ملخص
مع وصول أوباما إلى البيت الأبيض عام 2009 استمر "حزب الله" في سيطرته على مراكز الدولة ومفاصلها حتى الحرب الإسرائيلية- الإيرانية التي تفجرت بعد أكتوبر عام 2023، وهنا بدأت واشنطن تغير من خططها تجاه الحزب ولبنان.
بعد مرور عقود منذ بداية ونهاية الحرب اللبنانية بين عامي 1975 و1990، بدا واضحاً أن انتهاء الحرب على أساس غير نهائي اعتقاداً من أصحاب القرار الداخلي والإقليمي والدولي بأن أكتوبر (تشرين الأول) لعام 1990 قد سجل فعلاً انتهاء الصراع في هذا البلد، ليتبين في ما بعد أن حربين أخريين تفجرتا مع سقوط الحكومة العسكرية الانتقالية في بيروت ودخول البلاد تحت الاحتلال المباشر لنظام حافظ الأسد وبعده ابنه بشار وسيطرة ميليشيات "حزب الله" على كامل الدولة اللبنانية عبر وصول الذراع العسكرية للأسد إلى كامل الأراضي اللبنانية في تلك المرحلة التي دامت عقداً ونصف العقد.
لم تحسن الولايات المتحدة وضع استراتيجية لإنهاء الصراع العسكري في لبنان، لتأتي أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) لعام 2001 والحملات العسكرية التي أطلقتها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في أفغانستان والعراق وبصورة عامة في المنطقة لمواجهة الإرهاب، فتعطي فرصة ذهبية جديدة لإعادة هندسة الدولة اللبنانية ودفع المكونات القومية والاجتماعية فيها إلى التلاقي على برنامج مشترك لإخراج الاحتلال السوري وقتها، فتنهي معها فترة ميليشيات "حزب الله" وداعمها الإيراني معاً.
وتوحد المسيحيون وتوسع هذا الحل ليشمل اللبنانيين كافة بمن فيهم الشيعة الليبراليين ولكن السياسة الأميركية خلال رئاستي بوش الأب وبيل كلينتون حمت الـ"ستاتيكو" بدلاً من تغييره.
ولم يحصل التلاقي الداخلي اللبناني إلا في شتاء عام 2004 مع إصدار مجلس الأمن القرار 1559 وانطلاقة "ثورة الأرز" عام 2005 التي غرست بذور التغيير في أرض لبنان. وتقاطعت المحاور نتيجة الضغط الأميركي على نظامي صدام حسين وبشار الأسد من ناحية والقوى الراديكالية في المنطقة من ناحية أخرى. ونتج من ذلك تحالف قوى إقليمية دولية هائلة وصلت إلى حد انسحاب القوات السورية من لبنان وكان ذلك بمثابة "عجيبة غريبة"، إلا أن المعارضة اللبنانية التي تراكضت لتجميد نتائج "ثورة الأرز" وقامت بوضع فريق العمل نفسه للمنظومة القديمة واختارت أن تستمر في المؤسسة الحاكمة عام 2015 بدلاً من أن تدخل قوى "ثورة الأرز" إلى المراكز الأساسية في الجمهورية اللبنانية.
وأدى ذلك إلى دولة ضعيفة تحمي الميليشيات بدلاً من أن تستمر تلك الثورة بقيادة "قوى 14 آذار" وتملأ فراغ حكومة النظام السابق في لبنان. حكومة قومية ينتج منها تفاهم تعددي داخلي يقود أي تحالف إقليمي برئاسة أميركا لنزع سلاح "حزب الله". واستمرت اللعبة الكلاسيكية وكانت قائمة على أن يتحالف من انتصر في 14 آذار مع القوة التي كسرت وقتها، فبدلاً من أن تتوصل إلى ميثاق جديد تضمن مصالحها عبره، انتهت الحرب بمصالحة مع ميليشيات "حزب الله" المسلحة. وكان ذلك واضحاً عام 2008 حين فشلت الحكومة في مواجهة الميليشيات الخمينية في لبنان، بل ذهبت هذه القوى السياسية إلى العاصمة القطرية الدوحة من أجل إقناع إيران والمجتمع الغربي بأن التعايش مع "حزب الله" المسلح ممكن، بالتالي خسرت "جبهة 14 آذار" كل الأوراق التي كانت بين يدي المعارضة الشعبية اللبنانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبسبب هذا التراجع الكبير، لم تقرر الإدارة الأميركية وقتها خلال عام انتخابي بامتياز أن تدعم من لم يرِد أن يدعم نفسه، بالتالي ومع انقلاب "حزب الله" في السابع من مايو (أيار) عام 2008 انهار إمكان تدخل دولي لتجريد "حزب الله" من سلاحه، فبات هذا الموضوع غير مطروح لسببين، الأول لأن الحزب انتصر بعد تردد قيادات 14 آذار وبات تأثيره في السياسة اللبنانية من ناحية وتأثير إيران من ناحية أخرى كماشة ردعت المعارضين، وثانياً تخلت إدارة باراك أوباما عن لبنان لمصلحة إيران وقبلت قطر أن تقوم بدور المفاوض الحكم.
خلال هذه المرحلة، ولا سيما مع وصول الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض عام 2009، استمر "حزب الله" في سيطرته على مراكز الدولة ومفاصلها حتى الحرب الإسرائيلية- الإيرانية التي تفجرت بعد بداية حرب السابع من أكتوبر عام 2023، وانفجرت أكبر الحروب بين "حزب الله" وإسرائيل، وتحولت إلى الحرب الكبرى بين إيران وإسرائيل، وكما هو معروف خسرت إيران المواجهة من دون أن تربحها إسرائيل بالكامل. وهنا بدأت واشنطن تغير من خططها تجاه "حزب الله" ولبنان... سنرى كيف في حلقة مقبلة؟