ملخص
بلغ عدد السكان اليهود في المدينة بشطريها الشرقي والغربي 590 ألف نسمة، أي نحو 61.2 في المئة من سكان المدينة، في حين بلغ عدد السكان الفلسطينيين 375 ألف نسمة، أي نحو 38.8 في المئة، لكن أكثر من 170 ألفاً من هؤلاء يقيمون في أحياء تتبع مدينة القدس إدارياً، لكنها تقع خارج الجدار، لذلك فإنها تعاني "الإهمال في المجالات كافة من الصحية إلى التعليم إلى البنى التحتية".
مع أن إسرائيل تعد عشرات آلاف الفلسطينيين القاطنين في بلدة كفر عقب بشمال القدس جزءاً من المدينة، إلا أنها تفصل بين البلدة والمدينة بجدار عازل، وبحاجز "قلنديا" العسكري الذي أصبح مرادفاً للازدحام المروري. وأجبر فرض إسرائيل قيوداً مشدداً للغاية على منح الفلسطينيين تراخيص بناء منازل في مدينة القدس إلى اللجوء لضواحيها الواقعة خارج الجدار، في مسعى منها إلى تغيير الميزان الديموغرافي لمصلحة اليهود في المدينة.
وبلغ عدد السكان اليهود في المدينة بشطريها الشرقي والغربي 590 ألف نسمة، أي نحو 61.2 في المئة من سكان المدينة، في حين بلغ عدد السكان الفلسطينيين 375 ألف نسمة، أي نحو 38.8 في المئة، لكن أكثر من 170 ألفاً من هؤلاء يقيمون في أحياء تتبع مدينة القدس إدارياً، لكنها تقع خارج الجدار، لذلك فإنها تعاني "الإهمال في المجالات كافة من الصحية إلى التعليم إلى البنى التحتية"، ومن أبرز تلك الأحياء كفر عقب والمطار وسميراميس والزغير، ويعيش فيها أكثر من 120 فلسطينياً يحملون الهوية المقدسية (الزرقاء).
ومع أن الجدار وحاجز "قلنديا" العسكري يلاصقان بتلك الأحياء عن المدينة، إلا أن التحرك بينهما في غاية الصعوبة، ويبذل فيه الفلسطينيون المشقة ويضيعون أوقاتهم فيها. ويضطر الآلاف من طلبة المدارس إلى الاستيقاظ في الخامسة صباحاً للوصول إلى مدارسهم في داخل القدس في الثامنة بسبب إجراءات الجيش الإسرائيلي المشددة.
ومنذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2023 قلص الجيش الإسرائيلي فترة فتح الحاجز ليغلق خلال الليل، مما تسبب في صعوبة وصول المرضى إلى المستشفيات في القدس.
أكثر من 6000 فلسطيني
ويعاني أكثر من 6000 فلسطيني في تلك الأحياء أمراض القلب والفشل الكلوي والسرطان ويحتاجون إلى زيارة المستشفيات بصورة متكررة لتلقي العلاج. وتمنح السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من حملة الهوية المقدسية تأميناً صحياً في نظامها الصحي، إذ يجب على هؤلاء دفع نحو 2.6 مليار شيكل على شكل ضرائب ومخالفات، فيما تنفق عليهم نحو نصف مليار شيكل (الدولار يساوي 3.4 شيكل). ويفضل هؤلاء الفلسطينيون تلقي العلاج في المستشفيات والمراكز الصحية الإسرائيلية بسبب تأمينهم فيها، وبسبب جودتها وكفاءتها.
وقبل أيام قدم سبعة مرضى فلسطينيين من كفر عقب التماساً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية للسماح لهم بالعبور من حاجز "الجيب" العسكري من أجل الوصول إلى المستشفيات في القدس للحصول على علاج طبي. وحاجز "الجيب"، وعلى رغم أنه بعيد من منطقة سكنهم، فإنه لا يشهد تكدساً مرورياً، مما يساعدهم في سرعة الوصول إلى المستشفى.
"جمعية حقوق المواطن" و"المركز للدفاع عن الفرد"
وقدمت منظمتا "جمعية حقوق المواطن"، و"المركز للدفاع عن الفرد" الحقوقيتان الإسرائيليتان الالتماس باسم المرضى السبعة. ومن بينهم هؤلاء شقيقتان تعانيان فشلاً كلوياً وتحتاجان إلى علاج غسل الكلى، وطفل مع إعاقة دماغية منذ الولادة، وفتى مريض بالسرطان يحتاج إلى علاج كيماوي بصورة دائمة.
ومنذ بداية العام الحالي يمنع قائد وحدة حرس الحدود التابعة للشرطة الإسرائيلية في "غلاف القدس" عيران ليفي عبور المرضى من خلال حاجز "الجيب"، لذلك يضطرون إلى العبور من حاجزي "قلنديا" و"حزما".
وشدد الالتماس على أن "تأخير وصولهم إلى المستشفى يشكل خطراً على حياتهم"، وعلى أن منعهم "ينتهك حقهم بالحياة والصحة والكرامة، وهو قرار غير معقول وتعسفي".
وبحسب والد طفلة أجرت عملية لزراعة الكلى في أحد مستشفيات القدس، فإن طفلته تحتاج أحياناً إلى ثلاث ساعات للوصول إلى المستشفى في القدس، بينما كانت تعاني حرارة مرتفعة وحال طارئة. وقال موضحاً "العيش خلف الحاجز صعب دائماً، لكن منذ بداية الحرب أصبح الوضع لا يحتمل، الازدحام على حاجز قلنديا جنوني، وطريق حزما مغلقة بحاجز آخر عند جبع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كارثي"
ووصفت المحامية من "جمعية حقوق المواطن" تال حسين وضع المرضى في كفر عقب بأنه "كارثي، عندما يتعلق الأمر بالأطفال والرضع والمرضى شديدي المرض. هناك حاجز يسمح بالوصول السريع للمستشفيات، ويجب السماح لهم باستخدامه. هذه السياسة مرفوضة تماماً، قانونياً وأخلاقياً".
وبحسب رئيس لجنة أحياء القدس الشمالية منير الزغير فإن أكثر من 32 ألف فلسطيني خضعوا للفحص بالتصوير المقطعي المحوسب خلال سنة 2023 في مستشفيات القدس. وطالب السلطات الإسرائيلية بإقامة مستشفى لعشرات آلاف الفلسطينيين في تلك الأحياء المقدسية، حيث يتلقون حقهم بالعلاج في الوقت المناسب. ودعا الزغير إلى "فتح حاجز قلندياً على مدار الساعة، وإلى تخصيص ممر آمن لطلبة المدارس كي يصلوا إلى مدارسهم في وقت قصير، وإلى زيادة المسارب على الحاجز"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن السلطات الإسرائيلية "تتعامل مع الفلسطينيين على الحاجز كأعداء، وليس مواطنين، لكننا مواطنون من دون حقوق".
واشتكى الزغير من غياب مركبات الإسعاف الإسرائيلية اللازمة لنقل المرضى من أحياء القدس إلى مستشفياتها، مشيراً إلى أن مركبة إسعاف فلسطينية تنقلهم إلى الجانب الآخر من الحاجز قبل أن ينقلوا في مركبات إسعاف إسرائيلية. وأشار إلى أن أكثر من 4 آلاف طالب يدخلون إلى مدينة القدس عبر حاجز "قلنديا" حيث يضطرون إلى الاستيقاظ من الخامسة فجراً حتى يصلوا في الثامنة صباحاً في حال من التعب والإنهاك".
وتوجد في تلك الأحياء 22 مدرسة يتلقى فيها أكثر من 15 ألف طالب تحصيلهم الدراسي، بعضها تابع لبلدية القدس، والأخرى خاصة تتلقى دعماً من وزارة المعارف الإسرائيلية، وفق الزغير الذي لفت إلى أن أكثر من 3600 مركبة تقل يومياً آلاف الفلسطينيين من الأحياء الشمالية إلى القدس إلى المدينة للعمل فيها، حيث يكون في كل مركبة خمسة أشخاص. واتهم الزغير السلطات الإسرائيلية بممارسة "التمييز العنصري ضد الفلسطينيين عبر إهمالهم المتعمد في تقديم الرعاية الصحية والتعليمية وأمور النظافة وإقامة البنى التحتية".
وبسبب المساحة الصغيرة لأحياء كفر عقب، فإن الفلسطينيين فيها يلجأون إلى بناء مبانٍ سكنية شاهقة تصل إلى 20 طابقاً، في ظل تغاضي بلدية القدس عن ذلك، أو تنظم ذلك البناء، أو الطلب من أصحاب تلك البنايات الالتزام بشروط البناء الإسرائيلية.