Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرابلس ترفض تسمية حسان دياب لحكومة لبنان

قطع طرقات وتجمعات أمام منازل نواب المدينة

حالة من القلق عاشتها طرابلس بعد تسمية حسان دياب لتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، إذ تخطّت طرق التعبير، المظاهر السلمية التي ألِفَها المواطنون في أعقاب انتفاضة 17 اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعبّر أنصار رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري عن رفضهم لتجاوزه تحت حجة "الميثاقية".

واستمر هؤلاء في قطع الطرقات على طول الطريق الدولية، وإقفال مداخل المدينة الشمالية ووضع خيمة على طريق عرمان المنية، وصولاً إلى بعض طرقات عكار. كما جابت شوارع طرابلس الرئيسة تظاهرة رافضة لتكليف دياب.

 دياب هو الواجهة

انعكس التكليف الهزيل للرئيس دياب على صورته في أنظار منطقة الشمال، واندفع بعض المتظاهرين نحو منزل النائب فيصل كرامي للتعبير عن استهجانهم لتسمية اللقاء التشاوري المؤلف من 5 نواب سنة للرئيس دياب، ففرضت القوى الأمنية إجراءات مشددة على الطرقات المحيطة بمنزل كرامي لمنع احتكاك المحتجين والحرس.

لم يتأخر كرامي في إصدار توضيح حول تسمية التشاوري لدياب في مسيرة التكليف، مؤكداً أنه سيمنح الثقة "إذا كانت الحكومة الجديدة تشبه حسان دياب، وأنه سيحجبها عنها إذا كانت حكومة محاصصة سياسية مستترة".    

المستقبل

على الرغم من خروج النائب سعد الحريري من السراي، يحاول تيار المستقبل إعطاء صورة "الطرف المرتاح" لمسار الأمور. في المقابل، يؤكد مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي أنها ليست المرة الأولى التي يخرج فيها التيار من الحكم، فقد سبق أن خرج عام 2011، "عندما انقلب الوزير جبران باسيل بالتعاون مع حزب الله على سعد الحريري". ويعتقد علوش أنه على كل حزب سياسي الاعتياد على البقاء خارج الحكم مرحلياً.

ينتقد النائب اللبناني، الترويج للدكتور حسان دياب من باب أنه أكاديمي في الجامعة الأميركية ومتخصص، لافتاً أنه ليس شرطاً ليكون نزيهاً، لأن كثيرين من الأكاديميين يصعدون إلى أعلى الهرم بطرق ملتوية، مشككاً في استقامة خياراته لأن "قبول دياب تسميته على يد مجموعة تافهة في السياسة، تأكيد أنه واجهة لهم وليس بمنطق وسطي".

في سياق متصل، يشير علوش إلى أن وعد الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل كان بضرب اتفاق الطائف بالممارسة، محذراً من تحويل رئيس الحكومة إلى رهينة لدى مجموعة تستحضر الشعارات عند المصلحة، وتحديداً حزب الله الذي يستند إلى الأسطورة، والتيار الوطني الحر الذي ينادي بطائفته والميثاقية عند الحاجة، ومنظومة حركة أمل القائمة على الفساد على حد توصيف علوش.  

وعمّا إذا كانت تسمية دياب لطمأنة الأميركيين، يعتبر علوش أنها رسالة تزلف و"محاولة ضحك على من لا يمكن أن يُضحَك عليه، لأنه لا يمكن غش الإدارات الأميركية".

ويعكس النائب في تيار المستقبل، بنبرة حازمة موقف شريحة كبيرة من اللبنانيين من خلال حديثه عن "السلاح الذي يتحكم بالحياة السياسية اللبنانية"، معتبراً أن التغييرات السياسية لا تتم بالطرق الديمقراطية وإنما بالتلويح بالسلاح والعنف المنظم وغزوات العصي والدراجات النارية.

في المقابل، ينفي ضلوع التيار في التحركات على الأرض وقطع الطرقات، وهو لن يغطي ذلك، داعياً القوى الأمنية إلى وحدة المعايير. ويسارع  إلى التحذير من الخطر الاقتصادي واستفحال الفساد.

ويأمل في أن تتجه البلاد نحو الاستقرار، وتجنب التدهور الأمني والاقتصادي لأنه هم أكبر من استعادة نفوذ الحزب السياسي. ويقول "إذا تمكن حسان دياب من تشكيل حكومة قادرة على استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، فنحن سنكون أمام إنجاز عظيم"، محذراً من دفع لبنان إلى مسار الفِيَلَة والانهيار. كما ينفي مراهنة سعد الحريري على الانهيار للعودة إلى رئاسة الحكومة، فهو يفضل البقاء خارج الحكم وأن يأتي الإنقاذ على يد الآخرين. 

الانتفاضة ضد الكل

يقدّم أنصار الانتفاضة سردية أخرى لتبرير رفضهم لترشيح حسان دياب. ويلفت الناشط سامر حجار أن المشكلة لا تقتصر عند سلوكه كوزير تربية والشك في نزاهته، انطلاقاً من استغلال موارد الوزارة لطباعة كتاب إنجازاته، بل المشكلة الأساسية في طريقة تسمية دياب التي تشكل تحدياً للثورة الفكرية التي أطلقتها انتفاضة 17 تشرين.

ويستغرب حجار تسمية رئيس حكومة لا يمتلك رؤية اقتصادية خلال هذه الأزمة، كما لا يمتلك فكراً سياسياً، مشيراً إلى أن المعيار الذي اعتُمد يقوم على صداقته مع الرئيس نبيه بري، أي "الولاء للزعيم" وليس ولاءه للقانون والشعب مصدر السلطات.

في سياق متصل، يضع حجار ما حصل من ردود فعل على تسمية دياب في إطار "المحاولات العبثية لإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل 17 تشرين"، مؤكداً أن رفض دياب ليس بسبب حجة "الميثاقية" وإنما "لأنه فاسد"، وأن من دفعهم إلى التحرك هو من يعتاش على الطائفية والخطاب المذهبي، وهذا ما لا يمثل طرابلس لأنها طوال 60 يوماً، لم تشهد ضربة كف.    

في المقابل، يستغرب الناشط الحقوقي براق فراج تحوّل مناصري تيار المستقبل فجأة إلى ثوار بعدما كانوا في موقع الشامت وعلى الحياد، فالمشكلة الأساسية معهم لأن "الولاء لشخص وليس لمبدأ"، متهماً إياهم بتقديم صورة مشوّهة للانتفاضة لأن المحتجين نزلوا إلى الشارع تحت شعار "كلن يعني كلن".

من جهة أخرى، يعتقد أن التشكيل السريع الذي يعد به الرئيس المكلّف سيترافق مع سقوط أسرع، لأن هناك مؤشرات على أن شخصيته ضعيفة.

ولا يستبعد فراج في أن تدخل تسمية دياب وإسقاطه لاحقاً ضمن استراتيجية إعادة تعويم الرئيس سعد الحريري، وضرب الانتفاضة من خلال إعادة بعث الخطاب الطائفي وتطويق مطالب التغيير.

تنوعّت الآراء حول تسمية دياب، ولم يتأخر البعض في الدعوة إلى إعطائه فرصة. فيقول أحد التجار أن الانهيار يحصل بسرعة، ليُعطى دياب فرصة أسبوعين علّه يقدّم حكومة اختصاصيين مستقلة، وإلّا فليتحمّل الفريق الذي سمّاه، مسؤولية مباشرة عمّا أوصلتنا سياساتهم إليه.

المزيد من العالم العربي