Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقة ترمب مع الصين لا تعني نهاية حربه على التجارة العالمية

يوم التوقيع على المرحلة الأولى من الاتفاقية هو تقدمٌ بسيط بالمقارنة مع هجمات الرئيس الأميركي المستمرة ضد هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية

الرئيس ترمب ونائب رئيس الوزراء الصيني لي هيو خلال حفل توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين البلدين في واشنطن 15 يناير 2020 (أ.ب) 

أشاد الرئيس دونالد ترمب "بالمرحلة الأولى" من اتفاقه مع الصين الأربعاء لإنهاء الحرب التجارية المدمرة التي بدأها باعتبارها "أعظم صفقة."

وبغض النظر عن كون رسومه الجمركية قد كلّفت وظائف أميركية وضربت أسعار الأسهم الأميركية، فإن الضرر الحقيقي الذي يحدثه هو ذلك الذي يطال النظام التجاري المتعدد الأطراف.

إن صفقته قد تكون اتفاقية ثنائية لإنهاء حرب من جانب واحد كان قد أشعلها في فبراير 2018 والتي تسببت في تعطيل نشاط المستوردين والمصدرين في الصين ودول آسيوية أخرى. وهذا بالضبط هو ما يحبه ترمب.

إن فكرة المشاركة في الصفقات التجارية متعددة الأطراف برعاية منظمة التجارة العالمية هي أمر بغيض بالنسبة إليه، تماماً كما يَعتبر الأمم المتحدة منظمة "ضعيفة الأداء" ويرى اتفاق باريس للمناخ على أنه "عبء ثقيل".

رغم انسحابه من اتفاق باريس، إلا أنه أبقى الولايات المتحدة داخل منظمة التجارة العالمية ولكنه أفسد فعاليتها بحيلة قانونية. فقد منعت واشنطن التعيينات الجديدة في هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية بذريعة الشكاوى من طول المدة التي يستغرقها القضاة في إصدار أحكام غالباً ما تكون مجحفة.

وقد انتهت مدة ولاية قاضيين في منتصف ديسمبر، وبقي قاض واحد فقط في الهيئة، في حين يلزم ثلاثة قضاة للبت في الطعون بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية.

وفقا لهذه القواعد، إذا خسرت دولة ما الحكم الابتدائي، فإن قيامها باستئناف القضية لا يلزم الدول المعنية الأخرى بشيء، وتكون المنازعة معلّقة إلى أجل غير محدد ولا يمكن للبلدان الحصول على إذن قانوني لرد انتقامي.

في الواقع، من بين المنازعات التي يُنتظر إصدار أحكام بشأنها، هناك سبع قضايا رُفعت ضد الولايات المتحدة العام الماضي وتتعلق بتحرك ترمب لفرض ضرائب على واردات الصلب والألومنيوم لأنها تمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي.

إذا كان أي من هذا يبدو مألوفاً، فإن التدخل في الإجراءات القضائية أصبح الآن شائعاً للغاية بين الزعماء الشعبويين والقوميين. في عام 2018، أصدر حزب القانون والعدالة في بولندا قانوناً أجبر فعلياً 40 في المائة من قضاة المحكمة العليا في البلاد على التقاعد مبكِّراً.

وكي لا نذهب بعيدا، تعهد رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون في برنامج حزب و حكومة المحافظين "بتحديث" إجراءات المراجعة القضائية التي تم استخدامها في قضيتين بارزتين متعلقتين ببريكست وأصدرت فيهما المحكمة العليا أحكاما ضد الحكومة.

لا غرابة في أن هجوم ترمب على هيئة الاستئناف يستند إلى أخبار وهمية، حيث قال مراراً إن منظمة التجارة العالمية أُنشأت لخدمة الجميع باستثناء الولايات المتحدة، وأن بلاده تخسر جميع الدعاوى القضائية تقريباً، وأن نظام المنظمة يعد رائعاً بالنسبة للصين. لكن هذه الادعاءات لا يمكن إثباتها، وفقاً لأرنستو زيديلو، الرئيس للمكسيكي السابق الذي يعمل حاليا مدير مركز ييل لدراسة العولمة في جامعة ييل.

يقول زيديلو إنه لا توجد هناك دراسة جادة أثبتت وجود تحيّز ضد الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فإن أميركا هي أكثر الدول في حيث اللجوء إلى نظام فض النزاعات في منظمة التجارة العالمية، حيث رفعت قضايا أكثر من الصين والاتحاد الأوروبي مجتمعين. كما أن الولايات المتحدة كسبت حوالي 85 في المائة من القضايا التي رفعتها لدى منظمة التجارة العالمية. وفي الواقع، حققت الولايات المتحدة نجاحاً ليس فقط في القضايا التي رفعتها ضد الصين ولكن أيضاً في القضايا التي رفعتها الصين ضدها.

من الواضح أن ترمب لا يفضل خوض معركة قضائية أمام محكمة متعددة الأطراف بينما يمكنه ببساطة الدخول في حروب تجارية من جانب واحد، والتي قد تفضي إلى نتائج يعتبرها كل طرف على أنها انتصار له، وإلى تجاهل مصالح الأطراف الأخرى.

وتكمن المخاوف في عودة العالم إلى سياسة "إفقار الجار" - كما سمّاها العالِم الاقتصادي آدم سميث – وهي سياسة حل المشاكل الداخلية على حساب الآخرين باستخدام التعريفات الجمركية لزيادة سعر الواردات.

حدث هذا في أعقاب "انهيار وول ستريت،" عندما فرضت حكومة جمهوريّة رسوما جمركية على 900 دولة لمواجهة الركود، ما دفع دولا لاتخاذ إجراءات انتقامية وأدى إلى تفاقم الكساد العظيم.

كان هذا في أذهان قادة دول الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية، عندما وضعوا الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (غات Gatt ) بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي وسلف البنك الدولي (البنك الدولي للإنشاء والتعمير.)

بعد المراوغة التي شابت انطلاق "غات" من خلال السماح لأعضائها بمنع هيئات التحكيم من حل النزاعات، جاءت منظمة التجارة العالمية البديلة وتضمّنت آلية نزاع ملزمة. هذا هو ما نجح ترمب في تجميده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذن، أين سنمضي من هنا؟ لقد قال الرئيس السابق لهيئة الاستئناف إن الأخيرة قد تحوّلت من درة التاج في منظمة التجارة العالمية إلى طفل يعاني من مشاكل وفي حاجة ماسة إلى الإصلاح.

يمكن لأعضاء منظمة التجارة العالمية طرح المسألة بقوة عن طريق الضغط من أجل تعيين قضاة جدد إذا وافق ثلاثة أرباعهم وأظهروا جديتهم بشأن الإصلاح. وباعتبار أن المملكة المتحدة ستخرج قريبا من حماية الاتحاد الأوروبي، عليها أن ترى أن وجود محكمة استئناف سيكون في مصلحتها على المدى الطويل.

يخشى البعض أن يمنح بريكست ذريعة لترمب لسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية. لكن ربما يبعث اتفاق باريس للمناخ إشارة إيجابية في هذا الصدد، حيث أنه منذ خروج الولايات المتحدة، حصل الباقون على دعم عدد من الولايات والمدن الأميركية. قد يمثل يوم الأربعاء المرحلة الأولى من صفقة ترمب، لكن يجب أن ينظر إليها كجولة أولى فقط في المعركة من أجل النظام التجاري المتعدد الأطراف.

فيل ثورنتون هو صحفي ومستشار في مجالات الأعمال والاقتصاد، بما في ذلك الاقتصاد الكلي والتجارة الدولية والأسواق المالية والضرائب والتنظيم

© The Independent

المزيد من آراء