Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحن التونسيون إلى النظام الرئاسي؟

اعتادت البلاد على صورة رئيس الدولة صاحب القرار

تضمّن برنامج قيس سعيد الانتخابي نقطة مثيرة هي تغيير منظومة الحكم الحالية (غيتي)

أعاد انتخاب الرئيس قيس سعيد من قبل حوالى 70 في المئة من النّاخبين التونسيين نصفهم تقريباً من الشباب، في الدّور الثاني للانتخابات الرئاسية، التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى الأذهان صورة الرئيس ـ الزّعيم التي حكمت تونس طيلة 53 سنة (30 سنة مع أول رئيس للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة  1957 ـ 1987 ، و23 سنة مع الرئيس السابق زين العابدين بن علي 1987 ـ2011).

صورة الرئيس الفاعل

صورة ارتسمت في العقل الباطني لغالبية التونسيين، الذين مازالوا ينظرون إلى رئيس الدولة في مكانته الاعتبارية السياسية القوية والقادرة على اتخاذ القرارات الفورية والحاسمة.

لذلك، ينتظر التونسيون من سعيد أن يعير وده البلاد، وهو رجل قانون يعرف جيداً حدود رئيس الجمهورية بحسب الدستور.

وفي حركة رمزية، قرّر عدد من شباب القصرين (محافظة تقع وسط غرب البلاد وتبعد حوالى 300 كيلومتر عن تونس العاصمة) التوجه سيراً على الأقدام إلى العاصمة للقاء رئيس الجمهورية، لعرض مشكلات منطقتهم والمطالبة بتأمين فرص عمل.

كما توجه مواطنان من ولاية سيدي بوزيد (تبعد عن العاصمة 260 كيلومتراً) سيراً على الأقدام لملاقاة سعيد لشرح وضعيتهما المهنية الهشة.

وكان رئيس الجمهورية قد استقبل في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) مجموعة من شباب ولاية قفصة في قصر قرطاج مطالبين بالتنمية وتأمين فرص عمل.

وأوصى رئيس الدولة بضرورة أن تتوافر لهؤلاء الشباب فرص العمل والعيش الكريم من دون أن يقدّم حلولاً جاهزة أو يتخذ قرارات واضحة، لأن صلاحيات رئيس الدّولة محددة بالدّستور ولا علاقة لها بالتنمية والتشغيل.

"العناق" الرئاسي

صور جعلت عدداً من روّاد منصات التواصل الاجتماعي يدعون إلى احترام هيبة الدولة ورئيس الجمهورية والكفّ عن هذه الممارسات "الشعبوية"، واصفين من يأتون إلى القصر الرئاسي بالباحثين فقط عن العِناق الرئاسي، في إشارة إلى عطف رئيس الدولة عليهم ومعانقتهم تعبيراً منه عن تضامنه معهم في محنتهم ومع مشروعية مطالبهم. 

كما زار سعيد مجموعة من شباب ولاية القيروان المعتصمين أمام ولاية القيروان وتوجه إليهم بكلمة أكد فيها ضرورة أن يكونوا قوة اقتراح لا أن ينتظروا حلولاً من المركز، في إشارة إلى الحكومة وأجهزتها في العاصمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فهل أخطأ هؤلاء الشباب العنوان؟ أم توجّهوا قصداً إلى رئيس الدولة رغبة منهم في تغيير النظام السياسي الحالي من برلماني معدّل إلى رئاسي؟

لقد تضمّن برنامج سعيد الانتخابي نقطة مثيرة ينظر إليها السياسيون بحذر، وهي تغيير منظومة الحكم الحالية شبه المركزية لتصبح نظاماً مجالسياً ينطلق من المحلّي إلى الجهوي فالوطني. وهو مشروع سيقلب المنظومة السائدة رأساً على عقب، لذلك استبعد عدد من المتابعين أن يتم تنفيذه.

أما عن إيمان هؤلاء الشباب بقوة حركتهم الرمزية وفي توجّههم إلى رئيس الدولة من دون رئيس الحكومة فرسالة ضمنية إلى بقية مكونات منظومة الحكم بأن الشباب فَقَد ثقته بالسياسيين، بعدما باعوه الوهم طيلة سنوات ما بعد الثورة. وهم يراهنون اليوم على من لم يمارس السياسة من قبل، علّه يحقق أهدافهم في العيش الكريم وتوفير موارد الرزق.

أحزاب تتخوف من النظام الرئاسي

إعادة صورة الرئيس الجامع الفاعل في المشهد السياسي التونسي كان قد بادر إليها حزب "مشروع تونس"، الذي دعا في وقت سابق إلى توسيع صلاحيات رئيس الدولة. وهو ما رفضته أحزاب أخرى تتخوف من إمكانية عودة الاستبداد.

لقد تعوّد التونسي على صورة رئيس الدولة صاحب القرار الذي يقوم بالزيارات الميدانية المعلنة والفجائية إلى عدد من الولايات أو المناطق الداخلية لإعلان قرارات أو للبدء في مشروع ما.

لا يتحمّل نظام الحكم وحده مسؤولية فشل المنظومة السياسية في تونس، بل أيضاً النظام الانتخابي الذي فشل في إفراز غالبية حاكمة قوية قادرة على الحكم في ظروف مريحة، بالإضافة إلى تشتت المسؤوليات بين الرئاسات الثلاث (الحكومة والرئاسة والبرلمان). وهو ما جعل بعض الأصوات من داخل الأحزاب السياسية أو المنظمات الوطنية تدعو إلى ضرورة مراجعة نظام الحكم وتوزيع السلطات بشكل متكافئ بين الرئاسات الثلاثة وأيضاً القانون الانتخابي والدخول في جملة من الإصلاحات الكبرى يتطلبها الوضع الحالي في تونس.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي