Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تطلق أول دليل لحقوق سجنائها

تعاني السجون التونسية أوضاعاً توصف بالكارثية جراء البنية التحتية المهترئة والاكتظاظ داخلها وسوء معاملة السجناء

توزيع حوالى 27 ألف دليل يعنى بحقوق وواجبات السجناء بمناسبة الذكرى الـ71 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الموقع الرسمي لوزارة العدل التونسية)

شرعت تونس في بادرة فريدة من نوعها عربياً بتوزيع حوالى 27 ألف دليل يعنى بحقوق وواجبات السجناء بمناسبة الذكرى الـ71 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، قال وزير العدل التونسي محمد كريم المجوسي إن هذا العمل يترجم رغبة الدولة في إدراج مختلف الإصلاحات والمبادرات الماسة بقطاع السجون ضمن نظرة شاملة تهدف إلى التكريس الفعلي لمضامين دولة القانون وأنسنة العقوبة السجنية، فضلاً عن تنزيل المضامين التي جاء بها دستور العام 2014 على أرض الواقع، خصوصاً في ما يتعلق بصون كرامة الذات البشرية وضمان الحقوق الأساسية للسجناء، موضحاً أن انطلاق فكرة إعداد هذا العمل المتكامل في النصف الثاني من سنة 2018 كان بهدف توضيح وتجميع وتبسيط المعلومات الضرورية للسجين وللمتدخلين في الشأن السجني حول حقوق المودعين وواجباتهم أثناء فترة الإيداع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقاربة حقوقية

وبيّن الجموسي أن ما ميّز هذه البادرة هو أنّها سمحت، بشكل غير مألوف بالمرّة، بالعمل المشترك بين جهة حكومية من جهة، وهيئة رقابية من جهة أخرى، وهي أطراف قد تبدو للوهلة الأولى متباعدة من حيث المهام والأهداف، إلا أنّ التجربة التونسية أثبتت أنّ استقلالية الهياكل وانصهارها في مجال رقابي صرف لا يحولان دون بناء علاقات تعاون وتكامل بين الطرفين.

ومن الناحية المضمونية، أكد وزير العدل أن الدليل الّذي تمّ إعداده يقوم على مقاربة حقوقية وإنسانية في الآن ذاته، من شأنها أن تيسّر الحياة اليومية للمودع وأن تؤمّن له معاملة إنسانية تحفظ كرامته وتؤهله للاندماج في المجتمع من جديد، نظراً لما يحتويه من إجابات مبسّطة وواضحة لمعظم التساؤلات التي من الممكن أن تخامر السجين منذ دخوله إلى السجن إلى غاية تاريخ مغادرته له.

وأفادت عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب حميدة الدريدي في تصريح إعلامي بأن الدليل يقدم جملة حقوق يجب أن يتمتع بها كل سجين حتى لا يسمح بأن تمارس عليه عقوبات غير قانونية وغير إنسانية، مع ضبط العقوبات القانونية التي تسلط عليه في حال مخالفته للقانون.

مدونة سلوك

وطبع الدليل في نسختين باللغتين العربية والفرنسية ويحتوي على 255 نقطة موجزة ومبسطة، كما تمت في التظاهرة نفسها التي التأمت بمدرسة السجون والإصلاح بحضور وزير العدل بالنيابة، مدونة سلوك موظف السجون التي تضمن تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان في الوقت ذاته.

جدير بالذكر أن دستور 27 يناير (كانون الثاني) 2014 كرّس مبدأ احترام كرامة الإنسان وحرمته البدنيّة والمعنويّة ودور الدّولة في حمايتهما. وفي ما يتعلق بالشّخص المودع بالسّجن، تنصّ المادّة 30 من الدستور التونسي على أنه "لكلّ سجين الحقّ في معاملة إنسانيّة تحفظ كرامته. وتراعي الدولة في تنفيذ العقوبات السّالبة للحرّية مصلحة الأسرة، وتعمل على إعادة تأهيل السّجين وإدماجه في المجتمع."

وفي هذا السّياق، بادرت كلّ من وزارة العدل والهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب إلى العمل على وضع مؤلّف جامع بين يدي كل سجين، مهما كانت وضعيّته السّجنية، يمكّنه من التعرّف على حقوقه وواجباته، اقتناعاً بأنّ معرفة الحقوق والواجبات هي الخطوة الأولى لمنع انتهاك هذه الحقوق وعدم الوفاء بتلك الواجبات. وقد قدّم مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبّي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة الدّعم الكامل لهذه المبادرة.

تنامي الانتهاكات

وتعاني السجون التونسية أوضاعاً توصف بالكارثية، جراء البنية التحتية المهترئة والاكتظاظ داخلها فضلاً عن سوء معاملة السجناء داخلها أو في مراكز التوقيف التي وصلت أحياناً إلى التعذيب حتى الموت.

وسبق أن حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تنامي الانتهاكات داخل السجون ومراكز الإيقاف في تونس، الأمر الذي أدى إلى تحولها من مراكز إصلاحية وتأهيلية إلى أماكن عقابية بشكل مطلق، إضافة لأوضاع الوحدات والغرف داخل السجون والتي تعتبر كارثية، ولا تخضع للمعايير الدولية، وظاهرة الاكتظاظ التي تشهدها الزنزانات حيث بلغت نسبتها 150 في المئة، وتصل أحياناً في البعض منها إلى نسبة 200 في المئة، ما يعني نقصاً في عدد الأسرة بالنسبة لعدد السجناء،

ودعا المرصد الأورومتوسطي في تقرير له منذ ثلاث سنوات إلى الإسراع في تحسين الأوضاع داخل السجون ومراكز الإيقاف، من خلال احترام الموقوفين داخل السجون وحفظ كرامتهم البشرية، والتعجيل في إصلاح منظومة التأديب ونظام العقوبات المعمول به، فضلاً عن الاعتناء بالبنية التحتية المهترئة للسجون، والعمل على إصلاح منظومة الرعاية الصحية والنفسية نظراً للإهمال الذي يعانيه مئات السجناء والموقوفين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي