Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخيم للمشردين قرب وادي السيليكون

سكان مخيم سونوما المشردون فقدوا مساكنهم بسبب كوارث طبيعية أو لعدم قدرتهم على الشراء

إمرأة من سكان المخيم تحاول الاحتماء من المطر (أ.ب.)

على مشارف سانتا روزا،  وأنت تقود سيارتك عبر  الريف  المتخصص بصناعة النبيذ شمالي سان فرانسيسكو، تظهر أمامك فجأة مدينة حقيقية،  تتكون من مستوطنتين تضجان بالحياة.  على جانب أحد السياجات المشبكة سترى عمال البناء وهم ينصبون بيوتا أنيقة ذات طابقين، ولعل سكان منطقة "بَي أيريا" الأثرياء  يعتبرونها مساكن ثانوية، أو أن تكون مجال استثمار لهم من خلال تأجيرها.

على الجانب الآخر من ذلك السياج يمكن رؤية رجال يقومون بإصلاح دراجاتهم أمام أكواخ،  لا تزيد عن  أغطية بلاستيكية  مشدودة إلى الحاجز، على امتداد ممر مخصص لسياقة الدراجات،  لكنك سترى أيضا مساكن متعددة الغرف بينما ستشاهد منازل  متقنة الصنع ومتعددة الغرف تم بناؤها بالألواح، وخيما  منفصلة. كذلك يمكن رؤية نيران الطهو تخرج من شوايات تعمل على اسطوانات غاز، ووسط الممر المخصص للدراجات، يتبادل سكان هذه المستوطنة الحديث، وهم يتبادلون السجائر والأخبار عن مسعى المدينة لتفكيك قرية الخيم هذه التي تضم أكثر من 200 شخص.

لقد مضى عامان ونصف العام منذ وقوع حريق هائل بدأ بالقرب من شارع تابز، وقد اعتبر ثاني أسوأ حريق في تاريخ كاليفورنيا من حيث الخسائر البشرية والمادية، وتسبب في إشعال منطقة سانتا روزا.  والآن، دفعت الكوارث الطبيعية المتواصلة، والنقص في عدد المساكن بكاليفورنيا، والتغييرات في قانون الحقوق المدنية، مشردي المدينة إلى حالة طوارئ جديدة.

يقول مايكل غاوس، المسؤول عن إدارة حالات انعدام المأوى على المستوى الأقليمي: "نحن شبيهون بالكثير من أماكن أخرى في بَي أيريا من حيث انعدام  البيوت ذات الأسعار المعقولة.  إنها قضية عامة في شتى أنحاء كاليفورنيا...من الصعب حتى للأفراد الذين هم ليسوا من دون سكن أن يعيشوا هنا".

المكان محدود هنا والأسعار عالية جدا، في حين تتدفق الأموال من وادي السليكون إلى المنطقة، والمساحات الخضراء  المحمية الواسعة، تعرقل القدرة على تحمل النفقات، كل ذلك ساعد على جعل منطقة سونوما تاسع أغلى منطقة في الولايات المتحدة من حيث سوق المساكن. وقد ارتفعت حالات التشرد مع الركود الاقتصادي لكن كوارث مثل حريق تابز، وسقوط الأمطار القياسي في شهر فبراير (شباط) الماضي، وحريق كينكاد الذي وقع في الخريف الماضي، تسببت كلها في أكبر خروج في تاريخ المناطق الجغرافية، ما تسبب في نضوب المال الذي كرسته الحكومة وقوة إرادتها في المساعدة.

وفي هذا السياق تقول المشرفة الإقليمية ليندا هوبكنز التي ترأس الفريق المعني بالرد على المخيم إن "مقاطعة سومونا هي نقطة البداية للتغير المناخي، فعواقب هذا التغير تتناوب فيها منذ فترة طويلة".  وقد قضت هوبكنز كل فترة خدمتها خلال فترة الإعلان عن الكوارث.

هناك مجموعة متباينة من المقيمين على ممر الدراجات لكن قصصهم تكشف أنهم يعيشون على حافة هذا الكيان المجتمعي الصغير، قبل فترة طويلة من فقدانهم لمساكنهم، وهم بدأوا يتلقون خدمات أقل منذ انتقالهم إلى هذا المخيم.

فوليام كريسي شبه المعاق بسبب كسر في ساقه كان يستأجر بشكل غير معلن رسميا مكانا في مستودع قريب. أما أندري والتون فقد خسر الإعانات الطبية التي كانت تدفع له بسبب مرضه العقلي وفقد عمله في مركز لتطوير  النفايات. كذلك هو الحال مع باتريك دونهيو الذي يعاني من مشاكل في عموده الفقري والسجين السابق، فهو الآخر كان يعيش في سيارة "فان" حتى علقه في حريق سانتا روزا عام  2017 . وفي هذا السياق، تقول امرأة تعرف باسم وولف ماما إنها هربت من بيت عائلتها في سن الثانية عشرة، ووجدت سكنا في نفس المنطقة، لكنها طردت منه لأنها سمحت لمشردين آخرين  بالسكن معها.

تجدر الإشارة إلى أن مخيمات أصغر من هذا انتشرت في الماضي داخل منطقة سانتا روزا لكن المناصرين المحليين لإسكان المشردين يقولون إن الشرطة تتناوب في تصرفها ما بين تجاهلهم أو تفريقهم بالقوة. تقول تيشا إيراهيتا، إحدى المقيمات في المخيم: "هذا كيف أرست المدينة العلاقة ما بيننا وبينهم (رجال الشرطة)". واعتبرت إيراهيتا هذه الأفعال "قاسية وعقوبات غير طبيعية".

ويطلق بعض المقيمين هنا على قريتهم هذه اسم "المخيم المتمرد الذي ما عاد آسفا" لمطلبه السافر بمكان لهم في سانتا روز.

يقول كريس: "أنا لا أحاول إيذاء أي شخص، وإذا تركت لوحدي أسابيع قليلة فربما سأخرج من هذا المكان، لكن الأمر لن يكون سهلا". فهو حتى حين يكون قادرا على الحصول على عمل فإنه من النادر أن يكون قادرا على دفع الإيجار لشقة محلية، "الحصول على ألفي دولار في الشهر يبدو جيدا، لكنه ليس كذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقع هذا المخيم في حديقة عامة للإقليم ولم يكن مهيأ للإقامة فيه، إذ لم يكن فيه مرافق صحية حتى تم نصب دورات مياه مؤقتة العام الماضي فقط. كذلك فإن القوارض والحرائق متفشية فيه.

في المقابل، يقول بعض جيران المخيم إن سكانه جلبوا معهم السطو على المنازل والمخدرات والضجيج المتواصل ليل نهار إلى منطقتهم الهادئة. ووقع إطلاق نار مؤخرا، وانفجرت إسطوانة غاز ليلة رأس السنة الجديدة، ما ترتب عليه اهتزاز النوافذ في آخر الشارع. كذلك فإن بعض الآباء ما عادوا يسمحون لأطفالهم باللعب خارج البيت.

ويقول سيلاس ألفارينجا، الذي بيته قريب من ممر الدراجات إن السلطات "أبقتهم فترة أطول مما ينبغي هنا". وهذا حال لينو موسو الذي يسكن على بعد أمتار من المخيم فهو الآخر يشعر بأنه "تعرض للغزو" وأنه يفكر في بيع بيته والانتقال إلى منطقة أخرى.

غير أن الأمور تغيرت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ أبقت المحكمة العليا الأميركية قرارا كانت محكمة الاستئناف اتخذته، وهذا يقضي بعدم إخراج المشردين من المخيمات حتى تكون هناك ملاجئ سكنية أخرى جاهزة لاستقبالهم.

وفي  أوائل هذا العام تمكن نشطاء يدافعون عن المشردين من تحقيق تسوية مؤقتة لقرار فيدرالي مماثل ضد مسؤولين محليين حول مواجهة وقعت في مخيمات سابقة، حيث زعم أن الشرطة حطمت ملكية مقيم في أحداها بشكل تعسفي.

وهذا القرارات تفرض على السلطات المحلية معالجة المشكلة مرة واحدة بالكامل. وكان المسؤولون في تلك المنطقة قد حصلوا على رزمة مساعدة حكومية قدرها 12 مليون دولار في شهر ديسمبر الماضي وهذا سيمكنهم كما يقولون من إعادة إسكان كل مقيم في ذلك الممر وذلك من خلال شراء بيوت فارغة، وتشغيل كادر دعم جديد، وبناء قرية صغيرة مثيرة للجدل تضم 60 بيتا صغيرا بالقرب من منطقة أوكمونت، مع خطط لتطوير قرى مماثلة خلال الأشهر المقبلة.

وإذا كانت هذه المقاربة جريئة وابتكارية بشكل استثنائي مقارنة بالمدن الأخرى، حسبما يقول غاوز المسؤول عن مواجهة التشرد، فإن أدريين لاوبي،  المسؤولة  في منظمة "القواعد الشعبية لمواجهة التشرد" تشك في قدرتهم على القيام بكل ذلك خلال الفترة القصيرة المحددة. فحسب قولها إنهم "يزعمون امتلاكهم أسرّة للأفراد، لكنها ليست مناسبة لحاجاتهم، أو هي غير كافية لهم."

وفي المخيم نفسه لا أحد  يعرف كيف أن السلطات ستعيد إسكانهم خلال أسبوع حتى مع مشي العمال في الممر الذي يسكنون فوقه. كذلك فإن عملية بناء البيوت الصغيرة تواجه من الآن تأخيرات.

في الوقت نفسه، يستخدم السكان المحليون مهارات التنظيم التي اكتسبوها خلال حريق تابز، في استخدام سائل التواصل الاجتماعي، لتنسيق جهود الإعانة التي تساهم في تقديمها القواعد الشعبية.

تفيد لاوبي بأن "الكثير من الناس أصبحوا قادرين على فهم ظاهرة التشرد... لقد كسبوا إدراكا عميقا" لهذه المشكلة.

والآن تضم مجموعة "أفعال الإحسان" على موقع فيسبوك أكثر من 2400 عضوا، يقومون بترتيب التبرعات ويتشاركون بالأخبار حول مخيم المشردين في سوموا.

وفي هذا الصدد يقول دونهيو المقيم في المخيم الذي حصل على إمدادات الطعام والخيمة من متطوعين: "فيض الاهتمام المتدفق ومساعي الناس للمساعدة من هذا الكيان المجتمعي شيء لا يمكن تصديقه".

ومع دخول كاليفورنيا عقدا جديدا لا أحد ما يحمله من عواقب فإن اهتمام المجتمع بمشكلة التشرد لا تذهب أبعد من ذلك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات