ملخص
أثار إعلان "لوك أويل" المقتضب عن الصفقة صدمة في أوساط تجارة الطاقة العالمية، إذ قال مطلعون إن منافسين ما زالوا يدرسون أصول الشركة الروسية ولم يعرف بعضهم بعد كيف يمكن التفاوض مع كيان خاضع لعقوبات بريطانية وأميركية.
يعقد رجل الأعمال السويدي توربيورن تورنكفيست مؤسس شركة "غنفور" لتجارة السلع، واحدة من أبرز صفقاته الاستراتيجية بشرائه الأصول الخارجية لشركة النفط الروسية "لوك أويل" بعد خضوعها للعقوبات الأميركية.
وتعد الصفقة التي تنتظر موافقة واشنطن ولندن، تحولاً محورياً في خريطة تجارة الطاقة، إذ يتوقع أن تسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية على موسكو، وفي الوقت نفسه توسع بصورة غير مسبوقة نفوذ تورنكفيست في قطاع الطاقة العالمي.
فشركة "غنفور" السويسرية التي أسسها بالشراكة مع أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تستعد لامتلاك شبكة واسعة تشمل محطات وقود تمتد من برونكس إلى صقلية، ومصافي تكرير في أنحاء أوروبا، وحقول نفط في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وأثار إعلان "لوك أويل" المقتضب عن الصفقة صدمة في أوساط تجارة الطاقة العالمية، إذ قال مطلعون إن منافسين ما زالوا يدرسون أصول الشركة الروسية ولم يعرف بعضهم بعد كيف يمكن التفاوض مع كيان خاضع لعقوبات بريطانية وأميركية.
وأوضح المتحدث باسم "غنفور" سيث بيتراس أن الشركة كانت تتحدث أصلاً مع "لوك أويل" في شأن شراء بعض الأصول، مما منحها سرعة الحركة لحسم الصفقة.
تمويل الصفقة قد يكون معقداً
وتعكس العملية مستوى المخاطرة العالي الذي تتبناه شركات تجارة السلع مثل "غنفور" التي تعمل في أسواق متقلبة وتقرض شركات وحكومات لا تستطيع الاقتراض من أماكن أخرى، وتبرم صفقات في دول تشهد اضطرابات سياسية أو حروباً أو تخضع للعقوبات.
وحققت الشركة أرباحاً قياسية خلال الأعوام الأخيرة بفضل التقلبات الناجمة عن الجائحة والحرب في أوكرانيا، إذ سجلت العام الماضي أرباحاً بلغت 729 مليون دولار من إيرادات قدرها 136 مليار دولار.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة "هيوستن" كريغ بيررونغ، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "التجار عادة أكثر استعداداً لتحمل الأخطار السياسية من شركات النفط الكبرى، ولديهم حالياً سيولة ضخمة يبحثون عن استثمارها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن تمويل الصفقة قد يكون معقداً، إذ إن المصارف الغربية حذرة من أية تعاملات تتعلق بروسيا، وبحسب مصادر مطلعة، فإن الترتيب المرجح هو أن تقتطع "غنفور" جزءاً من أرباحها المستقبلية لتذهب إلى "لوك أويل" بعد انتهاء الحرب.
ولد تورنكفيست في ستوكهولم ودرس إدارة الأعمال، وبدأ مسيرته في شركة "بي بي" خلال سبعينيات القرن الماضي، ثم عمل في مؤسسات تجارية عدة قبل أن يؤسس مشروعه الخاص لتصدير النفط الروسي في منتصف التسعينيات، وبعد فترة قصيرة تعاون مع المسؤول السوفياتي السابق وأحد معارف بوتين في سان بطرسبورغ غينادي تيمشينكو وأسس الاثنان نواة "غنفور" عام 1997.
إعادة تشكيل عالم تجارة النفط الغامض
وجاء الإعلان عن الصفقة بعد ثلاثة أيام وحسب من إعلان "لوك أويل" نيتها بيع أصولها، في خطوة وصفها مقربون من تورنكفيست بأنها نموذجية لأسلوبه السريع والحاسم في اقتناص الفرص.
لكن هذه الخطوة قد تعيد تسليط الضوء على علاقة تورنكفيست القديمة بروسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي (روسيا الاتحادية حالياً)، في وقت يرى مراقبون أنها تظهر كيف أدت العقوبات الاقتصادية الأميركية أثناء عهد ترمب إلى إعادة تشكيل عالم تجارة النفط الغامض الذي تتدفق فيه مليارات الدولارات يومياً.
ولم تكشف أي من الشركتين عن قيمة الصفقة أو هيكلها، إلا أن بعض المطلعين قدروا القيمة الإجمالية للأذرع الدولية لـ"لوك أويل" بنحو 20 مليار دولار.
وأكد المتحدث باسم "غنفور" أنه لا توجد أية بنود تسمح بإعادة شراء الأصول من جانب لـ"وك أويل" لاحقاً، مضيفاً أن "الشركة طلبت موافقة السلطات الأميركية والبريطانية للمضي في الصفقة".
ويذكر أن تورنكفيست كان اشترى أسهم شريكه تيمشينكو عام 2014 بعد فرض العقوبات الأميركية عليه إثر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، في خطوة أنقذت الشركة من الانهيار، وبعدها باع تورنكفيست أصوله الروسية ووسع أعماله في مجالات الغاز الطبيعي المسال والأسواق الأميركية.
وعلى رغم تقليص نشاطها الروسي بعد حرب أوكرانيا، ظلت "غنفور" تحتفظ بحصة في محطة ضخمة بسان بطرسبورغ.
ويرجح مراقبون أن تفتح صفقة "لوك أويل" الجديدة الباب أمام مرحلة انتقالية في مسيرة تورنكفيست البالغ 71 سنة، سواء من خلال نقل القيادة إلى ابنه فريدريك، أحد كبار التنفيذيين في الشركة، أو من خلال تحويل "غنفور" إلى كيان يسهل بيعه مستقبلاً، وحتى ذلك الحين لا يبدو أن تورنكفيست يعتزم التباطؤ في توسيع نفوذه ضمن عالم تجارة الطاقة.