Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موسوعة عن بصمات السرطان على الحمض النووي

ألف فريق علمي يتعمق في دراسة الأصول الوراثية للأورام الخبيثة الفردية

كل نوع من السرطان يترك أثراً خاصاً به على جينوم الأفراد (مِثودزمان.كوم)

أُعِدّت قائمة ضخمة بالتغيّرات الدقيقة التي يحدثها مرض السرطان في الحمض النووي للخلايا البشرية، وقد جُمِعَتْ بعناية من قبل علماء في جميع أنحاء العالم، لتقديم فهم جديد عن طريقة تطوّر الداء، وبلورة سُبُل علاج المصابين به. [تذكيراً، السرطان ليس مرضاً مفرداً، بل تشمل مظلته مجموعة كبيرة من الأورام الخبيثة].

وفي ذلك الإطار، عمل مشروع "بان- كانسر" بالتعاون مع أكثر من ألف و300 عالمٍ وطبيب من سبع وثلاثين دولة، على تحليل أكثر من ألفين و600 جينوم من ثمانيةٍ وثلاثين نوعاً مختلفاً من الأورام الخبيثة. وستتيح هذه الدراسة للعلماء إمكانية البحث عن موادّ كيماوية لم تكن معروفةً في السابق، وعن عمليات بيولوجية وعوامل بيئية مسؤولة عن التسبّب في مرض السرطان.

ومن المتوقّع أن تساعد ورقة البحث التي نُشرت اليوم في مجلة "نايتشر" إلى جانب اثنتين وعشرين دراسة اخرى كجزء من مشروع "بان- كانسر"، الأطباء على فهم أسباب السرطان، والإبلاغ عن استراتيجيّات الوقاية منه في المستقبل، والمساعدة في تحسين التشخيص والعلاج.

ويمثّل المشروع استكشافاً دولياً "غير مسبوق" للتركيب الجيني للأورام السرطانية، ما قد يحسّن بشكل كبير الفهم الأساسي لهذا المرض. وفي المملكة المتّحدة، تُشخّص إصابة فردٍ بالسرطان كلّ دقيقتين، مع وجود نحو ثلاثمئة وثلاثٍ وستين ألف حالة إصابة جديدة بذلك المرض سنوياً. ويتسبّب المرض في وفاة نحو مئةٍ وخمسة وستين ألف شخص سنوياً في المملكة المتّحدة.

وفي العادة، يحدث السرطان بسبب تغيّرات جينية في الحمض النووي للخلايا البشرية، ما يسمح للخلية بالانقسام بشكل لا يمكن السيطرة عليه. ويحدّد العمل الذي أنجزه العلماء "التوقيعات التغييرية" [بمعنى الآثار الجينية] التي يخلفها السرطان في الحمض النووي، وتُشَبَّهْ بالبصمات الوراثية. ويوجد أسباب كثيرة معروفة للسرطان مثل ضوء الأشعة ما فوق البنفسجية وتدخين التبغ، وتترك بصماتٍ تغييرية محدّدة في الحمض النووي.ولم تكن الدراسات السابقة كبيرة بما يكفي لتحديد جميع "التوقيعات التغييرية" المحتملة، لكن يمكن تشبيه البحث الجديد برسم المعالم الداخلية للقارّات، وعدم الاكتفاء برسم حدودها الخارجية.

وفي ذلك الصدد، صرح البروفيسور مايك ستراتون أحد كبار مؤلفّي الدراسة ومدير  معهد "ويلكوم سانجر"، إنه "باستخدام هذه القائمة التفصيلية التي أعددناها عن مجموعة من التوقيعات التغييرية في الحمض النووي للسرطان، سيتمكّن الباحثون في جميع أنحاء العالم الآن من استكشاف المواد الكيماوية أو العمليات المرتبطة مع تلك "التوقيعات". ومن المتوقّع أن يؤدي ذلك إلى زيادة فهمنا لطريقة تطوّر السرطان واكتشاف أسباب جديدة لهذا المرض، ما قد يساعد في تقديم معلوماتٍ لاستراتيجيّات الصحّة العامّة عن سبل الوقاية من الداء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق مُشابِه، يرى الدكتور لودميل آلكساندروف، مؤلّف أول للدراسة من جامعة كاليفورنيا في "سان دييغو"، أن البحث "حدّد تقريباً جميع الجينومات المتاحة والمعروفة عن السرطان، وقد تحقق ذلك في بداية هذا المشروع. ولقد عملنا على تحليل تسلسل الجينوم بأكمله. وأتاحت لنا البيانات المتوافرة عن آلاف من السرطانات بوصف "التوقيعات التغييرية" بالتفصيل أكثر من الأوقات السابقة. ونحن على ثقة بأننا بتنا الآن نعرف معظم "التواقيع" الموجودة".

ويُعدّ مشروع "بان- كانسر" العالمي الدراسة الأكبر، والبحث الأكثر شموليةً للجينومات الكاملة للسرطان حتى الآن. وفي سياقه، توصّل التعاون العلمي إلى صنع موردٍ هائلٍ من المعلومات عن التغييرات الجينية الأولية للمرض، وبات هذا المورد متاحاً للباحثين في جميع أنحاء العالم، من أجل تعزيز البحوث المتعلّقة بالسرطان.

ويوضح الدكتور بيتر كامبل، من معهد "ويلكوم سانجر" وعضو اللجنة التوجيهية لمشروع "بان- كانسر" أن "عمل المشروع بأكمله ساعد في الإجابة على معضلة طبّية طويلة الأمد تتمحور حول السؤال عن السبب في الاختلاف في استجابة مريضين مصابين بالنوع نفسه من السرطان ظاهرياً، وعلى الرغم من تلقّيهما الدواء نفسه.

وأضاف، "أظهرنا في البحث أن أسباب هذه الآثار المختلفة للعلاج مكتوبة في الحمض النووي. إن جينوم سرطان كلّ مريض هو فريد من نوعه، لكن توجد مجموعةٌ محدودة من الأنماط المتكرّرة في الحمض النووي، لذلك يمكننا الآن من خلال الدراسات الكبيرة الكافية، تحديد جميع تلك الأنماط، لتحسين التشخيص ومعالجة الإصابة بالسرطان".

وإضافةً إلى معهد "ويلكوم سانجر"، نفّذت هذا العمل مؤسّسات عدّة منها كلية الطب "ديوك- إن يو إس" في سنغافورة، وكلية الطب في "جامعة كاليفورنيا في سان دييغو"، ومعهد "برود إنستيتيوت" التابع لـ"معهد ماساشوستس للتقنية"، و"جامعة هارفرد"، و"مستشفى جامعة ساوثامبتون" في المملكة المتّحدة.

وفي ذلك الصدد، بيّن البروفيسور تيم أندروود الاستشاري في جراحة الجهاز الهضمي في "مستشفى جامعة ساوثامبتون"، وأستاذ جراحة الجهاز الهضمي في "جامعة ساوثامبتون" إنه "فخور بأن المرضى والأطبّاء من ساوثامبتون اضطلعوا بدورٍ في هذه الدراسة الدولية البالغة الأهمية التي قدّمت نظرةً عميقة في ما يتعلّق بالحمض النووي للسرطانات، لم تكن موجودة لدينا من قبل".

وفي نفسٍ مُشابِه، لفت تيم دودريدج الاستشاري في جراحة المسالك البولية في "مستشفى جامعة ساوثامبتون" إلى إن "المشاركة في بحثٍ من هذا النوع يجعلني راغباً في العمل بالمستشفى الجامعي" وأضاف، "في هذه الحالة، توفّر البحوث التي شارك فيها أكثر من الف عالمٍ وطبيب، التفاصيل التي سنحتاج إليها لفهم سبب اختلاف الإصابة بالسرطان لدى كلّ شخص وحاجته إلى علاجٍ مختلف... نحن نقترب خطوةً اخرى من التوصّل إلى علاج شافٍ لمرض السرطان يعمل على المستوى الفردي".

© The Independent

المزيد من صحة