Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس مجلس النواب الليبي: اتفاقية السراج وأردوغان باطلة دستوريا

عقيلة صالح كشف لـ"اندبندنت عربية" أن إرهابيين شاركوا في عملية قتل السفير الأميركي في بنغازي يحاربون مع حكومة الوفاق

توجهنا إليه في مقر إقامته بمسقط رأسه بمنطقة القبة الجبلية قرب درنة ورغم أنها واحدة من أبرد المناطق في ليبيا في مثل هذا التوقيت من العام، إلا أنها كانت ساخنة وتضج بحركة الوافدين إلى المقر والمغادرين منه، متأثرة بحرارة الأوضاع في ليبيا. استقبلنا بالزي الليبي التقليدي وابتسامة ودودة لاحظت أنها تخفي قلقاً كبيراً، ربما بدا مفهوماً لشخص يحمل صلاحيات رئيس في بلاد تتنازعه أزمة أمن قومي. في اللحظة التي كنا نتحدث مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح كانت الأنباء تتواتر عن طائرات تحمل مقاتلين أجانب تهبط في طرابلس للمشاركة في المعركة بين أبناء البلد الواحد، والذين يتساقطون في كل لحظة على أبواب العاصمة.

 

 

انقسام البرلمان

بادرته بالسؤال" البلد على مشارف أزمة أمن قومي عميقة يتجاوزها خطرها الحدود ليمس الأمن الإقليمي للمنطقة، كيف يؤثر انقسام البرلمان إلى برلمانين في طبرق وطرابلس على إمكانية اتخاذ إجراءات تعالج أزمة مثل هذه؟

فأجاب "علينا ألا ننسى أن انقسام البرلمان ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ معركة بنغازي وولادة اتفاق الصخيرات، وظهور جسم متنازع حول شرعيته، هو المجلس الرئاسي الجديد، صحيح ظهر جسم مواز للبرلمان في طرابلس، ولكنه غير ذي تأثير لأسباب قانونية ودستورية، فالإعلان الدستوري، وهو الوثيقة الدستورية التي تدير البلاد منذ 2011 بيّن مكان المقر الدستوري للبرلمان ووضع قوانينه الأساسية التي ولدت منها لوائحه الداخلية، ولم يؤثر انقسام عدد من الأعضاء في طرابلس، لأن النصاب موجود وإمكانية اتخاذ القرار متاحة وسنتخذ كل ما يلزم لحماية أمن البلاد واستقرارها".

التدخل التركي

وحول مشروع واجراءات البرلمان لمواجهة التدخل العسكري التركي في ليبيا قال "بدأنا بالتواصل مع الدول ذات الشأن، والتي يمس مصالحها وأمنها الاتفاق الذي عقد بين السراج وأردوغان بشقيه المتعلقين بالتعاون العسكري وترسيم الحدود البحرية، واتفقنا معها على خطوات مشتركة لمواجهة هذا الاستفزاز التركي لمنطقة كاملة ومهمة من العالم مثل البحر الأبيض المتوسط. وسنشرع بعد أيام بالتعاون مع هذه الدول عبر المحافل القانونية الدولية المخولة بالفصل في مثل هكذا خلافات لإجهاض هذا الاتفاق الذي يخفي في طياته رغبات أردوغان في السيطرة على منابع الغاز والنفط في ليبيا والبحر المتوسط إضافة إلى أحلامه بإعادة المجد العثماني واعتقاده بأنه وريث السلطان القادرة على إحياء هذه الأمجاد المزعومة".

وحول إمكانية خلق محور عربي - عربي لمواجهة مشروع التمدد التركي والإيراني في البلاد العربية قال "للأسف الشديد إذا كنت تقصد أن يتم الأمر تحت قبة جامعة الدول العربية فهذا غير ممكن بالقياس على تجارب سابقة فشلت فيها الجامعة في اتخاذ قرار موحد حول قضايا مصيرية لشعوبها، بسبب نظامها الأساسي الذي يحتاج لمرجعات عميقة. فإذا كان مجلس الأمن من خمس دول لديها حق الفيتو، ففي الجامعة العربية 22 دولة لديها حق الفيتو، واعتراض دولة واحدة يفشِّل أي قرار يطرح. ولكن يمكن خلق اتحاد أو سمه ما شئت بين دول محددة، وقفت في السنوات الماضية وقفة حقيقية وجادة لمواجهة محاولة تفتيت المنطقة العربية وزعزعة استقرارها.  وعلى الشعب الليبي التعويل على نفسه وعلى مساعدة الدول الصديقة التي تسعى لمساعدة ليبيا في حماية أمنها واستقرارها".

قلت له في إجابتك تلمح عدم رضا عن مخرجات اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، فأجاب "بالتأكيد نحن لسنا راضين كل الرضا عن مخرجات هذا الاجتماع رغم ترحيبنا برفض البيان الختامي للتدخل الأجنبي، ولكن نتحفظ على عدم تحديد هذا التهديد، ومن أين يأتي؟ وعدم صياغة مسودة قرار ضد هذا التدخل العسكري المعلن في بلد عربي من قبل دولة مثل تركيا. لقد شبعنا من بيانات الرفض والتنديد والاستنكار دون أن ننسى شكر البلاد العربية التي وقفت معنا داخل وخارج الاجتماع، ونصرتنا في حربنا العادلة لتطهير بلادنا من الإرهاب منذ أول يوم وعلى رأسها مصر والسعودية والكويت والبحرين والإمارات والأردن ".

وأضاف " كنا نتوقع أيضاً أن يكون هناك موقف عربي واضح من الاتفاقية الموقعة بين تركيا والمجلس الرئاسي، لأنها تمس أمن منطقتنا كلها ولسنا في ليبيا الوحيدين المعنيين بها بخاصة أنها لم تتم المصادقة عليها من قبل السلطة التشريعية في البلاد بحسب كل القوانين واللوائح المعمول بها بكل أنحاء العالم".

وحول زيارة أردوغان لتونس والجدل الذي ثار حولها قال صالح "أولاً تحيتنا للشعوب العربية التي ما زالت بخير مثل الشعب التونسي، الذي بين أنه يعي تماماً المخاطر المحيطة بنا شعوباً وأمة، حقيقة أنا اعتبر ما حصل هزيمة من الشعب التونسي لأردوغان، ومع أن الموقف الرسمي التونسي الذي عبر عنه الرئيس في خطابه الذي وصف فيه تصريحات أردوغان حول عقد اتفاقات مع تونس حول الأزمة الليبية بأنها افتراء، نحن نعتبر أن هذا الموقف جاء تحت الضغط الشعبي في تونس".

وقال رئيس مجلس النواب الليبي إن سياسات أردوغان في المنطقة وتحركاته للتدخل العسكري في طرابلس " باتت لا تخفى على أحد. إنها تمثل خطراً على كل الشعوب والدول في حوض المتوسط، وتنم عن مطامع للسيطرة على اقتصاد هذه المنطقة مستغلاً الأزمة الليبية. وهو يستغل ضعف حكومة الوفاق في طرابلس" التي وصفها بأنها أذعنت ووقعت على ما أملي عليها في أنقرة وفُرض عليها بعض المواد التي لا يمكن تعديلها إلا بموافقة تركيا وتعتبر ملزمة وهذا أمر غير مسبوق بتاتاً".

وعن خطورة هذه الاتفاقية على أمن المنطقة قال صالح إن أردوغان "يرسل الآن مجموعات إرهابية إلى ليبيا، وبعد ذلك سيستغلها في ابتزاز أوروبا مثلما فعل في أزمة المهاجرين السوريين، وهنا تتضح مخاطر نوايا أردوغان على المنطقة ككل. وحتى داخل تركيا هناك أصوات معارضة لمخططات أردوغان في ليبيا، ونحن نتواصل مع المعارضة التركية ونعول عليها في إبطال هذا المشروع. وبالمناسبة علينا أن نبين أن حجج أردوغان للتدخل في ليبيا بذريعة حماية مصالح تركيا كاذبة وواهية، ونحن نؤكد أن مصالح الدولة التركية في ليبيا محفوظة وأن التهديدات التي يتحدث عنها الرئيس التركي لهذه المصالح لا حقيقة لها".

وبين المستشار عقيلة "أن أردوغان متدخل في ليبيا بشكل فعلي منذ مدة بالدعم العسكري والخبراء وإرسال الإرهابيين وإيواء قادة الجماعات الإرهابية الفارين من ليبيا في بلاده" ووصف انتظار أردوغان لموافقة البرلمان التركي على طلب التفويض "مسرحية سياسية ليقول للعالم أنه رجل ديمقراطي"، كما اعتبر هذه الخطوة إهانة للسراج متسائلاً " كيف يعرض أردوغان اتفاقيتك معه على برلمانه للتصديق عليها، ولا تفعل أنت وتحترم قوانين بلادك ودستورها وتشريعاتها"؟

ويضيف صالح "هذه الاتفاقية باطلة بكل المعايير من الناحية الدستورية، وطبقاً للتشريعات الدولية المقرة في اتفاقية فيينا عام 1969. التي تنص المادة 45 منها على حق أي طرف أن يبطل أي اتفاقية إذا تعارضت مع نص جوهري في قانونه الداخلي وتشريعاته المحلية. وهذه الاتفاقية تتعارض مع نص الإعلان الدستوري الليبي، وأيضاً مع نص الاتفاق السياسي في الصخيرات، وخاطبنا كل الجهات الدولية على رأسها الأمانة العامة للأمم المتحدة وأوضحنا عوارها القانوني والدستوري ومخالفتها للقوانين الدولية المعمول بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التعاون مع اليونان وقبرص

وحول زيارته لقبرص واليونان لخلق موقف موحد لمواجهة هذه الاتفاقية، قال "اتفقنا مع اليونان وقبرص على المعارضة القانونية لهذه الاتفاقية في المحافل الدولية وإيطاليا أيضاً انضمت لهما، ووعدتا بالاحتجاج عليها في الاتحاد الأوروبي وحثه على اتخاذ موقف منها كما عبرتا صراحة أنهما لن تتعاملا مستقبلاً إلا مع الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا، وستعملان على تعزيز التعاون معها في كافة المجالات وتسحبان بشكل رسمي اعترافهما بحكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج".

واعتبر "أن تصريحات أردوغان حول تدخل قوى عسكرية خارجية إلى جانب الجيش في معركة طرابلس على رأسها تلك المقدمة من روسيا ومصر هراءً وكلاماً غير صحيح. الجيش الليبي هو جيش وطني يستعين بخبراء لتطوير الجيش وتدريب أفراده مثل أي جيش أخر في العالم. ولكن ليظهروا مقاتلاً أجنبياً واحداً شوهد يقاتل مع الجيش في طرابلس مثلما عرضنا صوراً لطيارين مرتزقة أجانب ومقاتلين من جنسيات أجنبية يقاتلون مع ميليشيات الوفاق ولم يتمكن هو ولا غيره من تقديم دليل مادي واحد على كلامه عن قتال قوى أجنبية مع الجيش لأنها افتراءات".

اجتماع برلين

وحول اجتماع برلين وهل يعقد البرلمان الليبي أمالاً عليه لحلحلة الأزمة قال صالح "اجتماع برلين هو اجتماع بين قوى دولية واقليمية معنية بالأزمة لإصدار توصيات أو مشروع يطرح حلاً للأزمة. نحن لن نشارك به وقد ناقشت الخطوات لعقده مع المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وقلت له إننا لن نقبل بإملاءات أجنبية لفرض حكومة أو وصاية علينا من جديد، ووعد بأن يحرص على ذلك. وطلبت منه أيضاً أن ينطلق الحل الجديد الذي سيطرح من منطلقات لا علاقة لها باتفاق الصخيرات، ووعد بطرح الأمر خلال الاجتماع وإذا حدث ما طلبنا سنرحب بالمخرجات، وإذا لم يحدث فلن نقبل بفرض طرح يختلف مع رؤيتنا للحل بشكل تام. وما نرفضه من الآن تكرار ما حدث باتفاق الصخيرات، بكل تفاصيله. مؤتمر برلين نعود ونكرر متعلق بتوحيد وجهات النظر في المجتمع الدولي حول الأزمة الليبية وغير ملزم بشيء لليبيا".

وحول المبادئ التي أعلنها من القاهرة لإدارة الدولة بعد دخول الجيش لطرابلس أوضح "نحن جاهزون لتحويلها إلى خارطة طريق بعد تحرير طرابلس. وستشكل مباشرة حكومة وحدة وطنية لإدارة شؤون البلاد تُراعى فيها الأقاليم الليبية الثلاثة المعروفة تاريخاً "برقة وطرابلس وفزان" وستشكل لجنة من النخب والمتخصصين لطرح مشروع دستور جديد لعرضه على الشعب لتصويت عليه بعدها ينتخب رئيس للدولة وبرلمان جديد مثلما هو معمول به في كل أنحاء العالم".

وحول زيارته للولايات المتحدة الأميركية المرتقبة في يناير (كانون الثاني) الحالي، أوضح "هذه الزيارة جاءت بدعوة من الإدارة الأميركية، وستسبقها زيارة إلى الاتحاد الأفريقي في النيجر، وسنركز خلال الزيارتين على العمل على إبطال اتفاقية السراج وأردوغان المجحفة والمستفزة، والتأكيد على أن لا حكومة شرعية ما لم تحصل على موافقة وتفويض السلطة التشريعية. وسنؤكد على احترام إرادة الليبيين والتشريعات النافذة في البلاد، كما سنبحث التعاون المشترك في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار وتوضيح ما يجري في العاصمة من تغول الإرهاب وتحويلها إلى بؤرة للتطرف، والاستدلال على أن بين من يقاتل مع ميليشيات الوفاق في طرابلس إرهابيون شاركوا في عملية قتل السفير كريس ستيفينز في بنغازي عام 2012".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي