Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون يغازل الحراك بعربون "بدوي ودحمون"

يتريث أمام "معضلات" تشكيل الحكومة

حرص رئيس الجزائر المنتخب عبد المجيد تبون بمجرد وصوله إلى قصر الرئاسة عقب تأديته اليمين الدستورية، إلى استدعاء الوزير الأول نور الدين بدوي مرفقاً بقرار استقالة حكومته، وبعد لقاء استغرق بضع دقائق طلب تبون من بدوي مغادرة المكتب في مشهد "مهين" نقله التلفزيون الحكومي قبل أن يوقع مرسوم إنهاء مهام وزير الداخلية صلاح الدين دحمون، إذ يشترك المسؤولان في إثارتهما غضب الحراك الشعبي.

إلا أن عبد المجيد تبون اكتفى بتسمية وزير الخارجية، صبري بوقادوم وزيراً أول بالنيابة ليجمع المنصبين بشكل مؤقت إلى حين الكشف عن أسماء الحكومة الجديدة، كما منح منصب وزير الداخلية بالنيابة أيضاً إلى وزير السكن كمال بلجود، ما أعطى انطباعاً أن اسم الوزير الأول الجديد لم ينضج بعد في فكر رئيس الجمهورية، بما أن الدستور يخول له إعلان اسم من يشاركه قيادة الجهاز التنفيذي في انتظار بقية أسماء الوزراء.

دوافع الإقالة المستعجلة

لم تكن علاقة تبون تتسم بالود تجاه الوزير الأول المستقيل نور الدين بدوي، وتشير مصادر مقربة من الرئيس خلال حملته الانتخابية لـ "اندبندنت عربية"، إلى أنه كان كثير الانتقاد لبدوي ويحمّله مسؤوليات عدة على علاقة بالوضع الموروث عن حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

ومع ذلك فإن الدافع الأكبر للإقالة المستعجلة كان توجيه رسالة سريعة إلى الحراك الشعبي الذي طالما طلب إقالة كل من رئيس الدولة السابق عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي، حين كان يعد أسماء "الباءات" المتبقية من نظام بوتفليقة، وجاءت الإقالة عشية أولى المسيرات وتبون رئيس للجمهورية بكامل الصلاحيات وأيضاً ترقباً لرد الحراك الشعبي على دعوته إلى حوار "وطني وشامل".

أما الوزير السابق للداخلية صلاح الدين دحمون فيكون قد دفع ثمن تصريح سابق له وصف فيه متظاهرين بـ "الخونة المرتزقة والشواذ"، وعلى الرغم من اعتذار الوزير عن تلك الأوصاف ونفى أن يكون الحراك هو المقصود بها إلا أن قرار تنحيته كان اتخذ حتى قبل انتخاب رئيس جديد، فقد منعته رئاسة الجمهورية لأسابيع من التصريح إلى وسائل الإعلام أو مجرد محاولة الظهور أمام كاميرات التلفزيون ولو في مراسم تدخل ضمن نطاق نشاطاته الحكومية الرسمية.

 دبلوماسي للمرحلة المؤقتة

من بين جميع الأسماء في الطاقم الحكومي في حكومة تصريف الأعمال التي قادها بدوي منذ مارس (آذار) الماضي، اختار تبون اسم صبري بوقادوم وزير الخارجية لقيادة الفترة الانتقالية إلى غاية الكشف عن اسم الوزير الأول والطاقم الذي يرافقه.

وبرز اسم بوقادوم في المشهد الداخلي ضمن حكومة الوزير الأول السابق نور الدين بدوي، خلفاً للدبلوماسي رمطان العمامرة الذي لم يعمر طويلاً وكانت فترة توليه للوزارة أقصر فترة وزير في الحكم (من 11 مارس 2019 إلى 31 من الشهر ذاته).

وبوقادوم هو دبلوماسي وسياسي جزائري (61 سنة) تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة فرع الدبلوماسية. وتنقل السفير بوقادوم بين مناصب عدة، آخرها منصب الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة من كانون الأول (ديسمبر) 2013 حتى تعيينه وزيراً للخارجية.

وشغل بوقادوم منصب مدير الشؤون السياسية في الفترة من 1993 إلى 1995 حيث عمل سابقاً كمدير مساعد للشؤون السياسية بالأمم المتحدة، ونزع السلاح من 1992 إلى 1993. وكان مستشاراً في الأمم المتحدة في نيويورك بين عامي 1988 و1992، والسكرتير الأول في بودابست من 1987 إلى 1988.

معضلة تواجه تبون

يدرك رئيس الجمهورية، أن الحكومة التي سيعلن عنها ستشكل نصف حكم على بداية مساره سواء في الحراك الشعبي أو الأوساط السياسية، والمعضلة التي تواجهه في فترة المشاورات ستكون حتماً كيفية إرضاء حزبي الغالبية جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذين يهيمنان على مقاعد البرلمان.

فلا نية لدى الرئيس الجديد في إشراك أي اسم أو كيان مرتبط بالنظام السابق وفق معطيات من محيطه السابق في الحملة الانتخابية، لكنه في الوقت ذاته مضطر للتعامل مع تشكيلة البرلمان، كل هذا يتزامن ونيته تأخير حل الغرفة التشريعية إلى ما بعد استفتاء الدستور وإعداد قانون انتخابات جديد.

كما أن ابتعاد تبون ثلاث سنوات على الأقل عن المشهد العام وظهوره القصير في فترة الحملة الانتخابية لم يكن كافياً أمام الرجل لتشكيل نظرة وافية عن الفريق الذي سيرافقه في حال تولى رئاسة الجمهورية، كما أن "الكادر" الذي رافقه في الحملة يفتقد للعدد الكافي من الإطارات السياسية القادرة على تولي مهام وزارية.

ويفكر تبون في "توليفة" حكومية تجمع فريقاً سياسياً وآخر "تكنوقراطياً" مكتفياً على الأرجح بشخصيات من الأحزاب التي نافسته في الرئاسيات الماضية في حال وافقت هيئاتها القيادية على العرض.

فـ"حركة البناء الوطني" استدعت صباح اليوم الجمعة مجلس الشورى بدعوى دراسة انسحاب رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة من قيادتها، في حين يتم بحث عرض "الاستوزار" في جلسات مغلقة، كما استدعى حزب "طلائع الحريات" لجنته المركزية بعد أسبوع من الآن لبحث طلب علي بن فليس الانسحاب من قيادة الحزب والحياة السياسية عموماً وليس مستبعداً أن تبحث الهيئة وتناقش أي عرض يأتي من رئاسة الجمهورية.

كما يتوقع أن يكون حزب "جبهة المستقبل" معنياً بالعرض الرئاسي سواء لرئيسه عبد العزيز بلعيد أو أحد إطاراته، فيما استبعدت مصادر توجيه العرض نفسه لـ "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده بالنيابة عزالدين ميهوبي.

الحراك يرفض

في حين ينتظر الجزائريون ورشة الحكومة الجديدة والحوار المعروض على الحراك الشعبي، تجددت الشعارات الرافضة للفكرة في مسيرات شهدتها العاصمة الجزائرية الجمعة (المسيرات رقم 44 على التوالي)، وهتف متظاهرون بشعار "لا حوار مع رئيس غير شرعي" حيث يرفض "الطرف المتشدد" في الحراك نتائج الرئاسيات بشكل قطعي كما يرفض المسار الذي أفضى إليه.

المزيد من العالم العربي