Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جورج بهجوري... ريشة لا تحتاج إلى توقيع

معرض رسام الكاريكاتير الساخر ينطلق من أجواء شعبية ويرصد الشخصية المصرية البسيطة

تتميز خطوط وألوان جورج بهجوري بالتفرّد والاختلاف (اندبندنت عربية)

يمثل الفنان المصري جورج بهجوري (88 عاما) مدرسة فنية وتجربة مميزة في الفن التشكيلي، فطوال رحلته الفنية التي جاوزت ستين عاماً، أصبح رائداً من رواد الفن المصري عبر رؤى فنية متعددة ولوحات ثرية، بالإضافة إلى مدرسة فنية متفردة في مجال الكاريكاتير خلال فترة عمله في الصحافة، لتحمل لوحاته بصمة خاصة وأسلوباً فريداً يتعرَّف إليه المتابع الجيد لأعماله، ويميزه حتى قبل أن يرى توقيعه على اللوحة.

على مدار رحلته الفنية قدَّم بهجوري عشرات المعارض، وحصد العديد من الجوائز لتبقى تجربته ومدرسته الفنية علامة فارقة في مجال الفن التشكيلي داخل مصر وخارجها، فرغم عالمية لوحاته وتحليقها خارج النطاق المحلي، فإن مشروعه الفني ضارب في عمق الثقافة المصرية، وقادم من قلب التراث والفلكلور الشعبي الذي تأثر به منذ سنوات نشأته الأولى في قرية "بهجورة" بصعيد مصر، والتي أشتُق منها اسمه الفني، مروراً بحياته في القاهرة.

سيمفونية فنية بألوان مبهجة

ومع إطفائه الشمعة الثامنة والثمانين، يفتتح بهجوري معرضه الأخير في "غاليري ليوان" بالقاهرة، ليحمل روح مصر وأهلها في سيمفونية فنية تعزفها ريشته وألوانه المبهجة التي اعتمدها في معرضه.

ويضم المعرض توليفة فنية تتنوع بين البورتريهات ذات الخطوط المميزة التي يشتهر بها بهجوري، ولوحات لمشاهد من الشارع المصري والحياة اليومية للبسطاء، ولوحات تحمل طقوساً شعبية وتعكس أجواء الفلكلور المصري، مثل الغناء والرقص، تكاد تسمع فيها صوت العازفين وصخب الشارع.

حضور طاغٍ لأم كلثوم

وتُعد كوكب الشرق أم كلثوم تيمة رئيسة مصاحبة لبهجوري، إذ يحرص على وجودها في معظم معارضه، وهو ما لم يغفله في معرضه الجديد الذي يضم لوحات لرموز مصرية من الكتَّاب والفنانين، تتصدَّرهم أم كلثوم، التي طغى حضورها في المعرض، حيث احتلت أكثر من لوحة تعكس الشخصية الثرية لسيدة الغناء العربي بروح وخطوط بهجوري المميزة، وظهرت "السِت" واقفة أمام فرقتها الموسيقية وممسكة منديلها الشهير شاديةً بأغنياتها.

غناء ورقص وملابس ملونة

والتقت "اندبندنت عربية" الفنان المصري، للتعرف إلى الفكرة العامة التي ينطلق منها المعرض، حيث قال بهجوري "المعرض مستوحٍ من الشخصيات المصرية العادية التي يتوجه إليها فني، والموجودة في الشوارع ونراها حولنا في كل مكان، لكنني قدمتها في حالة مبهجة، فيها غناء ورقص وملابس ملونة، ليرى الشخص العادي نفسه في اللوحات بشكل مبهج في حالة جميلة مفعمة بالتفاؤل، حتى إن كان واقعه الحقيقي غير ذلك".

يتابع بهجوري "الفنان لا بد أن يجمِّل الواقع بريشته وألوانه، فالفنان لن يقدم في لوحاته الشخص البسيط يرتدي ملابس بالية ويعيش في فقر وظروف صعبة، لكنه سيرسم نفس الشخص بظروفه البسيطة سعيداً ومرتدياً ملابس زاهية الألوان ويعيش في واقع وظروف أجمل، حتى لو كان هذا داخل إطار لوحة".

الفن والمجتمع

العلاقة الأزلية بين الفن والمجتمع وتأثير كل منهما في الآخر ومدى تأثر الفنان بالظروف المحيطة به، سواء كانت سياسية أو اجتماعية وهل سيجمَّل الفنان الواقع في أعماله أم سيقدمه في حالته من دون تدخل، كلها قضايا مستمرة ولا ينتهي الجدل فيها، وفي هذا الصدد يقول بهجوري "هناك تغير كبير في الناس خلال الفترة الأخيرة، وبالطبع هذا يؤثر على الفن ودوره في المجتمع، فالفنون كلها يجب أن تسهم بدور في المجتمع، وحالياً لا أرى هذا يحدث بشكل كبير، على عكس فترات سابقة شهدت حضوراً كبيراً للفنون والمبدعين في كل المجالات، وكان لهم دور وتأثير حقيقي في المجتمع".

ويؤكد الفنان التشكيلي المصري "بالطبع الفنان يتأثر بالظروف المحيطة، فأنا أرى دائماً أن الفنان شفّاف ويعكس الواقع المحيط به في أعماله، حتى لو حاول تجميل هذا الواقع فإنه لا بد أن يتأثر به، وعموماً الفن الجيد لا بد أن يكون عالمياً ويصل إلى الناس في كل مكان، ويتخطى الحدود حتى لو كان مستوحى من بيئة الفنان المحلية والظروف المحيطة به التي سيستلهم منها أعماله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقدير الفنان

وبطبيعية الحال يعيش الفنان وسط مجتمع يتفاعل معه ويقدم أعماله وإبداعاته التي يستمدها من هذا المجتمع، وبالطبع ينتظر التقدير بصور مختلفة رسمياً وجماهيرياً، وهذا ما يراه بهجوري، إذ يقول إن "تقدير الفنان لا بد أن يكون على مستويات عِدة، فهناك تقدير الدولة وهو مهم وأساسي، وهناك تقدير من جموع الناس متلقي الفن، والتي ينبع منها هذا الفن في الأساس، فالفنون المختلفة تأتي من الناس وإليهم، وكلا النوعين من التقدير لا يقلان أهمية، فالفن موجه إلى الناس، ولكن لا بد أن ترعاه الدولة وتهتم به وتقدم له الدعم وتضعه في أولوياتها".

يواصل بهجوري "أقمت متحفاً خاصاً وسط القاهرة يضم 100 لوحة من أعمالي، وكنت أتمني أن يحظى باهتمام أكبر، وأن يكون تحت مظلة رسمية، إلا أن هذا لم يحدث، لكنني على صعيد آخر أجد تقديراً كبيراً من عموم الناس الذين يتفاعلون مع لوحاتي ويجدون أنفسهم فيها، فالفن من الناس وإليهم".

الأجيال الجديدة

رحلة فنية طويلة خاضها بهجوري وعاصر خلالها الكثير من المدارس الفنية والظروف العامة المحيطة بالفن، لذا كان مهماً أن نتعرف منه إلى رؤيته للأجيال الجديدة من الفنانين، وهنا يقول "الفن ليس في أفضل حالاته في الوقت الراهن، والحالة الفنية عموماً ليست على ما يرام، والفنون المختلفة لم تعد في أولويات قطاع كبير من الناس لأسباب وظروف مختلفة، وهذا بالطبع شيء مؤسف".

لكن بهجوري رغم ذلك يقول "هناك انتشار كبير حالياً لقاعات الفن التشكيلي ومساحات العرض المتاحة، وهناك فرصة أكبر للأجيال الجديدة لم تكن متاحة لنا سابقاً، ونأمل أن يتحسن الوضع وأن يكون للفن أولوية أكبر عند عموم الناس في مصر والعالم العربي".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة