Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون يصادق على قانون لصيانة الوحدة وأخلقة السياسة

الوضع غير المعهود كشف عن "كبت" تستغله أطراف لإحداث صدام بين الجزائريين

جزائريون في بروكسل يتظاهرون دعماً للديمقراطية في بلادهم (غيتي)

تحذّر الجزائر من محاولات تفتيت المجتمع عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، رافضةً تفسير حرية التعبير والديمقراطية على أنها قدح وذم، وهو الأمر الذي يكشف عن تهديدات تستهدف الهوية والثوابت من أجل الوصول إلى تحقيق الفوضى.

محاولات تفتيت المجتمع الجزائري

أتت دعوة الرئيس عبد المجيد تبون خلال ترأسه اجتماع مجلس الوزراء، إلى تكييف المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، بشكل يجعل غايته صيانة الوحدة الوطنية بكل مكوّناتها وأخلقة الحياة السياسية والعامة وصونها من الانحراف، وتؤكد حقيقة المخاوف من مخطط تخريبي تقوده جهات "داخلية وخارجية"، وهو ما كشف عنه تبون بالقول إن القانون جاء للرد على محاولات تفتيت المجتمع الجزائري عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

كراهية وعنصرية بسبب مواقف

في سياق متصل، يوضح أستاذ القانون كمال بوعبد الله في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إنه بعد بداية قوية للحراك الشعبي لفتت أنظار العالم إلى وحدته، ظهر عدد كبير من الألفاظ "العنصرية" والعبارات "التمييزية"، وارتفعت حدة خطاب "الكراهية" بسبب اختلافات في المواقف والآراء حول قضايا تخص البلاد.

ويشرح أن هذا الوضع غير المعهود كشف عن "كبت" تستغله أطراف في الداخل والخارج لإحداث صدام بين الجزائريين في ما بينهم، من خلال التشكيك في هوية منطقة أو تزوير في تاريخ أخرى أو الطعن في وطنية جهة.

ويرى بوعبد الله أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت مسرحاً لهذه المعركة التي وصلت في بعض الأحيان إلى حالات تهديد بعد سبّ وشتم وقدح، مشيراً إلى أن مظاهر العرقية والجهوية والطائفية بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة بعد أسابيع من انطلاق الحراك بشكل يوحي بأن الأمر مدبّر وتقف وراءه جهات.

 ويضيف أن حركة استقلال منطقة القبائل المعروفة باسم "الماك"، لها اليد الطولى في اندلاع هذا التوتر غير المعهود، بعدما دعت أنصارها إلى رفع راياتها واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها التي تستهدف الهوية والثوابت.

القانون من أجل صيانة الوحدة

ينص المشروع الذي صادق عليه مجلس الوزراء على إعداد استراتيجية للوقاية من جرائم التمييز وخطاب الكراهية، بإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في تحضيرها وتنفيذها، ووضع برامج تعليمية للتوعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمساواة والتسامح والحوار، كما أعطى جمعيات حقوق الإنسان المحلية حق تقديم شكوى أمام الجهات القضائية، والتأسيس كطرف مدني، كما تضمّن المشروع إنشاء مرصد للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية يوضع لدى رئيس الجمهورية.

في سياق متصل، ردّ تبون بشكل ضمني على الأطراف التي تختبئ وراء حرية التعبير والديمقراطية لتبرير أفعالها، بأن حرية التعبير لا تعني أبداً حرية الشتم والقدح والتمييز وزرع الكراهية والتفرقة، مشيراً إلى أنّ الغاية الجوهرية من إعداد القانون، صيانة الوحدة بكل مكوّناتها، وأخلقة الحياة السياسية والعامة وصونها من الانحراف.

وينطلق المشروع بحسب وزير العدل بلقاسم زغماتي الذي عرضه على مجلس الوزراء، من مراعاة المواثيق الدولية واحترام المجتمع الجزائري، آخذاً بالاعتبار تكنولوجيات الإعلام والاتصال، كون غالبية جرائم التمييز وخطاب الكراهية تُرتكب باستخدامها.

النظام السابق يتحمل المسؤولية

من جانبه، يعتبر الإعلامي سمير وازع في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن القانون مرحب به ومهمّ لإعادة اللحمة بين الجزائريين بعد تصدّع، موضحاً أن الكراهية والتمييز والعنصرية أحدثها النظام السابق من خلال ممارساته وسياساته التي أوجدت التفرقة بين أبناء البلد، مثل هذا قبائلي وآخر عربي، وهذا شاوي وآخر صحراوي وغيرها من مظاهر الجهوية.

ويرى أن مواقع التواصل الاجتماعي عرفت معركة لم يكن يتوقعها أحد بسبب حدة الكراهية والعنصرية التي بلغتها، ما يؤكد وقوف جهات وراء الظاهرة.

ويقول وازع إن النظام السابق سعى إلى تصادم بين الشعب حتى يتمكن من الاستمرار، موضحاً أن حركة "الماك" التي دخلت على الخط زادت شحن الشارع، وبقدر ما راهنت على تحقيق مصالحها، أفسدت قوة الحراك بعد اختراقه، وكانت السبب في هجران الشعب للشارع.

 ويختم أن الحراك الشعبي كشف عن خفايا المجتمع الجزائري ودور المؤرخين والأئمة وتهدئة النفوس وتصفية القلوب وإعادة اللحمة بين الجزائريين.

من يستهدف المجتمع الجزائري؟

أدهش حراك الجزائريين كل العالم عند بدايته بسبب وحدة الصف، غير أنه مع مرور الأسابيع طفت إلى السطح مظاهر الجهوية والعنصرية والكراهية بعد انقسامه إلى شطرين، الأول يدعم المؤسسة العسكرية والثاني يطالب بمرحلة انتقالية، لتنطلق معركة التراشق بمصطلحات "عنصرية" بلغت درجة التخوين، وأبرزها "الزواف" الذي يُطلق على كل شخص ينتقد المؤسسة العسكرية ويُتهم بالعمالة وخدمة الأجندة الفرنسية في الجزائر، لكن الأخطر أنه يستهدف سكان منطقة القبائل دون غيرها، ما يؤجج مشاعر الكراهية والعنصرية ويبث الفرقة بين الجزائريين ويهدّد كيان المجتمع، فاستدعى تدخل الرئيس تبون بالمصادقة على قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما.

المزيد من العالم العربي