لليوم الثاني على التوالي، يشهد وسط العاصمة اللبنانية بيروت مواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية عند مدخل ساحة البرلمان. وتأتي هذه الاحتجاجات بعد ساعات من إعلان تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، التي بدأت مشاوراتها قبل نحو شهر.
واستخدم محتجون الحجارة والمفرقعات لمهاجمة قوات مكافحة الشغب المتمركزة عند مدخل مجلس النواب، خلف حاجز حديدي استحدث في الأيام الماضية، في حين رد الأمن باستخدام خراطيم المياه ورمي الحجارة لتفريق المعتصمين.
وقالت قوى الأمن إن عناصرها تعرضوا "للرشق الكثيف بالحجارة منذ اللحظات الأولى لوصول مثيري الشغب إلى مكان التظاهر في وسط بيروت"، طالبة منهم "وقف الاعتداءات على العناصر وعدم الإقتراب من السياج الشائك حفاظاً على سلامتهم".
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن نقله أكثر من 12 إصابة من وسط العاصمة إلى المستشفيات، فيما أشار شهود إلى اعتقال قوات مكافحة الشغب عدداً من المحتجين.
بالتزامن، كان لافتاً تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة الأميركية لن تقدم مساعدات إلا لحكومة لبنانية غير فاسدة وتلتزم إجراء إصلاحات وتستجيب لمطالب الشعب.
وقال بومبيو إن الاحتجاجات في لبنان "تقول كفى لحزب الله"، مؤكداً أن هذه الاحتجاجات تطالب باحترام السيادة.
من جهته، ناشد وزير الخارجية السابق جبران باسيل قادة العالم، الأربعاء، المساعدة في إنقاذ لبنان كي لا يتحول إلى "دولة فاشلة"، في حديث إلى وكالة "رويترز" خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس".
وأثار حضور باسيل منتدى "دافوس" غضب بعض اللبنانيين، الذين يقولون إنه لا يمثلهم. لكن باسيل رفض الاتهامات ووصفها بأنها "تعميم" لتهم الفساد ضد النخبة في البلاد. وقال "أنا شخصياً السياسي الوحيد في لبنان الذي كشف بيانات حسابه. لم يجرؤ أحد على فعل هذا".
وكانت الحكومة الجديدة عقدت أول جلسة لها في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد أن التقطت الصورة التذكارية في حديقة القصر.
وعقد لقاء بين عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب قبيل بدء الجلسة. وقبل مغادرته القصر، قال بري للصحافيين "أنتو مش متفائلين أما أنا متفائل".
الجلسة الأولى
وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء، توجه عون إلى الوزراء الجدد، قائلاً "مهمتكم دقيقة وعليكم اكتساب ثقة اللبنانيين والعمل لتحقيق الأهداف التي يتطلعون إليها سواء بالنسبة إلى المطالب الحياتية، أو الأوضاع الاقتصادية التي تردت نتيجة تراكمها على مدى سنوات طويلة". وشدد على ضرورة العمل لمعالجة الأوضاع الاقتصادية واستعادة ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات اللبنانية، والعمل على طمأنة اللبنانيين إلى مستقبلهم. وأضاف "لقد سبق أن أعددنا خطة اقتصادية وإصلاحات مالية سيقع على عاتق الحكومة تطبيقها أو تعديلها عند الضرورة". ودعا إلى "عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء لإنجاز جداول الأعمال وتعويض ما فاتنا خلال الأسابيع الماضية".
من جانبه، قال حسان دياب في جلسة مجلس الوزراء، "نحن أمام مأزق مالي اقتصادي في الواقع، وأمام كارثة تحتاج إلى وقت طويل للحل، وأنا على يقين أن كلاً من الوزراء يعي هذا الأمر". وأضاف متوجهاً إلى الجيش والقوى الأمنية "للتعامل بحكمة مع الاحتجاجات والتفريق بين التظاهرات السلمية والشغب"، معتبراً "ان هذه حكومة إنقاذ وطني وليست حكومة طرف أو فئة أو فريق وعلينا التعامل بحكمة مع الناس وهمومها إضافة إلى متابعة مطالبهم والعمل للتخفيف عنهم".
وشكّل مجلس الوزراء لجنة إعداد البيان الوزاري برئاسة دياب وعضوية نائب رئيس الحكومة، ووزراء المالية والخارجية والعدل والاقتصاد والبيئة والتنمية الإدارية والإعلام، والشباب والرياضة، والاتصالات والصناعة والشؤون الاجتماعية.
توقعات جمعية المصارف
قالت جمعية المصارف اللبنانية، في بيان الأربعاء، إنها تتوقع أن تضع الحكومة الجديدة برنامجاً اقتصادياً ومالياً، وأن تمضي قدماً في إصلاحات من دون تأخير.
وأشارت إلى أنها تتوقع أن يسهم تشكيل الحكومة في استعادة الثقة باقتصاد البلاد وأمنها، مؤكدة أنها مستعدة للمساهمة في النهوض بلبنان من أزمته.
ومالياً، قال وزير المال اللبناني غازي وزني، لتلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال (إل.بي.سي)، اليوم الأربعاء، إن عودة سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار لما كان عليه مستحيلة.
وأضاف أن كبح السوق الموازية، حيث يرتفع سعر الدولار عن سعر الصرف الرسمي المربوطة به الليرة، سيكون مرتبطاً بعمل الحكومة، مشيراً إلى أن وقف انهيار الاقتصاد اللبناني ممكن ولكنه يتطلب دعما أجنبياً.
التشكيل
وشُكلت الحكومة الجديدة أمس الثلاثاء (21 يناير) برئاسة حسان دياب بعد توصل حزب الله القوي وحلفائه السياسيين إلى اتفاق، حول الحكومة التي يجب أن تعالج سريعاً أزمة اقتصادية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتشكيل الحكومة، وقال إنه سيعمل مع رئيس الوزراء الجديد لدعم الإصلاحات في البلد المثقل بالديون. وقال في بيان أصدره المتحدث باسمه إن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم لبنان في "تعزيز سيادته واستقراره واستقلاله السياسي".
وقال إن "هذه الحكومة، مصغرة لا تتمدد للتسويات وتوزيع جوائز الترضية الوزارية. حكومة فصل النواب عن الوزارة فلا نواب فيها ولا مرشحين للنيابة في الانتخابات المقبلة. حكومة اختصاصيين لا يقيمون حسابا إلا للغة العلم والمنطق والخبرة ومصلحة الوطن. حكومة غير الحزبيين لا يتأثرون بالسياسة وصراعاتها... حكومة المرأة التي تشارك في السلطة التنفيذية قولا وفعلا وبقوة حضورها وفعاليتها وليس بمنة من أحد. حكومة تتولى المرأة فيها التمثيل الوزان. وحكومة تشغل فيها المرأة موقع نائب الرئيس لأول مرة أيضا وأيضا في تاريخ لبنان".
وتضم الحكومة الجديدة ست نساء للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
لكن محللين قالوا إن دور حزب الله في تشكيل الحكومة سيشكل عائقا أمام إقناع الدول الخارجية بمنحه الدعم المالي الذي يحتاج إليه بشدة.
الوزراء
وبعد اجتماع ثلاثي تلا القاضي محمود مكية أمين عام مجلس الوزراء مرسوم الحكومة الجديدة. وفي ما يأتي الاسماء بتوزيعها الطائفي والسياسي:
حسان دياب رئيساً للحكومة (سني).
فارتيه أوهانيان وزيرة للشباب والرياضة (أرمنية- مقربة من حزب الطاشناق).
عباس مرتضى وزيراً للزراعة (شيعي- مقرب من حركة أمل).
وغداً الاربعاء ستقف الحكومة للصورة التذكارية في القصر الجمهوري. وسبق إعلان الأسماء معلومات عن امتعاض حزب الله من حلفائه بسبب كمية الشروط والشروط المضادة من أحزاب وشخصيات تدور في فلكه.