Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يهوي الدولار "القوي" إلى مستويات ما قبل التعويم في مصر؟

حصيلة متصاعدة لمكاسب العملة المصرية ...وهذه القطاعات تتأثر سلباً

أوراق نقدية من فئة المئة دولار  (رويترز)

منذ بداية العام الحالي فقط، وبأكثر من 3 في المئة، هوى سعر صرف الدولار الأميركي "القوي" عالمياً" مقابل الجنيه المصري، الذي يواصل حصد المكاسب ليصبح العملة الوحيدة على مستوى العالم التي تواصل ارتفاعها منذ العام الماضي.

وفيما كانت التوقعات تشير إلى أن النصف الثاني من عام 2019 سيشهد عودة ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستويات سابقة عند 17 و18 جنيهاً، لكن خالفت سوق الصرف كل هذه التوقعات وواصل الدولار خسائره مقابل الجنيه الذي واصل الصعود ليهوي سعر صرف الدولار في الوقت الحالي إلى مستوى 15.51 جنيهاً.

وكان سعر صرف الدولار في السوق المصرية قبل قرار التعويم في حدود 8.88 جنيه، وعقب صدور قرار تحرير سوق الصرف في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 وضع البنك المركزي المصري سعراً استرشادياً للبنوك عند 13 جنيهاً، لكن بعد أشهر من قرار التعويم قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء إلى مستوى 19.60 جنيه مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 120.7 في المئة.

ومن تاريخ هذه الذروة التي حققها الدولار في منتصف عام 2017 وحتى تعاملات اليوم، هوى سعر صرف العملة الأميركية من 19.60 جنيه إلى نحو 15.51 جنيه فاقداً نحو 4.09 جنيه ليتراجع الدولار بنسبة 20.86 في المئة.

13 في المئة مكاسب الجنيه المصري منذ بداية 2019

استطلاع حديث، أشار إلى أن الجنيه المصري لا يزال يواصل مساره الصعودي الذي بدأه العام الماضي، ليرتفع نحو 13.1 في المئة تقريبا أمام الدولار منذ بداية عام 2019، عندما كان سعر صرف العملة الأميركية حينها 17.85 جنيه. وفي عام 2020 فقط، عزز الجنيه مكاسبه بـ44 قرشاً أمام الدولار ليسجل الدولار مستوى 15.51 جنيه في الوقت الحالي.

وأجمع العديد من الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات البحثية وبنوك الاستثمار في الاستطلاع الذي أجرته نشرته "إنتربرايز"، على عدة أسباب وراء ارتفاع الجنيه المصري مقابل الدولار، أهمها التدفقات الأجنبية المتزايدة على أدوات الدين الحكومية، إضافة إلى الارتفاع الكبير في تحويلات المصريين من الخارج، وأيضاً انتعاش إيرادات قطاع السياحة المصرية.

وأشار الاستطلاع إلى الانحسار الكبير لظاهرة الدولرة منذ بداية عام 2017، مع تراجع الشركات والمواطنين عن اكتناز الدولار بعد التعويم، وسط تشديد ضوابط الاستيراد وارتفاع العوائد على الودائع بالعملة المحلية في البنوك. وذكر أن كلمة السر هي الأموال الساخنة، وهي استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية.

ويأتي جانب كبير من تلك الاستثمارات من تجار الفائدة، وهم من يقترضون من الخارج بأسعار فائدة منخفضة، ثم يقرضون الحكومة المصرية في عطاءات أذون وسندات الخزانة ذات العائد المرتفع. وتضاعفت تلك الاستثمارات منذ نهاية 2018 إلى 24 مليار دولار، جاء ذلك في وقت شهد تراجع الطلب المحلي على الدولار، وانحسار اكتناز الدولار بين المصريين وتراجع الاعتماد عليه كملاذ آمن للادخار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

زيادة كبيرة في التدفقات الدولارية

الخبير الاقتصادي هاني توفيق أشار إلى أن التدفقات الدولارية شهدت زيادات ملحوظة منذ قرار البنك المركزي بإلغاء آلية تحويل الأرباح في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2018، وشمل القرار استثمارات الأجانب الجديدة في أذون وسندات الخزانة المحلية أو الأسهم المقيدة بالبورصة المصرية، وأصبحت هذه الاستثمارات تدخل وتخرج من خلال سوق الصرف بين البنوك (الإنتربنك). ورأى محللون آنذاك أن تلك الآلية كانت تمنع العملة المحلية من الوصول إلى كامل إمكاناتها، وكانت سبباً رئيساً في بخس قيمة الجنيه.

وفق الاستبيان، أشار المستشار السابق في صندوق النقد الدولي وعضو مجلس إدارة البنك المركزي سابقاً فخري الفقي إلى أن المستثمرين الأجانب بدأوا - مع بدء دورة التيسير النقدي - في توجيه استثماراتهم بنسبة أكبر إلى أدوات الدين طويلة الأجل. وهو ما يعني أن المستثمرين لديهم الرغبة في الاستمرار في السوق لفترة أطول وتحقيق عوائد تتمثل في الفائدة على سنداتهم وفرق سعر العملة.

وأضاف، "توقعات هؤلاء المستثمرين مبنية على أسس علمية وتحليلات اقتصادية، هم يتابعون إشادات المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني ومؤشرات الاقتصاد الكلي، والأنباء عن مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي لإبرام اتفاق جديد لمواصلة الإصلاحات الهيكلية، وهو ما يعزز الثقة لديهم في الاقتصاد ومسار النمو".

وأشار تقرير حديث لوكالة "بلومبيرغ"، إلى أنه على الرغم من قيام مصر بخفض الفائدة عدة مرات، لكن لا تزال أدوات الدين الحكومية المصرية جذابة، في عالم تنخفض فيه أسعار الفائدة لتصل إلى السالب أحيانا، حيث تتزايد عمليات شراء أدوات الدين الحكومية من جانب المستثمرين الأجانب الذين يتطلعون للحفاظ على العائد، وسط التوقعات بخفض أسعار الفائدة في المستقبل.

ويرى الفقي أن الدعم الحقيقي للجنيه سببه تعافي المحركات الخمسة الأساسية للنقد الأجنبي، وهي الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار الأجنبي المباشر وقناة السويس، وكلها مصادر غير مولدة للديون، بالإضافة إلى المحرك السادس المولد للديون المتمثل في استثمارات الأجانب في المحافظ المالية.

فقد ارتفعت قيمة الصادرات المصرية من 10 مليارات دولار منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي في أواخر عام 2016 إلى 29 مليار دولار. كما قفزت إيرادات السياحة إلى 12.6 مليار دولار خلال العام المالي الماضي، بارتفاع نسبته 260 في المئة مقارنة بنحو 3.5 مليار دولار عقب حادث الطائرة الروسية في 2015.

أيضاً، قفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 26.5 مليار دولار سنوياً عقب التعويم، واستقرت عند هذا المستوى العام المالي الماضي. كما حققت قناة السويس أعلى إيرادات في تاريخها خلال العام المالي الماضي بواقع 5.9 مليار دولار. فيما بدأت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في التعافي بدءاً من النصف الثاني من 2019. وقد بلغ إجمالي تلك التدفقات الدولارية 95 مليار دولار العام الماضي، صعوداً من 82 مليار دولار في 2018 و71 مليار دولار في 2017.

ومنذ بداية عام 2020 تلقت مصر تدفقات دولارية من عدد من تلك المصادر تجاوزت 12 مليار دولار، حسبما أشار البنك المركزي المصري، مؤكداً أن هذه التدفقات تعكس جاذبية السوق المصرية للصناديق والمؤسسات المالية الدولية بالرغم من الأوضاع الإقليمية المتوترة.

تأثير مباشر على قدرة مصر التنافسية

وقال رئيس قطاع البحوث في "برايم" القابضة هاني جنينة، إن قوة الجنيه المصري قد "تؤثر تدريجياً على التنافسية في أسواق التصدير على المدى المتوسط، خاصة إذا استمر الفارق بين معدلات التضخم في مصر وفي الولايات المتحدة عند مستوياته الحالية".

وأشارت رئيسة قسم البحوث لدى "فاروس" القابضة رضوى السويفي، إلى أن كافة القطاعات التصديرية متضررة من تلك القفزة في قيمة الجنيه أمام الدولار، خاصة أن الصادرات تكافح في سبيل التعافي عقب سنوات من التدهور جراء أزمة العملة قبل التعويم، فضلاً عن المشكلات التي تواجه القطاع الصناعي. وأضافت، "إذا نظرت إلى الشركات المصدرة المدرجة في البورصة المصرية ستجد أن نسبة الصادرات إلى إجمالي المبيعات لم تتغير تقريبا". على الجانب الآخر، يرى الفقي أن الشركات المصدرة التي تعتمد على استيراد المواد الخام للتصنيع لن تتضرر بنفس القدر، لأن ارتفاع الجنيه يعني أنها تقوم بشراء مدخلات الإنتاج والخامات بتكلفة أقل وهو ما يوازن التكاليف إلى حد ما.

وأوضحت أن أسهم شركات البتروكيماويات والتكرير والأسمدة والحديد، التي تعتمد على تصدير نسبة كبيرة من إنتاجها تتصدر قائمة الخاسرين أو المتضررين من صعود الجنيه أمام العملة الأميركية، لافتة إلى أنه يعمق من خسائر تلك القطاعات تزامن ارتفاع سعر الجنيه مع تراجع أسعار النفط والسلع الأولية في الأسواق العالمية.

الاستطلاع أشار إلى أن القطاعات التصديرية خاصة الكيماويات بما في ذلك الأسمدة والبتروكيماويات ستكون في مقدمة الخاسرين من تدهور الدولار أمام العملة المحلية، في حين أن قطاع الأدوية يتصدر قائمة المستفيدين لاعتماد الصناعة على استيراد الخامات وبالتالي سيستفيد من تراجع الدولار.

تحديات صعبة أمام الصادرات الزراعية

وفقاً للاستطلاع، قد تواجه الصادرات الزراعية صعوبات إذا واصلت العملة المحلية مسارها الحالي وكسر الدولار حاجز 14 جنيهاً، وفقاً لما ذكره رئيس الشعبة العامة للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، صرح شريف. الجبلي.

وقال عضو الشعبة العامة للمصدرين في الاتحاد العام للغرف التجارية حسام علوان، إن نقطة التحول ستكون بهبوط الدولار دون مستوى 15 جنيهاً، وهو ما يتوقع حدوثه قبل نهاية العام الحالي. وأكد أن استمرار تدهور الدولار له تأثيرات سلبية على تنافسية المنتجات المصرية بالأسواق الخارجية، لافتاً إلى أن قطاع الحاصلات الزراعية بدأ يشهد تراجعاً في أحجام صادراته.

وتابع، "حتى الآن التأثير محدود، إذ يعوض انخفاض تكلفة استيراد مواد التغليف والتعبئة ونولون الشحن بفضل تراجع الدولار فرق التكلفة بالنسبة للمصدرين". ونوه إلى أن شعبة المصدرين تعكف حالياً على إعداد ورقة عمل لعرضها على الحكومة لدراسة خطة التعامل في ملف الصادرات حال مواصلة الدولار في التدهور أمام الجنيه. ولفت الجبلي إلى أن خفض أسعار الغاز للمصانع وصرف المساندات التصديرية من شأنه تقليل التكلفة على المصنعين وتمكينهم من الحفاظ على تنافسية صادراتهم. وأضاف أن هناك فرصة أمام الصادرات المصرية لدخول أسواق جديدة بدلاً عن الصين خاصة في أفريقيا، وهو ما قد يعوض الضرر المحتمل من تراجع التنافسية في بعض الأسواق حاليا.

كيف يتحرك الدولار حتى نهاية 2020؟

الاستطلاع أشار إلى أن بناء توقعات لسعر الجنيه أمر غير ممكن في الوقت الحالي، "فقد أصبحت كل الثوابت متغيرات. هناك حروب تجارية وتباطؤ اقتصادي عالمي وانكماش الاقتصاد الصيني وفيروس كورونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتراجع أسعار النفط والغاز والسلع الأولية عالميا".

ورجح عدد من المشاركين في الاستطلاع، أن يصل متوسط سعر صرف الدولار إلى 16.25 جنيه للدولار في عام 2020. ومع ذلك لم يستبعدوا أن ينهي الدولار هذا العام عند مستوى 15 جنيهاً في حال زيادة التدفقات الدولارية عن التوقعات. حيث توقع بنك الاستثمار "سي آي كابيتال" ارتفاع الدولار إلى 16 جنيهاً بنهاية 2020، لكن البنك يراجع حالياً هذا التوقع.

وتوقع قطاع البحوث في "شعاع" لتداول الأوراق المالية، وصول الدولار إلى 15.5 جنيه بنهاية العام المالي المقبل. ورجحت شركة "إتش سي" للأوراق المالية، وصول الدولار إلى 16.3 جنيه بنهاية العام. فيما توقع "دويتشه بنك" أن يتراجع الجنيه مقابل الدولار إلى 15.5 جنيه بنهاية النصف الأول من 2020، و15 جنيهاً بنهاية العام.

ويعتقد 52.5 في المئة من المشاركين في استطلاع أن يبقى سعر الجنيه بين 15.51 جنيه و16.50 جنيه بحلول منتصف العام الحالي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد