Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الحرية" تعيد الجمهور التونسي إلى صالات السينما

لطالما أنجبت تونس سينمائيين كباراً قدموا إضافة مهمة، على الرغم من قلة عدد الأفلام مقارنةً بما تقدمه السينما المصرية

أحد دور السينما في تونس العاصمة. (إندبندنت عربية)

أعادت الحرية إلى السينما التونسية شبابها وتألقها، فبعد أن كانت تنتج فيلماً كل عام قبل الثورة جراء محاصرة مساحة الإبداع الفني، قفزت في السنوات الثماني الأخيرة قفزات عملاقة جعلتها أقرب إلى التحوّل من إنتاج الأفلام إلى صناعة السينما.

وعُرضت ثلاثة أفلام تونسية في وقت واحد في صالات السينما، ودفعت بعدد كبير من الشباب إلى مشاهدتها، هي فيلم "دشره" أول فيلم رعب تونسي، وفيلم "بورتو فارينا" الذي يقدم رؤية كوميدية ساخرة لواقع اجتماعي تعيشه تونس اليوم، وأخيراً فيلم "فتوى" الذي يطرح ظاهرة التطرّف بين الشباب.

شباب يصنع السينما

ويعتبر الناقد السينمائي خميس الخياطي هذا التنوّع والعدد المهم للأفلام التونسية، في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أنها "ليست ظاهرة جديدة"، وأن "ذهاب الجمهور إلى السينما لمشاهدة أفلام تونسية متواصل. ففي الثمانينيات والتسعينيات كان الحضور كبيراً، لكن بعدها انتكس الأمر حتى سقوط نظام (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي. واليوم عودة الجمهور سببها حرية التعبير، ومن شباب يصنع السينما".

ورأى الخياطي أنه "مع الثورة ظهر جيل سينمائي شاب رافض، اتهم الجيل الذي سبقه، بأنه كان يعمل لمصلحة النظام. وقُدّمت أفلام مهمة مثل فيلم بابيلون الوثائقي الذي أُنجز مع بداية الثورة، ثم فيلم "إسماعيل"، كما أُنجزت أفلام عدة ذات قيمة فنية مهمة وفيها جرأة في السرد". وتابع الخياطي أن "الأفلام التونسية كانت تشارك وتُعرض في المهرجانات العربية والدولية كاعتراف بقيمتها، لكن في تونس، حتى اليوم، لم تبدأ صناعة سينمائية كاملة بالمعنى الحرفي للمهنة. والجيل الجديد من المخرجين درس السينما وأكثرهم مثقفون ومتابعون للسينما العالمية، ما ينقصهم هو المزيد من الإنتاج السينمائي بسبب ضعف التمويل ونقص عدد قاعات السينما في المدن التونسية ما يحرم الجمهور من مشاهدتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تميّز سينمائيّ تونسي

كانت تونس على امتداد تاريخها، تضمّ سينمائيين كباراً قدموا إضافةً مهمة على الرغم من قلة عدد الأفلام مقارنةً بالسينما المصرية، لكنها تركت بصمات مهمة في السينما العربية والأفريقية، ومهرجان "أيام قرطاج السينمائية" الذي انطلق في ستينيات القرن الماضي أسهم كثيراً في تطوير السينما التونسية وجعلها عاصمة للسينما الأفريقية. ومن أهم ما يميّز السينما التونسية في السنوات الثماني الأخيرة، العدد الكبير للأفلام التي أُنتجت، وتأثير مساحة الحرية في صناعة سينما متحررة خلاقة مبدعة تحصد أهم الجوائز وتشارك في أهم المهرجات الدولية.

وحقّق فيلم "الجايدة" للمخرجة سلمى بكار عن أوضاع المرأة التونسية، إقبالاً لافتاً إذ حضره 200 ألف شخص تقريباً، وكان أكثر الأفلام التي شهدت إقبالاً منذ 15 سنةً. كما فاز فيلم "نحبك هادي" للمخرج محمد بن عطية، الذي عالج قضية تحرّر شاب تونسي محافظ، بجائزتين في العام 2016 في مهرجان برلين الدولي. وأُدرج فيلم "على كفّ عفريت" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي يَعرض صعوبات واجهت امرأة تونسية تعرّضت للاغتصاب، ضمن مسابقة "نظرة ما" في مهرجان كان الدولي، وهو مقتبس من واقعة اغتصاب فتاة من قبل رجال أمن، هزّت الرأي العام في تونس في العام 2012. كما رُشِّح فيلم "ولدي" لمحمد بن عطية لمسابقة "أسبوع المخرجين" في مهرجان كان، ومن خلاله صوّر المخرج حياة أبٍ تونسيٍ من الطبقة الوسطى، يعيش اضطراباً مع قرار ابنه السفر للقتال في سوريا.

مستقبل واعد ومهدّد

أما إبراهيم لطيف مخرج فيلم "بورتو فارينا" الكوميدي - الاجتماعي الذي حاز نسب مشاهدة قياسية، فصرح إلى "اندبندنت عربية" بأن "إقبال الشباب على السينما يعود لكونها أصبحت أحد مراكز الترفيه"، مضيفاً أن تعدّد نوعيات أفلام "سينما المؤلف" أسهم في تزايد الإقبال عليها. وأضاف لطيف أن "السينما التونسية أكثر شجاعة في التطرّق إلى مواضيع جديدة وجريئة، ما خلق تحولاً مهماً إذ بدأ ما يمكن تسميته السينما التونسية بعدما كانت في السابق مجرّد أفلام تونسية". وأوضح لطيف أن "السينما التونسية تسعى إلى الخروج من مفهوم سينما النخبة، وهناك محاولات مهمة لذلك، ما خلق تنوّعاً وجيلاً جديداً من السينمائيين الشباب سيكون لهم دور كبير ومميّز في صناعة السينما". ورأى أن "غياب نجم شبّاك التذاكر أسهم في توسيع الاهتمام بالأفلام وليس بالأبطال، كما أن كلّ ممثلي السينما في تونس، مسرحيون ولا يوجد ممثل سينمائي، ما خلق مساحة كبيرة من الاختيارات لفنانين أبدعوا في تأدية أدوارهم بتميّز عن بطل الشبّاك الذي يدور الفيلم حول شخصيته".

واعتبر لطيف أن "السينما أسهمت مع بعض المفكرين والمثقفين في الدفع بالحوار بين الشباب في كثير من القضايا التي كانت مصنّفة ضمن المحرّمات، لكن نقص عدد صالات العرض داخل بقية المدن التونسية، يقلّص هذه المساحة"، معتبراً أن "نجاح الأفلام في استقطاب الجمهور سيشجّع رأس المال على الاستثمار في إنشاء قاعات جديدة إلا أن ذلك يحتاج إلى تشجيع من الدولة ودعمها".

المزيد من فنون