Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التصويت التكتيكي… بعض الأسئلة الشائعة

"هذه الانتخابات ليست عادية، فقضية خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي تجثم عليها كروح شريرة"

مسنون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة البريطانية رغم رداءة الطقس وبرودته (رويترز) 

1- "مَن تتصوّر نفسك كي تخبرنا بالطريقة التي علينا التصويت بموجبها؟"

أعلم ذلك وأوافقكم الرأي، وأشعر بالأسف. فكأي شخص تقريبا، كان لدي اهتمام قليل جدّاً بعلاقة بلادنا مع الاتّحاد الأوروبي قبل نحو ثلاثة أعوام. وعندما لاح الاستفتاء من مكان ما، أرعبتُ أصحابي ضمن النخبة المخملية عندما شاهدوني مسحوراً ببعض شعارات مؤيّدي الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي.

ثمّ بدأت بالقراءة فأحسستُ بقلق وبعده بغضب. وقد وصلتُ الآن إلى هذا الوضع الذي أشعر معه بنفور شديد من الأكاذيب ومن حال عدم المسؤولية الصارخة. فقد تبيّن لي أن خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي هو خدعة كبيرة من شأنها أن تصيب اقتصادنا بالتعثّر، وتفتّت المملكة المتّحدة، وتخدّر بشكل مأسَوي الأسد البريطاني الفخور بنفسه. وأتحدّاكم بأن تعثروا على خبير اقتصادي لا يوافقني الراي في ما أقول. إنه لمن الغباء أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يعرف ذلك وتقوله له التقارير، لكنه كي ينصّب نفسه فتى القيادة، هو مستعدٌّ للقيام بأي شىء وقول أي شيء مهما كان الثمن.

والأمر الذي يقودنا إلى آخر، هو هذا الحقد الذي يجسّده حزب "المحافظين"، والقسوة من جانب أعضائه في التخلّي عن حرّياتٍ لطالما عمل رجال أفضل منهم، على مدى قرونٍ من الزمن، من أجل تحقيقها ومن ثمّ حمايتها. وكان تعليق عمل البرلمان قد جعلني أنهار وأفقد أعصابي. فأنا لا أريد أن أعيش في ظلّ فتاوى دومينيك كامينغز، الرجل الذي تشير ملامحه إلى أنه طيّب. فقد أصبحتُ مرتبطاً جدّاً بهذه الجزيرة الرطبة بلياقتها الأساسية وبتسامحها وبدستور هيث روبنسون.

لا أريد أن ينشأ أطفالي ويتربّوا في وهم "سنغافورة على نهر التايمز". وأفضّل ألا يكون رئيس وزرائنا   في وضع الذي "يتلبّس شخصية" رئيس الولايات المتحدة الأميركية. لقد عشتُ هنا طيلة حياتي هنا ودفعتُ ضرائبي كفتى طيّب. لذلك، إلى حين تأتي الشرطة لاعتقالي بتهمة الخيانة، سأقول ما أريد أن أقوله. إن أحداً ليس مجبراً على الاستماع. (خذوا نفساً عميقاً وامسحوا الرضاب عن زوايا فمكم.)

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

2. "قد لا أحب ذلك، وربما قد أعتقد أنه أمر كارثي بالنسبة إلى البلاد، لكن أليس من غير الديمقراطي ألا نحترم نتيجة الاستفتاء الذي أجري في العام 2016؟"

ليس في ترتيب معين، إن أحداً لم يُرد أن يكون هناك استفتاء في المقام الأول، باستثناء عدد قليل من الكشّافة المسنّين القابعين عند أقصى يمين الطيف السياسي. وتُظهر استطلاعات الرأي التي أجريت في مطلع العام 2016 أن علاقتنا مع الاتّحاد الأوروبي كانت في قائمة العشرة الأوائل من اهتمامات الناس لأقل من 3% من مواطني المملكة المتّحدة.

وقد دانت "مفوّضية الانتخابات" الحملة الرسمية لمغادرة الاتّحاد الأوروبي "صوّتوا بالمغادرة" التي ترأسّها  "بينوكيو" ومايكل غوف، وفرضت عليها غرامة كبيرة. ويحقّ للشرطة حتى الآن ملاحقة أفراد تلك الحملة.

وكذلك، جرّم مفوّض المعلومات الحملة الثانية الكبيرة "غادروا الاتّحاد الأوروبي" برئاسة نايجل فارّاج وآرون بانكس، بعدما وجدها مذنبة بتهمٍ عدّة منها سوء إدارة البيانات، وفرض عليها أقصى الغرامات. وكانت الحملة أيضاً موضوع تحقيق رئيسي أجرته "الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة" ولا سيما لجهة تبرّع آرون بانكس لها بمبلغ 8 ملايين جنيه استرليني (10.5 ملايين دولار أميركي)، على الرغم من عدم العثور على أي مخالفة في ذلك الوقت.

في المقابل، إن نحو ثمانين في المئة من صحافتنا المطبوعة هي مملوكة بشكل مثير للفضول لأصحاب المليارات، وقليل منهم هم من البريطانيين. ويعتبر هؤلاء أن خروج المملكة المتّحدة من الاتّحاد الأوروبي يصبّ في مصلحتهم مالياً وأيديولوجيا. لذا سلك الصحافيّون المطيعون طريقهم في هذا الاتّجاه من خلال الترويج لقضايا مثل: تركيا كانت على وشك الانضمام إلى الاتّحاد الأوروبي، وإذا غادرنا الكتلة فإن 350 مليون جنيه استرليني (455 مليون دولار) ستصبّ كلّ أسبوع في موازنة هيئة "الخدمات الصحّية الوطنية" NHS، وكذلك القول إنه فُرضت علينا رغماً عنّا مئاتٌ من قوانين الاتّحاد الأوروبي (أتحدّاكم أن تذكروا أحدها، فقط قانوناً واحدا)، إلى ما هنالك من الأمور.

إن المسألة معقّدةٌ حقّا، خصوصاً عندما تكون الأجواء ملبّدة بمعلوماتٍ خاطئة متعمّدة. ماذا لو كان 70 استطلاعاً متتالياً للرأي على المستوى الوطني منذ ذلك الحين، صحيحا؟ ماذا لو نجحت بريطانيا في أن تفصل الحقيقة عن الخطأ، الاتّحاد الجمركي عن السوق الموحّدة، والنرويج عن كندا في الوضع القائم، وماذا لو قرّرت البقاء في الاتّحاد الأوروبي؟ ألن يكون غير ديموقراطيٍ عدمُ منح البلد الحق في قول ذلك؟

3. "إذن كيف نصل إلى استفتاء ثان؟"

إذا صوّتنا جميعنا (أو ما يقرب من 46 ألف ناخب منّا، وفق تقديرات بعض الخبراء)، بشكل تكتيكي الخميس، فلن يحصل بينوكيو على الأغلبية، وسيكون هناك بعد ذلك برلمان معلّق. ومن شبه المؤكد أن البرلمان المعلّق يعني إجراء استفتاء ثانٍ في البلاد على مسألة الخروج من الاتّحاد الأوروبي.

4. "التصويت تكتيكياً يعني الاعتماد على مواقع الاقتراع التكتيكية هذه للحصول على المشورة. لكن لماذا يجب أن نثق بهم؟ أليس جميع هؤلاء "الديمقراطيّين الأحرار" مشعوذين؟ "

أنا أيضاً فكّرتُ ملياً في بعض توصياتهم. فإذا كان حزب "العمّال" قد حلّ في مرتبة ثانية قريبة من "المحافظين" في دائرة انتخابية معيّنة العام 2017، فيما "الديمقراطيّون الأحرار" جاؤوا في مرتبةٍ ثالثة بعيدة، فكيف يمكن أن يُطلب من "العمّال" اليوم تقديم أصواتهم لـ "الديمقراطيّين الأحرار"؟

لجأتُ إلى مزيدٍ من القراءة وتحدّثتُ مع بعض المطّلعين، وما اكتشفته أن هذه الانتخابات ليست كسابقاتها من النوع العادي. فقضية الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي تجثم عليها وكأنها روح شريرة. وستغيّر آراء المقترعين في ما يتعلّق بمسألة الخروج من الاتّحاد الأوروبي إلى حدّ كبير، أنماطَ التصويت العادية المعروفة. ومن المتوقّع أن يصوّت كثير من مؤيّدي البقاء في الاتّحاد الأوروبي من مناصري حزب "المحافظين" لحزب "الديمقراطيّين الأحرار" (وليس أبداً لحزب "العمّال") لهذا السبب. لقد قاموا بذلك في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وسيعاود كثيرون منهم هذا التصويت مرّة أخرى.

الأهم من ذلك أن الاقتراع الذي أجري أخيراً في دائرة انتخابية مستقلّة يعكس هذا المنحى. لذلك، على الرغم من أن التصويت المحتمل في بعض الدوائر الانتخابية يبدو أكثر وضوحاً من غيرها، إلا أننا يجب أن نثق بتلك المواقع. يتعيّن علينا المنافسة، تحديداً على المقاعد الخمسين أو نحو ذلك، حيث تعثّر مرشّحو حزب "المحافظين"، لأن البديل سيكون يوم الجمعة هو وجه السعد لبريتي باتيل.

5. "لا يهمني جونسون وعصابته. فهؤلاء يبدون طائشين ولا يبدو أنهم يكترثون كثيراً لما أريده أو لما يروق لي. لكن إذا لم أصوّت لحزب "المحافظين"، ألن يسرق جيريمي كوربين جميع أموالي ويمنح منزلي لإرهابي؟"

أسمعُ هذا الكلام كثيراً من الناخبين "المحافظين" المعتدلين الذين يؤيّدون البقاء ضمن الاتّحاد الأوروبي. راجعتُ أساتذتي السياسيّين واختصاصيّي علم النفس في شأن هذا الموضوع، ومن دون حتى تكلّف عناء النظر، أظهروا لي ببساطة صفحة بادي باور على هواتفهم. الأغلبية "العمّالية" ستكون في أحسن أحوالها 20/1. حتى لو تعاون حزب "العمّال" مع "الحزب الوطني الاسكتلندي" SNP، فإن حكومة أغلبيةٍ مع كوربين تكاد أن تكون مستحيلة. ويمكن لمَن لديهم "رهاب كوربين" الاسترخاء هذا الخميس والتصويت لغير حزب "المحافظين" من دون أي خوف. 

6. "إذن ماذا نريد؟"

حلمنا هو الحصول على برلمانٍ آخر معلّق، من أحدى نسختين.

النسخة الأولى: إعادة جونسون إلى النقطة التي بدأ منها، زعيماً لأكبر حزب في البرلمان، لكن من دون أغلبية عموما. وبلا أصدقاء داخل المجلس. (حتى "الحزب الاتّحادي الديموقراطي" الإيرلندي الشمالي DUP يكرهه الآن). سيعاود تقديم مشروعه لمغادرة الاتّحاد الأوروبي، وسيعمل مجلس العموم على تعديله وسيمرّ في النهاية، لكن تطبيقه سيكون مشروطاً باستفتاء "الكلمة النهائية" Final Say

أما النسخة الثانية فتكون عبر منح كوربين و"الحزب القومي الاسكتلندي" دعماً موقّتاً كافياً للحياة من قبل حزب "الديمقراطيّين الأحرار"، للتمكّن من الحصول على فرصة إجراء استفتاءٍ ثان. وهذه هي أفضل الخيارات التي يمكن أن يأمل فيها مؤيّدو بقاء المملكة المتّحدة ضمن الاتّحاد الأوروبي. وبعد الاستفتاء الثاني، أيّاً كانت حكومة الأقلية التي رافقتنا إلى تلك النقطة، فمن المحتمل جدّاً أن يتمّ تغييرها من خلال  انتخابات عامّة أخرى. لكن (وهنا وقفة كبيرة) من شبه المؤكد مع قادة جدد هذه المرّة.

7. "وفي حال حصلنا على ذلك الاستفتاء الثاني، وصوّتنا مرّة أخرى بإجازة الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي؟"

حسنا، عندها تنتهي اللعبة، فأنا ديمقراطي، وسأقوم بإغلاق فمي.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء