Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دجالة أم مخلصة: ما الذي ستقدمه قسيسة مثيرة للجدل إلى البيت الأبيض؟

"بولا وايت" متهمة بالسعي وراء المال قبل إعلان إفلاسها، لكن الرئيس يأمل في أن تضمن له دعم الانجيليين

باولا وايت القسيسة التي يدعمها ترمب تقدم عظة يومية على موقع يحمل اسمها (باولاوايت.أورغ)

كثيرا ما توصف بأنها المرأة التي دفعت دونالد ترمب إلى التدين.

قامت بتلاوة دعاءٍ في حفل تنصيبه، ورتّلت صلوات عند إطلاقه حملة إعادة انتخابه، وادّعت مؤخراً أثناء نشر كتاب جديد بأن ترمب أراد ذات مرة أن يبني كاتدرائية زجاجية ضخمة، حيث قال لها "دعونا نبني هذه قبل أن نتقدم كثيرا في السن". لكن آخرين وصفوها بأنها محتالة.

واليوم، تشغل باولا وايت-كاين، المعروفة باسم باولا وايت، وهي داعية تلفزيونية تبلغ من العمر 53 عاماً من ولاية فلوريدا، دوراً رسمياً داخل البيت الأبيض. وفيما يبدو أنه جزء من محاولة ضمان دعم المسيحيين الإنجيليين خلال سعيه لولاية ثانية، عيّن ترمب القسيسة وايت في مكتب الاتصالات العامة المعني بالتواصل مع الجماعات والأفراد ذوي أهمية بالنسبة للرئيس.

ففي بيان وزّعه على الصحافيين، قال البيت الأبيض إن "باولا وايت هي مستشارة لمبادرة الإيمان والفرصة، وأنها تتولى إدارة تلك المبادرة".

وتدخل وايت وظيفتها بسمعة من يزعزع الأمور. وهذا الصيف قالت لحشد من المصلين في فلوريدا إنه "عندما أمشي على أرض البيت الأبيض، فإن الرّب يمشي على أرض البيت الأبيض. أينما حللت، يحُل حكم الرّب. عندما مشيت في النهر، مشى الرّب في النهر". وقد أثنت على ذكاء الرئيس، ووصفته بأنه "مفكر استراتيجي إلى حد كبير"، وأحياناً تتحدث بلغة غير مفهومة.

غير أن الرئيس لم يكن مقنعاً ذات يوم كرجل ملتزم بالدين، على الرغم من زعمه أن الكتاب المقدس كان إما كتابه المفضل الأول أو الثاني، بعد كتابه "فن الصفقة" الذي اعتبره في مقابلات مختلفة على مر السنين الأثير على قلبه والأكثر قراءة.

وأثناء حضوره قداساً كنيساً خلال تجمع انتخابي في ولاية آيوا عام 2016، وجد ترمب صعوبة في التمييز بين القربان المقدس ووعاء التبرع، حيث أدخل يده في جيبه لإخراج النقود. وفي مناسبة أخرى رفض بانزعاج الإفصاح أمام الصحافيين عن قصصه المفضلة في الإنجيل، وخلط بين النصوص الدينية عندما تحدث إلى طلاب في جامعة كريستشن ليبرتي.

ومع ذلك، فقد كان دائماً على دراية بأهمية الحفاظ على دعم اليمين الديني، وخاصة الإنجيليين الذين ربما صوت 80 في المئة منهم لصالحه في عام 2016.

ومن جانبهم، قلما دافع الزعماء الإنجيليين عن الحياة الخاصة لقطب الكازينو السابق الذي تزوج ثلاث مرات، أو عن دفعه أموالٍ طائلة لنجمة أفلام إباحية عشية الانتخابات. لكنهم دعموا تعيينه في المحكمة العليا قاضيين محافظيْن بريت كافانو ونيل غورسوتش، ودفاعه عما يسمى "الحرية الدينية،" واستعداده للسماح "بالإعفاءات الدينية" في القوانين التي تسعى إلى إرساء المساواة في مكان العمل لأعضاء مجتمع الميم".

لكن وايت ليست مجرد قسيسة، وهي نفسها تزوجت ثلاث مرات - وزوجها الحالي جوناثان كاين، يلعب البيانو مع فرقة "جورني"، وأنشأت كنيسة ضخمة في فلوريدا قبل أن تعلن إفلاسها. وهي تعتنق نوعاً من المسيحية معروف أحياناً بـ "لاهوت الازدهار" أو الرخاء، والذي ينص على أن الرّب يمكن أن يكافئ الناس بجعلهم أثرياء، كما يمكن أن يبارك للمتبرعين لدور الخير، مثل الكنائس.

ويقتبس موقعها الإلكتروني حاليا جزءاً من سِفر الأمثال في العهد القديم من الكتاب المقدس الذي يتحدث عن "تكريم الرّب من أولى ثمار زيادتك." ثم كتبت تقول "إنني أنبئكم بالخلاص والازدهار في 2019 - هذه هي السنة التي ترثون فيها أرضكم الموعودة!"

كما أثارت وايت جدلاً بتصريحات عقائدية مزعومة نُسبت إليها والتي شككت بما يدعى الثالوث، وهو اعتقاد يرى الرّب متجسداً في ثلاثة أقانيم، الأب والابن والروح القدس. (ونفت السيدة وايت إدلاءها مثل هذا التصريح).

 وخلال السنة الماضية، وفي خضم أزمة الهجرة القادمة من أميركا الوسطى، أثارت ضجة عندما زعمت أن المسيح على الرغم من كونه لاجئاً، لم يكن مهاجراً "غير شرعي". وأضافت أنه "لو كان خرق القانون، لكان أذنب وما كان له أن يكون مسيحنا".

من جهته، صرح مارك تولي، وهو منتمي للطائفة الميثودية ومؤسس معهد الدين والديمقراطية في العاصمة واشنطن، لصحيفة الاندبندنت بأن تعيين وايت يؤكد صعود المسيحية الإنجيلية أو المسيحية التي "ولِدت من جديد" مع إدارة ترمب. (فنائب الرئيس مايك بنس هو أيضاً مسيحي إنجيلي، وهو واحد من الأسباب التي تجعل بعض المنتمين إلى اليمين الديني أقل اهتماماً بإمكان إطلاق إجراءات عزل الرئيس وإقالته من منصبه.)

يقول تولي إنها "تمثل أسلوباً حديثاً للمشاريع التجارية التي بنَت كهنوتها وتتمتع الآن بنفوذ سياسي".

وادعى بأنها شخصية مثيرة للجدل حتى بين الإنجيليين الذين لا يتفقون مع آرائها حول الرفاه اللاهوتي، على الرغم من أن الفكرة - التي يتبناها أيضا أمثال جويل أوستين ذائع الصيت – كانت رائجة في الولايات المتحدة الأميركية لعقود كثيرة.

وفي ما يتعلق بالتغيير الذي يمكن أن تجلبه للسيد ترمب، قال تولي إن الرئيس "لم يقم أبداً بعمل جيد في التظاهر بكونه شخصاً مؤمناً، وكان الناس صريحين بشأن ذلك. وقد تبنى (الإنجيليون) نهجاً من الواقعية السياسية، على أساس أنه سيحميهم ويعالج قضاياهم."

لكن، لا يحمل جديداً، ربط رئيس الأميركي نفسه بشخصية دينية بارزة. إذ كان ريتشارد نيكسون ورونالد ريغان يصلون مع (الداعية الإنجيلي الشهير) بيلي غراهام. من جهته، حضر بيل كلينتون بخشوع لقاء إفطار صلاة وطنية مع رجال دين والتمس منهم المباركة، ساعات فقط قبل أن يقدم المستشار الخاص كينيث ستار تقريره الذي فضح خيانة الرئيس ومحاولاته التغطية عليها أمام الكونغرس.

أما جورج بوش فقد تحول مجدداً إلى المسيحية عام 1985 بفضل جهود أشرفت عليها جزئياً زوجته لاورا لتجنيبه الإدمان على الكحول. من جهته، تعرض باراك أوباما لمشاكل بسبب ارتباطه بالقس الأسود جيريمي رايت. وقاد أيضاً جمعاً من المصلين في أداء ترنيمة "نعمة مدهشة" في جنازة القس كليمانتا بينكي، أحد ضحايا مجزرة كنيسة تشارلستون، وهو يظهر راحته في بيئة دينية.

وما يزال جيمي كارتر، الذي ربما يُعد أكثر الرؤساء الحديثين تديناً، يعطي دروساً في كنيسة مارانتا المعمدانية في بلدة بلينز بولاية جورجيا.

وقد لا يكون من المفاجئ أن تكون قسيسة ترمب مختلفة تماماً، فهي صريحة ومثيرة للجدل وهي تملك امبراطورية إعلامية خاصة بها وموقع إلكتروني حيث يمكن للناس أن يشتركوا لمتابعة عظة يومية.

وفي عام 2014، اضطرت كنيستها، "ويزاوت وولز انترناشنل تشرش" (الكنيسة الدولية من دون أسوار) في "أبوبكا"، وهذه تجمع سكاني كان يضم ذات يوم 20000 نسمة، لتقديم طلب حمايتها من الإفلاس. ونعتها راسل موور، وهو شخصية نافذة في الجماعة المعمدانية الجنوبية، بـ "الدجالة". في حين تساءل آخرون منذ متى عرفت الرئيس وما هو الدور الذي تلعبه، إذا كان لها دور، في رحلته الدينية. ففي وقت سابق هذه السنة، أعلنت أنها ستسلم مسؤولية كنيستها لابنها.

وفي هذا الصدد، صرحت كيت باولر، وهي أستاذة التاريخ المسيحي في مدرسة ديوك ديفنتي، لنيويورك تايمز "لم أكن لأتصور أن تشكل باولا وايت ودونالد ترمب ثنائي الواعظ والرئيس الذي سيتذكره الناس مثل الثنائي بيلي غراهام وريتشارد نيكسون"، مضيفةً أن "باولا وايت استطاعت تخطي الفضيحة والتغلب على قلة الدعم من اليمين الديني لتصبح واحدة من النساء اللائي يقفن بمفردهن في عالم التلفزيون الإنجيلي الذي يسوده الرجال. فقد أنجزت ما لم يظن أحد أنها تستطيع أن تفعله وهو انتزاع مكان للاهوت غير شعبي بجانب رئيس غير شعبي".

ويبدو جلياً أنها هنا لتبقى على الأقل في هذه المرحلة. وغالباً ما تُصور وايت مع الرئيس، وعندما كانت تصلي عند إطلاق حملة إعادة انتخابه، صرحت "الآن، دعوا أي شبكة شيطانية تحالفت ضد الهدف، ضد دعوة الرئيس، تنكسر ولتتحطم باسم يسوع!"

لم تجب وايت على طلب التعليق على ما تقدم.

وفي مقابلة صحفية مع "واشنطن إكزامينير"، عندما كانت تروج لكتابها (شيء أعظم: النجاة من التجربة)، زعمت وايت أن علاقتها مع الرئيس تعود إلى عقدين من الزمن عندما اتصل بها بعد مشاهدتها على شاشة التلفزيون.

قالت "إنه مسيحي" موضحة أنه كان "كتوماً" فيما يخص هذه المسألة، على خلاف كلينتون الذي كان دائم الاقتباس من الكتاب المقدس، مضيفة "هو غير ملم بالمفردات المسيحية، شأن أغلب الناس".

© The Independent

المزيد من آراء