Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حزب الله نحو التشدد حكومياً بعد تصريحات بومبيو

الحريري بات في مناخ تفعيل تصريف الأعمال لإنقاذ الاقتصاد

تجمدت الاتصالات في شأن الشخصية التي يُفترض تكليفها لتشكيل الحكومة (أ. ب)

تتجمّع عوامل تعقيد المأزق السياسي في لبنان، المرافقة للأزمة الاقتصادية والمالية التي يغرق فيها البلد، فتزيد الصورة قتامة نتيجة العوائق أمام تأليف الحكومة الجديدة في وقت يشترط المجتمع الدولي قيامها كمؤشر أولي على إمكان تقديم المساعدة للحؤول دون الانهيار.

ومع جمود الاتصالات في شأن الشخصية التي يُفترض تكليفها لتشكيل الحكومة في اليومين الماضيين، بعد اعتذار المرشح الأخير سمير الخطيب عن المهمة، لأنه صادف عراقيل في المشاورات التمهيدية التي أجراها، لا يبدو أن اختيار البديل منه حقق أي تقدم للخروج من دوامة المواقف المتباعدة في ظل استمرار الخلاف على صيغة الحكومة العتيدة: الرئيس المستقيل سعد الحريري يشترط موافقة الأطراف على حكومة اختصاصيين، وإلا "ابحثوا عن غيري"، وتحالف "الثنائي الشيعي" الذي في يده الأكثرية النيابية مع حلفائه يريدها مختلطة من التكنوقراط وبضعة سياسيين يمثلون الأحزاب.

الحريري لن يسمي

وفي حين كانت المخارج أفضت إلى تسمية 3 مرشحين بديلاً من الحريري، لكن بتغطية منه لهم كي يشكلوا الحكومة المختلطة، فإن كلاً من هؤلاء اصطدم بإصرار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على حقائب معينة وعلى عودة 3 أو 4 وزراء من الحكومة المستقيلة، على الرغم من رفض الحراك الشعبي الوجوه القديمة، وبطلبه تسمية بعض الوزراء التكنوقراط، وذلك قبل الوصول إلى البحث في تمثيل "الثنائي الشيعي" الذي كان فريقاه (خصوصاً حركة أمل) أشاعا أنباءً عن استعدادهما لتغيير بعض الوجوه، فيما بقيت مصادر حزب الله على موقفه الغامض مكتفية بالقول إنه لن يقبل باستبعاده عن الحكومة "إرضاء للأميركيين". وهو ما كرره رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد الإثنين، مشيراً إلى استعداد الحزب "لتقديم التنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية". وهذه إشارة إلى الموقف الأميركي الذي يعتقد الحزب أنه مع استبعاده عن الحكومة المقبلة.

إلا أن اعتذار المرشحين الذين سبق وجرى الاتفاق مع الحريري على تزكيتهم كان يطلق في كل مرة حملة عليه من التيار الحر ومن أوساط قريبة من حزب الله، بأنه وراء إحراقهم، لأنه يرغب في العودة إلى الرئاسة الثالثة، ردّ عليها الحريري الثلاثاء داعياً من يشترطون الحكومة التكنوسياسية إلى اختيار غيره.

وتقول مصادر قريبة من الحريري لـ"اندبندنت عربية" إنه هذه المرة لن يسمي أحداً، وسيترك للفرقاء الرافضين لإصراره على حكومة الاختصاصيين أن يسموا هم من يريدون. ويضيف أحد معاوني الحريري على ذلك بالقول، "إذا كانوا يعتقدون أنه يحرق المرشحين كي يعود هو إلى رئاسة الحكومة، لماذا لا يذهبون إلى الاستشارات النيابية ويسمون من يرون؟"، ويتابع: "الحريري قال ماذا يريد. فليقولوا هم ماذا يريدون ولا يتذرعوا بحجة أن دار الفتوى رشحته".

مطالب باسيل

لكن تدهور العلاقة بين التيار الوطني الحر والحريري جعل الأخير وفق مواقف تصدر عن نوابه يتجه نحو رفض عودة الحريري لرئاسة الحكومة حتى لو كان حليفه حزب الله ما زال (حتى إشعار آخر) يراهن على التوصل إلى تفاهم مع الأخير.

وتلويح الوزير باسيل بإعلان موقف الخميس يذهب بتكتله النيابي إلى المعارضة، جاء تعبيراً عن هذا التدهور بين تياره وتيار المستقبل، على الرغم من استغراب الأوساط السياسية لهذه النقلة سائلة "كيف ينتقل تكتل لبنان القوي إلى المعارضة في وقت مؤسسه يتبوأ رئاسة الجمهورية؟".

الأوساط السياسية المتابعة لخلاف باسيل - الحريري ترد الأمر إلى واحد من احتمالين: الأول أن رئيس التيار الحر عاد إلى نغمة المعادلة التي تساوي بينه والحريري في الخروج من الحكومة، بعدما ترافق اعتذار المرشح الخطيب مع إعلانه أن دار الفتوى تفضّل الحريري لرئاسة الحكومة، وهذا ما جعله يعود إلى اشتراط توزيره مقابل عودة الحريري.

وفي اعتقاد هذه الأوساط أن باسيل يعتبر أن خروجه في هذه الحال هزيمة له تقضي على هدفه بالترشح لرئاسة الجمهورية إثر انقضاء عهد الرئيس ميشال عون بعد قرابة الثلاث سنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الثاني أن باسيل يصعد في الموقف بعد رفض سائر المرشحين للرئاسة الثالثة إعادة توزير الذين طالب بهم في الحكومة العتيدة، وهم ندى بستاني (الطاقة)، وإلياس بوصعب (الدفاع)، وسليم جريصاتي (وزير دولة للرئاسة)، إضافة إلى طلبه تسمية وزراء مسيحيين تكنوقراط آخرين. وبالتالي هو يعود للإصرار على توزيره من باب المناورة من أجل الحصول على الحصة التي يريدها في تركيبة الحكومة المقبلة سواء برئاسة الحريري أو غيره، فخروجه وفق هذه الأوساط بات محسوماً نظراً إلى أنه من الوجوه التي تعتبر استفزازية التي اقتنع البعض أن لا الحراك الشعبي يقبل بها، ولا المجتمع الدولي. لكن تكريس ذلك يفترض أن يحصل على ثمن له، خصوصاً أنه سبق أن أعلن قبل أسبوعين أنه مستعد للتضحية مقابل إنجاح الحكومة.

التعقيدات الخارجية

إلا أن الخلاف الداخلي حول الحصص في الحكومة يزيد العقبات بالتزامن مع تعقيدات على الصعيد الخارجي، فالمطالبة الدولية بتسريع تأليفها وآخرها في بيان مجموعة الدعم الدولية في باريس أمس، لم تفلح في حمل الفرقاء اللبنانيين على حسم أمرهم خصوصاً أن الدعم المطلوب لإنقاذ الاقتصاد بات مشروطاً بإنجازها.

وليس صدفة أن يكرر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس أيضاً القول إن الاستجابة لطلبات الدولة اللبنانية سيتم "وفقاً للحكومة التي ستؤلف"، مذكراً كمنظمة إرهابية ونحن مستعدون لمساعدة الشعب اللبناني للتخلص من الوصاية الخارجية، وهذا أمر يجعل حزب الله يتشدد أكثر في الإصرار على تمثيله الحكومي.

تصريف الأعمال سيطول

وتشير الأوساط المراقبة إلى ما قاله النائب رعد بأن "في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين".

وتشير مصادر وزارية لـ"اندبندنت عربية" إلى أن هذا المنحى في الأحداث يقود إلى إطالة فترة تصريف الأعمال في الحكومة المستقيلة، وتوضح أن تحرك الحريري يوحي بأن الأمور تسير بهذا الاتجاه، وأنه بات في هذا المناخ، من خلال متابعته عدداً من المسائل المالية والاقتصادية الملحة، وأبرز دليل هو اتصالاته بـ11 رئيس دولة وحكومة لمتابعة مطالبته دولهم بأن تعطي تسهيلات لفتح اعتمادات مالية للمستوردين اللبنانيين الذين يجدون صعوبة نتيجة شح السيولة في العملات الأجنبية في تحويل ما يستحق عليهم للشركات في هذه الدول.

ويقول أحد أعضاء فريق الحريري، إن صرخة جمعية الصناعيين أمس التي دقت ناقوس الخطر نتيجة الخوف من توقف إنتاج المصانع وبالتالي إقفالها، يعود إلى أن صعوبة التحويلات المالية تحول دون استيراد المواد الأولية المطلوبة للتصنيع، وإن هناك حاجة لزهاء 3 بلايين دولار أميركي لاستيرادها.

ويوضح أن اتصالات الحريري هدفت إلى موافقة هذه الدول على فتح خطوط ائتمانية للمستوردين اللبنانيين (كل دولة بمئات ملايين الدولارات)، لآجال معقولة يتم سدادها من تصدير منتجات هذه المصانع، التي يمكن رفع قيمتها في الأشهر المقبلة إلى نحو 4.5 بليون دولار، بحيث يمكن تفادي مزيد من الانهيار الاقتصادي.

ولم يستبعد فريق الحريري أن يضطر إلى تفعيل اجتماعات الحكومة قريباً من أجل وضع الخطة الاقتصادية العاجلة التي ألحّ عليها مؤتمر باريس أمس، وهو أجرى اتصالات في هذا الصدد مع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لهذا الغرض.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي