Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا اكتفى الديمقراطيون بتوجيه تهمتين فقط لعزل ترمب؟

استدعاء شهود خلال محاكمة مجلس الشيوخ يثير قلق الجمهوريين

 موظفون يزيلون لافتة حول إجراءات عزل الرئيس ترمب في مبنى الكابيتول هيل (رويترز)

بينما يتوقع أن تصوت اللجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي خلال ساعات - ومن بعدها بأسبوع تصويت كامل المجلس – على اتهامين لعزل الرئيس، أحدهما بانتهاك ترمب سلطاته الرئاسية بالضغط على أوكرانيا لتحقيق مكاسب انتخابية، والثاني بعرقلة مساعي الكونغرس لسماع أقوال شهود حكوميين وتجاهل طلباته بالاطلاع على وثائق، يظل السؤال هو: لماذا تراجع الديمقراطيون عن اتهاماتهم السابقة بالرشوة وباعتراض سبيل العدالة في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016، ولماذا قبلوا في النهاية تضييق نطاق الاتهامات إلى هاتين التهمتين؟

الرئيس ترمب نفسه تهكم على الاتهامين خلال جولاته الشعبية التي لا تنقطع، معتبراً أنها اتهامات ضعيفة وواهية لم يسبق أن واجهها رئيس آخر، لكن ما دفع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وكبار قادة الحزب في الكونغرس إلى خفض سقف تطلعاتهم وتهدئة نبرة الاتهامات ونطاقها، هو سبب انتخابي في المقام الأول، فقد تزايدت مشاعر القلق في صفوف عدد كبير من الديمقراطيين المعتدلين الذين أبلغوا قياداتهم أنهم سوف يعارضون تهم الرشوة واعتراض سبيل العدالة في ملف التدخل الروسي خشية خسارة كتلة مهمة من الأصوات في دوائرهم الانتخابية المتأرجحة في شهر نوفمبر تشرين الثاني المقبل.

انشقاق ديمقراطي

ولأن بيلوسي وغيرها من قيادات الحزب الديمقراطي يرغبون في ضمان تمرير اتهامات العزل ضد ترمب في مجلس النواب بكامل هيئته الأسبوع القادم بأكبر عدد ممكن من الأصوات، فضلاً عن عدم المغامرة بخسارة عدد مهم من المقاعد في الانخابات التشريعية المقبلة، لم يكن أمامهم خيار آخر، بل إن آخر التسريبات تشير إلى أن الديمقراطيين يواجهون انشقاقاً محدوداً يتمثل في توجه 6 أعضاء ديمقراطيين على الأقل لرفض اتهامي عزل ترمب أو أحدهما في أقل تقدير.

وتشير تقارير نشرتها الصحافة الأميركية الليبرالية والمحافظة على حد سواء، إلى أن النواب الديمقراطيين الذين فازوا العام الماضي في دوائر سبق أن فاز بها ترمب عام 2016، يعيدون التفكير في الأمر، خاصة وأن مساعي عزل ترمب لا تحظى بشعبية في الدوائر الانتخابية التي تميل نسبياً لصالح الجمهوريين، كما تملكتهم الدهشة لأن أقوال الشهود السلبية ضد ترمب خلال التحقيقات التي جرت في لجنة الاستخبارات ونقلتها شبكات التليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، لم تغير آراء الأميركيين في اتجاه دعم عزل الرئيس.

وتأكد قلق الديمقراطيين بعدما كشف استطلاعان أخيران للرأي تحت إشراف جامعتين أميركيتين مختلفتين، أن 45 في المئة من الأميركيين يؤيدون عزل ترمب في مقابل 50 في المئة يرفضون ذلك.

                                                                                   

أزمة بيلوسي

لا تواجه بيلوسي أي أزمة في تمرير اتهامي العزل في مجلس النواب ضد ترمب، حيث يستحوذ الديمقراطيون على 233 مقعدا، مقابل 197 للجمهوريين ومقعد مستقل سيصوت ضد ترمب، وهي بذلك تستطيع تحمل خسارة 17 من أصوات المنشقين الديمقراطيين من دون أن يؤثر ذلك على نتيجة التصويت باتهام ترمب، لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه رئيسة مجلس النواب، أنه كلما ازداد عدد المنشقين، كلما شجع ذلك الجمهوريين والرئيس ترمب على تسويق فكرة انقسام الجبهة الديمقراطية، والادعاء بأن عدداً واسعاً من الديمقراطيين مقتنعين ببراءة ترمب من التهم المنسوبة إليه، وهو ما قد يؤثر بالسلب على الديمقراطيين.

ومع ذلك، لا يبدو الأمر مفزعاً لبيلوسي، فحتى لو ارتفع عدد المنشقين عن التقدير الحالي وهو 6 نواب، فإنها لن تكون سابقة من نوعها، فقد كان الجمهوريون منقسمين خلال التصويت على اتهامات العزل الأربع ضد الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1999 حيث صوت عشرات منهم ضد الاتهامات لتسقط تهمتين وتجري المحاكمة في مجلس الشيوخ على تهمتين فقط قبل أن يحصل على البراءة في النهاية.

لقد حاولت بيلوسي توفير غطاء سياسي للنواب المعتدلين عبر تصديق مجلس النواب على سلسلة من التشريعات التي من الممكن أن تساعد النواب في دوائرهم الانتخابية ومنها الاتفاق التجاري مع كندا والمكسيك، وقانون الدفاع، وقانون الإجازات المدفوعة الأجر للعمال الحكوميين وقانون خفض تكلفة الأدوية، لكن ما يثير القلق، أن تصويت النواب المعتدلين من الديمقراطيين ضد اتهامات العزل هو سلاح ذو حدين، حيث أن هذا الرفض سيُحدث أثراً سلبياً لدى التيار اليساري المؤيد بجنون لعزل ترمب داخل هذه الدوائر، ومن المرجح أن يمتنع هؤلاء عن المساهمة في التبرعات المالية للمرشحين الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.

 

جدل جمهوري

وبينما يتوقع أن يصوت مجلس النواب بكامل هيئته على التهمتين الموجهتين ضد الرئيس دونالد ترمب قبيل عطلة أعياد الميلاد في الولايات المتحدة، بدأ الجدل يحتدم في صفوف الجمهوريين حول اجراءات المحاكمة التي ستبدأ في مجلس الشيوخ مطلع العام القادم، وما إذا كان يتعين على الجمهوريين السماح بسماع شهود خلال المحاكمة.

وعلى الرغم من أن للمشرعين في إجراءات محاكمة عزل الرئيس نفوذاً محدوداً حيث يدير جلسات المحاكمة رئيس المحكمة العليا – وهو في هذه الحالة القاضي جون روبرتس – إلا أنه يحق للمشرعين من أعضاء مجلس الشيوخ تجاوز قرارات رئيس المحاكمة عبر طرح القرارات للتصويت بالأغلبية، ومن ثم يمكن لهم التصويت باستدعاء شهود للإدلاء بأقوالهم تحت القسم أو تجاوز استدعاء الشهود والتصويت على الإدانة أو البراءة بعد أن يقدم الديمقراطيون من مجلس النواب اتهاماتهم (باعتبارهم يمثلون الادعاء في هذه المحاكمة)، وبعد أن يدلى محامو البيت الأبيض بدفاعهم عن الرئيس ترمب.

استطلاعان للرأي تحت إشراف جامعتين أميركيتين أظهرا أن 45 في المئة من الأميركيين يؤيدون عزل ترمب في مقابل 50 في المئة يرفضون

بين سماع الشهود ورفضهم

عبر الرئيس ترمب أكثر من مرة عن رغبته في استدعاء شهود أمام مجلس الشيوخ حيث الأغلبية الجمهورية بهدف الانتقام من خصومه السياسيين وعلى رأسهم هانتر بايدن ووالده جو بايدن نائب الرئيس السابق الذي مازال يحظى بمركز متقدم في سباق المرشحين الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة، كما طلب شهادة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وآدم شيف رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، بالإضافة إلى طلبه شهادة المُبلغ عن مكالمة ترمب مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي والتي كانت الأساس الذي انطلقت منه عملية اجراءات الاتهام والعزل.

ويبدو أن أي قرار بالامتناع عن استدعاء الشهود سيلقى معارضة من القاعدة الشعبية المؤيدة لترمب والتي تسعى لهزيمة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أمام عدسات الكاميرات وعلى مرأى ومسمع من الشعب الأميركي.

غير أن السيناتور الجمهوري "ويب جون ثيون" قال إنه لا يعتقد أن هناك شهية كبيرة لدى الجمهوريين لتحويل محاكمة ترمب إلى سيرك سياسي.

ووفقاً لما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" فإن خطة الجمهوريين ترتكز على منح أسبوعين أمام من سيديرون الاتهامات والمدافعين عن ترمب قبل التصويت على مصير الرئيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

محاكمة سريعة ونظيفة

ويفضل السيناتور "ميتش ماكونيل" زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ أن تكون محاكمة ترمب سريعة ونظيفة عبر تجاوز فكرة استدعاء الشهود من أجل القضاء على الخلافات والحيلولة دون تشتيت الانتباه السياسي بالمحاكمة في عام الانتخابات الذي يسعى فيه الجمهوريون إلى الحفاظ على أغلبيتهم البسيطة في مجلس الشيوخ، وهو أمر يتفق عليه عدد من الأعضاء الجمهوريين طالما أن أقوال الشهود لن تغير من نتيجة التصويت النهائي.

ولكن في محاكمة يسعى فيها ترمب للحصول على البراءة، يتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كان من الممكن عقد محاكمة عادلة من دون سماع شهود.

وفي ظل وجود عدد من الجمهوريين يواجهون اختبار إعادة انتخابهم قبل أقل من عام في دوائر متأرجحة، فضلاً عن جمهوريين آخرين غير مسرورين من أداء الرئيس ترمب، قد يصبح ضمان 51 صوتاً لتمرير القرار بعدم سماع الشهود أمراً صعباً.

ويبدو أن ماكونيل غير واثق في ضمان تحصيل 51 صوتاً جمهوريا لتجاوز استدعاء الشهود، وإذا حصل ذلك وبدأ استدعاء الشهود ومنهم هنتر بايدن ووالده، فإن تشاك تشومر زعيم الأقلية الديمقراطية سوف يسعى لطلب استدعاء شهود لإحداث حالة من التوازن، وهو ما يعني امكانية استدعاء نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو ورئيس موظفي البيت الأبيض مايك مولفاني وهو ما يرفضه ترمب والجمهوريون.

ولهذا السبب، يتوقع مراقبون أن يسعى الجمهوريون بقوة للحفاظ على وحدتهم وتجاوز عملية سماع الشهود، والتصويت على البراءة أو الإدانة بما يغلق أي إمكانية لحدوث انشقاق أو خلاف بين الجمهوريين ويفوت الفرصة على الديمقراطيين.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات