Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصيدليات الإيرانية بلا أدوية والمرضى يواجهون الموت

يواجه المواطنون مشكلات عدة في الحصول على العلاج خصوصاً عقاقير الكلى والمكملات الغذائية والأنسولين والأدوية الهرمونية

مواطنون إيرانيون يبحثون عن الدواء في صيدلية وسط العاصمة طهران (أ ف ب)

ملخص

الأزمة لم تعد تقتصر على الأدوية الخاصة فقط، بل امتدت لتشمل كثيراً من الأدوية العامة والمكملات الغذائية الحيوية أيضاً، وكان رئيس "هيئة الغذاء والدواء" قد وعد العام الماضي بأن زيادة الأسعار لن تكون كبيرة، لكن الخبراء اليوم يتحدثون عن ارتفاعات خيالية ونقص واسع في الأدوية، وهو ما تؤكده الإحصاءات الرسمية والميدانية.

بعد أن أعلن الأمين العام لنقابة الممرضين في إيران أن "كثيراً من المرضى يموتون بسبب نقص أو عدم وجود ممرضين"، تُظهر تقارير وسائل الإعلام المحلية الآن أن المرضى الذين كانوا يغادرون الصيدليات ذات يوم بأكياس مليئة بالأدوية يعودون اليوم لبيوتهم خائبين وخالي الأيدي، وما يقوله مسؤولو وزارة الصحة في حكومة مسعود بزشكيان عن "تأمين 90 في المئة من العملة المخصصة للأدوية" لا يتطابق مع واقع رفوف الصيدليات الفارغة، والارتفاع الهائل في الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

وعلى رغم أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم تضع الأدوية على قائمة السلع المحظورة على إيران، فإن أسعار وتوافر كثير من الأدوية الحيوية في إيران أصبحت خلال الأعوام الأخيرة في حال أزمة متفاقمة.

ولم تعد الأزمة تقتصر على الأدوية الخاصة فقط بل امتدت لتشمل كثيراً من الأدوية العامة والمكملات الغذائية الحيوية أيضاً، وكان رئيس "هيئة الغذاء والدواء" قد وعد العام الماضي بأن زيادة الأسعار لن تكون كبيرة، لكن الخبراء اليوم يتحدثون عن ارتفاعات خيالية ونقص واسع في الأدوية، وهو ما تؤكده الإحصاءات الرسمية والميدانية.

ووفقاً لنواب في البرلمان فإن قرار الحكومة بإلغاء العملة المدعومة والمخفضة للأدوية أدى إلى ارتفاع أسعار هذه السلعة الحيوية بنسبة تصل إلى 400 في المئة، ووفقاً لاستطلاعات الرأي فإن "من بين كل 10 أشخاص يزورون الصيدلية ويعود ثلاثة منهم خالي الأيدي"، وفي الوقت نفسه فإن كثيراً من المكملات الحيوية مثل "أوميغا-3" وفيتامين "B-12" والمكملات المقوية التي تلعب دوراً مهما في الوقاية من سوء التغذية، ليست فقط خارج التغطية التأمينية بل تضاعفت أسعارها مرات عدة، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر حقن فيتامين "B-12" خلال فترة قصيرة بأكثر من 228 في المئة، في حين تظهر الإحصاءات الرسمية لوزارة الصحة أن واحداً من كل ثلاثة وفيات في البلاد مرتبط بمشكلات ناجمة عن سوء التغذية.

لكن أزمة الدواء في إيران لا تعود فقط لسوء الإدارة أو الفساد الهيكلي أو إلغاء الدعم الحكومي، بل أيضاً إلى السياسات التي يتبنها مرشد النظام علي خامنئي والتي جعلت البلاد عرضة لأشد العقوبات المصرفية والمالية في العالم، خصوصاً خلال الأشهر الأخيرة، مع تفعيل "آلية الزناد" المعروفة بآلية العودة التلقائية للعقوبات، إذ تنفق إيران مواردها المالية على شراء الأسلحة ودعم الجماعات الموالية لها بدلاً من تلبية حاجات المواطنين، وعلى رغم ذلك لا يزال النظام يرفض العودة للمفاوضات النووية لرفع العقوبات، وفي ظل هذه الظروف ينفق الجزء الأكبر من إيراداته على البرامج الصاروخية والميليشيات الأجنبية والمؤسسات الحكومية والحوزات الدينية بدلاً من مجالات الصحة والرفاه الاجتماعي.

وذكرت صحيفة "اعتماد" أخيراً أن تفعيل "آلية الزناد" تسبب في اضطرابات خطرة في التحويلات المصرفية والتأمين لشركات الأدوية، وحذّر الناشط في صناعة الدواء مجتبى سرکندي في حديثه إلى الصحيفة من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى توقف خطوط الإنتاج ونقص حاد في الأدوية قبل نهاية العام، موضحاً أن العقوبات المصرفية والمالية زادت من كلفة وزمن توريد المواد الأولية وأوصلت كثيراً من الشركات إلى حافة الإغلاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل يقلل المرشد الأعلى علي خامنئي ووزير الخارجية عباس عراقجي والرئيس مسعود بزشكيان وغيرهم من كبار المسؤولين الإيرانيين، من أثر العقوبات الجديدة، واصفين تأثيرها في الاقتصاد الإيراني بأنه "ضئيل جداً"، وفي يوليو (تموز) 2012 قال خامنئي "لقد أصبحنا محصنين ضد العقوبات ولن تؤذينا"، كما قال في يناير (كانون الثاني) 2006 إنه "بعد حادثة السفارة الأميركية، عندما فرضوا علينا العقوبات، كان مؤسس النظام الخميني محقاً عندما قال أيقظتنا العقوبات ودفعتنا إلى النشاط، والآن الحال كما هو"، لكن اليوم لا تقتصر أزمة الدواء في إيران على ارتفاع الأسعار وحسب، بل أصبح نقص الأدوية الحاد مشكلة خطرة، ووفقاً لإحصاءات البرلمان فإن ما بين 150 و165 دواء حيوياً أصبحت نادرة أو غير متوافرة خلال العامين الأخيرين.

وفي كثير من الصيدليات يصعب العثور على الأدوية الشائعة مثل أدوية الكلى والمكملات والأنسولين والأدوية الهرمونية، وحتى المكملات العادية مثل "كتالوغ" أو حبوب "موتا"، وهي من الأدوية الأساس، أصبحت مفقودة في كثير من الصيدليات.

ومن جهة أخرى أدت التهريب العكسي للأدوية إلى تفاقم الأزمة، إذ تهرّب بعض الأدوية إلى أفغانستان والعراق ودول أخرى بسبب انخفاض أسعارها في إيران مقارنة بتلك الدول، ووفقاً لتقرير وكالة "إرنا" فيقدر حجم التهريب العكسي للأدوية بـ 6 آلاف مليار تومان (80 مليون دولار أميركي) قبل ستة أشهر فقط، مما يجعل الإحصاءات حول استهلاك الدواء في إيران غير دقيقة، ويؤدي إلى تسرب الأدوية المنتجة إلى الأسواق الخارجية بدلاً من المرضى الإيرانيين، وإضافة إلى ذلك فإن الاحتكار وضعف سلسلة التوزيع يزيدان سوء الوضع، فقبل أيام قليلة فقط جرى اكتشاف وإغلاق مستودع ضخم وغير قانوني للأدوية في خرم آباد، وكانت تقارير سابقة تحدثت عن حالات مشابهة من احتكار الأدوية وبيعها بصورة محدودة لرفع الأسعار في مدن مختلفة.

لقد وصلت أزمة الدواء في إيران اليوم إلى مرحلة أصبح فيها الاختيار بين الدواء والخبز واقعاً مريراً لكثير من المرضى، بينما يعد كبار السن والمصابون بالأمراض المزمنة أول الضحايا، أي الفئات التي تزعم الحكومة والقيادة الإيرانية أنها تحميها، وقال الدكتور أحمدي وهو أحد الأطباء المتخصصين لموقع "فرارو" إنه "عندما يضطر المرضى إلى التوقف عن العلاج بسبب عجزهم المالي فإن حالهم تتدهور وتزداد كلفة العلاج والإقامة في المستشفى، وفي النهاية يواجه النظام الصحي أزمة مضاعفة".

وحتى سعر لقاح الإنفلونزا الذي يعتبر دواء حيوياً في بداية موسم البرد ارتفع بصورة حادة، ووفقاً لتقرير "إرنا" فقد وصل سعر اللقاح الفرنسي في بعض الصيدليات إلى مليوني تومان (27 دولاراً)، بينما يباع النوع الهولندي بنحو 900 ألف تومان (12 دولاراً)، وعلى رغم أن القانون ينص على بيع هذه اللقاحات بالسعر الرسمي ومن خلال القنوات المعتمدة إلا أن فوضى سوق الدواء وضعف الرقابة أديا إلى ظهور سوق سوداء متنامية.

 نقلاً عن اندبندنت فارسية

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير