ملخص
تستعد السلطات السورية الجديدة لتنظيم أول استحقاق انتخابي في مرحلة ما بعد سقوط نظام آل الأسد، وسيتم اختيار برلمان جديد على رغم بعض المعوقات والموانع في بعض المناطق.
تشهد سوريا، الأحد المقبل، تصويتاً غير مباشر لتأسيس أول برلمان لها منذ الإطاحة ببشار الأسد، وهي خطوة رئيسة في عملية الانتقال من مرحلة حكمه، لكنها أثارت مخاوف حول الإقصاء السياسي في ظل القيادة الجديدة للبلاد.
ويجري التصويت في وقت يحاول الرئيس أحمد الشرع تعزيز قبضته على دولة مزقتها حرب دامت 14 عاماً وشهدت موجات عنف طائفي في الآونة الأخيرة، وهو ما أثار شكوك الأقليات حول الحكومة التي يقودها الإسلاميون.
انتخابات غير مباشرة
والانتخابات التي ستجرى في سوريا، الأحد، غير مباشرة تختار فيها هيئات انتخابية إقليمية، تضم 6 آلاف ناخب، ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 210. ووافقت لجنة عيّنها الشرع على 1570 مرشحاً. وسيعيّن الشرع الثلث المتبقي من المقاعد.
وتقول السلطات إنها لجأت إلى هذا النظام بدلاً من الاقتراع العام نظراً للافتقار إلى بيانات موثوقة للسكان وبعد نزوح ملايين السوريين بسبب الحرب. ولأسباب أمنية وسياسية، قررت الحكومة تأجيل العملية في الشمال الشرقي، الذي تسيطر عليه "الإدارة الذاتية" و"قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد، وفي محافظة السويداء، التي تسيطر عليها بشكل رئيس جماعات مسلحة درزية. وهذا يعني أنه من المتوقع أن يبقى 19 مقعداً في البرلمان شاغراً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مخاوف من الإقصاء
في المقابل، هاجم منتقدون هذه الخطوات قائلين إن التصويت الجزئي وغير المباشر لا يمثل كل الشعب فضلاً عن إدارة العملية بشكل مركزي للغاية.
فمدينة دير الزور الشرقية مثال صارخ على ذلك إذ يقسمها نهر الفرات إلى جزأين: النصف الغربي الذي تسيطر عليه الحكومة حيث سيجرى التصويت والنصف الشرقي الذي يسيطر عليه الأكراد حيث لن تجرى الانتخابات.
وقال حسن محمد دالي، أحد سكان الضفة الشرقية للمدينة، "أنا لا يرضيني أن تجرى انتخابات هناك (النصف الغربي) وهنا لا تجرى. نريد شيئاً يخدم المنطقة كلها. سوريا موحدة".
ويقول المنتقدون، إن هذه العملية تفتقر أيضاً لمشاركة المرأة والأقليات الدينية والعرقية.
تشكل النساء 20 في المئة على الأقل من المرشحين في ربع الدوائر الانتخابية فقط. ولا تتجاوز نسبتهن 10 في المئة في نصف الدوائر. ولم تُحدد حصص للنساء أو نواب الأقليات.
ولم يكن وضع النساء أفضل في ظل حكم عائلة الأسد. كذلك لم يكن لهن حصص في البرلمان آنذاك وشكلت المشرعات نسبة صغيرة تراوحت بين ستة و13 في المئة من الهيئة التشريعية منذ عام 1981 حتى الإطاحة ببشار الأسد، وفقاً للاتحاد البرلماني الدولي الذي يجمع بيانات عن البرلمانات الوطنية حول العالم.
من الأسد إلى الشرع
وكان عدد مقاعد البرلمان أكبر بقليل في عهد الأسد إذ ضم 250 مقعداً، خُصص ثلثاها لأعضاء حزب البعث. ووصف معارضو الأسد الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في يوليو (تموز) 2024 بالـ"مهزلة".
ويقول محللون، إن نظام التصويت الحالي الذي يعتمد على مبدأ "الفائز يأخذ كل شيء" قد يؤدي إلى نتيجة يهيمن عليها الرجال من الغالبية السنية في سوريا.
وتعهد الشرع مراراً تطبيق سياسات تشمل الجميع، وقد يأخذ على عاتقه مسؤولية تحقيق ذلك بتخصيص مقاعد في الثلث الذي سيتولى تعيينه لنساء وأعضاء من الأقليات. لكن المراقبين يخشون من أنه قد يستخدم أيضاً المعيّنين لتعزيز سلطته.
وفي تحليله لعملية تأسيس برلمان جديد في سوريا، كتب حايد حايد وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة الإصلاح العربي "إذا اختار الرئيس أفراداً خاضعين لنفوذه، فسيتمكن من إصدار قوانين عبر مراسيم رئاسية من دون أن يكون للمجلس صلاحية الطعن فيها أو تعديلها". وأضاف حايد، "يمكن لهذه العملية أن تضفي الشرعية على المرحلة الانتقالية الهشة أو أن تعمق الشكوك فيها وتقلل من فرص نجاحها".