Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... عودة "الهجرة غير الشرعية" تثير قلق تبون وحكومته

"باتت تجارة مربحة للشبكات الإجرامية التي تستغل المشاكل اليومية للشباب وتروّج لرفاهية مزعومة في أوروبا"

مهاجرون ليبيون بشكل غير شرعي في المياه الدولية يوم 9 يناير 2020 (أ.ب)

عادت قوارب المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين إلى الإبحار باتجاه السواحل الأوروبية، وعاد معها الحديث عن الإحباط واليأس، على الرغم من أن البلاد عرفت منذ شهر، انتخاب رئيس جديد زرعت تصريحاته ووعوده بذور الأمل في نفوس الشباب. وباتت أخبار وصول شباب إلى إسبانيا وإيطاليا وإحباط محاولات آخرين تطرح علامات استفهام عدة.

عودة الهجرة غير الشرعية

في وقت لاتزال الهجرة غير الشرعية مصدر قلق الحكومات المستقبلة والمصدرة في آن واحد، غير أن عودتها إلى الجزائر بعد شهر من انتخاب رئيس جديد للبلاد، يثير قلق الرئيس تبون وحكومته التي شُكلت منذ عشرة أيام، على اعتبار أن الأمور الجدية لم تنطلق بعد في إطار تحقيق الوعود والاستجابة للمطالب، الأمر الذي فتح أبواب التشكيك في أن تكون طريقة تعيين الطاقم الوزاري وبعض الأشخاص وراء "غضب" الشباب، خصوصاً أن الشارع كان ينتظر حكومة كفاءات لا مكافآت، بعدد قليل من الوزراء بسبب الأزمات المالية والاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها البلاد.

المصالح الأمنية في نشاط متواصل

يكاد لا يمر يوم من دون أن تجهض فرق حراس السواحل محاولات هجرة غير شرعية، أو تفكيك شبكات الاتجار بالبشر، او الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن نجاح شباب في الوصول إلى السواحل الإسبانية أو الإيطالية، إذ كشفت وزارة الدفاع عن إحباط وحداتها محاولات هجرة غير شرعية لـ 38 شخصاً كانوا على متن قوارب في سواحل محافظات غرب البلاد، كما فككت شبكة لتنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية باتجاه السواحل الإسبانية، تضم الأولى ثلاثة أشخاص جرى توقيف اثنين منهم، بينما لا يزال ثالثهم في فاراً.

وخلال الفترة ذاتها التي تمتد بين انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى اليوم، تمكنت عناصر الأمن التابعة لمحافظة غليزان غرب البلاد، من الإطاحة بشبكة مؤلفة من خمسة أشخاص، متخصصة بتنظيم رحلات الإبحار السري بعد ورود معلومات حول قيام شخصين بتنظيم رحلات هجرة غير شرعية، أوقفا بعد خطة أمنية وبعد الحصول على مذكرة تفتيش مسكنيهما حيث جرى العثور على معدات إبحار سري. كما أوقف ثلاثة أشخاص ضالعين في تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية في عملية أخرى في المنطقة ذاتها، وذلك بعد العثور لديهم على معدات لرحلات الإبحار السري. وقد قدمت المصالح الأمنية الموقوفين إلى الجهات القضائية لمحاكمتهم.

هجرة غير شرعية... ليست بريئة؟

وعودة الهجرة غير الشرعية تكشف حجم الرفض لوضع البلاد، علماً أن "الحكومة الجديدة التي لم يمر على تشكيلها سوى عشرة أيام لا تتحمل المسؤولية"، بحسب أستاذ علم الاجتماع في جامعة ورقلة أحمد ميغاري، مرجحاً في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن يكون "ارتفاع عدد الطاقم الوزاري و"مكافأة" أشخاص خدموا الرئيس تبون بمناصب رفيعة، من الأسباب التي دفعت الشباب إلى "الغضب"، بعد أن عادت إلى الأذهان ممارسات النظام السابق". وتابع "فرض ضرائب جديدة طالت مجالات عدة وارتفاع الأسعار المستمر مقابل توقف الزيادة في الأجور، كلها أسباب بدّدت أمل الشارع"، مشيراً إلى أن الحراك كان أوقف هذه الظاهرة وأعاد الأمل إلى نفوس الشباب، "لكن بدا أن الوضع يتجه عكس تطلعات الشباب، خصوصاً بعد أن غير الحراك جلده وتأخر الرئيس والحكومة في الإعلان عن إجراءات وقرارات مطمئنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، ترى جهات أن عودة رحلات الهجرة غير الشرعية ليست بريئة، خصوصاً في ظل ارتفاع عدد العمليات الأمنية التي تسمح بتفكيك شبكات تنظيم رحلات الإبحار السري، بالإضافة إلى النشاط الكثيف لصفحات التواصل الاجتماعي التي تروج لهكذا لرحلات بشكل أو آخر. ويقول ميغاري في هذا الشأن، إن "الهجرة غير الشرعية باتت تجارة مربحة للشبكات الإجرامية التي تستغل المشاكل اليومية للشباب من خلال تضخيم الرفاهية المزعومة في أوروبا، لاصطياد الزبائن"، موضحاً أليس بالضرورة أن "يكون الأمر معلقاً بالوضع العام في البلاد الذي لم تنقشع الغيوم عنه بشكل كلي، فقد يرتبط الأمر بشباب يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية وعائلية، أو بهدف الحصول على مغامرة أو طمعاً بحياة أفضل".

مفعول الحراك ينتهي

وفي السياق ذاته، يعتبر الإعلامي محمد لهوازي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن الحراك الشعبي استطاع كبح ظاهرة الهجرة غير الشرعية مؤقتاً، لأنه امتص شحنة الغضب والتذمر من سوء الأوضاع المعيشية ومختلف الممارسات السلبية لتي كانت تقف حائلاً بين الشباب وتحقيق طموحاته، وقال إن "نشوة الانتصار التي ضخها الحراك الشعبي في نفوس الشباب لم تدم طويلاً"، وعادت بيانات وزارة الدفاع للحديث عن قوافل المهاجرين السريين بشكل يومي والتي يجري فيها توقيف عشرات المهاجرين السريين.

ويعتقد لهوازي أن هذه الظاهرة ترتبط بعاملين رئيسيين، الأول يتعلق بالوضع المعيشي للمواطنين، والثاني بالوضع العام السياسي والاقتصادي للبلاد، "وهما عنصران يتحكمان بشكل كبير في ارتفاع نسبة الهجرة السرية باتجاه الضفة الشمالية للمتوسط وانخفاضها"، موضحاً أنه "إذا اعتبرنا أن المستوى المعيشي هو نتاج اللاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، والذي يتطلب مشاركة المواطن في صنع القرارات، فأتوقع أن الغموض الذي يلف الوضع السياسي مع التجاذبات الحاصلة من شأنه رفع نسب الهجرة غير الشرعية".

مأساة ووصمة عار

وتتخوف السلطات الجديدة والعائلات من عودة صور الغرق لشباب جزائريين أو فقدانهم في البحر المتوسط مع تقلبات الطقس، كما حدث السنة الماضية، في ظل بيانات وزارة الدفاع التي تعلن يومياً عن اعتراض قوارب العشرات من المهاجرين السريين، وإحباط حراس السواحل آلاف المحاولات. وبقدر ما تعتبر مأساة حقيقة للعائلات فهي وصمة عار في جبين الحكومات، فهل حضّر الرئيس تبون ورئيس حكومته الوصفة المناسبة لإعادة الأمل للشباب والثقة للشعب؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي