Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عصام خليفة الأكاديمي الإصلاحي... تكافئه الدولة اللبنانية بقرار توقيفه

حملة وطنية ونقابية شاملة تؤازر قضيته... بعد كسر قرار تبرئته

الدكتور عصام خليفة  (يوتيوب)

ليست المواجهة القضائية القائمة اليوم بين رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب والدكتور عصام خليفة حديثة العهد. فقد شهدت الأوساط الأكاديمية والثقافية نزاعات عديدة بينهما قبل أشهر ، إلا أن القضية عادت اليوم إلى الواجهة مع المفاجأة التي أحدثها قرار الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، بإصدار مذكرة إلقاء قبض بحق الدكتور خليفة وإحالته إلى محكمة الجنايات في بيروت. أتى هذا القرار السريع أشبه بقنبلة فجرت ردود فعل مستنكرة في الرأي العام لهذا القرار التعسفي. وبرزت تحركات تضامنية في مناطق عدة قام بها كثر ممن عرفوا خليفة عن كثب وشهدوا على نزاهته وعصاميته ووقوفه الدائم في وجه الفساد. وراجت على وسائل التواصل الإجتماعي مواقف مؤيدة له وكتابات تناصره وتهاجم رئاسة الجامعة مذكّرة بالفضائح التي كشفها خليفة. ومعروف أن خليفة مؤرخ وباحث في علم التاريخ والسوسيولجيا وله مؤلفات عديدة، ويعد من ابرز المثقفين اللبنانيين العلمانيين، وله تاريخ طويل من النضال الوطني، لا سيما منذ أن كان طالباً في الجامعة اللبنانية حتى اصبح احد أهم اساتذة التاريخ فيها، وقد كافح سنوات طويلة من اجل تطوير الجامعة وتحريرها من بؤر الفساد والمحسوبيات السياسية والطائفية.

شكل قرار إحالة الدكتور خليفة إلى محكمة الجنايات وتوقيفه صاعقة في أول أيام العام الجديد،  فيما هم يترقبون ما سيحمله لهم من تغيير في ظل الازمة التي تجتازها البلاد. صحيح أن المواجهات بين خليفة وأيوب ليست جديدة، لكنّ هذا التطور المفاجئ فيها، شكل صدمة حقيقية لمن أملوا خيراً بفتح ملفات الفساد والمحاسبة. وقد أتى هذا القرار على خلفية دعوى الدكتور أيوب أمام قاضي التحقيق في بيروت التي اتهم فيها خليفة بأداء شهادة زور ضده، في ما يخص استخدامه نفوذه كرئيس جامعة لتحقيق مكاسب مادية ومصالح خاصة. ويبدو أن هذه الدعوى المقدمة من أيوب كانت قد أتت كرد فعل منه انتقاماً من خليفة، الذي كان قد اتهم رئيس الجامعة اللبنانية برفع درجاته في إدارة الجامعة اللبنانية، وذلك منذ لحظة دخوله إليها للتعليم قبل 10 سنوات، بهدف الاستفادة من المبالغ التي يمكنه تحصيلها بهذه الطريقة من خلال المفعول الرجعي. عن تفاصيل القضية يقول الدكتور خليفة في حديث مع "اندبندنت عربية" إنه عند تعيين الدكتور أيوب في رئاسة الجامعة أعطى لنفسه درجات أربع أي ما يوازي 900 ألف ليرة لبنانية شهرياً. وبهدف تحقيق المزيد من المكاسب المادية استحصل الدكتور أيوب على الدرجات بمفعول رجعي منذ العام 1994 اي من تاريخ بدء تعاقده مع الجامعة اللبنانية".

انطلاقاً من دوره كنقابي وكرئيس رابطة في الجامعة، كان للدكتور خليفة موقف واضح من هذه الخطوة منتقداً عدم قانونيتها ومعبراً عن رفضه لها لاعتبار أن ذلك لم يحصل مرةً في السابق في تاريخ الجامعة، بحسب قوله. لذلك، عبّر عن موقفه من هذا الإجراء في تصريحات عبر وسائل الإعلام وفي بيانات. وبعد أن تم رفض الدرجات الاربع للدكتور أيوب بحيث لم يعطه وزير التربية إلا درجة ونصف درجة، أتى الرد منه على خليفة من خلال شكوى تقدم بها بحقه لتصريحه في أكثر من مناسبة عن إقدامه على رفع درجاته وباتهام الدكتور خليفة بشهادة الزور، حتى أن عدد الدعاوى التي تقدم بها ضده بلغ ستاً. "أراد الدكتور أيوب أن ينتقم مني بهذه الطريقة لعدم حصوله على الدرجات الأربع التي كان يطمح إليها، مع ما في ذلك من مكاسب مادية يمكن أن يحققها. أتى حكم مجلس الجامعة لصالحي، لكن الأمور اتخذت منحى آخر سياسياً وأتى قرار الهيئة الاتهامية في بيروت بسرعة تعتبر قياسية في القضاء اللبناني وصدرت مذكرة توقيف بحقي وبإحالتي إلى محكمة الجنايات في بيروت استناداً إلى المادة 408 من قانون العقوبات التي تنص على حكم بالسجن لمدة 3 سنوات".

كانت هذه آخر التطورات في الملف الذي يؤكد الدكتور خليفة على أنه ملفق وأن الدليل الواضح والأكيد على كلامه هو أن مجلس الجامعة كان قد حكم لصالحه استناداً إلى المستندات والوثائق التي تثبت صحة كلامه وهي كلّها متوافرة بحوزته. "صحيح أنه تمت إحالتي إلى المحكمة الجنائية ولم يتخذ القرار بالتنفيذ ولكن يكفي اتخاذ قرارمماثل وتوجيه الاتهام لي".

منذ تاريخ صدور الحكم توالت ردود الفعل الرافضة لهذا القرار والداعمة للدكتورخليفة الذي لطالما كان من أشد المدافعين عن مصالح الجامعة اللبنانية والمتصدين للفساد الذي يعتريها. عبّر كثر عن رفضهم لهذا القرار المجحف الذي يشكل ظاهرة جديدة من ظواهر قمع الحريات في لبنان. وقد أصدرت "الحركة الثقافية -انطلياس" بياناً اكدت فيه تضامنها مع الدكتور خليفة فاعتبر أعضاء هيئتها الإدارية أن هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها ملاحقة الدكتور خليفة بسبب آرائه ودفاعه الشرس عن مصالح الجامعة اللبنانية وتصديه للفساد، فيما اعتبرت هذه "المرة الوحيدة التي نفاجأ بها بقرار قضائي يتهم الدكتور خليفة بجناية التزوير، بعدما كان قاضي التحقيق قد منع عنه المحاكمة". انطلاقاً من ذلك وضع أعضاء الهيئة الإدارية هذا القرار برسم اللبنانيين والمفكرين والأكاديميين والمثقفين بشكل خاص لاعتباره يشكل تهديداً مباشراً لحرية الرأي والتعبير وللقيم الديمقراطية. وتمت مناشدة محامي بيروت وطرابلس للمساهمة في تصويب "الخلل الجوهري الذي يعتري القرار الاتهامي، دفاعاً عن عصام خليفة، الرمز الوطني الكبير". كما برزت ردود فعل عديدة مستنكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحركات وتجمعات تضامنية مع الدكتور خليفة في مناطق عديدة في لبنان من زملاء وسياسيين وكتاب ومثقفين ممن عرفوه وشهدوا على نضاله الطويل في سبيل الدفاع عن مصالح الجامعة اللبنانية. وأصدر أهالي بلدته حدتون-البترون في شمال لبنان  بياناً تضامنياً معه أكدوا فيه على رفضهم لهذا القرار التعسفي بحق من وصفوه ب"ضمير الجامعة اللبنانية" الذي عرف بجرأة مواقفه في مواجهة الفاسدين. حاولنا الإتصال بالدكتور فؤاد أيوب رئيس الجامعة للإطلاع على رأيه في القضية فإذا رقم هاتفه مغلق. وكانت نقابة الصحافة وجمع من الإعلاميين اللبنانيين عقدوا مؤتمرا ً صحافياً قبل مدة وأصدروا بياناً ردوا فيه بقسوة على حملة  مستهجنة وغير مسبوقة، قام بها طالباً من القضاء إزالة كل ما يسيء اليه في وسائل الإعلام.  

المزيد من ثقافة