Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساعي التهدئة تعيد عمال غزة الى إسرائيل

الفصائل تحذر من الحلول الإنسانية للقضية الفلسطينية

مسيرة في غزة تطالب بفك الحصار عن القطاع لتوفير فرص عمل للعمال (اندبندنت عربية)

ما إن سمع خليل قرار إسرائيل بالسماح لعمال غزّة بالدخول إلى أراضيها للعمل هناك، حتى باشر بالبحث عن الشروط والتفاصيل المطلوبة للحصول على تصريح الدخول، وبعد محاولات عدة نجح في تخطي الفحص الأمني الإسرائيلي، الذي يعد آخر خطوة قبل مباشرة العمل في إسرائيل. خليل مواطن عاطل من العمل منذ عام 2007، بعد تخرجه من الجامعة من تخصص التحاليل الطبية، ولم يجد عملاً منذ ذلك الوقت سواءً في المؤسسات الحكومية أو الأهلية، ومثله قرابة 300 ألف عاطل من العمل وفقاً لبيانات وزارة العمل، لم يجدوا أيّ فرصة تشغيل مطلقاً. يقول خليل إنّه سُمح له بعد الفحص الأمني بالدخول إلى إسرائيل والعمل هناك، براتب تصل قيمته حتى 100 دولار في اليوم الواحد، ومن خلال تلك الفرصة شعر بنفسه شخصاً منتجاً وفعّالاً، على الرغم من أنّه يعمل في مهنة البناء الشاقة.

 

التدخل المصري

في الواقع، بعد وصول مسيرات العودة على الحدود بين غزّة وإسرائيل ذروتها، وتدخل الاستخبارات المصرية، كوسيط لضبط الأوضاع الأمنية وعدم السماح بانجرار المنطقة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، بدأت مفاوضات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، برعاية مصرية، توصلت الأطراف من خلالها لتخفيف الحصار عن القطاع وتقديم حلول لمشاكله، مقابل وقف مسيرات العودة.

وكان من بين بنود التفاهمات التي توصلت إليها الأطراف، السماح للعمال بالدخول إلى الأراضي الإسرائيلية والعمل هناك، كما كان الأمر قبل عام 2007، حين أغلقت إسرائيل المعابر ومنعت العمال من الوصول إلى أماكن عملهم داخل أراضيها. وبحسب التقديرات التي حصلت عليها "اندبندنت عربية" كان يعمل في إسرائيل نحو 150 ألف عامل قبل عام 2007.

في الحقيقة، لم تسمح إسرائيل بدخول عمال إلى أراضيها، حتى وإن بدا الأمر كذلك، فإسرائيل قامت بزيادة عدد تصاريح دخول التجار إلى أراضيها، وفق "كوتة" معينة تقدر بحوالى 5 آلاف تاجر، ضمن شروط مسبقة وضعتها بنفسها، إضافة إلى ضرورة وجود ملف الفحص الأمني.

 

التسهيلات

ماهر الطبّاع مسؤول في الغرفة التجارية في غزّة يقول إنّ إسرائيل قامت ببعض التسهيلات على تصاريح التجار، من بينها زيادة العدد المسموح إلى 5 آلاف تاجر، ومن بين التسهيلات، خفضت السن المسموح من 30 إلى 25 بغض النظر عن الحالة الاجتماعية.

ويوضح الطبّاع أنّ معظم الأشخاص الذين يخرجون من غزّة للعمل في إسرائيل، هم عمّال، وليسوا تجاراً، على الرغم من حصولهم على تصريح تاجر، ومن المقرر أنّ يعملوا هناك لمدة شهر، وبعدها يتمّ تجديد التصريح لثلاثة أشهر، ثمّ تختلف المدة إلى نهاية فعالية التصريح.

ووردت إلى "اندبندنت عربية" معلومات تشير إلى وجود تقدم في ملف التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ومن المقرر أنّ تزيد إسرائيل نسبة السماح للعمال بالدخول إلى أراضيها، بحيث ترتفع "الكوتة" من 5 آلاف عامل إلى 10 آلاف من بداية العام الجديد.

وتفيد المعلومات التي حصلنا عليها أنّه من المقرر أنّ يعمل هؤلاء العمال في جنوب إسرائيل، وقد يكون ذلك في المستوطنات، وسيعملون في فرعي البناء والزراعة، برواتب قد تصل إلى 70 دولاراً في اليوم الواحد.

ووفقاً للحديث، فإنّه من المقرر أنّ يدخل حوالى ألفي عامل في اليوم الواحد إلى إسرائيل من معبر بيت حانون (إيرز) شمال القطاع، وإذا سارت الأمور بشكلٍ جيد، قد يتمّ رفع العدد إلى نحو 6 آلاف عامل، وبعدها ستعمل إسرائيل على دراسة إمكانية فتح منطقة صناعية تقع بين غزّة ومعبر إيرز.

حل نسبي

لكن هذا التقدم في زيادة نسبة العمال داخل إسرائيل، يراه بعض المراقبين بأنّه جزء من الحل النسبي لمشاكل غزّة المتراكمة، بينما في الحقيقة الأمر مختلف، يعلّق على ذلك المحلل الاقتصادي مازن العجلة بأنّ عدد العاطلين من العمل 300 ألف، بينما المسموح لهم بالعمل في إسرائيل لا يتجاوز 10 آلاف، متسائلاً كيف سيحل هذا مشكلة البطالة.

ويقول العجلة، بلغت نسبة البطالة بين العمال قرابة 65 في المئة، وبين حملة الشهادات الجامعية وصلت إلى 70 في المئة، ومحاولة السماح لعدد من سكان غزّة بالدخول للعمل في إسرائيل لا يحل مشكلة البطالة ولا يُحسّن معدلات الفقر المدقع.

ويعتقد العجلة بأنّ السماح بإدخال التجار للعمل داخل إسرائيل، يأتي ضمن بنود التفاهمات التي استطاعت مصر التوصل إليها بعد تدخلها لضبط الميدان بين غزّة وإسرائيل، ويأتي ذلك في إطار الحلول الإنسانية عوضاً عن الحلول السياسية للقضية الفلسطينية.

الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم يقول، إنّ حركته إلى جانب الفصائل الأخرى تسعى لفك الحصار عن غزة وتتعاون مع المصريين لبحث كلّ السبل لتأمين العيش الكريم وإيجاد فرص عمل للغزيين داخل وخارج القطاع، وهذا لا يؤثر في القضية السياسية ولا في مواقف حركته من إسرائيل.

في ذات الإطار، اعتقد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض أنّ ما يجري من تفاهمات بين حماس وإسرائيل، هو مجرد حلول إنسانية، تقوم من خلالها الأخيرة بإسكات سكان القطاع، وتقديم حقن بنج لهم، محذراً من التماشي مع الحلول الإنسانية على حساب الحلول السياسية.

ومن جهة إسرائيل، يقول الصحافي عدنان أبو عامر، إنّ ثمّة خلافات داخلية نشبت بين القيادات الإسرائيلية نتيجة نية إدخال عمال فلسطينيين من غزة إلى أراضي الجنوب الإسرائيلي.

ويضيف أبو عامر "أمام اكتمال القرار الإسرائيلي بإدخال حوالى 10 آلاف عامل من غزّة، عقبتان، الأولى معارضة الشاباك لمثل هذه الخطوة، وهو موقف مبدئي لأجهزة الأمن خشية أن يتحولوا لمنفذي عمليات داخل إسرائيل، أو على الأقل جامعي معلومات أمنية عن الأوضاع في مستوطنات محيط غلاف غزة، وينقلونها لحماس".

ويوضح أنّ العقبة الثانية هي إسرائيلية داخلية، لأن هذه الخطوة بهذا التوقيت بالذات الذي تعيش فيه إسرائيل موسماً انتخابياً حامياً قد يعيق تنفيذها، بل قد يقرب الخيار الثاني المتمثل بالذهاب لحرب جديدة مع حماس.

المزيد من الشرق الأوسط