاً. وسيتلقى المُجندون من الذكور والإناث في إطار الخدمة العسكرية أجراً شهرياً، إذ سيحصل الجنود على أجر قيمته 1050 درهماً (حوالي 100 يورو)، بينما سيحصل ضباط الصف على 1500 درهم (حوالي 150 يورو)، وسيصل الأجر الشهري للضباط إلى 2100 درهم (حوالي 200 يورو)، أما المجندون في المناطق الجنوبية، فسيستفيدون من تعويض خاص عن الأعباء حُدد مبلغه الشهري بـ 300 درهم (حوالي 30 يورو).

الغرامة في انتظار الممتنعين

ووفق ما جاء في مشروع قانون الخدمة العسكرية بخصوص الأشخاص الممتنعين، تنص المادة 15 من القانون على عقوبة سجن تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر لأي شخص يرفض المثول أمام لجنة الإحصاء، وغرامة تتراوح ما بين 2000 و5000 درهم (حوالي 200 و500 يورو). وترتفع العقوبة ضد أي شخص مسجل يرفض الانضمام إلى الخدمة العسكرية الإجبارية.

أما المادة 16، فتنصّ على عقوبة تتراوح من شهر إلى سنة، وغرامة من 2000 إلى 10000 درهم. كما تطبق العقوبة نفسها على أي فرد أو طرف أخفى أو منع المجند من دخول الثكنات. وتتضاعف هذه العقوبات في حالة الحرب. وفي ما يخص الإعفاء من الخدمة، فتُمنح لأحد الأسباب المنصوص عليها في القانون، لا سيما العجز البدني أو الصحي، وإعالة الأسرة، والزواج بالنسبة إلى المرأة، أو وجود أطفال تحت حضانتها، إضافة إلى متابعة الدراسة.

المزيد من تحقيقات ومطولات