لا يزال الجنيه المصري يضغط بقوة على الدولار الأميركي الأقوى عالمياً، مواصلاً الصعود الذي بدأه مع مطلع العام الحالي بداية من يناير (كانون الثاني)، وسط توقعات بأن يواصل تقدّمه لكسر حاجز الـ16 جنيهاً خلال الربع الأول من العام المقبل 2020.
الجنيه المصري استعاد ما يتخطى الـ10% من خسائره المدوية التي اقتربت من 120% من قيمته، التي أعقبت القرار التاريخي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، حينما أعلن البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه (التعويم)، بينما سجّلت قيمته آنذاك 8.88 جنيه مقابل الدولار الذي عمّق خسائر الجنيه ليسجل في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه 19.62 جنيه للمرة الأولى في تاريخ العلاقة بين العملتين.
قرار (التعويم) كان جزءاً من خطة الحكومة المصرية لتحقيق إصلاح شامل تبنته وفقاً لبرنامج إصلاح اقتصادي استمرّ ثلاث سنوات منذ عام 2016 لينتهي العام الحالي في مقابل الحصول على قرضٍ بلغت قيمته 12 مليار دولار على 6 شرائح تبلغ قيمة كل منها ملياري دولار.
بداية الصعود
1000 يوم وبضعة أيام تقريباً مضت على النزال الشرس، ولا يزال يجد الدولار مقاومة كبيرة من الجنيه الذي استطاع أن يستعيد خسائره بنسبة تقترب من 11% مسجلاً أفضل مستوى له الخميس 14 أكتوبر (تشرين الأول) محققاً 16.07 جنيه، وهو آخر سعر رسمي معلن من قِبل البنك المركزي المصري.
بداية صحوة الجنيه بدأت مع مطلع يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، إذ نجح في كسر حدود الـ18 جنيهاً مقابل الدولار، وواصل زحفه محققاً 17.12 جنيه ليواصل في شهر أبريل (نيسان) 2019 صعوده، ويسترد نحو 6% من قوته مقابل الدولار الأميركي رابحاً 100 قرش كاملة في الفترة من 15 مارس (آذار) 2017، إذ سجّل الدولار آنذاك 18.12 جنيه مقارنة بـ17.12 جنيه، وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي.
واستمر صعود الجنيه مقابل الدولار حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ليحقق أفضل سعر له أمام الدولار منذ الرابع من مارس (آذار) 2017، عندما سجّل 16.26 جنيه، ليقفز إلى مستوى 16.22 مقابل الدولار، وبدأ الشهر في الأول من سبتمبر (أيلول) محققاً 16.60.
والخميس الماضي 14 أكتوبر (تشرين الأول) وصل الجنيه إلى أفضل موضع له مقابل الدولار الأميركي ليحقق 16.07 جنيه، وهو الرقم الأفضل على الإطلاق.
تشير الأرقام الرسمية إلى استمرار تراجع سعر الدولار في السوق المصرية بنحو 10 قروش أمام الجنيه المصري ليسجل 16.07 جنيه حتى أمس السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) وفق آخر سعر مُعلن من المركزي المصري، مقابل 16.22 جنيه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ليست مكاسب... بل استعادة الخسائر
الدكتور فخري الفقي عضو مجلس إدارة البنك المركزي المصري فسّر في حديثه مع "اندبندنت عربية" مصدر قوة الجنيه في الفترة الحالية، مؤكداً أن "ما يحققه الجنيه أمام الدولار لا يعد بمثابة مكاسب أو خسائر للدولار الأميركي، بل هي استعادة الجنيه المصري جزءاً من الخسائر الكبرى التي تعرّض لها خلال 3 سنوات مضت".
وأضاف، "الإجراءات الصعبة التي نفّذتها الحكومة المصرية بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي أسهمت في الإصلاح الهيكلي والمالي والكلي للاقتصاد المصري، إلى جانب الوفرة المستمرة من حصيلة وموارد الدولة من العملة الصعبة".
واختص الفقي القطاع السياحي بالنصيب الأكبر، قائلاً "تحسّنت إيرادات قطاع السياحة، إذ ارتفعت بقيمة 2.7 مليار دولار مسجلة 12.570 مليار دولار خلال العام المالي 2018 - 2019 مقابل نحو 9.804 مليار دولار خلال العام المالي 2017 - 2018 بنسبة زيادة بلغت 28% على أساس سنوي".
وتوقّع الفقي "استمرار تحسّن قطاع السياحة، خصوصاً مع رفع قرار حظر السفر البريطاني إلى مصر قبل أسابيع مضت".
الاحتياطي الأجنبي
وفي أحدث تقرير له في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع الاحتياطي المصري من العملات الأجنبية إلى نحو 45.246 مليار دولار في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مقارنة بـ45.117 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) 2019 بزيادة تقدّر بنحو 129 مليون دولار خلال 30 يوماً فقط.
الاحتياطي المصري من العملات الأجنبية يمثل غطاءً لفاتورة الواردات المصرية من الخارج لمدة تتخطى الـ7 أشهر، إذ تستورد القاهرة بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهرياً من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالي سنوي يُقدر بأكثر من 60 مليار دولار.
السياسة النقدية التوسعية
وأرجع وائل النحاس خبير أسواق المال، قوة الجنيه المصري في الفترة الحالية إلى "استمرار تدفق العملات الصعبة من الخارج إلى الداخل"، موضحاً أن "ارتفاع إيرادات قناة السويس الدولارية وتحويلات المصريين العاملين بالخارج مع تحسّن الموسم السياحي أحد الأسباب الرئيسية التي تدعم الجنيه حالياً".
وأضاف النحاس، "لا يجب أن نغفل السياسة النقدية التوسعية التي يتبعها البنك المركزي المصري خلال الثلاثة أشهر الأخيرة بخفض معدل أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي كان آخرها الخميس الماضي 14 نوفمبر (تشرين الثاني) بخفض أسعار الفائدة بمعدل 1% لتصل جملتها إلى 3.5% في غضون ثلاثة أشهر".
عجز الميزان التجاري بين مصر وأميركا
الأسبوع الماضي أعلن مكتب التمثيل التجاري المصري في واشنطن في أهم تقرير له تراجع عجز الميزان التجاري بين مصر والولايات المتحدة بنسبة 10.6% خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأوضح التقرير أن عجز الميزان التجاري بين البلدين بلغ قيمته ملياراً و815 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مقابل ملياري و32 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف التقرير عن تحقيق الصادرات المصرية غير البترولية ارتفاعاً بنسبة 24.7%، لتصل إلى 1.5 مليار دولار مقابل 1.2 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بارتفاع قيمته 308 ملايين دولار، ومثّلت الصادرات غير البترولية 62.4% من إجمالي صادراتنا للولايات المتحدة.
وأكد التقرير ارتفاع صادرات مصر وفق بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) بنسبة 14.4%، لتصل إلى 760.6 مليون دولار مقابل 664.7 مليون دولار خلال الفترة المماثلة من عام 2018، فضلاً عن زيادة الصادرات، في إطار النظام المعمم للمزايا (GSP) بنسبة 123.7%، لتحقق 148.3 مليون دولار، مقابل 66.3 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام السابق.
"الكويز"، اتفاقٌ يجمع بين مصر والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والأردن يسمح للمنتجات المصرية والأردنية بدخول الأراضي الأميركية دون جمارك.
وكشف التقرير أن قيمة الواردات المصرية من الولايات المتحدة بلغت 4 مليارات و304 ملايين دولار خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول)، مقابل 3 مليارات و866 مليون دولار خلال الفترة المماثلة من 2018، بزيادة بلغت 438 مليون دولار، وبنسبة 11.3%.