ملخص
كتب القاضي منصور علي في كتاب استقالته إلى الرئيس الباكستاني، إن "التعديل الـ27 يشكل إهانة لدستور باكستان". وأضاف "من خلال تمزيق وحدة أعلى محكمة في البلاد، فإنه يقوض استقلال ونزاهة القضاء".
في أعقاب اعتماد إصلاح دستوري مثير للجدل داخل باكستان، يحذر خبراء من حدوث تغييرات جذرية ضمن المشهد السياسي والعسكري والقضائي في خامس أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم.
ما التغييرات التي تنتظر الرئيس؟
أقر مجلسا البرلمان في باكستان التعديل الدستوري الـ27 وأصدره الرئيس بعد ساعات قليلة، وهو يمنح الأخير حصانة مدى الحياة.
لم يكن آصف علي زرداري المتهم في قضايا فساد عديدة يتمتع بالحصانة إلا طوال فترة ولايته الرئاسية، لكنه صار الآن يحظى بالحماية من أية ملاحقة قانونية، غير أن الحصانة لن تشمل أي منصب عام آخر يتولاه مستقبلاً.
حصانة العسكر
تشمل الحصانة مدى الحياة أيضاً رئيس أركان الجيش الحالي عاصم منير الذي يعد الرجل الأقوى في باكستان.
وينص التعديل على أن أي ضابط عسكري يُرقى إلى رتبة "مشير"، وهي رتبة نالها منير بعد النزاع القصير مع الهند خلال مايو (أيار) الماضي، يحتفظ برتبته والامتيازات التي تصاحبها مدى الحياة ويكون محصناً من الملاحقة الجنائية.
لم تمنح هذه الرتبة إلا لضابط عسكري آخر في تاريخ باكستان، هو الديكتاتور أيوب خان الذي وصل إلى السلطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) 1958 بعد انقلاب.
ويقول المحامي أسامة مالك المقيم في إسلام آباد، لوكالة الصحافة الفرنسية، "تُمنح هذه الحصانة عادة في الأنظمة الملكية المطلقة، وليس للقادة المنتخبين الذين تجب محاسبتهم وفق ما تقتضيه الديمقراطية. لم نشهد هذا قط في ظل حكومات مدنية، بل فقط في ظل الأحكام العرفية".
وينص التعديل أيضاً على إنشاء منصب جديد هو "قائد قوات الدفاع" يُسند إلى عاصم منير، ويضعه فوق رؤساء أركان القوات البحرية والجوية.
ويرى مالك أن "البنية التنظيمية للجيش بكاملها تغيرت، مما سيؤدي إلى انقسامات داخلية خطرة".
ماذا عن القضاء؟
في السياق أُنشئت محكمة جديدة هي المحكمة الدستورية الاتحادية، وستصبح هذه المحكمة الهيئة الوحيدة القادرة على تناول المسائل الدستورية، بعدما كانت حتى الآن من اختصاص المحكمة العليا التي جُردت من صلاحياتها.
ويخشى الخبراء أيضاً من تقويض استقلال القضاء، إذ سيسمح للسلطة التنفيذية بنقل قضاة المحاكم العليا داخل البلاد.
وفي أبرز ردود الفعل على ذلك، استقال حتى الآن اثنان من قضاة المحكمة العليا.
وكتب القاضي منصور علي في كتاب استقالته إلى الرئيس الباكستاني إن "التعديل الـ27 يشكل إهانة لدستور باكستان"، مضيفاً "من خلال تمزيق وحدة أعلى محكمة في البلاد، فإنه يقوض استقلال ونزاهة القضاء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدى قضاة المحكمة الدستورية الاتحادية الجدد اليمين الدستورية اليوم الجمعة بحضور الرئيس ورئيس الوزراء شهباز شريف ومسؤولين عسكريين رفيعين، من بينهم عاصم منير.
ويعتقد المتخصصون أن هذه التعديلات القضائية قد يكون لها تأثير في التعامل مع نحو 200 قضية مرفوعة ضد زعيم حزب المعارضة عمران خان.
وسجن رئيس الوزراء السابق بعدما خسر دعم الجيش القوي، بحسب محللين، فيما تنفي المؤسسة العسكرية أي تدخل في السياسة.
واحتجت المعارضة، ممثلة بحزب "حركة الإنصاف الباكستانية"، في الجمعية الوطنية أثناء التصويت على التعديل، ووصفته بأنه "ضربة قاضية لاستقلال القضاء وحسن سير الديمقراطية".
ماذا بعد ذلك؟
سيكون رئيس الأركان عاصم منير قادراً على البقاء على رأس الجيش حتى عام 2030، بعدما كان مقرراً أن يغادر منصبه خلال عام 2027.
وتقول الباحثة السياسية عائشة صديقة التي وضعت كتاباً عن الجيش الباكستاني، إنه "بفضل دوره الجديد كقائد لقوات الدفاع، سيبقى في منصبه لخمسة أعوام حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2030، مما سيعطيه الفرصة للإشراف على الانتخابات المقبلة خلال عام 2029".