Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسباب فوز ترمب بالمناظرة "الديمقراطية"

يسيل لعاب الرئيس الاميركي لفكرة منافسته "اشتراكياً" ويبدو أنّ الديمقراطيين مستعدون لإعطائه مراده من طريق ترشيح بيرني ساندرز

المرشحة الديمقراطية، السناتور إليزابيث وارن، هاجمت منافسها في الحزب مايك بلومبيرغ (غيتي)

فيما انقضّ المرشّحون الرئاسيون الديمقراطيون على بعضهم بعضاً في نزال سياسي جماعي في لاس فيغاس، برز رابح واحد بوضوح في هذه المعركة هو: دونالد ترمب.

وقالت السيناتور، آيمي كلوبوشار، المرشّحة المعتدلة من ولاية مينيسوتا في إحدى اللحظات خلال تاسع مناظرة للديمقراطيين وأكثرها شراسة "لم نتكلّم بما يكفي عن دونالد ترمب". لكن على بعد بضعة مئات الأميال في مدينة فينكس، لم يكلّ الرئيس من الحديث عنهم.

وصرّح ترمب أمام جمع من المناصرين المحتشدين داخل مكان بحجم قاعة كرة السلّة "نحن نفوز. نفوز أكثر من أي وقت مضى. يواصل ديمقراطيو واشنطن فقدان صوابهم. فهم يكرهون فوزنا. نحن نفوز بدرجات كبيرة. نفوز، نفوز، نفوز".

ولا شكّ أن معدلات تأييده تعكس أنه يفوز- فعلى الرغم من رئاسته الفوضوية وكثرة الفضائح وطرد كبار الموظّفين، بل حتى بالرغم من اتّهامه ومساءلته- ها هو الرئيس يتقدم فعلاً في مساعي إعادة إنتخابه.

ومع أنّنا ما زلنا في بداية الدورة الإنتخابية للعام 2020، تشير استطلاعات الرأي، إذا استعرنا عبارة معدّلة صاغتها السيدة الأولى سابقاً ميشيل أوباما، أنّه عندما يهبط مستوى الديمقراطيين-فيسددون الضربات لبعضهم بعضاً- ترتفع حظوظ ترمب - أو تزيد ارتفاعاً- في استطلاعات الرأي.

وبالفعل، أصدرت غالوب وريل كلير بوليتيكس وغيرها من المؤسسات المختصّة باستطلاعات الرأي هذا الأسبوع أرقاماً تظهر اقتراب نسب تأييد ترمب من 50 في المئة في الاستطلاعات- وتضمنّت هذه الأرقام إما أعلى النسب التي سجّلها يوماً خلال ولايته أو أعلى النسب التي سجّلها منذ نهاية آلية مساءلته.

لكن بدل أن يحاولوا إبطاء تقدّم الرئيس، إنشغل المرشّحون الديمقراطيون بمحاولة تصدّر سباق الترشيح من خلال قذف بعضهم بعضاً بأقسى العبارات الناريّة فيما تخاصموا وتناطحوا في المناظرة الصاخبة.

ومن أهم أسباب فوز ترمب تلك الليلة فيض اللكمات التي تلقّاها عمدة نيويورك السابق مايك بلومبيرغ من زملائه الديمقراطيين، بالإضافة إلى أدائه الضعيف. فقد بدا عليه أنّه غير مستعدّ معظم الليلة إذ اكتفى بقلب عينيه أكثر مما سدّد ضربات نظريّة لمنافسيه.

ومن الواضح أنّ بلومبيرغ كان يشغل بال ترمب قبل حلول تلك الليلة، مع تقدم عمدة نيويورك السابق في استطلاعات الرأي قبيل مشاركته الأولى في المناظرات الإنتخابية. فقد سخر منه في فعالية حول السياسات المائية في كاليفورنيا في وقت سابق من النهار إذ غمز من قناة قصر قامة بلومبيرغ ودعاه "مايك المصغّر" (ميني مايك).

كما هو الحال مع المرشحين الديمقراطيين الآخرين، يتقدّم عمدة نيويورك السابق على الرئيس الحالي في استطلاعات الإنتخابات العامة التي يتنافسان فيها مباشرة نظرياً- بهوامش أكبر في بعض الأحيان من هامش الخطأ في الإستطلاع. وقاطع الرئيس فعّالية بيكرزفيلد كي يخبر الحشد أنّ "ميني مايك لا يحترم المزارع". وكان يشير إلى تعليقات أدلى بها مواطنه النيويوركي في العام 2016 بشأن الإقتصاد المتغيّر مما دفع بحملة بلومبيرغ الانتخابية إلى الردّ على الرئيس متّهمةً سياساته بإلحاق الأضرار المالية بالمزارعين.

لكن للحقيقة، غادر بلومبيرغ مدينة الخطيئة بحال أسواً من الناحية السياسية من تلك اللحظة التي دخل فيها مسرح المناظرة باعتباره أقوى منافسي السيناتور بيرني ساندرز، "الديمقراطي الإشتراكي" من ولاية فيرمونت الذي يتصدّر السباق على تسمية الحزب على مستوى البلاد.

وقالت السيناتور إليزابيث وارن المرشحة التقدّمية من ولاية ماساتشوستس التي هاجمت جميع الموجودين على الخشبة- ولا سيّما العمدة السابق والملياردير "يخاطر الديمقراطيون كثيراً إن اكتفوا باستبدال مليارديرٍ متعجرفٍ بآخر".

وأوضحت وارن في أحد أقسى تعليقاتها خلال المناظرة "أريد أن أتكلّم عن هوية الشخص الذي ننافسه. هو ملياردير يلقّب النساء بالبدينات والسحاقيات القبيحات. كلّا، لست أتكلّم عن دونالد ترمب. بل عن العمدة بلومبيرغ".

وتابعت "لن يفوز الديمقراطيون إن كان مرشّحنا شخص لديه تاريخ من إخفاء عوائده الضريبية ومضايقة النساء ودعم السياسات العنصرية مثل التمييز في القروض والخدمات وسياسة التوقيف والتفتيش" زاعمةً أنها سوف تولي "الدعم لأي مرشّح ديمقراطي بغض النظر عن هويته".

لكن لا شك في أنّ رأيها في بلومبيرغ، في حال نجح بانتزاع ترشيح الحزب، لفت انتباه حملة السيد ترمب الإنتخابية. وسيبدو أي دعم قد تقدّمه له في الإنتخابات، بعد انتقاداتها اللاذعة له، دعماً مزيّفاً بالنسبة للناخبين على الأرجح.

وقدّم الرئيس بالفعل لمحة عن هجوم محتمل ضدّها تزامن تقريباً مع تصريحها.

فقال ترمب، في إشارة إلى اللقب الساخر الذي أعطاه لوارن تعليقاً على تصريحاتها الكاذبة بأنها تتحدّر من سلالة من السكان الأميركيين الأصليين "أتعلمون؟ لقد ابتكرت لقب بوكاهونتاس في وقت أبكر من اللازم. هل سبق أن رأيتم شخصاً مزيّفاً إلى هذا الحدّ؟ إنها مصطنعة".

لكن في نهاية هجوم المرشّحين الديمقراطيين على بلومبيرغ وتوجيههم سهام النقد نحو بعضهم بعضاً، خرج ساندرز من العملية سالماً إلى حدٍ بعيد. مما يعني أنّ الحزب الديمقراطي يمشي على مسار –عليكم أن تعلموا أنّه طويل- تسمية شخص يصف نفسه بأنه اشتراكي في وقت يسيل لعاب ترمب وحملته الإنتخابية من أجل منافسة ديمقراطي لديه ميول كبيرة نحو اليسار يستطيعان تصويره على أنّه اشتراكي يريد سلب الأميركيين أموالهم من أجل إعطائها إلى أشخاص يبدون غريبين عنهم: أقلّيات متدنية الدخل، ومهاجرين غير شرعيين وفقاً للرئيس.

 وصاح الرئيس أمام الجمع الذي قابل كلامه بالإستهجان أنّ الديمقراطيين يريدون "رفع ضرائبكم وتشريع حدودكم وتقديم الرعاية الصحية المجانية للمهاجرين غير الشرعيين و ...القضاء على التعديل الدستوري الثاني".

وحذّر ترمب مناصريه من أنّ "ديمقراطيي واشنطن لم يكونوا يوماً أكثر تطرّفاً، فهم يلحقون بيرني ساندرز المجنون. كيف يبلي الليلة؟ إنضمّ 132 ديمقراطي في الكونغرس إلى خطة الرعاية الصحية التي وضعها للإستيلاء على العالم. تخيّلوا هذا الواقع: سوف يخسر 180 مليون أميركي تأمينهم الصحي بموجب هذه الخطة".

لكن من الجهة المقابلة للصحراء، عمل ساندرز على تقديم خطته على أنها أكثر المواضيع ملاءمة لإقناع الناخبين بالتصويت لصالح الديمقراطيين في نوفمبر (تشرين الثاني) وإبعاد ترمب عن منصبه. أمّا جدول أعماله المقترح، فيقول عنه الخبراء الإقتصاديون بما فيهم خبراء الإقتصاد الديمقراطيين، إنه سيتطلّب تغييراً جذرياً في الاقتصاد الأميركي الذي تتدنى نسبة البطالة فيه ويبني عليه ترمب رسالته الأساسية في حملة إعادة انتخابه.

وفي معرض هجومه على بلومبيرغ الذي يحاول تصوير نفسه على أنّه الديمقراطي الوحيد الذي يستطيع التغلّب على الرئيس الأرعن، قال ساندرز "من أجل هزيمة السيد ترمب، سنحتاج إلى مشاركة أكبر عدد من المقترعين في تاريخ الولايات المتّحدة في هذه الإنتخابات. لكن السيد بلومبيرغ إنتهج سياسات توقيف وتفتيش فجائية في نيويورك استهدفت الأميركيين من أصل أفريقي ولاتيني بطريقة صارخة. ولن تزيد نسبة الناخبين بهذه الطريقة".

وأضاف "تدور حركتنا حول اجتماع أفراد الطبقة العاملة، من سود وبيض ولاتينيين وسكان أميركيين أصليين وأميركيين من أصل آسيوي، حول جدول أعمال يعود بالفائدة علينا جميعاً وليس على طبقة المليارديرات فقط. ويرى جدول الأعمال هذا أنه ربّما، ربّما فقط، علينا الإنضمام إلى باقي العالم الصناعي في ضمان الرعاية الصحّية لجميع الناس باعتبارها حقاً إنسانياً ورفع المعدّل الأدنى للأجور ليصبح 15 دولاراً في الساعة أي ليصبح أجراً يسمح بالعيش والتحلي بالشجاعة من أجل التصدّي لقطاع الوقود الأحفوري لأنّ مكاسبه على المدى القصير ليست أهمّ من مستقبل هذا الكوكب والحاجة إلى التصدّي لتغيّر المناخ".

وفي هذه الأثناء، في فينكس تناول الرئيس التحقيق في إدارته وفي حملته الانتخابية عام 2016 قائلاً "فيما أضاع اليسار المتطرّف وقت أميركا بالأكاذيب، ركّزنا من جهتنا على قتل الإرهابيين واستحداث الوظائف ورفع الأجور ووضع اتفاقات تجارية عادلة وحماية حدودنا والإرتقاء بمستوى مواطنينا من كافة الأعراق والألوان والديانات والمعتقدات".

ومع بروز ساندرز باعتباره الديمقراطي الذي يرجّح أن يواجه الرئيس، لا تشير مؤشرات كثيرة إلى استعداد الحزب لتوحيد صفوفه. كما زرع بلومبيرغ الذي سعى لانتزاع عباءة الإعتدال من غيره في هذا المجال، بذار شكّ كبير في قدرة "الإشتراكي الديمقراطي" على إنجاز المهمّة في نوفمبر (تشرين الثاني).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلّق، مستبعداُ الموضوع "لا أعتقد بوجود أدنى احتمال لهزيمة الرئيس ترمب على يد السيناتور. لا تستهلّ حديثك بقولك سوف أحرم 160 مليون شخص من التأمين الصحي الذي يحبونه. ما هكذا يؤسس التحالف الذي تعتقد حملة ساندرز أنها قادرة على بنائه. لا أؤمن بوجود أدنى فرصة أمامه".  

ولا السيد ترمب مؤمن بهذه الفرصة. ولذا يتحرّق شوقاً لـ"الإحساس بلسعة بيرني" كما يقولون في الإنتخابات العامة.  

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات