Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سجن تحول ناديا رياضيا وآخر صار معملا... في الضفة الغربية

فوق أرض "حبس الدم" ذي القصص المرعبة بُني حي سكني

صورة جوية لسجن الفارعة سابقاً (اندبندنت عربية)

ثلاثة أماكن في الضفة الغربية كانت سجوناً، وتحولت بإرادة واعية إلى ناد رياضي ومعمل وحي سكني. كأن المقصود محو الهوية المأسوية لتلك الأماكن، أو حفظ ذاكرتها لكن تحت اسم آخر، نقيض.

داخل ملعب أخضر كبير تحيط به أشجار السرو والصنوبر، تلعب مجموعة من أطفال مخيم الفارعة، شمال الضفة الغربية. الفرح يضاعف النشاط والسؤال: ترى هل يدرك هؤلاء الصغار أن هذا المكان كان كابوساً لكثيرين من الفلسطينيين في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي؟ فهنا كان سجن الفارعة.

فقد تحول هذا المكان المرتبط، في ذاكرة آلاف الفلسطينيين بالتعذيب والأسر، إلى مركز رياضي يحمل اسم مركز الشهيد صلاح خلف.

رائد جعايصة مدير المنشآت الرياضية في المركز أحد محرري سجن الفارعة. يتحدث لـ "اندبندنت عربية" "كلما رأيت فرحة الأطفال والشباب وزوار المركز، أتذكر أيام البؤس والعذاب في هذا المكان. قبعت هنا لسنوات، وذقت فيه الألم والحرمان مع آلاف الأسرى الفلسطينيين في ثمانينيات القرن الماضي. فبعدما أخلته إسرائيل عام 1995 بقي مهجوراً لفترة وجيزة، قبل تحويله إلى مركز شبابي رياضي تابع للمجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني".

زنازين مشرقة

يضيف جعايصة "أُعيد تأهيل أجزاء من المبنى وبُني سور حول مساحته البالغة 55 دونماً، ويضم ملعباً لكرة القدم وآخر لكرة السلة والطائرة، ومسبحاً بمواصفات أولومبية، حيث يقصده آلاف الشبان سنوياً من مختلف مناطق الضفة الغربية، فعام 2019 استفاد منه أكتر من 10 آلاف زائر، ويحوي قاعات ومسارح. وآثرنا أن نبقي على جزء من مبنى السجن كما هو دون ترميم، يضم الزنازين وغرف التحقيق لكي تبقى شاهدة على أعمال التنكيل التي مارستها إسرائيل بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين. وما زالت أقبية التحقيق ماثلة للعيان. والكتابات التي خطها الأسرى على جدران الزنازين أبقيناها على حالها فنحن نسعى إلى إقامة متحف فلسطيني داخل المركز يضم كل تلك الصور والحكايا التي خطها المعذبون في السجن. وسيحوّل المجلس بعض الزنازين إلى مركز تأهيل لكبار السن والأشخاص المعوقين. فالغرف التي لم تدخلها أشعة الشمس لسنوات، ستشرق من جديد بأحلام تنموية اجتماعية هادفة".

عام 1997 قرر المجلس الأعلى للشباب والرياضة في الضفة الغربية، تحويل سجن الفارعة الإسرائيلي الذي كان في ثلاثينيات القرن الماضي معسكراً للجيش البريطاني، إلى مركز رياضي شبابي، يُفرغ الطاقات الكامنة للشباب الفلسطيني، ويطمح القائمون عليه إلى إضافة مرافق وملاعب ومنتديات اجتماعية وثقافية وفنية.

السجن معمل للسكاكر

سجن الفارعة ليس بعيداً من سجن القشلة، أو ما كان يعرف "بالسرايا". فوسط البلدة القديمة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، حوّلت عائلة القوقا منذ سبعين سنة سجناً عثمانياً استخدمه الجيش الإنجليزي إلى معمل للسكاكر والحلويات. وباتت غرف التحقيق والتعذيب تفوح برائحة الحلويات وتعج بالألوان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يروي خالد القوقا صاحب معمل السكاكر، لـ "اندبندنت عربية"، أنشئ المكان في البداية ليكون معسكراً للجنود الأتراك، وإلى جانبه سكن الوالي في فترة الحكم العثماني. ومع بداية الانتداب البريطاني لفلسطين تحول سجن السرايا إلى معتقل بريطاني، قضى فيه عدد كبير من السجناء محكومياتهم. وفي الساحة الخارجية للمعمل نُفذ حكم الإعدام شنقاً بحق كثيرين من الثوار الفلسطينين، إلى أن اشترت عائلتي في 1950 جزءاً من المكان، وحولته على الفور إلى معمل للحلويات حيث ما زال يعمل إلى اليوم".

حبس الدم

وعلى بعد أمتار قليلة من سجن السرايا العثماني، حارة قديمة تعرف باسم "حبس الدم". كثرت حكاياها وشاعت قصصها المرعبة.

يفك الباحث في التاريخ الفلسطيني زكريا محمد الغموض الذي يلف قصة هذا المكان. يقول "حبس الدم هو المكان الذي يوقف فيه القاتل، إلى أن تجري تسوية قضية الدم (جريمة قتل) بين عائلته وعائلة القتيل برعاية السلطات، ويتم الاتفاق فيها على الدية ومصير القاتل وعائلته. فحبس الدم مكان توقيف موقت هدفه تطويق الخلاف حول الدم وقطع سلسلة الثأر المتبادل.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات