Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاجات إيران تتوسع... وتوقيف المبعوث البريطاني لساعات

مواجهات وفوضى عارمة إثر مطاردة المحتجين في الشوارع

خرجت في إيران، السبت 11 يناير (كانون الثاني)، تظاهرات احتجاجاً على إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة ركاب أوكرانية في معرض استهدافه لقواعد عسكرية تضمّ قوات أميركية في العراق الأسبوع الماضي، وطالب المتظاهرون باستقالة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي. وظهر في لقطات مصورة مئات الأشخاص أمام جامعة أمير كبير في طهران وهم يهتفون "إرحل إرحل أيها الزعيم الأعلى (خامنئي)"، و"خامنئي قاتل.. وحكمه باطل". وامتدّت التظاهرات لاحقاً إلى مدينتي أصفهان وشيراز. 

وفي تقرير نادر، قالت وكالة فارس الإيرانية للأنباء إن المحتجين ردّدوا شعارات مناوئة لكبار المسؤولين ومزقوا صوراً لقاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الذي قُتل في ضربة أميركية في بغداد.

توقيف المبعوث البريطاني لساعات

وبعد ساعات قليلة على انطلاق التظاهرات، ذكرت وكالة "تسنيم" المقربة من الأمن الإيراني أن "المبعوث البريطاني لدى إيران راب ماكير اعتُقل لساعات بتهمة وجوده بين المحتجين اليوم في طهران"، وأنه سيجري استدعاؤه غداً الأحد إلى مقر وزارة الخارجية الإيرانية.

وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي استخدام قوى الأمن الإيرانية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وسط حالة فوضى وكرّ وفر إثر مطاردة العناصر الأمنية للمحتجين في شوارع طهران وأزقّتها.  

وأقرت إيران فجر السبت، بحدوث "خطأ بشري" أدى إلى تحطم الطائرة الأوكرانية الأسبوع الماضي، على أراضيها. وأعلن التلفزيون الإيراني الرسمي اليوم إن حلقت قرب منطقة عسكرية حساسة وأُسقطت نتيجة خطأ بشري. وذكر بيان الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إنه ستتم محاسبة الأطراف المسؤولة عن ذلك.

وذكر مكتب النائب العام الأوكراني السبت أنه يتحرّى شبهة قتل متعمّد وتدمير للطائرة في إطار تحقيقه في تحطّم الطائرة الأوكرانية.  

وعبّر الرئيس الإيراني حسن روحاني في تغريدة على "تويتر" اليوم السبت، عن أسف بلاده الشديد لإسقاط الطائرة، معتبراً ذلك "مأساة كبرى وخطأ لا يُغتفر". وأضاف أن "جمهورية إيران الإسلامية تأسف بشدة لهذه الخطأ الكارثي... مشاعري ودعواتي للعائلات المنكوبة. أقدم أصدق تعازي".

وكتب روحاني في تغريدة منفصلة أن "التحقيق الداخلي للقوات المسلحة خلص إلى أن صواريخ أُطلقت للأسف عن طريق الخطأ، أدت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية وموت 176 شخصاً بريئاً"، موضحاً أن "التحقيقات مستمرة لتحديد" المسؤولين "وإحالتهم على القضاء".

ووعد الرئيس الإيراني نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإحالة المسؤولين عن إسقاط الطائرة "على القضاء"، وفق ما أعلنت الرئاسة الأوكرانية. وأضافت أن روحاني اعتذر باسم بلاده عن إسقاط الطائرة وأكّد خلال اتصال هاتفي مع زيلينسكي أن "جميع الضالعين في الكارثة الجوية ستتم إحالتهم على القضاء". وقال الرئيس الأوكراني على تويتر بعدما تحدّث مع روحاني "أشدّد على ضرورة استكمال تحديد هوية الجثث وإعادتها إلى أوكرانيا على الفور... ينبغي محاسبة الجناة"، مضيفاً أنه اتفق مع روحاني على التعاون الفني والقانوني بما في ذلك التعويضات.  

وأعلن رئيس الوزراء الأوكراني أوليكسي هونشاروك أن بلاده ستدفع 200 ألف هريفنيا (8350 دولاراً) عن كل راكب إلى عائلات ضحايا الطائرة، مضيفاً أن شركة الخطوط الدولية الأوكرانية ستدفع تعويضات لعائلات أفراد طاقم الطائرة الذين لقوا حتفهم في الحادث. وأشار إلى أن دبلوماسيين أوكرانيين يعكفون على دراسة سبل الحصول على تعويضات من السلطات الإيرانية. 

كما تحدّث روحاني في اتصال هاتفي مع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو ووعده بتحقيق مستفيض في حادث إسقاط الطائرة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، التي نقلت عن روحاني قوله "إيران ترحّب بأي تعاون دولي في إطار القواعد الدولية لتسليط المزيد من الضوء على الحادث". 

وفي مؤتمر صحافي عقده للحديث عن الحادثة، قال ترودو إنه أبلغ الرئيس الإيراني أن كندا تطلب "وضوحاً كاملاً" حول "المأساة الرهبية". وأَضاف "تحدثت هذا الصباح إلى الرئيس الايراني وقلت له إن اعتراف إيران" بمسؤوليتها عن المأساة "يشكّل خطوة مهمة لتقديم أجوبة إلى العائلات، لكنني شدّدت على وجوب اتخاذ تدابير أخرى". وقال ترودو "ما أقرت به إيران في غاية الخطورة. إسقاط طائرة مدنية أمر مروع. يجب أن تتحمل إيران المسؤولية كاملة... كندا لن تهدأ قبل المحاسبة وتحقيق العدالة‭‭ ‬‬وإنهاء الأمر وهذا ما تستحقّه" عائلات الضحايا. 

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أمر بدوره القوات المسلحة بمعالجة "التقصير" بعد الحادثة، معرباً عن "عزائه" لعائلات ضحايا "هذا الحادث المفجع". وناشد "هيئة الأركان العامّة للقوات المسلّحة متابعة موارد التقصير المحتملة في هذا الحادث الأليم" لضمان عدم تكراره، وفق بيان نُشر على موقعه الرسمي وحسابه على تويتر. وبحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية، أبلغ خامنئي الجمعة بإسقاط الطائرة الأوكرانية من دون قصد وشدّد على ضرورة إعلان المعلومات على الملأ بعد اجتماع للمجلس الأعلى للأمن القومي.

تحميل واشنطن "جزءاً من المسؤولية"

كذلك أكّد قائد "قوات الجو- فضاء" في الحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة أن الجندي أطلق الصاروخ الذي أسقط الطائرة الأوكرانية من دون حصوله على تأكيد لأمر الإطلاق بسبب "تشويش" في الاتصالات. ورجّح أن يكون الجندي اعتقد أن الطائرة "صاروخ كروز" وكان لديه "عشر ثوانٍ" لاتخاذ القرار.

وحمّل حاجي زادة واشنطن "جزءاً من المسؤولية عن سقوط الطائرة الأوكرانية لأنها صعّدت التوتر مع طهران"، مضيفاً أن بلاده "كانت متأهبة لحرب شاملة مع أميركا عندما أصاب الصاروخ طائرة الركاب".

كما أوضح قائد "قوات الجو- فضاء" في الحرس الثوري، في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي ونشرها موقع مهر للأنباء، أن الصاروخ كان "قصير المدى وانفجر قرب الطائرة، لذلك تمكّنت" من مواصلة التحليق لمدة قصيرة و"انفجرت عندما اصطدمت بالأرض". وفي وقت أكّد تقبّله المسؤولية كاملةً عن الحادثة واستعداده "لأي عقاب وأي قرار يتخذه المسؤولون بهذا الشأن"، نقلت الوكالة عنه قوله "تمنّيت الموت، ليتني متّ ولم أسمع بمثل هذا النبأ".

إلى ذلك، أوصت وكالة سلامة الطيران الأوروبية شركات الطيران العاملة بالقارة بتجنّب المجال الجوي الإيراني حتى إشعار آخر. وجاءت التوصية كتمديد لأخرى سابقة من الوكالة للسلطات المحلية في الدول الأوروبية بمنع شركات الطيران من التحليق في أجواء إيران على ارتفاع أقل من 25 ألف قدم.

زيلينسكي يطالب بالتعويض

في المقابل، أعلن مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه من المقرر أن يجري الرئيس اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني اليوم السبت بعد إقرار طهران باسقاط الطائرة دون قصد.

وعبّر زيلينسكي في وقت سابق عن حزنه البالغ حيال الإقرار الإيراني وقال "إيران اعترفت بالذنب في إسقاط الطائرة الأوكرانية. لكننا نصر على اعتراف كامل بالذنب". وأضاف الرئيس الأوكراني "نتوقع من إيران تأكيدات على استعدادها لإجراء تحقيق كامل ومفتوح لتقديم المذنبين إلى العدالة وإعادة جثث القتلى ودفع تعويض وتقديم اعتذارات رسمية عبر القنوات الدبلوماسية".

"الطائرة لم تنحرف عن مسارها"

وفي وقت لاحق السبت، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أنها واثقة من أن طهران ستجري تحقيقاً "سريعاً وموضوعياً" بعد اعترافها بإسقاط طائرة البوينغ. وجاء في بيان الرئاسة أن "خبراءنا في إيران تمكنوا من الوصول إلى كل الصور ومقاطع الفيديو وإلى معلومات أخرى ضرورية لتحليل الآليات الجارية في طهران. وبناءً على المعلومات التي تمّ جمعها... لدينا ما يكفي من المعطيات لفهم أن التحقيق سيكون سريعاً وموضوعياً".

وقالت شركة الخطوط الدولية الأوكرانية السبت إنها غيّرت مسارات طائراتها بالفعل ولن تطير فوق إيران. وأضافت أن طائرتها المنكوبة لم تتلقَ أي تحذير من مطار طهران في ما يتعلق بوجود تهديد محتمل قبل إقلاعها. وقال رئيس الشركة ونائبه في إفادة إن الخطوط الدولية الأوكرانية نفت أيضاً إشارات إلى أن طائرة الركاب انحرفت عن مسارها الطبيعي، مضيفاً أنه كان ينبغي على السلطات الإيرانية إغلاق المطار.

وعقب مؤتمر الشركة الأوكرانية، ذكرت هيئة الطيران المدني الإيرانية، في بيان نشرته وكالة تسنيم للأنباء، أنه "حتى الآن لم يثبت أن الطائرة انحرفت عن مسارها". 

ترودو: لتحديد المسؤوليات

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما طالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بتحديد "المسؤوليات".

وقال ترودو إن حكومته تريد تحقيقاً كاملاً وتعاوناً تاماً من السلطات الإيرانية فيما يتعلق بحادث الطائرة الأوكرانية. وأضاف ترودو في بيان صدر عن مكتبه أن بلاده ما زالت تركز على "المحاسبة والشفافية والعدالة لأسر الضحايا وذويهم. هذه مأساة وطنية وكل الكنديين يشعرون بالفجيعة".

وتابع قائلاً "سنواصل العمل مع شركائنا حول العالم لضمان إجراء تحقيق كامل ومستفيض في حادث الطائرة، والحكومة الكندية تتوقع تعاوناً تاماً من السلطات الإيرانية".

يُذكر أن 57 كندياً كانوا على متن الطائرة التي تحطمت يوم الأربعاء بعد إقلاعها من طهران. وعبّرت كندا منذ أيام عن اعتقادها بأن الطائرة أُسقطت بصاروخ إيراني، لكن طهران ظلت تنفي ذلك حتى اليوم السبت.

كذلك اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن إقرار إيران بإسقاط الطائرة "خطوة أولى مهمة". وقال في بيان صدر عن مكتبه "سنبذل كل ما بوسعنا لدعم عائلات أربع ضحايا بريطانيين وضمان حصولهم على الأجوبة وطي الصفحة بالشكل الذي يستحقونه". وأضاف جونسون أن بلاده ستعمل من قرب مع كندا وأوكرانيا وغيرهما من الشركاء الدوليين لضمان إجراء "تحقيق دولي شامل وشفاف ومستقل وإعادة جثث القتلى"، مشيراً إلى أن الحادثة "تؤكد أهمية خفض تصعيد التوتر في المنطقة".

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أشادت بدورها السبت بإقرار إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية، وقالت من موسكو "أن تعرف هوية المسؤولين (عن الحادث) هو أمر جيد وأعتقد أنه ينبغي القيام بكل شيء بالتعاون مع دول المواطنين (الضحايا) بهدف إيجاد حلول وكشف (الأمور) في شكل معمّق ومناقشة التداعيات. اليوم، تم اتخاذ خطوة مهمة". 

مركز لـ "الحرس"

وجاء في البيان الذي نشره التلفزيون الرسمي الإيراني أنه "نظراً إلى التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) والقادة العسكريين الأميركيين المجرمين بشأن نيتهم استهداف عدد من الأماكن على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حال القيام بعمليات ضدهم ونظراً إلى ارتفاع عدد الطلعات الجوية بشكل غير مسبوق في المنطقة فإن القوات المسلحة الإيرانية تلقت أوامراً لتكون على أهبة الاستعداد للرد على التهديدات المحتملة". وأضاف البيان أنه "بعد العمليات الصاروخية (التي استهدفت قاعدة عين الأسد العسكرية في العراق)، ازداد عدد الطلعات الجوية الأميركية ووردت أنباء عن تهديدات ضد مواقع استراتيجية في البلاد ما أدى إلى رفع درجة الاستعداد لدى المضادات الجوية".

وتابع البيان الإيراني أن "الطائرة الأوكرانية اقتربت بشكل كامل من مركز عسكري حساس عائد إلى الحرس الثوري، فاعتُبرت خصماً واستُهدفت بسبب خطأ بشري ما أدى الى مقتل عدد من المواطنين ورعايا بعض البلدان الخارجية".

وأعربت الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية عن اعتذارها لذوي الضحايا وقالت إنها "ستجري تعديلات أساسية للحيلولة دون تكرار مثل هذا الخطأ البشري وستحيل المخطئين إلى القضاء العسكري للتعامل القانوني معهم".

"العالم يراقب"

وكانت الحكومة الكندية أكدت قبيل نشر البيان الإيراني، على دعواتها لإجراء تحقيق كامل في حادث سقوط الطائرة، محذرةً إيران من أن "العالم يراقب"، وذلك بعد تعرضها لضغوط في الداخل لاتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه إيران بسبب تقارير لأجهزة استخبارات ذكرت أن إيران أسقطت الطائرة.

وطالب أصدقاء وأسر بعض الكنديين الذين لقوا حتفهم في تحطم الطائرة رئيس الوزراء جاستن ترودو باتخاذ موقف أكثر تشدداً بعد اتهام طهران بإسقاط الطائرة وإن كان ربما عن طريق الخطأ.

وقال وزير الخارجية الكندي فرانسوا-فيليب شامبين عندما سُئل عما إذا كانت إيران أجرت تحقيقها بشأن ما حدث بنية صادقة "الوقت سيكشف لنا والعالم يراقب. أعتقد أن الشفافية هي ما يبحث عنها المجتمع الدولي الآن".

57 وليس 63

وقال شامبين إن أوتاوا تعتقد الآن أن 57 كندياً لقوا حتفهم في تحطم الطائرة بعدما أُعلن في بادئ الأمر أن 63 كندياً قُتلوا في الحادث. وقال إن قوة عمل طارئة في صدد التشكل لمساعدة أسر الضحايا.

وعلى الرغم من مواجهة ترودو ضغوطاً في الداخل للرد بشكل قوي فليس أمامه خيارات تُذكر لا سيما بعدما قطعت كندا علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في عام 2012.

وذكرت إيران في وقت سابق إنها ستسمح لمسؤولين كنديين وأميركيين ودوليين آخرين بالمشاركة في التحقيق في الحادث الذي وقع الأربعاء الماضي.

وقال شامبين إن كندا شكلت مجموعة تنسيق مع بريطانيا وأوكرانيا والسويد وأفغانستان لمساعدة أسر الضحايا والضغط على إيران لإجراء تحقيق كامل.

ولا توجد وسائل تذكر أمام ترودو لمعاقبة إيران على المدى القريب. وبلغ مجمل حجم التجارة المتبادلة بين البلدين أكثر من 200 مليون دولار كندي بقليل في عام 2018.

المزيد من الشرق الأوسط