Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على هذه الأسماء صب المتظاهرون غضبهم

اتهموهم بالفساد وحمّلوهم مسؤولية وصول البلد إلى الأزمات التي يعيشها

سلسلة من الأحداث والمواقف من قبل الطبقة السياسية الحاكمة في الآونة الأخيرة أشعلت غضب اللبنانيين وأنزلتهم إلى الشوارع، للمرة الأولى حاملين العلم اللبناني فقط من دون غيره ومندّدين بزعماء لطالما تحفّظوا على انتقادهم مباشرةً. وكانت النقمة الأكبر على هؤلاء.   

رئيس الجمهورية ميشال عون

رئيس الجمهورية ميشال عون نال حصةًّ كبيرة من الانتقاد، فالمحتجون يتّهمون عهده بالفشل لعدم تحقيق الإصلاحات التي وعد بها وعجزه عن مكافحة الفساد، بعد مرور ثلاث سنوات على تولّيه الرئاسة. وآخر ما أثار غضب اللبنانيين، مشاركة الرئيس بالجمعية العامة للأمم المتحدة على رأس وفد كبير، تألف من نحو 60 شخصاً، ومكوثهم في فنادق فخمة في نيويورك بينما كان عون دعا الشعب، في وقت سابق، إلى التقشّف.

وفيما كان الوفد اللبناني يشارك في الجمعية العامة، شهد لبنان إضراباً لمحطات المحروقات جراء أزمة شحّ الدولار في البلد، جعل المواطنين يصطفّون أمام المحطات للتزوّد بالبنزين خوفاً من انقطاعه. ووسط أجواء القلق، عاد عون من الولايات المتحدة ليقول "كنت في نيويورك اسألوا المعنيين فهناك مسؤول عن النقد هو حاكم مصرف لبنان ومسؤول عن المال هو وزير المال وأنا لست على علم بما حصل خلال غيابي"، مثيراً سخرية المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويأخذ المحتجون على الرئيس إشراك أفراد عائلته في الحكم، خالقاً "حاشية رئاسية". إذ عيّن ابنته ميراي مستشارةً له، وصهره جبران باسيل وزيراً للخارجية ورشّح صهره الآخر شامل روكز للنيابة وفاز. ويسود المجتمع أيضاً خوفاً من تضييق مساحة حرية الرأي والتعبير في عهد عون، لكثرة الاستدعاءات التي يتلقّاها مواطنون ينتقدون مواقف الرئيس على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الدعاوى القضائية بحقّ الصحف اللبنانية، وآخرها ضدّ صحيفة "نداء الوطن". وتعزّزت هذه المخاوف عقب إصدار الدائرة الإعلامية في القصر الجمهوري بياناً يذكّر بمواد قانونية تحدّد العقوبات التي تُنزل ‏بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة وتحقير مقام الرئاسة، وذلك عقب اشتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد وانتقاد المواطنين أداء السلطة تجاهها.  

رئيس مجلس النواب نبيه بري

اللافت في الاحتجاجات الأخيرة أيضاً، خروج محتجّين إلى الشوارع في مناطق نفوذ تيار رئيس مجلس النواب نبيه بري. ففي النبطية، ردّد المتظاهرون شعارات تتّهمه بالسرقة، هو الذي تولّى منصبه منذ نحو 27 سنة، اتجّه فيها وضع البلد إلى الأسوأ. وفيما يعاني البلد من تخمة الموظفين في القطاع العام، يؤخذ على بري توظيف عدد كبير من جماعته في المؤسسات العامة.

وعقب ارتفاع الأصوات المناهضة لرئيس مجلس النواب، خرج مسلّحون من حركة أمل (الفريق السياسي الذي يرأسه بري) إلى شوارع النبطية لفضّ الاعتصامات بالقوّة. 

رئيس الحكومة سعد الحريري

رئيس الحكومة سعد الحريري كانت له أيضاً حصة كبيرة من الانتقاد. فحكومته باءت بالفشل حتى الآن بمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردّية. والشارع السني الموالي له بغالبيّته، غاضب من تنازلاته الكبيرة لفريق الثامن من آذار بقيادة حزب الله، خصوصاً في ما يتعلّق بسياسة النأي بالنفس، التي خرقها أخيراً وزير الخارجية الذي قال إنه سيذهب إلى سوريا، من دون أن يكون للحريري قدرة على ردعه.  

كما ازدادت الانتقادات الموجهة للحريري، عقب كشف صحيفة "نيويورك تايمز" عن تحويله مبلغ 16 مليون دولار كهدية لعارضة أزياء من جنوب أفريقيا، بعد أيام على إغلاق تلفزيون المستقبل الذي يملكه، وذلك من دون تسديد حقوق الموظّفين. وكان في وقت سابق أيضاً أغلق جريدة المستقبل وشركة "سعودي أوجيه"، التي مازال موظفوها يطالبون بحقوقهم.

وللإشارة إلى سوء الإدارة التي يُتّهم الرؤساء الثلاثة به، احتجّ مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي على تضمين الموازنة نفقات بآلاف الدولارات لتغطية كلفة ملابس هؤلاء، في وقت تسعى الحكومة إلى فرض ضرائب على المواطنين في إطار موازنة "تقشّفية".

وزير "العهد" جبران باسيل 

أمّا وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ويلقبّه البعض بـ"وزير العهد"، فكانت له حصّة كبيرة من الانتقاد. يتّهمه المحتجّون بإبرام الصفقات والسمسرة عبر وزارات تيّاره، فضلاً عن فشل تياره بمعالجة أزمة الكهرباء في لبنان بعد أكثر من عشر سنوات على توليه وزارة الطاقة. ويؤخذ على باسيل الاستئثار بالتعيينات المتعلٌّقة بحصّة المسيحيين في مناصب الفئة الأولى وتعيين مقرّبين منه فيها، آخرها تعيين سيمون سعيد، شقيق زوجة النائب آلان عون (المنتمي للتيار الوطني الحر)، في المجلس الأعلى للخصخصة، وجويل معلوف، ابنة شقيقة النائب العوني سليم عون، في مجلس إدارة "إيدال"، فضلاً عن تعيين زوجة أحد مستشاريه عضواً في مجلس إدارة المؤسسة العامة للمنشآت الرياضية والكشفية والشبابية.

ويُتّهم باسيل بتبنّي خطاب طائفي وعنصري، خصوصاً ضدّ النازحين السوريين. وفي ما بتعلّق بالمسائل الإقليمية، يُتهم باسيل بالخروج عن سياسة النأي بالنفس وبالانحياز إلى المحور الإيراني، إذ دعا إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية وقال إنه سيزور دمشق، بينما امتنع عن إدانة الهجمات على منشآت النفط السعودية.

وزير "ضريبة الوتساب"

وزير الاتصالات محمد شقير كان لاقتراحه فرض ضريبة 20 سنتاً يومياً على المكالمات الهاتفية عبر التطبيقات التي توفّرها بشكل مجاني، كواتساب، أثراً كبيراً في إشعال غضب المحتجين ودفعهم إلى النزول إلى الشارع بعدما "فاض كوبهم" جراء هذا القرار. فهم رأوا في الضريبة احتيالاً، إذ إنهم يدفعون مسبقاً ثمن اشتراكهم في باقات الإنترنت، واستشعروا أن موازنة العام 2020 التي تدرسها الحكومة ستتضمّن ضرائب تطال الفقراء والطبقى الوسطى، عوض سدّ مزاريب الهدر والفساد.

وللتعبير عن غضبهم، اقتحم المحتجون محلاّت "باتشي" لبيع الشوكولا التي يملكها شقير.

الوزير الذي لا يريد سماع صوت المواطنين

وبعد أيام من اشتعال النيران في غابات لبنان والقضاء عليها في مطلع الأسبوع، وسط عجز الدفاع المدني عن إخمادها لعدم توافر المعدات اللازمة لذلك، نال وزير البيئة فادي جريصاتي حصة من الانتقاد، وتوجّه إليه عدد من المواطنين سائلين "فينا نسمعك صوتنا؟". فالوزير، وفي مؤتمر صحافي تحدّث فيه عن ضرورة فرز النفايات، توجّه إلى المواطنين بنبرة تهديد قائلاً "كلّ مواطن لا يفرز نفاياته ما يسمّعني صوتو وأوعا إسمعو عم بنقّ على الدولة والنفايات".

وأثار خطاب جريصاتي هذا حملة انتقادات من المواطنين، الذين رأوا أن الوزير لم يقم بواجبه أصلاً بتأمين معامل فرز للنفايات وبتوفير حملات توعية للمواطنين في هذا الصدد قبل أن يطلب منهم الفرز، خصوصاً أن النفايات تذهب في النهاية إلى المطامر. علماً أن لبنان لازال يعاني من غياب حل لأزمة النفايات.

النائب ماريو عون

وفي سياق الحديث عن اندلاع الحرائق في لبنان، التي تركّز أعنفها في قضاء الشوف، أثار تصريح لنائب التيار الوطني الحر ماريو عون سخرية اللبنانيين. ففي حديث إلى وسيلة إعلامية محلية سأل عون "لماذا لا تطال الحرائق سوى مناطق مسيحية"، ما استدعى اتهامه بالطائفية والسعي إلى استغلال الكارثة سياسياً. وزاد هذا التصريح اللبنانيين قناعةً بأن السلطة الحاكمة تستغلّ الشأن الطائفي لتعزيز مواقعها السياسية.

وزير المهجرين غسان عطالله

وفي هذا الإطار أيضاً، كان وزير المهجرين غسان عطالله من أكثر المعرّضين لانتقادات المحتجّين الذين يتّهمونه بالطائفية وبتحقير المرأة. فبعد مشاركتهم في إخماد الحرائق، طرد ناشطون مدنيون الوزير المنتمي للتيار الوطني الحر من مكان تجمّعهم لاتهمامه بالطائفية، وهو من قال سابقاً إن بعض المواطنين يخاف النوم في الجبل (عرين الدروز). كما أثار الحديث الذي توجّه به إلى النائبة المستقلة بولا يعقوبيان غضب المدافعين عن حقوق المرأة، إذ اتهمها بالوصول إلى السلطة عبر طرق "لا أخلاقية".

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن يعقوبيان بدورها عوملت بقسوة من قبل المحتجين. ففي تظاهرة احتجاجية في السادس من أكتوبر، طردها المتظاهرون بعدما نزلت للتضامن معهم، متّهمين إياها بالبقاء في سلطة "فاسدة".
 

المزيد من العالم العربي