Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخوف والجهل يحرمان نساء فلسطين من الميراث

3 في المئة فقط من الفلسطينيات يحصلن على حقهن الشرعي من التركة

29 في المئة من الفلسطينيات المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهنّ الزواج تعرضن لأحد أشكال العنف (اندبندنت عربية)

ضرب وإهانات وشتائم، مع جروحٍ ورضوض في أنحاء متفرقة من الجسد، نتيجة مطالبة سيدة فلسطينية بحقها بالميراث. بحرارة وحرقة بكت "س.م"، وهي تروي لـ "اندبندنت عربية" من داخل المستشفى، ما حصل معها في 5 ديسمبر (كانون الأول)، عندما تهجم عليها إخوتها الثلاثة وضربوها بسبب مطالبتها بعد وفاة والدها بالميراث الشرعي.

وقبل وصولها إلى المستشفى، سجنت "س.م" لأيام في غرفة مظلمة في أحد المنازل في مدينة يطا، جنوب الضفة الغربية، من دون هاتف أو طعام أو غطاء، لتفكر ملياً بعرض الأشقاء: الحرية مقابل التنازل عن حصتها الشرعية. وما إن أصرت على نيل حقها بالميراث حتى انهالوا عليها مجدداً بالضرب، حتى فقدت وعيها ونقلت إلى المستشفى بحجة وقوعها عن أحد السلالم.

قصص وحكايا مؤلمة لنساء فلسطينيات تعرضن للعنف الجسدي وأحياناً أخرى للقتل على خلفية مطالبتهنّ بالميراث الشرعي، تحدثت عنها وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية أمال حمد، التي كشفت أن 3 في المئة فقط من النساء الفلسطينيات حصلن على حقهنّ الشرعي والقانوني في الميراث، نتيجة تحديات عدة ترتبط بالنسيج الاجتماعي.

وتقول حمد لـ "اندبندنت عربية" إن "كثيراً من النساء قتلن تحت غطاء الشرف على خلفية مطالبتهنّ بالميراث، ومنهنّ من تعرضن للحبس والضرب في محاولة لحرمانهنّ من حقهنّ الطبيعي، على الرغم من أن الشريعة الإسلامية والقانون الفلسطيني أقرّا حقوقهنّ في الميراث، بالإضافة إلى ما نصت عليه اتفاقية سيداو (اتفاقية دولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)".

نظرة مجتمعية

وتضيف حمد "تواجه المرأة الفلسطينية العديد من الإشكاليات والعقبات في حصولها على حقها في الميراث، أبرزها ما هو مرتبط بالثقافة المجتمعية والنظرة النمطية السائدة للمرأة. إذ ترفض العادات والتقاليد مطالبة المرأة بنصيبها تحت مبرر انتقال ملكية العائلة إلى ملكية الأنسباء والأصهار. كما أن هناك إجراءات معقدة في المحاكم الفلسطينية تحتاج إلى جهد كبير وتكاليف عالية، حيث تقف المرأة حائرة ومترددة أمام رسوم المحاكم، ونفقات حصر الإرث وأتعاب المحامين".

في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلقت وزارة شؤون المرأة مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وعدد من المؤسسات النسوية في الضفة الغربية، الحملة الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، التي استمرت مدة 16 يوماً، وسعت بشكل أساسي إلى توعية النساء بشأن حقوقهنّ القانونية وتشجيعهنّ على تحصيلها. فوفقاً للنتائج الأولية لمسح العنف في المجتمع الفلسطيني، التي صدرت عن جهاز الإحصاء المركزي، فإن 29 في المئة من النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهنّ الزواج تعرضن لأحد أشكال العنف.

حصر الإرث "ولا أسهل"

وفق اختصاصيين، فإن جهل بعض النساء بحقوقهنّ والقوانين، يؤدي إلى الظلم. فبعض النساء لا يملكن المعلومات الكافية حول حجم الورثة أو طبيعتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القاضي الشرعي مصطفى الطويل، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في الضفة الغربية، نفى لـ "اندبندنت عربية"، ما صدر من تصريحات تفيد بأن أحد أسباب عدم توجه المرأة الفلسطينية إلى المحاكم، هو المدة الزمنية الطويلة التي تأخذها المحاكم الشرعية في قضايا حصر الإرث، مشيراً إلى أنه "عندما تصلنا قضية حصر إرث، نضع إعلانات في لوحة إعلانات المحاكم الشرعية والمساجد وأحياناً في الصحف المحلية لحصر إرث المتوفى والتأكد من صحته، ونبقي الإعلانات مدة أسبوع تقريباً لمنح المعترضين فرصة التوجه إلى المحكمة. هذه القضايا داخل المحاكم الشرعية لا تحتاج سوى لدقائق من الموظفين، ودقيقة من قبل القاضي. وخلال أيام قليلة يحضر الشهود والورثة بحسب الأصول القانونية ويتم حصر الإرث النهائي خلال ساعات".

أما في ما يتعلق بالرسوم الباهظة، فيسأل الطويل "لماذا لا يتم إنشاء صندوق لمساعدة النساء الفقيرات بتكاليف حصر الإرث؟ أو طلب المساعدة القضائية بأن يتم تخصيص محامين لمساعدة النساء من أجل التسجيل والإجراءات الأخرى. ويمكن أن تطلب المرأة تخفيض الرسوم ويتم دراسة طلبها".

تطبيق فرمان

ولحماية المرأة الفلسطينية قانونياً وتوعيتها بشأن حقوقها، لا سيما تلك المرتبطة بالأحوال الشخصية والشرعية في الميراث، باعتبار أن الجهل في هذه القوانين يؤدي إلى ضياع الحقوق، أطلقت المحامية الفلسطينية موناليزا المصري في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطبيقاً إلكترونياً بعنوان "فرمان" يقدم العديد من الخدمات القانونية، حيث يوفر على النساء عناء الحصول على الاستشارة القانونية، كاستعراض نماذج العقود والاتفاقيات. ويضم التطبيق استشارات قانونية لتجاوز العنف والاضطهاد الأسري للنساء.

وتقول المصري إنه "بعد خمس سنوات من مكوث الفكرة في رأسي، جاءت حاضنة الأعمال والتكنولوجيا (BTI) لتدخلني في عالمي الريادة والتطبيقات. فخلال عملي استمعت إلى كثير من الشكاوى والعديد من القصص المؤلمة لنساء اضطهدن وضربن وتم تعنيفهنّ من قبل أسرهنّ بسبب جهلهنّ بكثير من الأنظمة والقوانين، خصوصاً تلك التي تتعلق بالميراث. وبعد أخذ الموافقات اللازمة من الجهات المعنية، كنقابة المحامين استعنت بالمبرمجين والمصممين والصحافيين والمحامين القادرين على تنفيذ فكرة إنشاء تطبيق لمساعدة النساء الفلسطينيات على معرفة القوانين والحقوق، واستشارة محامين وهنّ في منازلهنّ في أي وقت وفي أي مكان".

مطالبات بفرض عقوبات

مؤسسات نسوية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة متخصصة بالدفاع عن حقوق المرأة، كانت قد طالبت مراراً وتكراراً الجهات القانونية والقضائية المختصة، بضرورة الإسراع في سن أو تعديل القوانين السارية بما يضمن حماية المرأة من العنف الاقتصادي الممارس عليها، وتجريم حرمان المرأة من الميراث، وفرض عقوبة رادعة لمن يقوم بهذا الجرم، إضافة إلى إيجاد قانون ملزم لحصر أموال التركة وتوزيعها ضمن فترة زمنية محددة.

وتشدّد هذه المؤسسات على أهمية دور المجتمع المدني في توفير الوسائل اللازمة لوصول المرأة إلى حقها في الميراث، من خلال تكثيف حملات التوعية الدينية والقانونية والاجتماعية، حول تقديم الخدمات والاستشارات القانونية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي