Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطة تتبادل الشروط بين أركانها وآلاف المتظاهرين سينامون على الطرقات تحسباً لمفاجآت الفجر

البابا فرنسيس يدعو إلى الحوار والبطريرك الماروني وجنبلاط لحكومة حيادية

يطوي اليوم الحادي عشر على "الانتفاضة اللبنانية" آخر ساعاته من دون أي أفق لحل يرضي مئات الالاف الذين نزلوا الى الشوارع والساحات، في أكبر تظاهرات شهدها لبنان في تاريخه. وزاد التباعد بين أركان السلطة والناس بعدما تواترت اليهم معلومات بأن رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وكل الأطراف التي تدعمهما، يتبادلان الشروط والشروط المضادة لإيجاد حل يريدان ان يرضيهما معاً، قبل أن يرضي المتظاهرين الغاضبين. وبات من المعلوم أن اي حل يجب ان يمر عبر تغيير حكومي. وفيما يريد رئيس الحكومة سعد الحريري ان يضمن عودته الى رئاسة اي حكومة مقبلة، تقول اوساط رئيس الجمهورية أن تشكيل حكومة اخصائيين من غير السياسيين تعني ايضاً ان يكون رئيسها من خارج الطاقم السياسي. وان اي حكومة لا تضم نواباً تعني ايضاً ان رئيسها يجب الا يكون نائباً. وفي كل هذه الحالات يصبح الحريري خارج السلطة. الامر الوحيد الذي يتفق عليه الطرفان هو ضروري فتح الطرقات كشرط للبحث بالمخارج السياسية. مع تمايز للحريري الذي يريد فتح الطرقات ولكن بدون استعمال للقوة. فاية ضحية تسقط عند فض التظاهرات ستنعكس سلباً على وضعه المأزوم أصلاً. ومن جهة اخرى يعرف المتظاهرون أن فتح الطرقات سيضعف موقفهم، إذ يقولون "إذا مع كل هذا الضغط ولم يتحركوا فكيف سيتحركون إذا شتتوا قوانا؟" وفي تحرك استباقي لإحتمال فض التظاهرات فجر الاثنين، يعتزم الالاف من المتظاهرين على الطرقات من جنوب لبنان الى شماله المبيت على قارعة الطريق، حتى لا يؤخذوا على حين غرة.

 

ميدانياً تستمر فعاليات الحراك الشعبي اللبناني في عدد من ساحات وطرقات بيروت وطرابلس وصيدا وغيرها من المناطق احتجاجاً على الطبقة السياسية الحاكمة والفساد المستشري الذي طال القطاعات كافة فضلاً عن التردي الاقتصادي، فيما أعلن المكتب الإعلامي لوزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب في بيان أنه "لا يحق لأي مدرسة رسمِية أو خاصة بفَتح أبوابها إلا بموجب صدور مرسوم أو قرار من خلال مؤتمر صحافي يعقده الوزير".

 

 

ربط الساحات

ودعا منظمو الحراك إلى الاتحاد بوجه ما سمّوه "سياسات التفرقة التي تتبعها السلطة، من خلال ربط الساحات بأصواتنا ومطالبنا وإصرارنا ووحدتنا". وبالفعل بدأ عشرات آلاف اللبنانيين بتنفيذ سلسلة بشرية تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها، في إطار الحراك الشعبي المناهض للطبقة السياسية، في خطوة ترمز إلى الوحدة الوطنية التي تكرست خلال التظاهرات العابرة للطوائف والمناطق.

وبدأ الآلاف بالانتشار على الطرقات ماسكين أيادي بعضهم بعضاً، والهدف "تغطية بشرية" لمسافة تمتد على 170 كيلومتراً من صور جنوباً إلى طرابلس شمالاً، مروراً بساحة الشهداء في وسط بيروت. ويفترض أن تشمل السلسة البشرية كل الساحات التي شهدت تظاهرات منذ انطلاق الحراك في 17 أكتوبر.
 

سلسلة بشرية

وتجمع المشاركون على طول الطرق السريعة من الشمال إلى الجنوب، ووصلوا إليها سيراً على الأقدام، وبعضهم على الدراجات النارية أو الهوائية.

وقالت إحدى منظمي هذه المبادرة، جولي تيغو بو ناصيف (31 سنة)، "كل شيء بات جاهزاً، لدينا متطوعون على الدراجات النارية يساعدوننا في ملأ الفراغات في السلسلة".

وأضافت "الفكرة خلف هذه السلسلة هي أن نظهر أن لبنان من شماله إلى جنوبه يرفض الطائفية".

وأكدت هيئة التنسيق "ألا مفاوضات قبل استقالة الحكومة التي تسببت بانفجار الأوضاع في لبنان، وألا مخوّلاً بالتفاوض من قبل الهيئة مع أي جهة كانت".

كذلك شددت على "استمرار ومضاعفة الاعتصامات على كامل الأراضي اللبنانية"، وقالت "غداً الأحد(اليوم) مليونية الانتفاضة الكبرى، فلا تتأخروا".

وجددت الدعوة إلى الجيش لحفظ الأمن وحماية المتظاهرين من اعتداءات واستفزازات القوى المناهضة للثورة، وتمنت على كل المواطنين والمتظاهرين، تجنب أية مواجهة أو استفزاز من قبل "القوى التي تتربص الشر بانتفاضتنا المجيدة".

هذا وأفادت غرفة التحكم المروري أن الطرق الرئيسية لاتزال مقفلة من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، في بيروت وجونيه وطرابلس وزحلة والنبطية وصيدا ومختلف المناطق اللبنانية من قبل المتظاهرين.

 

البابا يدعو إلى الحوار

 

في موازاة ذلك، دعا البابا فرنسيس اليوم الأحد إلى التوجه إلى "الحوار" لإيجاد حلول "عادلة" وسط الأزمة السياسية والاجتماعية وشرارة الإحتجاجات التي يمرّ بها لبنان.
وقال البابا من الفاتيكان إنّ "أفكاري تتجه بالأخص إلى الشعب اللبناني العزيز، وبخاصةٍ الشّباب الذين رفعوا صوتهم في الأيام الأخيرة ضد التحديات والمشاكل الإقتصادية والإجتماعية في البلاد".
ورأى البابا أن الحل يكون من خلال الحوار، والهدف هو أن "يبقى لبنان بدعم الأسرة الدولية، فسحة تعايش سلمي واحترام لكرامة كل شخص وحريته لما فيه مصلحة منطقة الشرق الأوسط الّتي تعاني الكثير".



عظة الراعي

 

من ناحية أخرى، أكّد البطريرك الماروني الكردينال بشارة الراعي في عظة الأحد أنّه "لا يجب أن يُنظَر إلى المتظاهرين السلميين الحضاريين بنظرةٍ فوقيَّة أو إستهتاريَّة أو تسييسيَّة"، معتبراً أنه "لا يحق لأحد الانحراف بانتفاضتهم إلى نزاعٍ حزبي أو إلى أهداف إيديولوجيَّة هدَّامة". 
وشدّد الراعي على أن السلطة السياسية لا تستطيع تجاهل الشعب، بل عليها أن تُصغي إلى مطالبه، وتتفاعل معه قبل فوات الأوان". 
وتوجّه الراعي إلى رجال السياسة في لبنان بالقول "كما كنتم تبحثون عن رضى الشَّعب وصوته في زمن الانتخابات، إبحثوا الآن عن هذا الشعب وعمَّا يرضيه، لئلاّ تخسروا ثقته بشكلٍ نهائيٍّ. لا تهملوا هذه الانتفاضة الوطنيَّة لئلّا يكبر حجمها وتخرج عن مسارها الوطنيّ الإيجابيّ، بفعل المخرِّبين المأجورين المندسِّين بثوب الحمل".


وتوجه الراعي إلى المتظاهرين بالقول "حافظوا على خلقيَّة انتفاضتكم، ولا تسقطوا في تجربة النِّزاعات الحزبيَّة والمذهبيَّة. سهِّلوا للمواطنين حقَّهم في التَّنقُّل والمرور من أجل تلبية حاجاتهم، ولا تظهروا كأنَّكم أسياد الطُّرق العامَّة التي هي ملكٌ للجميع. فتجاوبوا مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية التي نحيي جهودها ونثمّن حكمتها". ثم انضم وليد جنبلاط الى المطالبة بحكومة حيادية رغم ان وزراءه لم يستقيلوا بعد.

تغريدتان لجعجع ووهاب

من جهة أخرى، توجّه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بتغريدة إلى "كل الذين يحاولون التصويب على القوّات اللبنانيّة ومهاجمتها". وقال "بدل أن تضيعوا وقتكم بمهاجمة القوات، شاهدوا المشهد الجامع الشامل من طرابلس إلى صور ومن بيروت إلى بعلبك – الهرمل واستمعوا إلى ما يريده اللبنانيون". 
أما رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب فتمنى في تغريدة على حسابه في "تويتر" على الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توسيع دائرة مشاوراته مع حلفائه "لتكوين موقف مما يجري ورسم إستراتيجية تعامل مع المطالب المحقة للناس". ودان وهاب في تغريدة ثانية، إجبار الناس على "الاعتذار" عن التعبير عن مواقفهم. وكتب وهاب "بعض الذين يجبرون الناس على الإعتذار عن كلام صدر بحقهم إجراء حقير ومعيب ويستهين بالكرامة الإنسانية يا جماعة هدر الكرامة الإنسانية سبب ما حصل".

الحديث عن فرض "خوّات"
 

 

أما الحزب التقدمي الاشتراكي فأصدر بياناً دان فيه إصرار "البعض من المواطنين في الشارع أو من جهات أخرى على اتهام الحزب التقدمي الإشتراكي بالحصول على خوّات مالية (إتاوات) على الطرقات لسماح المواطنين بالعبور".
ونفى "الإشتراكي" "نفياً قاطعاً وجذرياً كل هذه الاتهامات الملفقة والمختلقة والعارية تماماً عن الصحة".
وذكر الحزب أنه "منذ اللحظات الأولى لاندلاع الثورة تعاطى بكل إيجابية عقلانية مع جميع المواطنين ولم يقف حائلاً أمام مشاركة الناس في كل الأماكن والمناطق التي يتواجد فيها وانتقالهم إلى الساحات".
كما ذكر الحزب بمواقف رئيس الحزب وليد جنبلاط في كل تغريداته التي أكد فيها على حرية التظاهر والتعبير عن الرأي وحماية المتظاهرين.



رفع السرية المصرفية

وفي مسعى إلى امتصاص غضب الشارع اللبناني، أعلن "التيار الوطني الحر" التابع للرئيس اللبناني، "قرار رفع السرية المصرفية عن حسابات نوابه".

وعقب هذا القرار، أعلن وزير الدفاع اللبناني الياس بو صعب في تغريدة على "تويتر"، أنه سيرفع طلباً لرفع السرية المصرفية عنه وعن زوجته، وكتب "تلبية لرغبة الرئيس خلال آخر اجتماع للحكومة، سأتقدم يوم الاثنين 28 أكتوبر، بكتاب أرفع بموجبه السرية المصرفية عن حساباتي وحسابات زوجتي وولديّ في لبنان والخارج سلفاً".

وكانت التظاهرات المطلبية في لبنان دخلت أسبوعها الثاني على وقع رسالة الرئيس ميشال عون، ودعوته وفداً من المتظاهرين إلى زيارة القصر الرئاسي والاستماع إلى مطالبهم.

واعتبر عون أن الورقة الإصلاحية التي قدمها رئيس الحكومة سعد الحريري هي الخطوة الإصلاحية الأولى لإنقاذ لبنان من "شبح الانهيار الاقتصادي".

محاولات فتح الطرقات

وتدفق المحتجون إلى الشوارع في أنحاء لبنان، ليل السبت 26 أكتوبر، مرددين الهتافات والأناشيد الوطنية وهم يرفعون أعلام لبنان ولافتات احتجاجية، على الرغم من جهود الجيش طوال اليوم لإعادة فتح الطرقات، في وقت لا يبدو أن هناك نهاية في الأفق لأزمة أصابت البلاد بالشلل منذ أيام وأبقت المصارف مغلقة.

ومع إصرار المحتجين على مواصلة حراكهم، يؤكد المشاركون مطالبهم القاضية بتغيير السياسات الاقتصادية ومحاكمة الفاسدين والمسؤولين عن الهندسات المالية التي أوصلت الوضع المالي والاقتصادي إلى حافة الانهيار.

وأعلن قادة الأجهزة الأمنية في لبنان أن "إعادة فتح الطرق الرئيسية تحصل من دون منع المتظاهرين من مواصلة حركة الاحتجاج".

الخطة الأمنية

وجاء في بيان صادر عن قادة الأجهزة الأمنية أنه سيجري إنشاء غرفة عمليات مشتركة لتتبّع سير الأعمال على الطرقات، وذلك في بيان للقوى الأمنية اللبنانية التي اجتمعت في مكتب قائد الجيش اللبناني جوزف عون في وزارة الدفاع في منطقة اليرزة، والممثلة بالجيش اللبناني وقوى الأمن الدّاخلي والأمن العام وأمن الدولة.

لكن أجواء العنف التي سادت السبت مختلف ساحات الاحتجاج، كانت مؤشراً إلى أن السلطة السياسية حسمت أمر "خطة أمنية" ستبدأ بتطبيقها تباعاً، والهدف فتح كل الطرقات. مصادر سياسية نقلت معلومات مفادها بأن الرئيس ميشال عون لن يقبل بأي "تحريك" للملف السياسي إلا بعد تحقيق أحد شروطه، وهو فتح الطرقات.

وأولى بوادر تطبيق هذه الخطة لم يحصل من دون ضحايا، ففي البداوي، شمال لبنان، أدت المواجهات بين المتظاهرين والجيش، الذي حاول فتح الطريق، إلى سقوط عدد من الجرحى. وشهدت المنطقة إطلاق نار كثيفاً.

وقد "استقدم الجيش تعزيزات أمنية إلى المنطقة وأعاد الوضع إلى ما كان عليه، وفتح تحقيقاً بالحادث".

مهلة جديدة

مهلة جديدة كان أطلقها رئيس الحكومة سعد الحريري وهي 48 ساعة للوصول إلى حل حكومي. وقال مصطفى علوش القيادي في تيار المستقبل التابع للحريري "الوضع لم يعد يحتمل هناك حلول سياسية مطروحة وهي تتعلق بصدمة سياسية. الأفضل أن يستقيل (الحريري) باتفاق". لكنه أضاف "برأيي إذا التعديل أو الاتفاق على حكومة جديدة لم يحصلا فاعتقد ربما سيستقيل". وذكّر علوش بأن "هناك أموراً تداولها الحريري مع الرئيس عون، وهناك ثمن سياسي يجب أن يُدفع، يطاول رؤوساً حامية تسميها الناس بالاسم (يقصد جبران باسيل صهر الرئيس)".

موقف نصرالله

وبعد انتظار، خرج الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله  بمواقف تصعيدية عكست "تخويناً وترهيباً" بحسب خبير سياسي استمع إلى كلمته عصر الجمعة. ومما قاله بشأن الحراك "ما بدأ شعبياً وعفوياً بنسبة كبيرة لم يعد كذلك. هناك حالة تقودها أحزاب مختلفة وشخصيات. وهناك جهات تُموِّل، ومبالغ طائلة تُنفق". وطالب المتظاهرين "بأن يكشفوا أسماء الذين يمولون حراكهم. أصبحنا أمام حراك تركبه قوى سياسية لأهداف أخرى. السلطة جاهزة للتفاوض، أما آن الأوان أن تكون هناك قيادة للحراك؟ نعم هناك قيادة غير ظاهرة وغير معلنة". وأطلق ما يشبه الثلاث لاءات حين قال "لا نقبل بإسقاط العهد ولا نؤيد سقوط الحكومة ولا نقبل بانتخابات نيابية مبكرة".

 وزعم نصرالله أنه يملك معطيات ومعلومات عن فئة ترتبط بسفارات وجهات خارجية، مصرحاً بأنه يملك "أسماء بكل هذه الفئات". وختم بخلاصة مفادها "أن ما يحصل عملية استهداف سياسي كبير مدفوعة من الخارج".

وعلى الرغم من أنه لم يطلب من أنصاره النزول إلى الساحات، ما إن انتهى من كلامه حتى جابت أرتال من الدراجات النارية المؤيدة شوارع الضاحية الجنوبية من بيروت. وانتشرت عناصر ولكن غير مسلحة في عدد من الأحياء الداخلية في بيروت. كذلك تحركت تجمعات من المناصرين في مدن الجنوب لا سيما في صور.

انسحاب روكز وافرام

في موازاة ذلك، سُجل انسحابان بارزان من تكتل "لبنان القوي" النيابي الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، الأول للصهر الآخر لرئيس الجمهورية، النائب شامل روكز والثاني للنائب نعمة افرام، وهما نائبان عن دائرة كسروان- جبيل (شمال بيروت).

وقال روكز في تصريح تلفزيوني "أنا خارج التكتل منذ إقرار الموازنة لم أجتمع معهم. وأطالب بتشكيل حكومة مصغرة من أصحاب الكفاءات وحتى مع صلاحيات استثنائية لتتمكن من العمل خارج المحاصصة". وأضاف أن "العهد (رئاسة عون) يعمل لسنوات مقبلة وشعب لبنان العظيم موجود اليوم في الساحات وطلباته مقدسة". وقال روكز "أنا في قلب المتظاهرين وضدّ كلّ شيء خطأ والذين فشلوا يجب أن يدفعوا ثمن فشلهم"، في حين رفض التعليق على أداء باسيل.

افرام من جهته، قال "أنا أصبحت خارج تكتل لبنان القوي الذي ابتعدت عنه منذ وقت. وأؤيّد مطالب اللبنانيين وأشكرهم لأنهم أظهروا لنا أجمل صورة للبنان. اتخذت منذ فترة مواقف متمايزة عن مواقف التكتل (لبنان القوي) الذي أنتمي إليه ولا أوافق على طريقة معالجة الأزمة من خلال الورقة الإصلاحية لذلك أطالب باستقالة الحكومة".

المزيد من العالم العربي