Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شكوى إسرائيلية لا تميّز بين الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية الدوليَة

"السلطة الفلسطينية ستقف في وجه الشكوى ضدّ حماس وتدافع عنها على الرغم من الاختلاف السياسي"

إسرائيل لم تسمح لأيّ لجنة تحقيق دولية بممارسة عملها في فلسطين (أ. ف. ب)

"ضربني وبكى سبقني واشتكى"، مثل شعبي فلسطيني يبدو أنه ينطبق على إسرائيل التي تعتزم تقديم شكوى ضدّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس، وحركة حماس، في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. 
وأعدّت الشكوى منظمةُ "هإيميت شيلي" (أي حقيقتي) الحقوقية الإسرائيلية، وتحمل أربعة بنود، الأول يضم شهادات لجنود إسرائيليين باستخدام "حماس" الأطفال دروعاً بشرية، والثاني يتحدث عن ترويع نحو 33 جندياً أثناء الاقتحام البري لغزة، والثالث إطلاق حماس صواريخ على بلدات غلاف غزة، والرابع ارتكاب عباس جرائم ضدّ الفلسطينيين. 
للمفارقة، فإنّ الجيش الإسرائيلي قتل في عدوانه على غزّة عام 2014 نحو 2147 فلسطينياً، من بينهم 541 طفلاً و250 سيدة و95 مسناً، وأصاب عشرة آلاف و196 بجروح. كما سقط في "مسيرات العودة" نحو 265 قتيلاً، في حين اتُهم الجنود الإسرائيليون باستخدام الغاز الأزرق المحرّم. 

المواجهة الفلسطينية 
 
في المقابل، صرح عضو المجلس الثوري في حركة فتح طلال دويكات لـ"اندبندنت عربية" أن "السلطة الفلسطينية ستقف في وجه الشكوى ضدّ حماس، وتدافع عنها على الرغم من الاختلاف السياسي"، لافتاً إلى أن "المشكلة الحقيقية في الشرق الأوسط هي إسرائيل التي ترتكب جرائم الحرب". 
وأكّد دويكات أن فلسطين أعدّت ملفاتها ورفعتها إلى محكمة الجنايات، وفيها شهادات واضحة ودلائل قويّة على الجرائم الإسرائيلية، مشيراً إلى أن "منع مندوب الجنايات الوصول إلى الأراضي الفلسطينية يدلل على خوف الاحتلال من العدالة الدولية". 
ورأى أن "الاحتلال يُمعن في اضطهاد الشعب الفلسطيني في القدس ويُهَوِّدُ المدينة، ويصادر الأراضي ويمارس الاستيطان في الضفة الغربية، ويقتل الأطفال والمدنيين في قطاع غزّة، ويقلب الآية في رفعه قضية ضدنا لمحاولة تغيير الحقائق". 
 
"حماس" ستتعاون 
 
أفاد مصدر في "حماس" لـ "ندبندنت عربية" بأن الحركة ستتعاون مع الرئيس محمود عباس ومكونات السلطة الوطنية ضدّ إسرائيل، "لتقديم كلّ الأدلة على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزّة دحضاً لادعاءات الاحتلال، أمام محكمة الجنايات الدوليّة". 
وأفصح مصدر من الحركة أن "حماس" درّبت عناصرها في "كتائب القسام" (جناحها العسكري)، على العمل في أي مواجهة عسكرية مستقبلية وفق القانون الدولي، لعدم ارتكاب جرائم حرب، والتوثيق المباشر لكلّ الانتهاكات أثناء المعارك، مؤكداً امتلاك الحركة "ملفات قويّة تثبت جرائم الحرب الإسرائيلية". 
بدوره، صرح عضو المجلس التشريعي عن حركة حماس أحمد أبو حلبية لـ "اندبندنت عربية" أن "المنظمات الدولية والحقوقية باتت مسيّسة وغير معنية في تطبيق القانون الدولي والانساني، وتصنّف الاحتلال على أنّه فوق القانون"، معتبراً أن "كل قضية ضدّ إسرائيل لن نلاحظ فيها أيّ تقدم قانوني". وأضاف أبو حلبية "يحاول العدو استباق الأمور، ويدّعي أن حماس تقوم بجرائم حرب بحق جنوده، لكن الدعوة لن تنجح لأن حماس حركة مقاومة وفق القانون، ولديها لجنة رصد لكلّ جرائم الاحتلال في غزّة". 
 
من الناحية القانونية 
 
وتشكلت المحكمة الجنائية الدوليّة وفق قرار مجلس الأمن، وأصبحت فلسطين عضواً فيها في العام 2014، في حين لم تنضم إسرائيل إليها حتى اليوم. وتعمل "الجنائية الدولية" وفق "نظام روما" 1998، الساري على الدول الموقعة الـ 124، وتالياً لا يمكن إسرائيل أن تقدّم شكوى أمام تلك المحكمة، ولكن يمكن مؤسساتٍ حقوقية أو دولاً صديقة لها القيام بذلك. 
وتُخصص "الجنائية الدولية" وفق نظامها لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم تقع ضمن اختصاصها. وتتطرق إلى جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان.
وعملت فلسطين منذ انضمامها على تأسيس لجنة لمتابعة جرائم الاحتلال، مؤلّفة من كلّ الفصائل الفلسطينية ووزارة الخارجية، ولجنة حقوقية مكونة من مؤسسات "الضمير" و"الميزان" و"الحق"، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. 
المدعية العامة فتحت دراسة أولية للحالة في فلسطين وما زالت الدراسة الأولية مستمرة، ويمكن مؤسسات حقوقية وحكومية تقديم معلومات للمحكمة. 
وبحسب نظام روما المنشىء للمحكمة، فإنّها مختصة بمحاكمة الأفراد وفق قواعد المسؤولية الجنائية الفردية على جرائم محتملة تدخل في نطاق اختصاصها، المتمثل في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرام الحرب وجريمة العدوان. 
وقد عملت فلسطين منذ انضمامها للمحكمة على تأسيس "اللجنة الوطنية العليا للمحكمة الجنائية الدولية" لمتابعة جرائم قادة الاحتلال الإسرائيلي التي تدخل في اختصاص المحكمة.

وهنالك لجنة حقوقية (المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان والحق والميزان والضمير والهيئة المستقلة لحقوق الانسان). يقول المستشار القانوني في مؤسسة "الحق" عصام عابدين إن "جرائم اختصاص المحكمة لها طبيعة وصور واضحة في نظام روما، وشكوى إسرائيل من "ترويع جنود" غير مهنية وليست من اختصاص "الجنائية الدولية". وأضاف عابدين أن "قوات الاحتلال ارتكبت جرائم دولية خلال الهجمات العسكرية التي شنتها على غزّة عام 2014 يمكن أن تقع ضمن اختصاص المحكمة تحت عناوين جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية وصورها المبينة في نظام روما كالقتل العمد، والاضطهاد، والفصل العنصري (الأبارتهايد)، وتدمير الممتلكات بما فيه هدم المنازل، والنقل القسري بما فيه نقل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين خارج الأرض المحتلة وغيرها، وهي صور لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واردة في النظام الأساسي للجنائية الدولية.

وبيّن أن "تقرير المؤسسات التي قدّمت ملفات جرائم الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية، أظهر أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في عدوان ممنهج وضمن سياسة دولة، وهناك تصريحات من مستوى رسمي بوجود بنك أهداف للاحتلال". 
ولفت إلى أنّ إسرائيل، السلطة القائمة باحتلال، لم تسمح لأيّ لجنة تحقيق دولية بممارسة عملها في فلسطين أو إسرائيل، للتثبت من حقيقة مزاعمها بشأن وقوع جرائم تدخل في اختصاص المحكمة، وفي المقابل فإنّ إسرائيل تقرر بأنّ الفلسطيني يرتكب جريمة بحقهم من خلال إطلاق الصواريخ وهجمات عشوائية على المدنيين واستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة دروعاً بشرية من دون السماح للجنة التحقيق الدولية بالتحقيق المهني والمستقل على الأرض من دون أدلة موثوق بها على مزاعمها. 
وأشار إلى أن المدعي العام لا يقبل الشكوى إلا وفق معلومات موثوق بها، تعتمد على أسس مهنية متعلقة بالتقارير المقدَمة والمعاينة والمتابعة، وهناك خطوات عدة تمرّ بها الشكوى في مكتب الادعاء في "الجنائية الدولية". 
وتابع أن قرارات "المحكمة الجنائية" ملزِمة، وعقوباتها سارية على الأشخاص، "وتعمل وفق مبدأ التكاملية، الذي يتيح لدولة ما معاقبة مرتكبي الجرائم أو تتولى الجنايات ذلك. وفي حال التهرب من تطبيق القانون فإنّ الشخص يبقى ملاحقاً حتى تطبيق الحكم". 
وقال إن "إسرائيل تمنع لجنة تقصي الحقائق من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، ولا تتعاون معها، وتنكر العدالة الدولية، وتضغط على الجهات التي تموّل المحكمة وتبذل جهوداً كبيرة وتستخدم النفوذ لعرقلة عمل الجنايات"

المزيد من الشرق الأوسط