Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قضاء حزب الله" يقاطع مطعما لبنانيا بسبب سليماني

"بدأ بفرض ثقافته بشكل واضح في كثير من المناطق الشيعية"

صورة للمطعم الذي رفض أصحابه الاحتكام لقضاء "حزب الله" وفضّلوا اللجوء للقضاء اللبناني (فيسبوك)

مسألة جدلية جديدة تُضاف إلى سجل "حزب الله"، الحافل بقضم سيادة الدولة اللبنانية التي ترزح تحت أزمة اقتصادية اجتماعية حادة وبمصادرة قراراتها السيادية.

تغيير وجه لبنان

في السياق، يشير مصدر منشق عن "حزب الله" إلى أن "مشروع الحزب في لبنان لا يحمل بعداً سياسياً وعسكرياً فقط، إنما هو مشروع مذهبي متطرف يسعى إلى تغيير القواعد الثقافية والاجتماعية للنسيج اللبناني"، مضيفاً أن "الحزب بدأ بفرض ثقافته بشكل واضح في كثير من المناطق الشيعية، وأنه منع خلال الصيف قيام عددٍ كبيرٍ من الحفلات والمهرجانات بحجة انتهاكها القيم الإسلامية".

ويؤكد المصدر أن "للحزب مجلساً قضائياً خاصاً يصدر أحكامه بحق مواطنين لبنانيين، ويلزمهم عنوة تنفيذ القرارات القضائية الصادرة عنه"، قائلاً "أحكام المجلس القضائي منوّعة، تبدأ بفرض غرامات على المحكومين وتصل إلى عقوبة السجن لسنوات عدة، تُضاف إليها عقوبة الإعدام في حالات خاصة ووفق آليات خاصة أيضاً". ويشرح آلية عمل هذا المجلس الذي يرأسه رجل دين فقيه بمثابة قاضي القضاة، ويتولّى بنفسه مسؤولية محكمة الاستئناف ويضم المسؤولين القضائيين في المناطق الذين يتابعون عمل أفراد التنظيم لفصل النزاعات، والحكم في تجاوز الحدود الشرعية وإرجاع الحقوق إلى أصحابها كما يتولى هذا المجلس بتّ مخالفات الأعضاء للقرارات الحزبية والتنظيمية.

الحجة إيمان...

ويلفت المصدر نفسه إلى أن قرار رئيس المجلس التنظيمي المركزي منع كل أفراد "حزب الله" أو المؤسسات التابعة له التردد إلى مطعم "مرجوحة" بفرعَيْه الحدث وصور، يأتي تنفيذاً للقرار القضائي، وذلك بسبب رفض أصحاب المطعم الاحتكام إلى قضاء الحزب واللجوء إلى قضاء الدولة اللبنانية في قضية مالية طرفها الثاني، أحد "الإخوة المجاهدين"، وفق بيان مسرب عن المكتب التنظيمي المركزي في الحزب.

وفي التفاصيل، يروي مصدر مطلع أن خلافاً نشب بين صاحبة المطعم الحجة إيمان م. ونجل أمين عام "حزب الله" جواد نصر الله، على خلفية نشر صاحبة المطعم على "تويتر" صوراً لها مع قاسم سليماني أثناء زيارتها إيران، إضافة إلى بعض التعليقات الشخصية على حديث خاص معه تظهر سماته الإنسانية، وعلاقتها الوثيقة به، لكن جمهور الحزب شنّ حملة عليها، معتبراً أن نشر هذه الأمور الشخصية مسيئة لسليماني. وتعرضت صاحبة المطعم وهي زوجة المسؤول في "حزب الله" و"المليونير" محمد جعفر قصير، لانتقادات لاذعة من إعلاميي قناة "المنار" التابعة للحزب، الذين دعوها إلى "الكف عن الإساءة لقدسية الشهداء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف المصدر أنه "فور تصاعد وتيرة النقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دخل جواد نصر الله على الخط، مطالباً الحجة إيمان بمسح منشوراتها عن سليماني، لكنها رفضت الأمر ووجهت له كلاماً حاداً، فأصدرت محاكم الحزب قراراً بمنع جميع أعضائه من التردد إلى مطعمها، بذريعة خلافات مالية مع أحد أعضاء الحزب، ولجوء صاحبة المطعم إلى القضاء اللبناني لحل هذه الخلافات".

ويؤكد المصدر أن "الجيوش الإلكترونية التابعة للحزب شنّت حملة تبليغات على حساب الحجة إيمان، إلى أن أُلغيت حساباتها على مواقع التواصل".

قضاء... "غب الطلب"

في هذا السياق، يقول المحامي أمين بشير إنه يتحتم على أي مجموعة مذهبية في لبنان أن تندمج في الدولة، "أما أن تنشئ مجموعة لنفسها نظام مصالح خاص، فهذه جريمة كبرى تعتبر بالنسبة إلى القانون اللبناني نوعاً من التحريض على العصيان والخروج عن النظام العام وخطوة في اتجاه الخيانة العظمى"، ويضيف "نحن في دولة تقول دائماً إننا سواسية أمام القانون وإن من يخرق القانون لا بد من أن يتعرض للمساءلة من منطلق المبدأ القانوني العام، المساواة أمام القانون ومبدأ المساواة أمام الأعباء العامة أيضاً".

ويرى أن "المشكلة الأساسية في لبنان أن السلطة القضائية تستمد قوتها من السلطة السياسية وليس من القانون. بالتالي، مَن كان من الأطراف السياسية هو الأقوى والمسيطر يحوّل القانون إلى وجهة نظر، يُستخدم غب الطلب"، قائلاً "عوّدنا القضاء في لبنان على أنه قضاء غب الطلب لا يتحرك سوى على الريموت كونترول ويستمد شرعيته وقوته من السلطة السياسية وليس من سلطة القانون".

ويلفت بشير إلى أن "النيابات العامة الاستئنافية في لبنان وهي الممثلة للشعب اللبناني كافة، باتت تتحرك في ملفات وتغض النظر عن أخرى في صورة استنسابية ليس لها أي تفسير أو قواعد قانونية. جميع القوى السياسية لديها دكاكين في القضاء، ولكن دكانة حزب الله هي الأكبر".

اعتداء على القانون

ويعتبر أن "القرار الصادر عن جهة قضائية تابعة لحزب الله، يؤكد من جديد أهداف الحزب برسم الحدود مع الدولة اللبنانية، ويدعو إلى مقاطعتها وعدم التعامل معها بقرار مركزي، ويمنع الاحتكام أمام القضاء الشرعي لصالح قضائه غير الشرعي"، موضحاً أن "القانون اللبناني يعاقب ويجرّم أي مواطن لبناني يعوق حق أي مواطن عن ممارسة حقوقه وواجباته المدنية، إذا اقترف التهديد أو الشدة أو أي وسيلة أخرى من وسائل الإكراه الجسدي أو المعنوي، وذلك بنص المادة 329 الصريح من قانون العقوبات اللبناني".

ويضيف "القرارات الداخلية لحزب الله يجب أن تكون مستمدة من القانون العام للدولة التي تأسست هذه الأحزاب على أرضها وتحت كنفها، فالدستور هو المظلة التي يجب أن تعمل تحتها الأحزاب اللبنانية، وإنشاء الحزب لمجلس قضائي يصدر أحكاماً بحق مواطنين، هو انتهاك فاضح لهيبة القضاء والدستور اللبناني".

ويشير إلى أنه "حتى ولو استند الحزب في محاكمه إلى نظرية قانون التحكيم وحرية اختيار المحاكم بحسب المادة 762 من أصول المحاكمات المدنية، فإن حق اللجوء إلى التحكيم خيار طوعي وليس إجباري، وأيضاً القرارات التحكيمية الصادرة بحاجة إلى الاستحصال على صيغة تنفيذية من القضاء اللبناني لتصبح نافذة. بالتالي، لا تستطيع المجالس القضائية التابعة لحزب الله الاعتداد بقانون التحكيم للخروج عن القانون العام والنظام العام وضرب هيبة الدولة والقضاء".

غزو الدولة

من جانب آخر، يرى مصدر مطلع على أيديولوجيات التنظيمات الدينية الراديكالية، أن "حزب الله يحاول عبر السنوات أن يغزو الدولة العميقة في لبنان عبر تغيير وجهه الحضاري والثقافي، الذي بات يرتبط تلقائياً بكل لبناني، إلى ثقافة أخرى مبنية على عقيدة مذهبية لها بُعدٌ انتقامي من الحضارات الأخرى ومرتبطة بنظرية المظلومية، كما تسعى إلى ربط المكونات المذهبية الأخرى داخل المجتمع اللبناني عبر ما يُسمى تحالف الأقليات، بعنوان المصلحة المشتركة"، فعلى سبيل المثال، يقول "ثقافة التباهي بالفن والثقافة باتت تباهي بأفكار المقاومة والتحرير وغيرها".

وفي معرض ربطه القواسم المشتركة بين تلك التنظيمات، يشرح المصدر أنّ "حزب الله والقاعدة وغيرهما لديهما مجالس قضائية خاصة، تتخذ من الفتاوى الدينية مصدراً للأحكام وتسقط النصوص الدينية وفقاً لأهوائها ومصالحها"، مشدداً على أن "تلك التنظيمات قبل أن تقدم على أي عمل سياسي أو عسكري، تصوغ له فتوى صادرة عن تلك الجهات القضائية التي بات قرارها بمثابة الضوء الأخضر للبدء بالمشاريع الأمنية والسياسية".

ولم يستغرب المصدر أن تصدر عن المجلس القضائي التابع لـ"حزب الله" أحكاماً لها بعد تقييد الحريات الشخصية والاجتماعية، كونها تخدم الهدف النهائي الذي يرمي لصياغة مجتمع حاضن لأفكار الحزب ويضرب الجوهر الثقافي والاجتماعي الذي عايشه اللبنانيون منذ عشرات السنوات"، مؤكداً أن "ضعف مؤسسات الدولة ولا سيما القضائية منها، يسرّع قدرة الحزب على تنفيذ أهدافه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي